سوق جهاد البناء للزراعة والحرف تعزز التواصل بين المنتجين والمستهلكين

خلال إفتتاح المعرض
خلال إفتتاح المعرض


لم يحجب تمدد الاسمنت في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت رائحة الارض الطيبة المنبعثة من "سوق المونة والمنتوجات الزراعية والحرفية "التي تنظمها "جمعية مؤسسة جهاد البناء" للعام الرابع بمشاركة أكثر من 150 تعاونية زراعية وعدد من الحرفيين الذين يعرضون منتجاتهم على مساحة 6000 متر مربع في "مجمع سيد الشهداء" في الرويس حتى الخامس من الشهر المقبل والهدف من السوق، وفق المنظمين، مساعدة المزارعين والحرفيين في تسويق منتوجاتهم.

"نحن نملك الارض الغالية والثمينة التي أصبحت الأغلى والأثمن بالتضحيات ودماء الشهداء...". عبارة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، تلقفتها "جمعية جهاد البناء" ودأبت منذ العام 2007 على تنظيم معرض المونة والمنتوجات الزراعية والحرفية الذي أضحى سوقاً سنوية تقصدها عشرات التعاونيات الزراعية والحرفية من مختلف المناطق اللبنانية لتصريف المستهلكين الى المنتوجات البلدية، وتسويقها، ما يؤمن للمزارعين الاستمرار في عملهم وللمواطنين مونة بلدية لا تدخلها المواد الحافظة، وفق المنظّمين.

رائحة الأرض الطيبة

تشكل "سوق المونة والمنتوجات الزراعية والحرفية" مساحة واسعة للتواصل ما بين المنتجين، من مزارعين وحرفيين من جهة وزبائنهم التواقين الى المنتوجات البلدية من جهة ثانية. هذه المنتوجات مجبولة بعرق المزارعين ومنها تفوح رائحة الارض اللبنانية الطيبة. المزارعون يعربون عن ارتياحهم لتنظيم هذه السوق ويشكرون "جهاد البناء". ويثمن هؤلاء أهمية إقامة هذه السوق ومثيلاتها لتعريف المستهلكين الى المنتوجات الوطنية، خصوصاً ان "جهاد البناء" تضع معايير محدّدة عدة لانتقاء المنتجات، أهمها السلامة والجودة، ويشرف على عملية الاختيار والتصنيف عدد من المهندسين الزراعيين الذين يجولون على التعاونيات الزراعية ويجرون الفحوص المخبرية على هذه المنتوجات ويرفعون تقاريرهم الى ادارة "جهاد البناء". ثم تبلغ هذه الاخيرة اصحاب العلاقة بالنتائج، رفضاً أو موافقة لمشاركة هذه التعاونية أو تلك، علماً ان المشاركين في السوق والمعرض ليسوا فقط من الارياف، فثمة من حضر من العاصمة والمدن الاخرى لتسويق منتوجاته، خصوصاً المونة، مثل الكشك والصعتر و"المكدوس" والمخللات... الخ. وهذه هي حال فدوى مطر التي قصدت السوق، وهي من سكان منطقة المصيطبة، وقامت بتحضير البرغل البلدي وماء الورد وشراب النعناع لبيعها في السوق، خصوصاً انها شاركت في فعاليات "معرض ارضي" العام الفائت وبات عندها عدد من الزبائن الذين يتواصلون معها وينتظرون تحضيرها بعض مونتهم السنوية. وهناك ايضاً من حضر من زغرتا والبترون وصيدا... للمشاركة في هذا المعرض الذي اصطلح على تسميته بـ"سوق المونة" تبعاً لتعليمات وزارة الاقتصاد.

التواصل والإرشادات

تشارك في "سوق المونة" نحو 150 تعاونية زراعية اضافة الى عدد من الحرفيين، ومن أبرز أهداف السوق ايجاد فرصة للتواصل بين التعاونيات الزراعية وصغار المنتجين من جهة والزبائن من جهة ثانية، مع إعطاء النساء حيزاً لا بأس به، خصوصاً ان هؤلاء يضطلعن بدور لافت في عملية الانتاج، لأن معظم أصناف المونة من البرغل والكشك واللبنة والمكدوس والمخللات والمربيات... الخ هي من صنع الايادي الناعمة، عدا عن ان الطلب على هذه السلع يكون غالباً من ربات المنازل.

ويؤكد منظمو السوق ان من الاهداف الاخرى لهذه السوق "توفير التواصل بين المنتج والمستهلك من أجل تطوير عملية الانتاج بما يناسب حاجات المستهلك وخلق الاجواء الزراعية والقروية من خلال الانشطة الموازية لعرض المنتوجات، ومنها الندوات العلمية والارشادات للمزارعين والنحالين والدورات المتخصصة عن "سلامة الغذاء" وكيفية الافادة من النفايات المنزلية". وهناك دورات أخرى لطلاب المدارس والعناصر الكشفية على صناعة الفخار والرسم على بيض النعام وزراعة الفطر، اضافة الى حملات توعية على القنابل العنقودية واخطارها، خصوصاً ان اعداداً ضخمة من هذه القنابل لا تزال مزروعة في مناطق جنوبية عدة وتجلب الموت والاعاقة للمواطنين نتيجة تعذر تحديد أماكن هذه القنابل بعد رفض العدو الاسرائيلي تسليم الخرائط الى قوات "اليونيفيل" علماً ان بعض الاحصاءات تشير الى ان القوات الاسرائيلية ألقت أكثر من مليون قنبلة عنقودية في الجنوب خلال عدوان تموز 2006.

سلة المونة: ثقافة جديدة للتهادي

يلفت زوار السوق أو "معرض ارضي" تخصيص ستاندات لـ"سلة المونة" للعام الرابع وتحت لافتة "رزق الله على البلدي" تصطف السلال التي تحوي المنتوجات البلدية الصافية، مثل العسل والخل وماء الورد وشراب النعناع وزيت الزيتون... الخ. ويهدف المنظمون الى تكريس هذه السلة ضمن لائحة الهدايا التي يتبادلها المواطنون. وعوض عن ان تختصر لائحة الهدايا بالزهور واللوحات والاواني، فإن اضافة هذه السلة الى لائحة الهدايا وفي المناسبات المختلفة تشكل ظاهرة ايجابية من أبرز فوائدها الاستغناء عن بعض المواد الحافظة والابقاء على التواصل مع الارض وخيراتها، ما يعزز "ثقافة التهادي" بالمنتوجات البلدية بدل الركون الى شراء المستورد على قاعدة "كل شيء فرنجي برنجي" علماً ان اللبنانيين المقيمين والمغتربين يحملون الحنين الدفين الى أرضهم ويحبون المونة البلدية.

ويذكر ان سوق المونة تستقبل زوارها صباحاً وحتى العاشرة مساءً، ووفق المنظمين فإن عدد رواد المعرض السابق ناهز الـ250 الفاً.





تعليقات: