مـن سمـح بتسـرب زيبـار الزيتـون إلـى مجـرى الحاصبانـي؟

مختار حاصبيا يجمع اسماكاً نافقةتطفو على سطح مياه الحاصباني
مختار حاصبيا يجمع اسماكاً نافقةتطفو على سطح مياه الحاصباني


أسماك نافقة تطفو على سطح المياه وروائح تتسبب بأمراض صدرية وحساسية

الحاصباني:

رفض أهالي بلدتي قليا والدلافة، مشروع إنشاء مكب للنفايات وبركة لتجميع زيبار الزيتون في مرتفعات جبل الضهر غربي بلدة حاصبيا. وطالبوا عبر تجمع سلمي للعشرات منهم في مكان الأشغال أمس، إقفال المكب ووقف العمل في هذا المشروع الممول من الحكومة الألمانية، ونقله إلى مكان آخر، بسبب «التلوث البيئي المتمثل بالروائح الكريهة والسموم، والتي سوف تتسبب بتهديد الحياة بشكل عام في القريتين». وبناء على احتجاج ألأهالي، اضطر المتعهد إلى وقف الأشغال، بانتظار ما ستسفر عنه لقاءات تقرر عقدها بين وجهاء من حاصبيا وقريتي قليا والدلافة، بهدف البحث بكيفية تجاوز هذه المشكلة والوصول الى حلول ترضي وتحفظ حقوق الجميع، انطلاقا من العلاقات الودية التي تربط أبناء المنطقتين الجارتين.

ويشير رئيس بلدية قليا فهد العبدالله إلى أن «تحرك أهالي البلدة لوقف العمل في المكب جاء بعدما اتضح للجميع خطره البيئي على البلدة بشكل عام، خاصة أنه يبعد أقل من 450 متراً عن منازل الحي الجنوبي، إضافة إلى ضرره البيئي الواضح على بساتين الزيتون في البلدة». ورأى أنه «أمام الاحتقان الحاصل لدى أهالي البلدة وسكان بلدة الدلافة المجاورة، قررنا التوجه إلى نقطة العمل، ووقف الأشغال ببركة الزيبار بشكل فوري». وطالب العبدالله بلدية حاصبيا بـ«العمل على ايجاد مكان مناسب للمكب والبركة بعيداً عن خراج قليا»، مشيراً إلى أن الأهالي يعطون البلدية مهلة شهر لوقف مكب النفايات، وإننا نهيب بأهلنا في حاصبيا أن يتفهموا موقفنا والضرر اللاحق بنا، وإننا على يقين أنهم سيتجاوبون معنا في ايجاد مكان بعيد يجنب بلدتنا كل خطر بيئي».

خطوة أهالي قليا والدلافة، جاءت في وقت فشلت فيه مرة أخرى كافة التدابير والمحاولات التي اتخذتها مختلف الجهات المعنية خاصة القائمقامية والبلدية، لحماية مجرى نهر الحاصباني من زيبار الزيتون مع بداية قطاف موسم الزيتون هذا العام، فمع أول هطول غزير للمطر أمس الأول ترك بعض أصحاب المعاصر الزيبار الناتج عن العصر، يتسرب وبكميات كبيرة إلى مجرى النهر متذرعين بمياه الأمطار المتساقطة، بحيث طافت معها حفر تجميع الزيبارالمجمعة من قبل بعض المعاصر، لتصب عبر جداول عدة في مجرى النهر، لتغير مياهه الصافية الى سوداء داكنة، تقتل الحياة المائية فيه، ما تسبب بنفوق أسماكه بكميات كبيرة. وانبعثت الروائح الكريهة من النهر بقطر يزيد على كيلومترين اثنين، ناهيك عن الأضرار المباشرة بالحقول والبساتين والمزروعات عند ضفتيه.

ودفع الوضع المأساوي لنهر الحاصباني، والذي بات مألوفا في مثل هذه الفترة من كل عام، بعشرات المزارعين والسكان المحليين القاطنين في محيطه، إلى دق ناقوس الخطر عبر توجيه نداءات عاجلة إلى كافة الجهات المعنية في وزارتي البيئة والصحة، للتدخل وايجاد حل لهذه المعضلة المزمنة قبل فوات الأوان.

في المقابل، فضل رئيس بلدية حاصبيا غسان خير الدين «عدم الخوض في التفاصيل حتى حلحلة الموضوع»، وقال رداً على مطالبة اهالي قليا بإقفال مكبّ النفايات ووقف العمل ببركة زيبار الزيتون، «سوف نجري اتصالات مكثفة مع الجهات المعنية، بهدف التوصل إلى حلول مقبولة ترضي الجميع». وحول تسرب الزيبار إلى مجرى النهر، قال: «بدأت البلدية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بالكشف على كافة المعاصر المحاذية للنهر، وذلك لتحديد المسؤولية بشكل دقيق، وعلى ضوء ذلك سوف نقوم بإجراءات رادعة مناسبة لحماية النهر».

وأمس، تفاعلت وبشكل سريع مشكلة تلوث النهر، خلال الساعات الـ 48 الماضية حيث ظهرت كميات كبيرة من الأسماك التي تطفو على سطح المياه، وبأضرار زراعية بالبساتين، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تجاوزت ضفتي النهر إلى المناطق السكنية المجاورة.

وأشارت مصادر بلدية حاصبيا إلى أنها كلفت لجنة من أعضائها للقيام بجولة على المعاصر المحاذية للنهر وعلى الأقنية التي تصب فيه، بحيث تم تحديد، وبشكل مبدئي، المعاصر التي تسرب منها الزيبار، وذلك تمهيدا لاتخاذ كافة التدابير الضرورية والحازمة بحقهم عبر الجهات المعنية.

وبناء لكتاب معلومات بهذا الخصوص تلقاه مخفر درك حاصبيا صباح أمس، قام عناصر الأمن في المخفر بالكشف على مجرى النهر، ومن ثم تم استدعاء أصحاب المعاصر العاملة في حوض الحاصباني كافة. واخضع القيمون على المخفر أصحاب المعاصر لاستجواب هدف لتحديد المعاصر، التي تسرب منها الزيبار خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى النهر. وتشير المعلومات الأولية إلى أن الزيبار تسرب من ثلاثة معاصر فقط ، تعمل الجهات المعنية على تحديدها بدقة، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحابها.

كما عممت الجهات العسكرية المعنية على أصحاب المعاصر بضرورة الالتزام وللمرة الأخيرة، بالتوصيات البيئية والتي من شأنها حماية الحاصباني، عبر تجنب وصول الزيبار إلى مجراه من خلال حصره وتجميعه في حفر بمحاذاة كل معصرة.

في المقابل، يمكن لجولة على مجرى نهر الحاصباني أن تبين، بوضوح، الضرر الناتج عن تسرب الزيبار، حيث تطوف كميات كبيرة من السمك النافق على سطح الماء، أو تتجمع خلف الصخور والأغصان اليابسة وسط المجرى. ويشير العديد من صيادي سمك الحاصباني إلى أنهم خسروا مصدر رزقهم الوحيد كما في كل موسم زيتون، متمنين على الجهات المعنية إيجاد حل جذري لحماية الحاصباني من هذا الخطر السنوي، والذي يطال بسلبياته كافة، القطاعات المنتجة في حوض النهر الذي ما زال حياً رغم كل الانتهاكات التي ترتكب على مجراه..

تعليقات: