السيد نصر الله: لا يراهن احد على اننا ننضغط لا قبل قرار المحكمة ولا بعد القرار

سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله
سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله


أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن ما يجري على صعيد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هو تكييف عملها من أجل اصدارِ قرارٍ سياسي.

وفي خطابٍ له خلال حفل تخريج طلابٍ جامعيين اقامته التعبئة التربوية في حزب الله، قال السيد نصر الله إن ادلة القرارِ الظني المرتقَب للمحكمة موجودة في صحيفة الفيغارو ودير شبيغل ومحطة سي.بي.سي.

ودعا السيد نصر الله الى عدمِ تقطيع الوقت بالطريقة الحاصلة حالياً حتى صدورِ القرارِ الظني، لأنه إذا كان الكبار يلعبون بالبلد ويستهدفونَه فلا يمكن أن نعالج الأمر بتقطيع الوقت وإنَّما بتحمل المسؤولية .

وسأل السيد نصر الله هل التساهل في وسائلِ الإثبات هو عدالة؟ وهل مسار التحقيق خلال السنوات الخمسِ الماضية يدلّ على عدالة ؟

وفي موضوع الاتصالات أكد السيد نصر الله أنّ دليل الإتصالات الذي تستند عليه المحكمة الدولية الخاصة ليس له أيّ قيمةٍ على الإطلاق. وأشاد بالحقائق الواقعية والتّقنيّة التي كشفها المؤتمر الصحافيّ الأخير لوزارة الإتصالات اللبنانية.

وهنا نص الكلمة كاملة :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السادة العلماء، الأخوة والأخوات: السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

في البداية أرحب بكم جميعاً وأسال الله سبحانه وتعالى أن يجعل حفلنا هذا عنوانا من عناوين الجهاد والجدّ والاجتهاد والعمل الدؤوب لتحقيق الأهداف النبيلة والشريفة التي وضعت على عاتق الإنسان منذ بدء الخليقة وتستمر معنا ومع كل الأجيال الآتية.

في البداية أيضا يجب أن أتوجه بالشكر والتحية والتقدير إلى جميع الأخوة والأخوات في التعبئة التربوية في حزب الله بعد مضي كل هذه الأعوام على تأسيس هذا الإطار التعبوي الجدي والمبارك، وتفضل قبلي مسؤول التعبئة التربوية وعرض جانباً من إنجازات هؤلاء الأخوة والأخوات. وأنا أيضاً أبارك لهم كل هذه الانجازات وكل هذه التضحيات وأشدّ على أيديهم وأدعوهم إن شاء الله إلى مواصلة العمل في هذا الإطار التربوي التعبوي المبارك والمجاهد والمخلص والصادق والمضحي والذي ـ بالفعل خلال كل السنوات الماضية، في كل المراحل، في مواجهة كل الصعوبات ـ كان حاضراً وبقوة في كل الساحات التربوية والطلاّبية والتعليمية والنقابية والسياسية والجهادية وإلى جانب المقاومة، وأسال الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منهم كل هذه التضحيات وكل هذه العطاءات.

أيضاً في هذا الحفل السنوي الذي نحتفل فيه ونلتقي فيه بآلاف الخرّيجين من أخوة وأخوات وأهاليهم الكرام، هذا المشهد نحن نعتز به ونفتخر به، وهذا المشهد نعتبره أحد هذه المشاهد، هذه المسيرة الجهادية والإيمانية والمباركة، ومعلم من معالمها البارزة والمهمة.

في هذه المناسبة وكما هي العادة في بداية كل حفل من هذا النوع أرى من الواجب أولاً أن أتوجه إلى الأهل الكرام، إلى الآباء والأمهات الذين نعرف جميعاً ظروفهم الصعبة كما هي حال الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني، في الزمان (الماضي) كان عندنا طبقة غنية وطبقة وسطى وطبقة مرفهة وطبقة فقيرة وحتى تحت خط الفقر. مع الوقت، الطبقة الوسطى تندثر والأغلبية الساحقة هي طبقة فقيرة أو ما دون الفقر، وبالرغم من هذا (ونحن ننتمي الى هذه الطبقة، ننتمي الى هذه الفئات الفقيرة والمحرومة والمستضعفة ماليا واقتصاديا طبعاً ولم تعد مستضعفة في الجوانب الأخرى) خرجنا من هذا الاستضعاف، اكتشفنا بعض عناصر قوتنا ودخلنا الى ساحة القوة (ونحن متهمون أن لدينا فائض قوة وهم مربكون ماذا سيفعلون بفائض هذه القوة). لكن للأسف في المجال الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي والمالي، وهذه الأمور ترتبط بشكل أساسي بسياسات الدولة وسياسات السلطة والحكومات المتعاقبة، أهلنا الآباء والأمهات ينتمون إلى هذه الشريحة، ومع ذلك نجد الإصرار من الآباء والأمهات على تحمّل كل هذه الصعوبات من أجل أن يحصل أبناؤهم وبناتهم على مستوى تعليمي متقدم. هذه النقطة دائما جديرة بالتقدير وبالشكر وبالاهتمام ودائما أتوجه إلى كل أب وإلى كل أم وإلى كل معيل بالشكر الجزيل على هذا الإيمان، على هذا العزم، على هذا الفعل. كذلك يجب أن نتوجه إلى الجامعات والمعاهد التي احتضنت هؤلاء الأخوة والأخوات، إلى رؤساء وإدارات وأساتذة وإداريي هذه الجامعات الذين مكّنوا وساعدوا وساهموا في تحقيق هذا الإنجاز العلمي والحضاري والإنساني.

الشكر أيضاً إلى الأخوة والأخوات أنفسهم لأنهم كانوا من أهل التصميم على مواصلة الدراسة والبقاء على مقاعد الدراسة بالرغم من كل الظروف الصعبة التي تحيط بهم وبعائلاتهم وبأهلهم، ونعرف أن بعض الأخوة والأخوات يعملون ويكدّون إلى جانب تحصيلهم العلمي ومواصلتهم للدراسة وهذا أمر على قدر بالغ من الأهمية ونحن نؤكد على هذا المعنى وعلى جميع شاباتنا وشبابنا، أخواننا وأخواتنا أن لا يغادروا مقاعد الدراسة مهما تكن الظروف السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية والمعيشية. حتى في إطار الأخوة الذين أعطوا كل وقتهم للمقاومة يعرفون أن هناك برامج معينة وتشجيعاً دائماً، وهذا الأمر كان موضع عناية خاصة للشهيد القائد الحاج عماد مغنية (رحمة الله عليه) حتى في إطار الأخوة الذين أعطوا شبابهم وعمرهم للمقاومة، أنه كيف يمكن أن نجمع بين حضورهم الميداني الدائم في المقاومة وحضورهم في مقاعد الدراسة ومواصلتهم للتحصيل العلمي، وأنا أتوجه بالشكر إلى كل الأخوة والأخوات الخريجين وأشكرهم على دأبهم وسعيهم، وأبارك لهم فوزهم ونجاحهم الذي يتوّجُهُ حفلنا المبارك بحضور كل هذه الوجوه الطيبة والنيّرة وبحضور الأهالي الكرام.

مثل العادة أنا عندي فهرس بالذي أود أن أتحدث عنه في هذه الكلمة: كلمة من وحي المناسبة، ثانياً سأطلّ على ملف الاتصالات، ثالثاً تطورات موضوع المحكمة باعتبار أن هذا الموضوع شاغل البلد والمنطقة، رابعاً سأتحدث عن موضوع المعالجة ومساعي المعالجة والأفق المتاح، خامساً كلمة عن الغجر، وخاتمة في نهاية الكلمة.

بالنسبة إلينا أولا للتأكيد أن أي مسيرة تدعي أنها مسيرة إيمانية لا بد أن تكون مسيرة علم ومعرفة، لا يمكن التفكيك بين الإيمان وبين العلم والمعرفة، أمير المؤمنين (ع) في واحدة من خطبه في نهج البلاغة يقول: "أول الدين معرفته"، الجزء المقوّم للإيمان هو العلم والمعرفة، معرفة ما يؤمن به الإنسان ليؤمن به، ولا أعتقد أنه طوال التاريخ وما شهدنا من حضارات وإيديولوجيات ودعوات ومصلحين وفلاسفة أنه شهدنا دعوة إلى العلم والتعلم والمعرفة بالمستوى الذي كان يدعو إليه ويناشد به أولياء الله ورسل السماء منذ آدم عليه السلام ومنذ بدء الخليقة وصولاً إلى رسول الله محمد (ص)، وهذا القرآن الكريم الخالد الناطق بين أيدينا إلى قيام الساعة وهذا أمر طبيعي.

الله سبحانه تعالى دعا الإنسان منذ بدء الخليقة إلى طلب العلم والى التعلم وزوده بالعلم وبإمكانات العلم، بعد أن خلق آدم وأسجد له الملائكة. يقول الله عز وجل :"وعلّم آدم الأسماء كلها".

إذن القصة بدأت من هنا: العلم، "الرحمن خلق الإنسان علّمه البيان" كما أن خلق الإنسان هو من مقتضيات الرحمانية، فان تعليم الإنسان للبيان هو من مقتضيات هذه الرحمانية، قدرة الله أقدر الإنسان على أن يعلم وأقدر الإنسان على أن يعبّر ويبين ويشرح هذا العلم وينقله للآخرين. الرسالة الإسلامية تقول إن العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

في أي مجتمع بدأ هذا النداء؟ في مجتمع الأميين وكان يصعب عليهم وأصلاً كان خارج الاهتمام وخارج الطبيعة، لم يكن عندهم جَلَد على أن يتعلموا ويقرأوا ويكتبوا ولا كانت ظروفهم تساعد، من أهم عناوين رسول الله (ص) هو طلب العلم، ومن المعروف أنه في واقعة بدر عندما وقع بعض القرشيين أسرى بين يدي رسول الله (ص) أنا أعتقد لأول مرة في التاريخ تطرح فدية من هذا النوع لإطلاق سراح أسرى. دائماً كانت الفدية هي إما مال يدفع مقابل أسرى أو يطلق سراح أسرى مقابل أسرى، أما أن تكون الفدية أن يعلّم كل مشرك قرشي أسير عشرة من المسلمين القراءة والكتابة فهو أمر لم يسبق إليه أحد في تاريخ تبادل الأسرى أو افتداء الأسرى.

هذا هو العلم الذي أراد الإسلام لنا أن نبقى متصلين ومتواصلين معه ومع كل تطوراته ومستجداته حتى خارج حدود الزمان فكان طلبه مطلوباً ومشروعاً ومحبوباً ومشوّقاً إليه من المهد إلى اللحد، حتى في اللحظات الأخيرة ينقل لنا التاريخ قصص وروايات عن كبار كانوا يكتبون وكانوا يقرأون وكانوا يحقّقون وكانوا يناقشون القضايا العلمية وهم في مرض الموت وهم في الساعات الأخيرة من حياتهم.

اليوم أيها الأخوة والأخوات نحن عندما نهتم بهذا المجال، ندخل هذه الساحة، ساحة التعلّم والتعليم والتحقيق والدراسة، أولاً نحن نتقرب إلى الله في هذا الأمر وهذا من مصاديق العبادة، من مصاديق ما يُتقرب به إلى الله لأن كل أمر محبوب لله ومرضي لله ومطلوب لله يمكن التقرب به إلى الله عزّ وجل، وليس فقط مما يتقرب، وإنما من أعظم ما يتقرب به إلى الله مما حدثتنا به الآيات والروايات هو التعلّم والتعليم والعمل بما تعلمنا وبما علّمنا حتى أن السيد المسيح عليه السلام يقول: "من تعلم لله وعلّم لله وعمل لله نودي في ملكوت السموات عظيماً"، أي كما هو عظيم في الأرض، إذا التفت أهل الأرض إلى عظمته ولأن مقاييس العظمة في الأرض مختلفة قليلاً ومختلة أحيانا إلا أنه ينادى به في ملكوت السموات عظيماً. هذا هو المقام والدرجة التي تمنحها رسالات السماء ورسل الله سبحانه وتعالى للمتعلمين والمعلمين والعاملين بعلمهم بما ينفع الناس.

وثانياً إن سلوكنا العلمي والتعليمي والتربوي يمكّن من بالتحقيق، و ما يسمى بالإخراج من القوة الى الفعل، إيجاد الطاقات البشرية الحقيقية الخارجية التي يمكنها أن تستخرج كل هذه الخيرات والطاقات المودعة في الوجود وفي الكون وفي الأرض التي سخرها الله سبحانه وتعالى لخير الإنسان. عندما استخلف هذا الإنسان في الأرض واختار الله سبحانه وتعالى أن يوجد خليفة له في الأرض جعل من جملة أهداف هذا الاستخلاف هو إعمار الأرض وإعمار الحياة وإعمار البشرية. ولا يمكن إعمار الأرض بالجهل وبالظلام وبعدم القدرة التي يمكن أن تمكّن الإنسان من توظيف كل هذه الإمكانات والطاقات التي أودعها الله سبحانه وتعالى في هذا الوجود وفي هذا الكون.

عندما ندخل إلى أي مجتمع ثانٍ، إلى أي بلد، مثل بلدنا لبنان أو أي بلد في المنطقة، من الواضحات من البديهيات أننا عندما نتحدث عن بقاء شعبٍ، عن بقاء بلد عن بقاء كيان، أمة، حضارة، إذا كنا نريد أن نتحدث عن قيامها وعن بقائها وعن حمايتها وعن إصلاحها وعن تطويرها لا يمكن أن نتحدث عن تحقيق أي شيء من هذا بمعزل عن العلم والمعرفة والتطور العلمي وهذه من البديهيات. حتى وصولاً إلى الاستقلال، إن من أهم عناصر استقلال أي أمة، أي شعب، أي كيان، أي دولة هو أن تتوفر لديه القدرات والطاقات العلمية البشرية التي تستطيع أن تؤمن له كل من المجالات، من الحماية الأمنية إلى الحماية العسكرية إلى الإصلاح، إلى التطوير، إلى الإدارة، إلى القدرة على معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية إلى .. إلى.. إلى. إذا أراد أن يكون مجتمع إنتاج وليس مجتمع استهلاك، مجتمعاً سيد نفسه وليس مجتمعاً تابعاً كل هذا شرطه هو العلم والمعرفة والتخصص.

ونحن أمة قادرة، أمة تملك الإمكانات الفطرية والطبيعية كبقية البشر، لا نريد أن نتكلم كما تتكلم بعض الشعوب بفوقية، نحن لا نقلّ عن أي شعوب أخرى وعن أي أمم أخرى، لكن نزيد عليها بأننا ننتمي إلى تاريخ وإلى حضارة لديها من العلم والتراث والثقافة والخبرة والتجربة والإمكانات الهائلة، وهذا ما يجب أن نضعه نصب أعيننا ونعمل عليه، لدينا الآن تجربة حية ومجاورة. دائماً كنا نتكلم عن اليابان، كيف خرجت من الحرب وكيف تطورت وكيف استطاعت أن تُعالج اقتصادها وكيف استطاعت أن تواجه وأن تعبر أزمتها. واليوم نحن لدينا نموذج مجاور هو إيران. إيران التي منذ سنوات وضعت برنامجاً ليس لانتقال العلم واكتساب التجربة وانتقال الخبرات العلمية المتوفرة في العالم، كلا حيث إن سماحة الإمام الخامنئي طرح عنواناً واضحاً: إنتاج العلم، أن على الإيرانيين، على العلماء الإيرانيين، على أساتذة الجامعات، على طلاب الجامعات، على الشباب الإيراني أن يُنتج العلم، وليس أن يؤلف وأن يستنسخ بل أن يُنتج العلم. والآن مشكلة إيران مع الولايات المتحدة الأميركية ومع بعض الدول الكبرى في العالم هي مشكلة أن هناك دولة أخذت قراراً ورسمت أولوية وصرفت موازنات ووضعت خططاً وبرامج لتكون دولة من أرقى الدول العلمية والمنتجة للعلم في العالم. والمخطط الاستكباري الاستعماري لبلادنا وعالمنا العربي والإسلامي الثابت هو كيف نبقى تابعين ومستهلكين ومُقلدين، مقبول أن ننسخ ولكن ليس كل شيء، أما أن نُنتج وخصوصاً أن نُنتج علماً ونحن الأمة الأقدر على أن تنتج علماً، فهذا أمر ممنوع، ولذلك يُواجه بالضغط السياسي وبالتهديد العسكري وبالعقوبات الاقتصادية وما شاكل. وهذا دليل أهمية، عندما نصبح شعباً يُنتج علماً هذا يعنى أننا جديرون بالسيادة والاستقلال والحرية والوجود والاستمرار والبقاء. وهذا ما يجب أن نضعه أيضاً في لبنان نصب أعيننا، ويكون هذا هو الميزان، أن تكون البرامج التي تُنتج العلماء من كل الاختصاصات. طبعاً لبنان هو متقدم هو الأول في إنتاج أمورٍ أخرى أنا لا أُريد أن أتحدث عنها. ويريدوننا أن نبقى كذلك ويُشجعوننا على ذلك ويعتبرون هذا ثقافة حياة، الحياة الحقيقية هي في ظل الخبرة والعلم والمعرفة والتخصص والاستقلال والسيادة والاقتدار الوطني.

من أهم مميزات المقاومة في لبنان أيها الأخوة والأخوات وخصوصاً في هذه التجربة الأخيرة أنها مقاومة إلى جانب إيمانها وتوكلها وبعدها الروحي وعزمها وتصميمها واستعدادها الكبير للتضحية، أنها مقاومة كانت وما زالت تستند إلى العلم والمعرفة والتخصص والتقنية المتاحة وتطوير إمكاناتها البشرية والمادية، ولذلك العدو الإسرائيلي هو الذي يعترف بأنه منذ سنوات يخوض صراع أدمغة مع المقاومة في لبنان، على المستوى العسكري وعلى المستوى الأمني وعلى المستوى الإعلامي وعلى مستوى الحرب النفسية. المقاومة في لبنان ليست مجرد سواعد وزنود، هي بالدرجة الأولى مقاومة عقول وقلوب، قلوب مؤمنة وعقول عالمة ومتخصصة وسواعد قوية وعزم راسخ، لذلك انتصرت المقاومة عام 1985 في الانتصار الأول المنسي عندما اضطر الصهاينة أن يخرجوا من بيروت والجبل وجزء من البقاع الغربي وصيدا وصور والنبطية ليختبئوا خلف التلال في الجنوب. وكان الانتصار في عام 2000 وكان الانتصار في عام 2006، وهذه المقاومة المستندة إلى الإيمان والإرادة والعزم والعلم والتخصص والتخطيط، يعني إلى العقل والقلب والروح والجسد والنفس والعاطفة وكل الطاقات المودعة في الإنسان هي مقاومة ستنتصر في أي مواجهة آتية إن فُرضت مواجهة آتية على لبنان.

وعلينا أن نستمر في هذا السياق وفي هذا الخط وفي هذا المسار، المسألة المهمة هنا هي أن يكون لدينا كشعب وكأمة ـ وإذا تكلمنا كلبنانيين ـ أن يكون لدينا ثقة بأنفسنا وثقة برجالنا ونسائنا وبأبنائنا وبناتنا، وثقة بعقولنا وقدرتنا على تحصيل العلم وعلى تبيين العلم وعلى إنتاج العلم، ولا ينقصنا شيء ولا ينقصكم شيء على الإطلاق. وكل عقد الضعف والنقص ومشاعر الحقارة وأننا نحن أمة متخلفة وأمة ليس لديها أفق وليس لها مستقبل، وأمة عاجزة وأمة واهنة وأمة غير قادرة أن تعمل شيئاً، هم حاولوا أن يقنعوننا به وأن يزرعوه بأذهاننا وساعدهم عليه كثيرون من أبناء جلدتنا ولكنه باطل. الحق أننا أمة قادرة ولديها إمكانات هائلة جداً وأنا أقول لكم نحن نقترب أكثر من أي زمان مضى ليكون هذا المستقبل صنع أيدينا، وإمكاناتنا مُلك أمتنا وشعوبنا في هذه المنطقة، نحن هذا الجيل المؤمن العالم المتعلم المقاوم المجاهد الجاد المسؤول، هو الذي سوف يشهد إن شاء الله القيام الكبير لهذه الأمة والانهزام الهائل لكل القوى الناهبة والمستعمرة والمستكبرة والمسيطرة والمصادرة لقراراتنا وخيراتنا وثرواتنا ومصائرنا، ولكن علينا أن نُواصل العمل في هذا الطريق.

من النتائج أنتقل إلى نقطة الاتصالات، من نتائج هذا المعنى ومن نتائج هذا الجهد. نعم استطاع خبراء لبنانيون واختصاصيون لبنانيون في مجال الاتصالات، وهو من المجالات العلمية والتقنية المعقدة والمهمة والمتطورة جداً أن يُحققوا إنجازاً علمياً وتقنياً نُوصّفه أنه إنجاز وطني ووقائي وأمني ـ في الوقت نفسه ـ كبير جداً وتاريخي جداً بالنسبة للبنان وبالنسبة لكل دول وحكومات وشعوب المنطقة. وهذا الإنجاز الذي تم التعبير عنه في المؤتمر الصحفي الذي عُقد قبل أيام برئاسة معالي وزير الاتصالات وحضور رئيس اللجنة النيابية للإعلام والاتصالات ورئيس الهيئة الناظمة للاتصالات وعدد من خبراء الاتصالات من سيدات وسادة، الذين نتوجه إليهم بالشكر الكبير بهذا اليوم وفي هذه المناسبة، عبّروا من خلال هذا المؤتمر الصحفي عن هذا الإنجاز. وضعوا بين يدي اللبنانيين وكل العالم حقائق واقعية وعلمية وتقنية لا أدري إلى أي حد كانت متابعته والاهتمام به، والذي يجب بطبيعة الحال أن يكون كبيراً، لأن ما تم كشفه وما تم شرحه هو لا يعني المقاومة وحدها أو الجيش اللبناني أو القوى الأمنية أو الأمن السياسي أو الأمن الأمني وإنما هو يعني كل اللبنانيين، أمنهم السياسي وأمنهم الأمني وأمنهم الاجتماعي وأمنهم الاقتصادي وحياتهم وخصوصياتهم الشخصية لأنه من خلال الاتصال واستخدام وسائل الاتصال من خليوي وما شاكل كل أمورنا في الهواء، المعلومات والأسرار وأماكن التواجد والحركة كل شيء. جاء هذا الجهد العلمي والتقني ليقدّم للبنانيين محصلة مهمة جداً وليكشف أمامهم حقيقة كبرى وهي أن هذا المجال مستباح من قبل الإسرائيليين، يعني إذا أخذت النتائج، هم عرضوا وقائع واستدلالات ومعطيات، هم أهل اختصاص وكلنا استمعنا إليهم، أنا عليّ أن أخذ النتائج لأتوقف عندها قليلاً، في المحصلة الكبرى هم يقولون لنا:

ـ إن قطاع الاتصالات الذي هو قطاع مهم جداً ويدخل في كل شيء، يدخل في الأمن والعسكر والمدارس والجامعات والاقتصاد والتجارة والبيع والشراء والبنوك والبورصة في كل شيء وبالحياة الشخصية وبالعلاقات الشخصية وبالأعراض الشخصية وإلى ما هنالك، هذا القطاع، هذا المجال، هذه المساحة من حياتنا المهمة والخطيرة والحساسة أولاً هي مستباحة من قبل الإسرائيلي.

ـ هي مسيطر عليها من قبل الإسرائيلي، ليست فقط مستباحة وإنما هي تحت السيطرة يستطيع أن يتحكم بها وأن يلعب بها وأن يُؤثر فيها، وليس فقط هي مستباحة بمعنى أنه يُحيط بمعطياتها ومعلوماتها وأسرارها وتفاصيلها، وهذا أمر طبعاً يجب أن ننظر إليه جميعاً في لبنان على درجة عالية جداً من الخطورة، أنا طلبت من الإخوة ـ حتى لا أقول هذه هي استنتاجاتي ـ لأنهم أهل اختصاص أن يعطوني النتائج، يعني أن أقول أنا للناس هذه النتائج وأن أُذكرهم وأن ألفت نظرهم إلى نتائج هذه الاستباحة وهذه السيطرة وهذا الاختراق الإسرائيلي الفني التقني والبشري.

النتائج أقولها بعناوين سريعة وهي معلومة لديكم لكن من أجل أن نُجمّع الفكرة:

ـ التنصت والاستماع على المكالمات الهاتفية، حيث لا يوجد أحد محمي، والذي يظن أن تلفونه أو الخليوي لديه هو مشفر أو غير مشفر، مرمّز أو غير مرمّز، الإسرائيلي يسمع كل شيء.

ـ التنصت والاستماع على المكالمات الهاتفية والإطلاع على الرسائل القصيرة (أس أم أس) التي يجريها أي مشترك على الشبكة اللبنانية.

ـ الإسرائيلي لديه قدرة ويستطيع بالفعل الحصول على بيانات المشتركين والاتصالات (الداتا)، والتي تتضمن كافة المعلومات الشخصية عن حامل الهاتف وتفاصيل مكالماته الهاتفية، والأخطر من هذا تحديد مكانه جغرافياً، فعندما تتكلم بالتلفون فإن الإسرائيلي يعرف أين أنت بالضبط، يحدد مكانك يعني الزمان والمكان، هو يحددك ويلتقطك.

ـ تعقب وتتبع مستخدمي الهاتف الخليوي أو العادي وبشكل لحظوي ونقطوي، يعني أنه يستمع إليك من خلال الاتصال، وعندما أنت تمشي بالسيارة فإنه (أي الإسرائيلي) يكون معك، يعني عندما تتكلم بالتلفون في صيدا وصرت تتكلم ببيروت وصرت تتكلم بجونية ثم أكملت إلى طرابلس هو( الإسرائيلي) يكون معك يحدد لك مكانك وأين أنت بالضبط وماذا تتكلم.

- إستنساخ كرت أي هاتف يعني ال (سيم كارت) بحيث يمكنهم ـ وهذا هو الأخطر والجديد بالنسبة لدينا جميعا ًـ إجراء مكالمة أو إرسال رسالة، أي أنه يستطيع أن يعمل نسخة عن كارت الهاتف لديك، نفس الكرت هو ذاته، بحيث يستطيع أن يستخدم هذا الرقم والذي هو رقمك، ويقوم بإجراء إتصالات برقمك وباسمك وأنت ليس لديك علم بذلك، ويستطيع جعل هذا الرقم يتواجد في أمكنة وأزمنة أنت أصلاً لست متواجداً فيها وبعيد عنها عشرات الكيلومترات، هذا الأمر بات مثبتاً والذي لديه نقاش فني وتقني فليأتِ ليُناقش، هذا الموضوع ليس موضوع خطابات وشعارات وخطب حماسية، هذا كلام علمي تقني، والذي لديه نقاش فليتفضل ويأتي ليناقش. المؤتمر الصحفي والخبراء يقولون ذلك، الخبراء بالخارج يقولون ذلك، وهذا يتأكد أيضاً معنا من خلال التجربة خصوصاً ما يتصل بإخواننا في المقاومة. إذاً إستنساخ الكرت الذي يعود إلى أي هاتف بحيث يمكنهم (أي الإسرائيليون) إجراء مكالمة أو إرسال رسالة منتحلين هوية الرقم المستنسخ، بحيث يظهر في البيانات والتي تتبين في الداتا، أن صاحب الهاتف الأصلي هو الذي استعمل خطه في حين أن الإسرائيلي هو الذي يستعمل الخط بدلاً عن صاحب الهاتف الأصلي.

ـ إجراء مكالمات وتبادل رسائل قصيرة والتنقل في أماكن باسم الشخص المستهدف أي صاحب الهاتف الأصلي، ومن دون علمه، ويستطيعون أن يعملوا خطّين أو ثلاثة خطوط أو خمسة خطوط ويُحركونها مع بعضها في أزمنة وأمكنة مختلفة وأصحاب هذه الخطوط لا علم لهم لا من قريب ولا من بعيد.

- التلاعب بزمان ومكان حامل الهاتف، بحيث يتمكن العدو من إظهار تواجد أي شخص في مكان يبعد عن مكان تواجده الفعلي عشرات الكيلومترات، أي أنه يستطيع أن يجعل تلفونك ورقم تلفونك يتكلم من بيروت وأنت موجود في صيدا، ويجعل تلفونك يتكلم في بعلبك وأنت متواجد في بنت جبيل. هذا الأمر ثبت تقنياً وعلمياً.

- الأخطر أيضاً، غير الإستنساخ أي أنه يعمل كرت جديد، الأخطر من هذا كله أنه (أي العدو) قادر أن يزرع لك في الهاتف لديك، فهذا التلفون الذي لديك في داخله يوجد كرت ورقم كذا وكذا، يستطيع أن يزرع بوسيلة من وسائله التقنية رقم هاتف رقماً آخراً، غير الرقم الرسمي الذي لديك، يزرعه بالتلفون الذي لديك (بالجهاز الذي لديك) ويعمل إتصال من الجهاز الذي لديك بالرقم الآخر ويتلقى اتصالاً من الرقم الآخر، وهذا الأمر هو الذي فعلوه، نحن لدينا الهواتف موجودة، وعندما تُكلم عن ثلاثة مقاومين من إخواننا بأن هؤلاء هم عملاء لإسرائيل، نحن ذهبنا لفتح تحقيق مفصل وتم الدخول إلى الموضوع بشكل تقني، واستعنّا بخبراء في هذا المجال وفي هذا الاختصاص، وحتى أننا لجأنا إلى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وقلنا لهم أنتم جماعة لديكم خبرة ولديكم إمكانات وتفضلوا لتساعدونا، طبعاً لم نلجأ إلى مكان آخر لأن المكان الآخر هو مقتنع بأن هؤلاء(أي الثلاثة المقاومين) هم عملاء ولا تناقشوا. بالبحث ظهر أنه في قلب الهاتف يوجد خطان، الخط الكرت الرسمي للأخ مشتريه ورقم هاتف رقم آخر تم زرعه في هاتف الأخ، ويمكن أن يُزرع في تلفوناتكم أرقام أنتم لا تعرفونها ويتم الاتصال بهذه الأرقام من قبل العدو الإسرائيلي، وهذا يُحقق للعدو مجموعة مكاسب، إذاً زرع هاتف خليوي كامل يتضمن هوية مشترك الخليوي زائد رقم متسلسل لماكينة الهاتف غير مرئي وغير معلوم للمستخدم داخل هاتفه الخليوي، بحيث يظهر الهاتفان متلازمين بالحركة، وهذا أحد مصاديق التزامن، يعني أنه يوجد رقم يمشي معك وإنت ماشي، أينما تذهب هو ماشي معك، هو ليس لك لكن هو محسوب عليك، وهنا يجب أن نتوجه في الحقيقة بالتحية إلى الإخوة الفنيين في المقاومة وإلى الضباط الفنيين في مديرية المخابرات وكل التقنيين الفنيين في وزارة الإتصالات والهيئة الناظمة للإتصالات على الإنجاز النوعي لاكتشافهم سر هذه التقنية المتطورة جداً، هذا اكتشاف لبناني، وأي أحد لديه نقاش أيضاً في هذا الموضوع، هذا ليس كلام خطابات وشعارات بل هذا كلام علمي، تفضلوا هذه هي الهواتف المزروع فيها خطوط والتي يمكن زراعة خطوط فيها ويتم شرح الموضوع لكم وقد شرحوه بالمؤتمر الصحفي. زرع هذه الأرقام أو صناعة هواتف أخرى في هواتف الإخوة بالمقاومة أو غيرهم يُمكّن العدو أولاً من التنصت على مكالمات هؤلاء الإخوة، وثانياً تحديد أماكنهم وهم مستهدفون على كل حال، ثالثاً: التنصت المحيطي: فليس فقط يستطيع العدو أن يسمع الكلمات وإنما يتحول الهاتف إلى وسيلة تنصت على ما يجري في الغرفة أو في الجلسة أو في المكان، ما يُقال من أحاديث كله يتم عبوره عبر الهاتف والخط المزروع في هذا الهاتف.

ولذلك، (هنا بين هلالين طبعاً): هناك الكثير من الناس في لبنان تم اعتقالهم واستدعاؤهم على قاعدة الاتصالات وتحليل الاتصالات ووجهت إليهم تهم عمالة ثم ثبت أنهم ليسوا عملاء وإذا أحبوا نظهر لهم لائحة، لكن ليس اختصاصي أن أقدّم أسماء، هناك لائحة طويلة عريضة لأناس استدعوا إلى فرع المعلومات وإلى مديرية المخابرات على أساس أنهم عملاء وبناء على تحليل الاتصالات وبعد التحقيق معهم وشرح الأمور تبين أنهم ليسوا عملاء وأن هناك التباساً في الموضوع، وبالتالي هذا أمر يجب الانتباه له لأنه يتسبب بالإساءة للأشخاص، وأحياناً مجرد أن يستدعى شخص ما فإن هذا الموضوع يسرّب في لبنان ويصبح المتهم محكوماً بالعمالة وتجري الإساءة له ولعائلته ثم يظهر لاحقاً أن هذا ليس دليلاً كافياً أو ليس معتداً به ولا يمكن البناء عليه. كما أنه من خلال النتائج ثبت أن الإسرائيلي يمكنه التلاعب بسجلات الاتصالات (الداتا) من خلال إضافة أو حذف بعضها أو التعديل على قسم من بيانات سجلات أرقام محددة. أنا لا أريد أن أدخل في الموضوع الفني، وإنما أريد أن أقول أن هذه المحصلة. هذه المحصلة أعود وأقول تعني أمرين: الأمر الأول فيه استباحة وثانياً هناك سيطرة إسرائيلية على قطاع الاتصالات في لبنان.

عندما معالي وزير الاتصالات وكل الفريق الذي تحدثت عنه قبل قليل قدّم هذه المعطيات في المؤتمر الصحافي، طبعاً، قدّمها بناء على طلب بالإجماع من قبل لجنة الاتصالات النيابية في مجلس النواب التي قالت له هذه الحقائق تعني الشعب اللبناني فاشرحها لهم، فقام معالي الوزير والفريق الذي تصدى في المؤتمر الصحافي وشرحوا هذا الموضوع، وبالتالي، نحن أمام انجاز وطني وعلمي وأمني كبير جداً عبّر عنه المؤتمر الصحافي.

بعد المؤتمر الصحافي ما هي مسؤوليتنا، وكيف يتم التعاطي مع هذه الحقائق، مع هذا الكشف، مع هذا الانجاز.

في النتائج التي عرضها المؤتمر الصحافي هناك تأثير في جانبين: الجانب الأول هو الموضوع الإسرائيلي، هناك بلد اسمه لبنان وهناك عدو اسمه إسرائيل وإسرائيل مستبيحة لهذا البلد ومسيطرة على قطاع الاتصالات، هذا جانب. والجانب الثاني يوصل إلى موضوع التحقيق الدولي والمحكمة الدولية وطبيعة الأدلة التي يريد المدعي العام أن يستند إليها في القرار الظني.

هناك أناس في لبنان خلطوا بين الجانبين، أنا اليوم أقول: دعوا الجانب الثاني جانباً أي الذي له علاقة بالمحكمة وبالتحقيق الدولي وبلمار والاتصالات الدولية، وتعالوا للجانب الأول، وقصة المكايدة والصراع السياسي والاستهداف السياسي دعوه جانباً.

نحن اللبنانيون لدينا بلد وجيش وقوى أمن وإدارات ومؤسسات وشعب يتحدث على الهواتف ويمكن أن يكون أكثر شعب يمتلك أجهزة الخليوي وكله يتحدث عبر الخليوي. هناك أهل اختصاص يأتون ويقولون هذا مستباح وهذا مسيطر عليه والإمكانات المتاحة للعدو هي (كَيت وكَيت). أولاً، ألا يستحق هذا الأمر الإدانة من قبل كل المسؤولين في الدولة اللبنانية، رؤساء، وزراء، نواب؟ ألا تستحق هذه الاستباحة الإسرائيلية والاعتداء الإسرائيلي الخطير جداً على الأمن وعلى السيادة، ولكن هو أخطر على أمن الناس على أمننا الشخصي كلبنانيين وعلى أمننا القومي كدولة وكمجتمع وكشعب ألا يستحق الإدانة ورفع الصوت كما تحدثت في آخر خطاب: أعطيتكم نماذج عن بلع الألسنة، وهنا أيضاً كثيرون بلعوا ألسنتهم! في وجه من؟! في وجه إسرائيل!

هذا انجاز للدولة حققته وزارة الاتصالات، هذه جهة رسمية صنعت إنجازاً من هذا النوع وتقوم بحماية البلد كما تقوم بإثارة مشكلة كبيرة يواجهها البلد. هناك قادة سياسيون رسميون وحزبيون بلعوا ألسنتهم، وكأنه لم يحصل شيء ولم يطرح شيء ولا توجد استباحة من هذا النوع ولا توجد سيطرة من هذا النوع ولا يوجد عدوان من هذا النوع!

في المؤتمر الدولي الذي شاركت فيه وزارة الاتصالات والوفد المرافق لها، المؤتمر الدولي أدان إسرائيل وقوى سياسية في لبنان سكتت عن إدانة إسرائيل؟ على ماذا يعبر هذا؟ هذه الوقائع والتطورات السياسية تكشف الناس وتكشف هوياتها وماهياتها وحقيقتها وخلفياتها وغاياتها وكذبها وصدقها، من يعتبر أن إسرائيل عدو أضعف الإيمان أن يدين عدوان هذا العدو!

أولاً، هذا يقتضي أن يدين الناس هذا العدو، وإذا كنتم لا تريدون أن تشكروا وزارة الاتصالات لأن وزير الاتصالات لا يعجبكم فهذا شأنكم ـ هذه لعبة أولا صغار وعقول صغيرة ونفوس حاقدة ـ لكن تحب الوزير أو لا تحبه، تحب الوزارة والهيئة الناظمة والخبراء أولا تحبهم، هناك إنجاز وطني كبير يجب أن يتوجه كل لبناني بالشكر إليهم على هذا الانجاز.

ثانياً: ما هي خطة الدولة؟ هذا يتطلب وضع خطة، لا أريد أن أستبق الأمور، لكن هذا يتطلب وضع خطة لمنع هذه الاستباحة، لمنع هذا العدوان، لحماية قطاع الاتصالات، لحماية الأمن الشخصي والأمن القومي، هذه مسؤولية الدولة وليست مسؤولية المقاومة أو وزارة الاتصالات لوحدها، هذه مسؤولية دولة، أين هي الدولة عن هذه المسؤولية؟ يمكن أن لا نطالبهم الآن، لكن بعد أن ينعقد مجلس الوزراء يجب علينا جميعاً أن نطالبهم، وهذا الموضوع لا يشترط عقد مجلس وزراء، هناك وزارات وجهات ومؤسسات معنية بحسب وظائفها الرسمية أن تبدأ من الآن وضع خطط جدية وحقيقية لمواجهة هذه الاستباحة وهذا العدوان.

لكن إذا دخلت إلى الجانب الثاني في موضوع الاتصالات الذي هو بالحقيقة من يدفع كثيراً من الناس ليسكتوا ويبلعوا ألسنتهم، وعلى العكس أحياناً يمكن أن يأتوا ويشككوا. فأنا مثلاً لم أجد في كل ردات الفعل نقاشاً علمياً لمضمون المؤتمر، نعم شاهدت أناس قالوا التوقيت مشبوه؟ شو التوقيت مشبوه؟ هناك أناس مخلصون اكتشفوا هذه الحقيقة فسارعوا للتعبير عنها ولكشفها أمام اللبنانيين، هذا توقيت مشبوه؟ التأخير مشبوه، التأخير خيانة وطنية، وليسالمسارعة إلى وضع هذه الحقائق التي تم اكتشافها مؤخراً بعد اعتقال عملاء في قطاع الاتصالات والجهد العلمي والفني الذي بذل لاكتشاف هذه الحقائق حيث تمت المسارعة إلى إعلان هذه الحقائق أمام الرأي العام اللبناني. لماذا هم سكتوا؟ لماذا هم مرتبكون؟ بكل بساطة السبب الحقيقي والواقعي هو أن هذه المعطيات تعني بأنه يا سيد بلمار أنت ذاهب باتجاه شيء تسميه دليل اتصالات، هذا الدليل ليس دليلاً، هذا الدليل ليس له أي قيمة على الإطلاق. هم لا يريدون أن يسلّموا بهذه النتيجة، ولذلك منهم من سكت ومنهم من ناقش بالتوقيت المشبوه، وأنا أدعوهم لإجراء نقاش فني علمي تقني.

أنتقل إلى مستجدات المحكمة، موضوع المحكمة كل فترة يجرون تعديلات على القوانين المتعلقة بها وقواعد الإثبات والإجراءات. هناك محكمة مفوّضة من مجلس الأمن أن تضع الهياكل التي تريدها وتضع القوانين التي ترغب بها أي هي نفسها سلطة تشريع وسلطة قضاء وتفعل ما تشاء وتعدّل ما تشاء متى تشاء بما تشاء! عجيب هذه السلطة العظيمة المعطاة لهذه المحكمة! قبل مدة سمعنا أنه حصلت بعض التعديلات، أنا لا أريد أن أدخل بنقاش قانوني، لكني أريد أن أسأل وأستفسر وأستغرب، نحن سألنا بعض الخبراء القانونيين، بعض الدستوريين، بعض المحامين، أعطونا أجوبة ، لكن أنا لا أدعي أن الوقت كان كافياً حتى لا أطلق نتائج قاطعة، لكن ما سمعناه من هؤلاء الخبراء القانونيين يكفي لطرح أسئلة على الرأي العام ونتوقف عندها قليلاً:

السؤال الأول: نحن نعرف أنه في داخل الدول، فمثلاً في لبنان تحصل محاكمة غيابية، لكن لاحقاً عندما يأتي المتهم أمام المحكمة، يُعتبر الحكم الغيابي لاغياً ويجرون له محكمة حضورية ويحاكموه.

سألنا هل توجد سوابق لمحاكمات غيابية في المحاكم الدولية؟ الذين سألناهم، ولا أدّعي استقراء تاماً، لكن يكفي طرح السؤال، قالوا لا توجد سابقة، يعني في المحاكم الدولية لا توجد سابقة إصدار أحكام غيابية وإنما يصدر قرار ظني أو قرار اتهامي، لكن لا يحاكم إلى حين جلب المتهم وعندما يأتي المتهم فيجرون له محاكمة ويصدرون بحقه حكماً، إلا بهذه المحكمة.

السؤال الثاني: هل توجد سوابق مثلاً في المحاكم الدولية لها علاقة بالتكتم على الشاهد؟ يبدو هذا الموضوع ليس له سابقة ليس في المحاكم الدولية فقط بل حتى في المحاكم داخل الدول يبدو ليس له سابقة، ومع ذلك سؤال؟ هل يصح أن تحكم على الناس والشاهد متكتم عليه، يعني لا يستطيع المتهم أن يناقش الشاهد ويسأله ويقول له أنت تشهد عليّ، أنت أين كنت وأين رأيتني وفي أي وضعية شاهدتني، لا يقدر أن يسأله ولا محامي الدفاع يستطيع، لأن هناك تكتماً على الشاهد. هذا ليس له سابقة لا في المحاكم الدولية ويبدو حتى في المحاكم العادية المدنية والعسكرية يمكن أن لا يكون له مثيل، لكن هذا في حد ذاته يلقي علامة استفهام.

هل هناك سوابق في قبول شهادات خطية من الشاهد دون حضوره أمام القضاة أو أمام المحامين أو في جلسة المحكمة؟ أيضاً يوجد نقاش في هذا الموضوع. لكن في قضية حساسة وخطيرة من هذا النوع عندما يتم التساهل في وسائل إثبات، حتى لو قلنا نعم هذا حصل في محكمة ما في العالم، لكن نحن أمام قضية حساسة، وأمام قرار ظني حسّاس وأمام إدانة حساسة تعني مصير بلد، تعني مستقبل بلد. أريد أن أسأل كل طلاب العدالة في لبنان من الكبار إلى الصغار الذي يخرج ويقول لك المحكمة مستمرة والعدالة آتية! أي عدالة هي الآتية؟! هل التساهل في وسائل الإثبات، هذا مؤشر على انجاز عدالة وتحقيق عدالة؟ هل مسار التحقيق خلال خمس سنوات هو مؤشر على إنجاز عدالة وتحقيق عدالة، أو كل التجربة السابقة وكل التجربة الحالية تقول إن هناك محكمة تقوم بتكييف قوانينها وإجراءاتها وقواعدها بالطريقة التي تسهل عليها إصدار حكم سياسي معد مسبقاً.

وأنا أحب أن أقول لكم من الآن، هذا سوف نتركه للنقاش القانوني، إذا كان هناك محكمة في العالم هي الأضعف والأوهن من الناحية القانونية والقضائية وإجراءات العدالة ومعايير تحقيق العدالة، فهي هذه المحكمة الدولية.

كثيرون يأتون ويقولون إنه في مواجهة الأزمات علينا اللجوء إلى المؤسسات الدستورية، ودائماً يلاحقوننا بالدستور والمؤسسات الدستورية، أنهم هم دستوريون وقانونيون وأهل دولة ونحن ميليشيات وعصابات خارجة على القانون، أريد أن أطرح عليهم سؤالاً: هل هذه المحكمة بالمقاييس اللبنانية الدستورية والقانونية هي دستورية؟ هي من نتاج المؤسسات الدستورية اللبنانية؟ فليدّعوا ويقولوا نعم !

في المرحلة المقبلة إن شاء الله سيتم عقد مؤتمر صحافي لتقديم رؤية قانونية ودستورية حول هذا الموضوع، هذه رؤية تستند إلى تحقيقات وإلى دراسات العديد من الخبراء الدستوريين والقانونيين في لبنان وفي الخارج، والمحصلة واضحة: هذه محكمة لا علاقة لها لا قانونياً ولا دستورياً بلبنان ولا بالمؤسسات الدستورية في لبنان. نعم، هذه قرار مجلس أمن، مجلس الأمن الذي قسّم فلسطين، مجلس الأمن الذي اعترف بوجود إسرائيل، مجلس الأمن الذي يقوم بتغطية كل العقوبات المفروضة على حكومات وشعوب في العالم، مجلس الأمن الذي هو ألعوبة في يد الولايات المتحدة الأميركية، هذا قرار مجلس أمن؟ صحيح. تقول لي هذه شرعية دولية، فنحن لدينا رأي بالشرعية الدولية. هذا قرار دولي؟ صح. لكن هذا شرعية لبنانية، شرعية مؤسسات لبنانية؟ كلنا يعرف كيف تمت مناقشة موضوع المحكمة وكيف تم التهرب من الحكومة وكيف رفضوا أن يعطوا وقتاً حتى يناقش وزراؤنا، وكيف كان رئيس الجمهورية ليست له علاقة، كيف كان مجلس النواب ليس له علاقة؟ هذا نقاش يجب أن يعرض ليس من باب الهجوم على المحكمة وإنما من باب عرض الوقائع وأيضاً من باب من يطالبنا بالعودة إلى المؤسسات الدستورية، نقول له تفضل أنت إلى المؤسسات الدستورية. أنت تحتكم إلى شيء أصلاً مزور ومهرّب عن المؤسسات الدستورية في لبنان.

في موضوع المحكمة وإجراءات المحكمة أيضاً، التطور الجديد هو الدخول الإسرائيلي مجدداً على الخط، التصريحات الإسرائيلية، الكلام الإسرائيلي، أنا لا أتحدث عن صحافة إسرائيلية، أي ماذا تقول معاريف وهآرتس، وإنما عن مسؤولين إسرائيليين كبار، مسؤولون إسرائيليون يقولون نحن إسرائيل زوّدنا لجنة التحقيق الدولية بمعلومات ومعطيات ونحن متعاونون. ولجنة التحقيق الدولية بدل أن تذهب وتحقق مع الإسرائيليين على الفرضية الإسرائيلية ذهبت لتستعين بالإسرائيليين لإدانة عدو إسرائيل الأول، فهل هذا يخدم مسار العدالة؟!

هم يتحدثون ولست أنا من يفترض ويخترع، هل هذا التحقيق الذي يتجاهل الفرضية الإسرائيلية ذهب في يوم من الأيام وحقق مع الإسرائيليين في أي معطى أو أي قرينة مما قدّم؟ في الوقت الذي يعلن فيه الإسرائيليون أنهم على صلة قوية بالتحقيق؟

في سبل الحل ومساعي المعالجة: أصلا هي يجب أن تنطلق من نقطة أساسية مركزية: هل نحن مقتنعون أنّ هذا القرار الظني هو خطر على لبنان وتهديد للبنان وخطر على المقاومة وتهديد للمقاومة أم لا؟

هناك أناس يرون بالموضوع فرصة للتخلص من عدو اسمه المقاومة لأنهم هم في محل ثانٍ، هذا القرار الظني أو هذا المسار هو فرصة للتخلص من خصم ـ إذا أردنا التخفيف ـ أو لإضعاف خصم موجود على الساحة اللبنانية يعيق مشاريعهم وأفكارهم وسلطانهم.

من ناحية أخرى ننظر إلى الموضوع من زاوية تداعيات وأخطار هذا المسار على البلد كبلد، على قوة لبنان وأمن لبنان واستقرار لبنان ومستقبل لبنان وسلامة لبنان، بطبيعة الحال المكان الذي ننظر منه إلى الموضوع يؤثر كثيراً على أدائنا وسلوكنا، لذلك تجدون كل حريص على أمن لبنان واستقرار لبنان وسلامة لبنان والوحدة الوطنية والسلم الأهلي والتعايش وتحقيق العدالة وأن لا يُظلم أحد كما ظلم الضباط وغير الضباط، كل من لديه هذا الحرص تجده حريصاً على نجاح المسعى السعودي السوري، وتجده مبشراً به وتجده مراهنا عليه وتجده مؤيدا له، أمّا من ينظر من زاوية ثانية، زاوية التخلص من عدو أو التخلص من خصم تجده بالعكس، يقول إنه لا يوجد أصلا مسعى سعودي سوري، أصلا الإتصالات توقفت ووصلوا إلى طريق مسدود وأصلا لا شيء مطروح، تسمعونهم، هذا مؤشر أيضاً، وكما الموقف من موضوع الاتصالات، هذا يكشف نوايا وماهيات وهويات ومشاعر وعقول وخلفيات، هذا الأمر نفس الشيء.

الحريص على البلد يقول إن هذا المسعى علينا مساعدته وتأييده ودعمه والتبشير به والتفاؤل به، بينما غير الحريص على البلد الذي لا يقدر على العيش إلا بالكيدية وبالصراع وباستهداف الآخرين ـ ونحن لا نستهدفه بشيء وهو الذي يستهدفنا ـ ينظر إلى الموضوع من زاوية أخرى.

في هذا السياق، نحن موقعنا هو موقع من يؤيد المسعى السعودي السوري، من يدعو الآخرين إلى مساندة هذا المسعى سواء كانوا إيرانيين أو قطريين أو أتراك كما في الزيارة الأخيرة للسيد أردوغان إلى لبنان أو زيارة رئيس وزراء قطر أو أي دولة أو حكومة أو جهة صديقة تريد أن تدخل على خط المعالجة. نحن كلامنا للجميع: ادعموا وأيّدوا وساندوا المسعى السعودي السوري لأنه المسعى الجدي الوحيد المتاح لإخراج لبنان مما يتهدده الآن.

وأنا أقول لكم في كل هذا اللغط الموجود، وليس من باب التفاؤل وإنما من باب الوقائع والحقائق وما تلقيته أنا شخصيا خلال الأيام القليلة الماضية، أنّ هذا المسعى ما زال قائماً ومتقدماً وما زال الأمل كبيراً جداً بالوصول إلى نتائج حقيقية على صعيد الحل والمعالجة.

نحن لبنانياً هل نستطيع أن نحل الموضوع أو أن نعالج أو أن نبعد عن وطننا وبلدنا هذه المخاطر التي تتهدده من خلال المحكمة الدولية والقرار والظني؟ نعم اللبنانيون قادرون ويعرفون كيف، والحكومة اللبنانية قادرة وتعرف كيف، ولكن ما نحتاجه كلبنانيين هو العزم والقرار والإرادة.

في مساعي الحل هناك أناس أصلاً لا يريدون حلاً، نهائياً، لا قبل صدور القرار الظني ولا بعد صدور القرار الظني، هناك أناس من الآن يقولون: بعد صدور القرار الظني يجب أن تفعّل كل القدرات الدولية والمحلية لملاحقة المتهمين وجلبهم إلى قوس المحكمة، أي أنهم من الآن بدأوا التحريض على الناس الذين سيصدر بحقهم القرار الظني، (ويقولون) اذهبوا واعتقلوهم، ويحسبون أنّ هذا الموضوع "شمّة هوا"، وهذا يدل أنّ هناك أناساً يريدون "مشكلاً" ومستعجلين على "المشكل" ويريدون أن يخربوا البلد من هذا الباب.

وهناك أناس يقولون نريد أن نحلّ، والآن عملياً في الحقائق الموجودة هناك اتجاهان ورؤيتان، هناك رؤية تقول إنه يجب أن يكون هناك حلّ لبناني بغطاء سوري سعودي ومباركة من كل أصدقائنا في المنطقة قبل صدور القرار الظني إذا كان سيصدر، وهذا نحن ما نرى فيه المصلحة وترى المعارضة فيه المصلحة وترى سوريا فيه المصلحة ومعلوماتي أنّ السعودية أيضا ترى المصلحة في هذا.

هناك اتجاه آخر يقول نريد الذهاب للحل لكن ليطلع القرار الظني ونذهب للحل، هنا يوجد اشتباه وخطأ وأود هنا اليوم أن أحذّر من هذا الخطأ وهو التالي: إذا كان هذا القرار الظني الذي يستعجل على ظهوره الأمريكيون والإسرائيليون، إذا كان هذا القرار الظني بدأت تقام من أجل صدوره احتفالات النصر في إسرائيل ـ وهو ليس نصرا على كل حال ومعكم وأمام إرادتكم نحن نحوّل أي عدوان إلى هزيمة ـ لكن هناك واقع يقول إنه في إسرائيل بدأت احتفالات النصر بصدور القرار الظني الذي سيؤدي إلى تطبيق القرار 1559، كلنا يعرف ومن فم الإسرائيليين أنّ هناك رهاناً إسرائيلياً كبيراً جدا على القرار الظني وتداعيات القرار الظني. الذي أريد أن أقوله لأصحاب هذا الاتجاه الذين يتحدثون عن الحل بعد صدور القرار الظني: ما نخشاه نتيجة حجم التواطؤ والرهانات الأمريكية والإسرائيلية أنه إذا صدر القرار الظني (فإنه لكي) يجلس الأفرقاء ويتحاورون ويجدوا حلاً بحاجة ليوم واثنين وثلاثة وأسبوع وأسبوعين وقد يكون قد فات الأوان وأن نكون جميعا قد فقدنا زمام المبادرة. فكروا جيدا "بهالحكيات" ودققوا وجميعاً سنحمل المسؤولية، هذا هو الفارق بين ما قبل صدور القرار الظني وما بعد صدور القرار الظني. قبل صدور القرار الظني (نكون) ـ خلص ـ حمينا البلد واتفقنا وحمينا المقاومة وحمينا السلم الأهلي وحمينا الحكومة وحمينا كل شيء، ويطلع قرار ظني أم لا يطلع قرار ظني صار قصة ثانية. أمّا بعد صدور القرار الظني قد نفقد جميعاً الفرصة والوقت المتاح وزمام المبادرة لأنّ موضوع القرار الظني ليس أمرا قائما لوحده وإنما هو حلقة أو جزء من مشروع ستكتمل عناصره، جزء من مشروع بدأ باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستمر مع الاغتيالات التي كانت في ظلها تقرّر بنود المحكمة الدولية وصولا إلى إصدار القرار الظني وما بعد إصدار القرار الظني.

لذلك أنا أدعو هؤلاء إلى عدم تقطيع الوقت وعدم شراء الوقت، أي الآن نقطع الوقت وما هي المشكلة وأنا "بتعرفوا أنا ما بحب خبّي كتير وأهلا وسهلا فيهن بإيران وتركيا ووين ما كان" لكن تقطيع الوقت بهذه الطريقة، بالانتظار وأنه "معليش منقطّع وقت وبيطلع القرار الظني وبعدين بنقعد يا شباب وما تحملوا هم وما بيصير مشكلة بالبلد وإلى آخره"، هذا صحيح إن شاء الله لا يصير مشكل في البلد إذا القصة عندي وعندك وعندنا، لكن إذا كانت القصة في محلّ ثانٍ، في محل الكبار الذين يلعبون بالبلد ويراهنون على البلد ويستهدفون البلد هذا ليس بمقدورنا أن نعالجه بتقطيع الوقت والرهان على مجهول وإنما يحمّلنا مسؤولية أن تتم الليلة وغدا وبعد غد معالجة هذا الموضوع وتأخذ كل الإجراءات الممكنة لحماية هذا البلد.

أنا سمعت كلاماً خلال الأسابيع الماضية أنه نحن ننتظر لنرى القرار الظني فإذا كان يستند إلى أدلة دامغة نقبل به ونقول للعالم هناك أدلة دامغة وإذا القرار الظني لا يستند إلى أدلة دامغة فلن نقبله. لكن أنت تقول إنّ المحكمة عظيمة ومنزّهة والمحكمة ليست مسيّسة، يعني كيف؟ فهو يصدر القرار الظني بناء على أدلة هو يعتبرها أدلة كافية لإصدار قرار ظني.

نحن معترفون أنّ لديكم عقلاً وبإمكانكم قراءة القرار الظني والأدلة خاصته والحكم عليها، حسناً لنستفد من الوقت، "اعملوا معروف" الآن أدعوكم يا أصحاب العقول الذين لديهم عقل لقراءة القرار الظني وأدلة القرار الظني، أقول لكم من الآن "يا جماعة الخير" أدلة القرار الظني موجودة في ديرشبيغل واللوفيغارو وسي بي سي ، "هذه هي وحياتكن"... هذه هي التقارير، ولماذا ارتبك بلمار بموضوع الـ سي بي سي؟ لأنّه تلفزيون كندي وهو كندي ويضع خطوط اتصالات وتزامنات، كل الملف ـ وخذوا الأمر منّي وأنا متابع عن قرب وعندي دليل على هذا المعنى ـ كل ملف التحقيق الذي عند بلمار هو هذا الموجود في وسائل الإعلام، وغداً سيأتي القرار الظني إذا أتى وسيبين من الصادق ومن الكاذب (...)، اجلسوا واقرأوا ولنرَ العقل خاصتكم إلى أين يصل؟ هل هذه أدلة ثابتة أو دامغة يبنى عليها قرار ظني أو قرار اتهامي ـ ولا أعرف الفرق بينهما وهذا نقاش قانوني ـ يبنى عليها قرار يريد أن يحقق عدالة بقضية بهذا المستوى.

على كلٍّ، أنا أدعو إلى عدم تقطيع الوقت وإلى عدم تضييع الوقت وإلى تحمّل المسؤولية خشية أنه إذا صدر القرار الظني أن يلعب اللاعبون الكبار والصغار بهذا البلد فنفقد جميعا القدرة على معالجة تداعيات القرار الظني وحماية البلد الذي نحرص عليه جميعاً، بعيوننا نحرص عليه وبدمائنا نحرص عليه وهذه هي المسؤولية.

في موضوع الغجر قيل الكثير، وكل ما عمله الإسرائيليون هو لعبة وقصة علاقات عامة ولعبة إعلامية للتغطية على الاستيطان في القدس الشرقية وعلى الاستيطان في الضفة وعلى كل خطوات استتباع هذه الأرض وتهويدها وبالتالي تقديم صورة حسنة للمجتمع الدولي الداخل في اللعبة من بان كي مون إلى الباقين الذين رحبوا بالخطوة وهي خطوة مجتزأة ومشبوهة وقاصرة. وواضح أنّ الإسرائيليين يلعبون بهذا الموضوع ويكملون الاستيطان، وهنا بين هلالين لمن يراهن على الأمريكيين أنّ إدارة أوباما وأمريكا بثقلها دخلت وطلبت من نتنياهو إيقاف الإستيطان شهرين أو ثلاثة أشهر وقدمت له مغريات أمنية وعسكرية ومالية ومع ذلك لم يردّ عليهم وأكمل الاستيطان وماذا كان رد الفعل الأمريكي: التعبير عن خيبة الأمل، حتى إدانة لم تصدر، وأنت (الإسرائيلي) تعمّر في أرض محتلة حتى بحسب القرارات الدولية، لا إدانة لا من الأمين العام (بان كي مون) ولا من مجلس الأمن ولا من أمريكا ولا من أحد في العالم وكلهم عبروا عن خيبة أملهم.

لكن إذا حصل أي حادث صغير يستهدف جندياً إسرائيلياً أو أمناً إسرائيلياً أو مستوطناً إسرائيلياً أو بقرة إسرائيلية تجد كل الإدانات من كل أنحاء العالم، هذا واقعنا الذي نحن فيه اليوم.

بالنسبة للغجر الجزء اللبناني منها المطلوب أن يعود كاملاً إلى السيادة اللبنانية غير منقوص، نحن لا نعطل أي اتفاق، لكن نحن لا نقدر على البصم أو الإمضاء على احتلال مقنّع، ليخرج الإسرائيلي من الجزء اللبناني من الغجر كلياً، مدنيا أمنياً، وعسكريا وتعود إلى السيادة الكاملة اللبنانية، والحكومة اللبنانية إذا أرادت إرسال الجيش فترسله وإذا أرادت إرسال قوى الأمن أو الأمن العام أو الجمارك فهي حرّة وهذا شأن سيادي ولا علاقة للإسرائيلي أن يقول من يدخل إلى الجزء اللبناني إلى الغجر ومن لا يدخل. اليونيفيل هي ليست بديلاً عن الجيش اللبناني وهي مساند للجيش اللبناني وأصلا لا معنى لوجودها في مكان لا وجود فيه للجيش، أما أنّ يقال أن تدخل اليونيفيل إلى الغجر والجيش اللبناني ممنوع عليه الدخول فهذا استمرار للاحتلال وبالنسبة لنا هذا احتلال مقنع ونتصرف معه أنه ما زال احتلالاً.

طبعا هناك نقطة جديرة بالاهتمام قلّما يتم التطرق لها في معالجة الموقف والتي هي موضوع أهالي وسكان الغجر الشمالية. نعم علينا التسليم أن هناك مشكلة إنسانية، أنّ أهالي الغجر جزء منهم سيبقى تحت الإحتلال وجزء منهم سيصبح داخل السيادة اللبنانية وهؤلاء أهل وأقرباء، فإذا قطعنا الطريق هناك مشكلة وإذا تركنا الباب مفتوحا هناك مشكلة، وإذا قلت لسكان الجزء اللبناني اذهبوا كلكم إلى الجزء المحتل هناك مشكلة. هذا الموضوع بحاجة إلى معالجة وإلى أن يؤخذ بعين الاعتبار، الحل المنطقي والواقعي والسليم والقانوني والأخلاقي والشرعي هو انسحاب إسرائيل من كل الغجر وليس فقط من الجزء اللبناني من الغجر، لأنّ الجزء الآخر من الغجر هي أرض سورية عربية وليست أرضا إسرائيلية ـ وطبعا نحن لا نعترف بشيء اسمه أرض إسرائيلية أساساً ـ وبالتالي الحل أنّ يخرج الإسرائيلي من كل الغجر والجزء اللبناني يعود إلى السيادة اللبنانية والجزء السوري وسكانه يصبح في عهدة لبنان مؤقتا إلى حين الانسحاب وترسيم الحدود بين لبنان وسوريا وبالتالي البلدة كلها تأتي إلى لبنان وأهلها يبقون مع بعضهم ونواجه مأساة إنسانية وأخلاقية.

وحتى طبق القوانين الدولية والقرارات الدولية الموضوع هو هكذا، وليعالج بهذه الطريقة، ولا نقدر نتيجة الموضوع السياسي أن نتجاهل معاناة سكان الغجر سواء بشقها اللبناني المستحدث بعد الاحتلال أو بشقها السوري الأصيل في انتمائه إلى سوريا.

يبقى أنه في كل ما عرضنا وكل ما قلنا، أحب القول ما يلي: إنّه لا شك كلما مرّت الأيام نحن نقترب من مرحلة دقيقة وحساسة، وطبعا هناك بعض وسائل الإعلام وبعض السياسيين اللبنانيين مستعجلون كثيرا وتراهم يكتبون أنّ القرار الظني سيصدر في 5 كانون أول وآخر يقول لك 11 كانون أول وآخر يقول في 15 كانون أول أو في 17 كانون أول أو في 20 كانون أول... على كلٍّ نحن نقترب من لحظة حساسة بحاجة إلى تصرّف بعقل كبير وبمسؤولية كبيرة وبإرادة صلبة وبحرص على المصالح الكبرى والتي تكون كلها محكومة للمصلحة الأكبر التي هي حماية لبنان. نحن نتصرف بهذه الطريقة ومعنيون بحماية بلدنا وشعبنا إلى جانب الجيش اللبناني والدولة اللبنانية ومؤسسات الدولة اللبنانية ونشعر بمسؤولية كبيرة على هذا الصعيد، لكن هناك شيء أريد قوله من موقع الحرص وليس من موقع القلق ومن موقع الحرص والمحبة والمسؤولية تجاه هذا البلد الذي قدمنا من أجله أغلى الشهداء وليس من موقع الخوف: هناك كثر يكتبون في وسائل الإعلام اللبنانية والأجنبية وحتى في وسائل الإعلام الإسرائيلية أنّ حزب الله خائف وقلق وفلان لا يأتيه النوم ـ وبالمناسبة أنا هالكم شهر الماضيين صرت أنام ساعة زيادة ـ هذا لا يكون ببال أحد ولا أحد يبني عليه أي حسابات لأنها ستكون حسابات خاطئة واستنتاجات خاطئة وخطوات خاطئة.

أقول لكم منذ الـ 48 إلى اليوم (وكان هناك حركات مقاومة في لبنان بأشكال متنوعة ومختلفة ولها ظروفها وإمكاناتها) لكن لم يمر في تاريخ لبنان حتى اليوم أن تكون المقاومة بهذا المستوى من القوة والثقة والعنفوان والقدرة والحضور المحلي والإقليمي، وكل التحولات المحلية والإقليمية والدولية تخدم مسار يقول إنّ حركات المقاومة وحكومات ودول الممانعة وأن هذا الخط هو الذي يقوى ويزداد قوة وعنفواناً وحضوراً في واقع الأمة ومستقبلها وأن المشروع الآخر إلى مزيد من الوهن والتراجع والانكفاء.

وإذا كان أحد يراهن ـ وهنا حكاية قبل القرار الظني وبعده ـ أنّ قبل القرار الظني حزب الله مضغوط ولكن ليس كثيرا وبعده يصبح مضغوطاً، الذي يراهن أنّ المحكمة الدولية والقرار الظني يؤثران على معنوياتنا أو على روحيتنا أو على شجاعتنا أو على إرادتنا فهو واهم، وأنا أذكّر. تذكرون عام 1996 وكلكم عشتم تلك الأحداث، أمام تصاعد المقاومة في جنوب لبنان وتصاعد العمليات الاستشهادية الضخمة التي نفذتها حماس والجهاد الإسلامي في القدس وتل أبيب تداعى العالم كله إلى شرم الشيخ من أجل حماية إسرائيل، يومها رؤساء أمريكا وفرنسا ورئيس حكومة بريطانيا والصين وروسيا وأغلب رؤساء الدول والحكام العرب والبلاد الإسلامية والبلاد الأفريقية، كان هناك حشد دولي ضخم بمستوى رؤساء ورؤساء حكومات وملوك وأمراء والغائبون كانوا قلّة ـ لبنان وسوريا وإيران وبعض الدول ـ اجتمع العالم على مستوى الرؤساء والقادة الكبار في شرم الشيخ وأعلنوا وأصدروا بياناً يقولون فيه إنّ حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي منظمات إرهابية وشكلوا لجنة من وزراء الأمن ورؤساء أجهزة المخابرات واجتمعت بالفعل في أمريكا لتبحث كيف ستسحق هذه المجموعات الثلاثة وتجفف مصادر تمويلها وتلاحقها وتحاكمها وتصادرها... هذا حدث أو لم يحدث؟ ونظموا حملة إعلامية وشنّوا حرباً نفسية لها أول وليس لها آخر علينا وعلى إخواننا في المقاومة الفلسطينية، حدث أو لم يحدث؟ ما الذي طيّر شرم الشيخ؟ الإسرائيلي اعتبر أنّه في ظل هذه الإدانة الدولية والتوصيف الدولي والعالمي لحزب الله على أنه منظمة إرهابية إلى جانب إخوانه في حماس والجهاد فإن هذه هي الفرصة المناسبة للهجوم على لبنان وسحق حزب الله عام 1996 في عدوان نيسان عناقيد الغضب من أجل أن يعود شيمون بيريز رئيس حكومة من جديد على حساب عظامنا وأطفالنا ونسائنا.

كان الاجتماع الدولي في شرم الشيخ غطاء لحرب إسرائيلية للقضاء على المقاومة في نيسان 1996 وماذا كانت النتيجة؟ بمواجهة الحرب النفسية وأنتم كنتم موجودين وفي أحد مهرجاناتنا كنّا نقول أنتم طواغيت العالم اجتمعتم أما نحن فنقول لكم نحن مجموعة قليلة في بلد صغير ولكن كبيرة بالإيمان ونقول لكم : "الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"، هذا كان خطابنا . بهذه الروحية وبهذا المنطق ذهبنا إلى مواجهة عناقيد الغضب 1996 وانتصرت المقاومة وانتصر لبنان. الآن أقول لكل الذين يحللون ويراهنون أنّ المحكمة الدولية قد تكون غطاء لحرب إسرائيلية جديدة، إنّ المحكمة الدولية هذه ليست أعظم من لقاء شرم الشيخ وليست أهم من شرم الشيخ حيث اجتمع كل طواغيت العالم، وهناك أناس كثر من حكومات العالم يعتبرون أنفسهم على جنب ولا علاقة لهم بالمحكمة الدولية، هذه المحكمة يحملها الأمريكيون والإسرائيليون على أكتافهم ويدورون فيها، وهناك الكثير من الدول التي أبلغتنا بقنوات خاصة أنها غير معنية بنتائج المحكمة الدولية. وبالتالي هذه المحكمة الدولية لا تصل إلى أي مستوى من مستويات حجم الإرهاب النفسي والفكري والضغط السياسي الذي مثّلته قمة شرم الشيخ التي ذهبت أمام سواعد مجاهدي وصبر شعبنا ودماء وأشلاء الأطفال والنساء في قانا، ذهبت كل تدابير الطواغيت أدراج الرياح واليوم نفس الشيء، ويومها لم نكن أقوى من اليوم ولم نكن أفضل عدة ولا أفضل عددا ولا أكثر إيمانا ولا أكثر توكلا ولا أكثر حسنا في الوضع المحلي والوضع الإقليمي والوضع الدولي.

لذلك لا يراهنّ أحد أن ننضغط لا قبل القرار ولا بعد القرار، تعالوا جميعا لنتحمل المسؤولية وزمن الرهانات على أنّ أحداً يستطيع أن يسحق شعبا لديه عقل وقلب وإرادة وعزم وتصميم وقرار بأن يعيش على أرضه أرض الآباء والأجداد برأس مرفوع وجبهة شامخة هذا الزمن ولّى إلى غير رجعة. تقولون إنّ عقارب الساعة لن ترجع إلى الوراء وأنا أؤيد، نعم عقارب الساعة لن ترجع إلى الوراء على الإطلاق، انتهى الزمن الذي تستطيعون فيه أن تهددونا وأن تخيفونا وأن تنالوا من إرادتنا أو أن تنالوا من وجودنا أو من كرامتنا. ببركة هذه العقول وهذه القلوب وهذا التصميم وهذا العلم وهذه المعرفة هؤلاء الخريجين وهذه الخريجات، هؤلاء الأهل الكرام من آباء وأمهات، هؤلاء الرؤساء والمدراء والأساتذة الجامعيين، ببركتكم جميعا نحن نستطيع إن شاء الله أن نعبر ببلدنا إلى شاطئ الأمان الذي نحفظ فيه إلى جانب الأمان الكرامة والعزة والحضور وصناعة المستقبل. إن شاء الله مبارك للجميع هذا الفوز وهذا النجاح وهذا التخرج، وأنا يسعدني جدا أن أكون حاضراً بينكم، بين الإخوة والأخوات الخريجين، ولكن تعرفون الظروف وعلى كل حال هذا الظرف شهادة لحقيقة الصراع بيننا وبين العدو الإسرائيلي. لذلك آمل من الأخوين العزيزين الكريمين سماحة السيد هاشم صفي الدين والحاج أبو حسن رعد أن يتكرموا ويتفضلوا بالقيام بواجب تكريم الإخوة والأخوات من الخريجين والخريجات وأدامكم الله ونصركم وحفظكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

...

كلمة الحاج يوسف مرعي (المسؤول التربوي المركزي) في حفل تخريج الطلابٍ الجامعيين الذي أقامته التعبئة التربوية

تعليقات: