عن العملاء والسواعد ذات البشرة البيضاء


الكل صار حليقاً

خلال الحرب نقل عناصر حزب الله مقارّهم في الضاحية مراراً، وأحيانا مراراً في اليوم الواحد، وهم يحرصون على عدم الظهور علناً.

حلق بعضهم لحى بعض. الكل صار حليقاً ويرتدي الثياب على الطريقة العامة في لبنان. لم يعد ما يميز العناصر الأمنية السرية عن أي مواطن يتجول في الحمراء أو الاشرفية، واختفت الحلى الفضية من الأيدي ومن الأعناق.

كان يمكن في الأيام الاولى ملاحظة البشرة البيضاء لسواعد هؤلاء الشبان الذين اعتادوا القمصان الطويلة التي تمنع تلويح الشمس لسواعدهم.

حفر قبره بيديه

في برج البراجنة، كان عدد من القادة الميدانيين ينتشرون في أحد المباني. وخارج المبنى كان حارس يحاول البقاء بعيداً عـــــــن الأعين.

حزب الله الذي لم يرتح في الضاحية أو خارجها كان ينقل قادته وعناصره كل حين، وذات لحظة شك الحارس في خارج المبنى بحركة أحد المارة، فأوقفه مباشرة وأدخله المبنى بينما أطلق الإنذار لمن في الداخل للإخلاء الفوري.

فقد العميل المعتقل أعصابه، وصار يصرخ بالذي اعتقله متوسّلاً إخراجه من المبنى. علا صياحه بينما قيّده عنصر حزب الله داخل مدخل المبنى: «أخرجني من هنا فوراً، هذا المبنى سيقصف بعد دقائق».

وبعد دقائق كان المبنى يقصف ويمحى من خريطة المنطقة ويسوّى بالأرض وفي بطنه العميل الذي وضع الإشارة غير المرئية، دون أن يعلم الى اليوم هل كان الأمين العام لحزب الله في المكان لحظة اعتقال العميل، أم غيره من قادة الحزب.

بدلات مالية بخسة

خلال المعارك ألقي القبض على عدد كبير من العمال الأجانب في الضاحية، ولا سيما النواطير الذين كان يتبيّن مع تطوّر مجريات القصف على المباني في الضاحية أنهم يقدمون خدمات مدفوعة للطائرات الاسرائيلية عبر توفير إحداثيات أحياناً أو وضع الإشارات غير المرئية.

تفاوتت البدلات المالية للعملاء هؤلاء (الذين تحوّل قسم منهم الى المحاكمات والترحيل بينما طرد عدد كبير منهم بعد الحرب) ما بين خمسين ومئة ألف ليرة لبنانية فقط لا غير. واقتضى التنسيق الأمني بين حزب الله والجيش اللبناني تسليم الجيش من يقبض عليه الحزب، وخاصة داخل الضاحية، حيث كان الحزب يفضل تسليم العملاء الى الجيش للتخلص من عبء حمايتهم ونقلهم الى أماكن آمنة، بينما بقي عدد من العملاء في قبضة الحزب لفترة، وخاصة في المناطق التي تعد خلفية، لاستكمال التحقيق معهم قبل تسليمهم.

رُحِّل على نفقته الخاصّة

بعد حرب تموز ببضعة أشهر، تولى حزب الله ترحيل أحد الرعايا البريطانيين على نفقته الخاصة الى بلاده، بعد أن اكتشف الحزب أن هذا المواطن يسكـــــــــن في الضاحية، ويقوم بالسياحة فقط لا غير.

وبعد التحقق من البريطاني لم يتمكن الحزب من إثبات أي شيء ضده، رغم غرابــــــة أن يقطن بريطاني في الضاحية الجنوبية المكتظة بهدف «السياحة»، ففضل الحزب ترحيل السائح على نفقته، منعاً لإثارة البلبلة في المنطقة، وخاصة لحماية السائح المفترض من أية مضايقات من السكان المدنيين الذين لم ينسوا بعد فقدان مبانيهم بمساهمة من المملكة المتحدة، وتسهيلها لمرور الذخائر الخاصة من الولايات المتحدة الى إسرائيل.

مكافحة التجسّس

حافظت المقاومة على العناصر الأمنية فقط داخل الضاحية، بينما أخلت معظم العناصر الأخرى من المربع الامني الشهير، ونيطت بجهاز الأمن مهمة حماية المنطقة والحفاظ على المكان وما يضمه الركام من أسرار الحزب ووثائقه، ومنع السرقات، والتصدي لأي إنزال أو تسلل ومكافحة التجسس واعتقال الجواسيس. ودارت سيارات مدنية عدة في الضاحية تحمل عنصرين مدنيين من حزب الله، مجهزين بعتاد مخفي في السيارة وبأجهزة اتصال، كما طافت دوريات على الدراجات النارية في الضاحية داخل المربع الأمني وخارجه بشكل مستمر، وأعطيت الأوامر لهذه الدوريات بتوقيف أي شخص يكون أو يمر في المكان، وبإطلاق النار فوراً على من لا يمتثل لأوامر التوقف.

تعليقات: