طلال سلمان: مزاجي هادئ إلى حد كبير أسمع الكلاسيكيات الخالدة وأحب الدبكة
ولد في بلدة شمسطار غربي مدينة بعلبك عام 1938 بدأ حياته المهنية في نهاية الخمسينات لشدة تعلقه بالصحافة كمنبر للرأي وكمساحة لمعالجة هموم الناس واهتماماتهم وتوكيد الالتزام بالقضايا الوطنية والقومية، عمل في مجلة «الحوادث» محرراً ثم سكرتيرا للتحرير ومنها انتقل الى مجلة «الاحد» في موقع مدير التحرير، سافر الى الكويت عام 1963 واصدر مجلة «دنيا العروبة» تولى رئاسة تحريرها لفترة ستة اشهر ثم عاد الى بيروت ليتولى ادارة تحرير مجلة «الصياد»، تنقل بين مجلات «الصياد» و«الاحد» والحرية»، غطى الكثير من الاحداث العربية وحاور مجموعة من ابرز الملوك والرؤساء والقادة السياسيين والحزبيين، وفي اواخر 1973 تفرغ للاعداد لاصدار «السفير» كجريدة يومية حملت شعار «جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان. نجا من محاولة اغتيال امام منزله في الحمراء واصيب بجروح في وجهه وجسمه وذلك في صباح يوم السبت 14ــ7ــ1984. حاز جائزة الدبلوماسي والمستشرق الروسي فيكتور بوسوفاليوك الدولية المخصصة لافضل نقل صحافي روسي واجنبي للاحداث في الشرق الاوسط عام 2000. لديه مؤلفات عديدة منها: «مع فتح الفدائيين» «ثرثرة فوق بحيرة ليمان»، «الى اميرة اسمها بيروت»، «حجر يثقب ليل الهزيمة»، «الهزيمة ليست قدراً»، «هوامش»، «عن الديموقراطية والعروبة والاسلام».
التقيناه في مكتبه في منطقة الحمراء في بيروت ودردشنا معه في محاور عدة سياسية محلية وخارجية ومحاور مهنية وشخصية اجتماعية وقدم لنا آراءه ووجهات نظره بكل وضوح دون خطوط حمر.
انه صاحب جريدة «السفير» اللبنانية ورئيس تحريرها منذ عام 1974 الاستاذ طلال سلمان الذي كان لنا معه هذه الاستراحة:
هويتنا
• أستاذ طلال لماذا يرى كثيرون جريدة «السفير» تساند المعارضة وتقف معها في مواقفها اكثر من الموالاة؟
ـــ اعتبر هذا تكريما لجريدة «السفير» مع احترامي للمعارضة والموالاة، المعارضة والموالاة ظرف سياسي طارئ حاليا، وأي جريدة تحترم نفسها، وهذا لا يقتصر على جريدة «السفير»، لا تقيّم في لحظة سياسية محددة، والآن في اللحظة الراهنة يوجد كثير من الانقسام بين المعارضة والموالاة، والصحيفة تتعاطى مع التاريخ ومع الذاكرة، مع الامس واليوم وغدا، ولا يمكن حصرها بلحظة سياسية معينة تسببت في انقسام سياسي معين، ونحن كأصحاب جريدة ندعي على الاقل اننا نكاد نكون اصحاب قضية، والقضية لا تقيّم بلحظة او بمجموعة من الناس او بمجموعة من الاتجاهات السياسية في لحظة معينة راهنة، وفي هذه اللحظة الانقسام في لبنان بين موالاة ومعارضة، ولا يكون الانحياز على اساس فلان يعجبني والآخر لا يعجبني، هذا بالنسبة لي، فنحن جريدة شعاراتها على صدر الصفحة الاولى والاخيرة، ونعتبر انفسنا جريدة الوطن العربي في لبنان وصوت الناس ومن خلال موقفنا هذا المبدئي نتعاطى مع الموالاة والمعارضة وليس مجاملة أو معاداة لأحد، في هذه اللحظة السياسية نشعر ان المعارضة اقرب ما تكون حاملة للشعارات الاقرب الى طبيعة لبنان والى تكوينه، فلبنان في طبيعته توافقي وتوازناته دقيقة جدا يتأثر كثيرا بالخارج واحيانا لدرجة الخطر وبسبب ظروف المنطقة عموما وبظروف لبنان خاصة فخطنا نفس خط المعارضة وأقرب إلى ما ننادي به، جريدتنا عربية هويتها واضحة وطبيعة الرسالة التي نحملها أقرب الى هموم الناس العاديين في قراهم في الجنوب والبقاع وكسروان وعكار... نحن للناس وللشعب فمن هذا الموقع هويتنا العربية المؤكدة ولا يمكن ان نتحالف ونجاري تيارا معاديا للعروبة او يصب في مجاري سياسات معادية للعرب وموالية لاسرائيل، وهذا هو خطنا.
• انتم تشعرون بأنكم اقرب للمعارضة فيما تحمله اليوم والمعارضة متحالفة مع ايران، وهي ليست عربية فكيف تحافظون على هويتكم كما تقول؟ ـ
ـ هذا التقييم ظالم، وأنا أتكلم عن هوية السفير، وبالنسبة للتحالفات السياسية فهي قد ترتبط في لحظة معينة، ولا أقبل هذا التلخيص في أنك اذا كنت عربيا وإذا كنت تقدميا ووطنيا وإذا أنت مع سوريا فأنت مع ايران.
• وهل هذا أمر معيب؟
ــ لا أبدا، لكن هذه المعالجة خطأ.
• كيف والمعارضة تقول للموالاة أنتم مع المخطط الاميركي وبالتالي أنتم عملاء اسرائيل؟
ــ هذا الكلام سياسي اما انا فأتكلم عن موقفي المبدئي، اما في لحظة سياسية معينة وضمن ظروف سياسية تصادف التوجه العام العربي القومي بطبيعته والتقدمي بهويته قد يتلاقى مع هذا النظام أو ذاك في حدود معينة فلا مانع منه، فهي مصادفات تاريخية اكثر، وهذا خطي والاقرب لهذا الخط من الطبيعي ان يكون هناك نوع من التعاطف معه لكني لست جزءا من هذه التركيبة السياسية ولست جزءا من هذا التحالف الذي تريدين تسميته بالايراني السوري، انا في هذا الموقع وفي هذا الخط وفي هذه اللحظة السياسية أقرب نسبيا الى المعارضة كونها معادية لاسرائيل ومعادية لسياسات أميركا ولاحتلالها العراق ومعادية للتنظيمات الارهابية كـ«القاعدة»، لكني لست جزءا منها او فيها فهذه «السفير» توجهها وهويتها، وأنا امثل التيار الوطني العربي التقدمي بشكل عام وأتمنى أن أنجح في تمثيله.
مدان.. مناضل.. نسخ عديدة
• هل تتلقون اليوم تهديدات من أي طرف تكتبون ضده؟
ــ لقد تحملنا اكثر من غيرنا بكثير، وهذا المكتب الذي تجلسين فيه مطابعه نسفت عام 1980، كنا قد بدأنا نطبع أول عدد لـ«السفير» وتم نسف المطابع وأخذوا الحارس وقالوا له هذه المرة نسفنا المطابع، المرة المقبلة رأس طلال سلمان سننسفه، ووضعت سيارة مفخخة امام بيتي وصواريخ وجرت محاولة لاغتيالي في 14 تموز 1984، واعرف تقديريا واشتباها من كان وراء محاولة اغتيالي، لكني لا أملك الدليل. كانت تأتينا رسائل تهديد من أطراف وقوى سياسية كانت على علاقة باسرائيل ومرتبطة بها او من مجموعة لها طابع طائفي ومذهبي معين او معادية لما هو وطني أو تقدمي..
• هل للقوات اللبنانية ضلوع في ذلك؟
ــ قدري أنت.. لا أعرف.
• (اللا جعجعية) عرفت طوال الفترة الماضية الى اليوم، ماذا تقول عن الدكتور سمير جعجع؟
ــ افضل الكلام عن التوجهات السياسية لا الاشخاص، وهذا التيار او هذا التنظيم مازال بالنسبة لي مدانا، لانه ضلع في علاقته مع اسرائيل وتوغل فيها كثيرا ولم نسمع منه او نقرأ له اي نص يعبر فيه عن ندمه، والاعتراف بانه اخطأ وذهب بعيدا، والى هذه اللحظة لا وجود لوثيقة صادرة عنه يقول فيها انه يتبرأ من هذه العلاقة ويدينها ويدين تاريخه السابق حتى نفتح صفحة جديدة والظروف السياسية اعطت هذه التيارات فرصة اضافية اعتبرها خطيئة وسيدفع ثمنها الشعب اللبناني والمنطقة، لان هذا التيار، ومع الاسف، اصبح ممتدا في الكثير من الاقطار العربية، حيث تجاوز العداء لاسرائيل والقول «عفا الله عما مضى»، وهذه محاولة لتخفيف الامر وتبسيطه بذرائع تخفيفية، واعتقد انهم كانوا طرفا اسس للحرب الاهلية، ولم يتورعوا عن تحالفهم مع اسرائيل، قاتلوا اخوتهم ووطنهم، قاتلوا ضد الهوية العربية في البلد وبالتالي الغفران لهم صعب، خاصة ما لم يصدر عنهم ما يوحي بانهم ندموا على تلك الفترة واعترفوا بخطئهم.
• ماذا عن السيد حسن نصر الله؟
ــ السيد حسن نصر الله رجل مناضل وعظيم، يقاتل من اجل شرف الامة.
عار على جبين الامة ان تتخلى عن مناضليها الكبار امثال «حسن نصر الله» ويتركون اعداءها يقررون مصيرهم بدل ان تقف مع المجاهدين الذين قاتلوا اسرائيل وانتصروا عليها في لبنان باسم الامة، فالسيد لم يقاتل اسرائيل لثأر شخصي بينه وبينها، بل من اجل الامة لحاضرها ومستقبلها، هذا الرجل الذي لا يرى الشمس ولا تراه.
• كيف يستطيع حزب الله تهريب الاسلحة وبعد حرب ثلاثة وثلاثين يوما يعيد بنيته العسكرية ويزيد اعداد صواريخه، كما يقول في وقت قصير؟
ــ هذا تنظيم جهادي لديه منذ اكثر من عشرين سنة احتياطي اسلحة ولديه طرقه، وانا لا اعرف ما عنده من اسلحة، لكن اصدقه عندما يقول ما معه من اسلحة، ومن الطبيعي ان يحضر نفسه للمواجهة مع اسرائيل التي تنتهك سماءنا كل يوم، بالتأكيد يجهز نفسه لمواجهة مستقبلية مقبلة ويحضر لعمليات اغتيال لشخصيات اسرائيلية، كما اغتالت اسرائيل قياديين في حزب الله.
• لماذا لم تعلن الى اليوم سوريا كيف تم اغتيال مغنية؟
ــ بالتأكيد ان للسوريين قدرا وافيا من المعلومات، ولا اتصور انهم سيعلنون عنها، فهذه الحرب تحت الارض مخابراتية وسرية مفتوحة منذ زمن وليست اول عملية اغتيال ينجح فيها الاسرائيليون.
• كيف تقرأ وتحلل شخصية جنبلاط؟
ــ اعرف حوالي خمس عشرة نسخة لجنبلاط، ولا شك انه سياسي ذكي وقارئ ممتاز للتطورات والتيارات والتبدلات في مجرى السياسة الدولية، ودائما لديه هاجس اساسي وهو مصالحه، ويستفيد من كونه «اقلوي» فيلاقي شيئا من العطف من العرب وبعض الدعم من القوى الدولية التي تراهن دائما على «الاقليات»، وتجد في كسب الاقليات انها قد تستطيع احراج الاكثرية، حيث تخويفها دائما بطغيان الاكثرية عليها واكل حقوقها. ولعبت هذه اللغة في فترة من الفترات مع الشيعة ومع المسيحيين ومع الدروز، وهذا نراه مجسما وبشكل واضح في اسرائيل التي تتعاطى مع الدروز كقومية اخرى قائمة بذاتها وليست طائفة يفترض انها طائفة اسلامية وانهم فلسطينيون اولا واخيرا، بل تتعاطى معهم كجنس آخر، هذه سياسة خبيثة من قبل اسرائيل ومن الغرب حيث اللعب دائما على موضوع «الأقليات» وتخويفهم من الاكثرية فتستميلهم بحجة انهم بحاجة الى حماية والغرب يحميهم وباعتبار اسرائيل وكيل الغرب فتحاول لعب هذا الدور، وهذا لا يعني ان هذه الطوائف هي طوائف جانحة وخارجة عن ارادة الامة، بل.. اتكلم عن محاولات القوى الاجنبية الاستعمارية ومحاولات اسرائيل لتوسيع الشروخ بين الفئات المكونة للمجتمع وبين الطوائف والاحزاب، وبذلك تستفيد من جو القلق والحذر والشك كما هو حاصل في لبنان بين السنة والشيعة وبين الدروز والشيعة وبين المسيحيين والمسيحيين وبين السنة والسنة او الشيعة والشيعة، أحيانا ودائما فهي لعبة «فرق تسد» ووليد جنبلاط من الذكاء أن يفهم هذه اللعبة والاستفادة منها لمصلحته الشخصية السياسية، ويتعاطى معه على الساحة، وقد يبدو لنا شخصية مزاجية الا انها مدروسة وليست عبثية وأحيانا تأخذ طابعا «كاريكاتيريا» لانه هو من يعطيها هذا الطابع ليخفف من الاستنتاجات السياسية.
• هل سيأتي يوم ونرى جنبلاط يزور سوريا؟
ـــ سوريا دولة لها مصالحها ولها حلفاؤها وارتباطاتها وخصوماتها، وفي السياسة من الممكن ان نتوقع كل شيء، امس شتم جنبلاط سوريا وربما غدا يقف ويمدح سوريا، وهذا غير مستغرب عليه، ورأينا في حياتنا ومن خلال ممارستنا للمهنة أشخاصا يتقلبون كثيرا في مواقفهم، خاصة عند الطبقة السياسية وعند المحترفين السياسيين لديهم قدرة على تبديل وجهة السير وتبديل الوجه والجلد واللغة.
آراء وتقييمات
• برأيك ما سبب ظهور «جيمي كارتر» الفترة الماضية على الساحة؟
ـــ «جيمي كارتر» سياسي أميركي متقاعد، ولقد رأينا اكثر من مشهد له، ربما يريد التكفير عن اخطاء سياسة بلده وسياسة الادارات الاميركية المختلفة ويمكن اليوم لديه مراجعة نقدية، وقد يكون لديه شعور بالمسؤولية، حيث تم في عهده معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وأهدر حق الفلسطينيين، ويريد لعب الدور الانساني والمصالح ومخفف الاوجاع، وحتى الكتاب الذي كتبه فيه نوع من المراجعة لمسؤولية حكم الادارة الاميركية، واجد ان موقفه الاخير يستحق التقدير ولكن مع الاسف جاء متأخرا كنا نتمنى ان تكون هذه المواقف عندما كان في السلطة.
• هل سيودع بوش العالم بسلم ام بحرب؟
ـــ بوش يعتبر نفسه التاريخ ورسول العناية الالهية ومؤمن بذلك كثيرا وبأن كل ما يقوم به هو الصح والآخرين هم الغلط ولن يكون هناك ابله يتوقع منه الشيء الجيد، قد يعمل حربا قبل خروجه من الرئاسة الا اذا منعته آليات نظامه من مغامرة جديدة قد تكون مؤذية كثيرا للمصالح الاميركية في المستقبل، وللاسف لا يوجد قوى اعتراض توقفه عما يقوم به.
• خروج ميشال المر من تحالفه مع العماد ميشال عون هل ألحق الضرر بعون؟
لا شك في وجود ارتباك في صفوف كتلة عون، فالمرحلة صعبة وقاسية، وهناك اغراءات كثيرة لمن يحب التنقل من مكان لآخر، والمر دائما يحب دور صانع الرؤساء، وعندما شعر بقرب الانتخابات الرئاسية ترك تحالفه مع عون ووقف في الوسط ليكون الصوت المرجح، حاول عمل هذا الامر مع إلياس الهرواي واميل لحود وايضا مع بشير الجميل وادعى انه احد الذين سهلوا له القصة فاحضر نوابا لينتخبوه، ميشال المر غير قادر على ان يكون رئيسا للجمهورية ولا رئيسا للمجلس، فيلعب دور صانع الرؤساء، اما عون فقد غاب خمس عشرة سنة عن البلد وبقي مناصروه معه وتعرضوا احيانا لحملات تنكيل واضطهاد ومطاردة، ورغم ذلك بقوا معه، وعاد الى لبنان وكانت المفاجأة في الموجة الشعبية الهائلة التي تؤيده كالتسونامي، وهذا التيار العريض الموالي لعون، ميشال المر ليس اصيلا فيه فهو غير منتم له، بل هو حليف تحالف معه في فترة معينة والى حد كبير تحالف انتخابي قرر انهاءه بعدما وجد ربحه اكثر اذا كان في المنتصف، وهذ اللعبة السياسية التقليدية المحلية، المر بارع فيها بالفعل بارع باللعبة الانتخابية.
• ماذا عن واقع اللبنانيين اليوم؟
اللبناني اصبح أهم من لبنان، يعلم بان الازمة كبيرة وهو عنصر فيها غير مؤثر والقرار ليس لديه، اتت المبادرة العربية ولم تحل الازمة واتى الاوروبيون ولم يحلوا الازمة، والواضح ان الاميركان معطلو الحل ومعهم بعض الدول العربية ويعتبرون لبنان ساحة مواجهة جدية بين مشروعين، المشروع الاميركي- الاسرائيلي من جهة وما يسمى بالمشروع الايراني – السوري من جهة اخرى، واعتقد لا يوجد مشروع ايراني – سوري بالمعنى الفعلي، بل هناك مشروع اميركي- اسرائيلي واضح، وهناك قوى معترضة على هذا المشروع اكثر من ان يكون لديها مشروع جاهز، وأسأل ما هو المشروع الايراني – السوري؟
ألم تمد ايران سوريا بالعتاد العسكري لتكون جاهزة لأي حرب؟
هذا ما نقرؤه في الجرائد الغربية ولا نعرف مدى صحته، سوريا دولة موجودة ويوجد تحالف سوري - ايراني منذ ثلاثين سنة، فلماذا الاستغراب اليوم؟
• ايران صرحت منذ فترة اذا تعرضت سوريا لاي هجوم من قبل اسرائيل، فستدخل معها الحرب؟
ـــ نعم تخوض الحرب معها، وهذا امر طبيعي فتحالفها مع سوريا كان منذ الثورة الاسلامية في ايران، ومنذ ان عقد هذا التحالف حافظ الاسد وتعرض لحملة طويلة عريضة من كل العرب واصر عليه، واعتبره لمصلحة العرب، وصدام حسين خاض حربا طويلة، بتمويل اميركي وهذا كان ضد مصلحة العرب وبسببه ندفع الثمن الى اليوم.
• خارطة الشرق الاوسط الكبير هل تغيرت اليوم استراتيجيتها لتتلاءم مع ظروف المنطقة؟
ـــ لا أرى انهم غيروا شيئا، فهم مصممون على الهيمنة الكاملة على كل المنطقة، وقد نسميها «الفوضى البناءة» او «الشرق الاوسط الكبير» فكل هذه التسميات Code المهم السيطرة على كل المنطقة وتمكين اسرائيل لتكون القوة الوحيدة المهيمنة في هذه المنطقة تحت الراية الاميركية.
• هل ما زال في تخطيطهم تحويل لبنان الى عراق آخر؟
ــ هم يحاولون واعتقد انهم لن يستطيعوا ان يعملوا لبنان منصة للهجوم على ما يفترضونه انه المحور الاخر (الايراني السوري) اعتقد ان هذا الامر يتجاوز قدرات لبنان، ولبنان غير مهيأ وغير قادر عليه، والاكثرية الساحقة من اللبنانيين لا يقبلون به ويعرفون ان هذا الامر يخدم المصالح الاميركية لا مصالح اللبنانيين واللبنانيون اكثر وعيا في ان يضحوا بعلاقتهم الابدية والدائمة والمستمرة مع سوريا، فسوريا باقية ولبنان باق وبينهما روابط تاريخية وجغرافية وعائلية لا يمكن عزلها عن بعضها البعض.
• كيف تقيم دور قطر الذي تلعبه في لبنان؟
ــ قطر دولة صغيرة تحاول لعب دور كبير فالمسرح فارغ، مصر غائبة والمغرب العربي مشغول باموره الخاصة والعراق اندثر، وهي مستفيدة من هامش معين، فالسياسة الاميركية تسمح لها بهذا الدور، والاميركان يعتبرون قطر رغم كل شيء تخدم مصالحهم. وقطر دولة صغيرة لا تأثير لها في محطيها تبحث عن دور، فوجدت هذا الدور الذي كان في السابق من المحرمات ومع الاسف اصبح اليوم غير محرم، فقطر تذهب الى اسرائيل فتدفع كفارة في الجنوب وتذهب الى اسرائيل فتدفع كفارة في الشام. تتعاطى مع الاميركان فتذهب الى السوريين والايرانيين لتبين انها تحاول لعب دور لخدمة مصالحهم وتحاول تخفيف العدائية الاميركية تجاههم، وبسبب الفراغ وجدوا لنفسهم هذا الدور في ايجاد الحل في لبنان، فالصغير كبر لان الكبير غاب، وقطر دورها اليوم دور السمسار.
• ماذا عن دور دولة الكويت في لبنان؟
ــ لقد خسرنا الكويت بعد الغزو الصدامي، الذي دمر وتسبب بكارثة اجتماعية حقيقية في الكويت، واعتقد ان الكويت ما زالت بحاجة الى مزيد من الوقت لاستعادة توازنها وثقتها بنفسها، فصدمتها مما حصل اثرت على تركيبتها الاجتماعية وعلى قواها السياسية المحلية وليس بالامر الهين ان تمحى دولة فجأة عن وجه الارض وترجع لتعيد توازنها وقدرتها ودورها فهذا يحتاج، الى وقت، وايضا لديهم ازمة في الحكم وكان هناك خلافات داخلية كبرت مع الاجتياح، واختلاف الرأي فاصبح له ابعاده، واصبحت ساحاتهم مثل الساحة اللبنانية تفصيلية محلية، كما فقد لبنان اليوم دوره العربي بسبب خلافاته الداخلية، ايضا الخلافات الداخلية في الكويت خسرتها دورها العربي الذي كان كبيرا فأصبحت مشغولة بامورها الداخلية في مشاكل الاسرة ومشاكل الطبقة السياسية والمشاكل الاجتماعية ومشاكل التضخم، فكل من ينشغل باموره الداخلية كثيرا يخسر من دوره الخارجي.
• نعلم أنك كنت في الكويت فترة من الزمن، حدثنا عنها؟
ــ في بداية حياتي العملية عملت في الكويت فترة من الزمن وأصدرنا مجلة اسمها «دنيا العروبة» للمرحوم عبد العزيز المساعيد هذا الكلام عام 1963م ولم اطيل مع معهم مع انها كانت تجربة أعتز بها منذ كنت صغيراً وعملت إنجازاً مهماً جداً حيث صدور أول مجلة سياسية ملونة في الكويت، ومع الأسف اتهمني أشخاص في الداخلية بأنني شيوعي، وأنا في حياتي كلها لم أكن مرة شيوعياً، فوجدت الأفضل العودة إلى لبنان بعد مكوثي ستة أشهر في الكويت.
بداياتي
• بداياتك الصحافية، متى بدأتها وكيف كانت؟
ـــ بداياتي كانت في جريدة الشرق حيث كانت تصدر الظهر فبدأت بداية متواضعة جداً حيث كنت أغطي أخباراً للشرطة والإطفائية والإسعاف، أي الحوادث وهذا الكلام أواخر الخمسينات ولم أبق فيها إلا ستة أشهر ثم انتقلت إلى مجلة الحوادث وكانت بدايتي الفعلية في الصحافة فيها، وأواخر 1959 تركت الحوادث وذهبت إلى مجلة الأحد وذهبت إلى الكويت ثم عدت إلى لبنان وعملت لفترة طويلة في مجلة الصياد، وفي عام 1974 أسست «السفير».
• وهل كنت تمتلك رأسمال كبيرا لتصدر جريدة سياسية بعد هذه البدايات المتواضعة في العمل؟
ـــ كان لدي رأسمال يكفي لصدور عدد أول حيث ساعدني المناخ العربي القومي التقدمي حملنا لفترة واستدنت إلى أن ركزت وجودنا والحمد لله من أول عدد حققنا نجاحاً أكثر مما كنا نتوقع ونجاحنا حمانا، وحتى اليوم قادرين على الإصدار، ولكن مازلت أعمل أكثر من أى محرر ومازال يوجد التعب والجهد ويوجد قدر من الكفاءة المهنية، وأهم شيء أن «السفير» خطها واضح ومستواها المهني راقٍ وكان هدفنا توظيف كفاءتنا المهنية في خدمة خط سياسي نؤمن به.
• مَنْ هم أصدقاؤك من الكويتيين حالياً؟
ـــ كنت في الكويت عندما أنجز الدستور وعند حصول أول انتخابات وأعرف سياسيين كويتيين قبل ذهابي إلى الكويت بحكم انتماءاتهم السياسية، كنت أعرف الدكتور أحمد الخطيب والمرحوم سامي المنيس والمرحوم أحمد الربعي، ومحمد جاسم الصقر أعرفه منذ وقت قديم وأخونا وليد النصف، وأحمد الجارالله، وأعرف الكثير من زملائي في الصحافة في الكويت، ولدي صداقة مميزة مع «القبس» وفي فترة معينة تعاونا تعاوناً مهنياً وتبادلنا المحن عندما تعرضت «القبس» للمحاكمات فوقفنا بجانبهم أولاً من زاوية مهنية وعلى قاعدة سياسية، طبعاً أعرف الكثير من المسؤولين الكويتيين اليوم لكن مع الأسف أصبحت أبعد حالياً، فهم مشغولون بحالهم ونحن كذلك، والبعض منهم عندما يزور لبنان يزورني فالتواصل مازال موجوداً رغم انشغالهم وانشغالنا بأمور بلادنا ومشاكلها.
• ماذا تقرأ من صحف كويتية؟
ـــ أقرأ بعضها فآخذها عن الإنترنت للمتابعة قدر الإمكان فهذه واجباتي المهنية وباعتباري صحافيا محترفا وعريقا في هذه المهنة فأفرح عندما أرى صحيفة جديدة تحاول تقديم نفسها بطريقة مختلفة وأفضل، وأعتبر انه إنجاز عربي عام.
قصتي
• من هذه المحطات السياسية والانطلاقة المهنية، لننتقل للمحور الاجتماعي الشخصي في حياة طلال سلمان. ماذا عن نشأتك؟
ـــ ولدت في بيئة ريفية في شمسطار في البقاع وتأثرت بأبي فهو المثل الأعلى، وأمي مثل أعلى في مكان معين من الخلق والرعاية والحنان والعاطفة، وعندما كنت طفلاً كنت أتطلع لوالدي على أساس أنه الشخصية الأكمل، مع الأسف لم أترب في شمسطار حيث إن والدي أصبح دركياً وأنا في عمر الأربع سنوات وأخذ يتنقل من مخفر إلى آخر فعشنا معظم حياتنا، طفولتي وأول شبابي، في منطقة الشوف في عين زحلتا وبعقلين، وقضيت سنتين في المختارة، وهذا الانتقال من مكان لآخر جعلني أتعرف على مجموعة من البيئات اللبنانية فأعرف الشوف أكثر من منطقتي لان طفولتي وشبابي عشتهما في الشوف عشت مع الدروز والمسيحيين وهذا جعلني اعرف لبنان مبكرا، حيث جئت من بيئة معينة من شمسطار وطفت على بيئات مختلفة قبل وصولي الى بيروت وبالتالي كانت لدي صورة كاملة عن لبنان من غيري ممن هم في عمري، لاني عشتها فعرفت ان لبنان متنوع وفيه طوائف متعددة وفيه اجواء وعلاقات مختلفة، حيث هناك توجهات عربية واخرى غير عربية موجودة في البلد، جئت الى بيروت في اواسط الخمسينات وكان الجو عربيا، حيث ظهور حركة عبدالناصرالتي ايقظت المشاعر وكانت حالة شعبية رائعة في لبنان والمنطقة، والعيش ضمن هذه المناخات المختلفة اغنتني في فهمي للبنان ولعلاقته بمحيطه وانتمائه العربي وهذا الوعي الذي قاد خطواتي تجاه الصحافة، فبدأت العمل من كعب السلم من مخبر امني بوليسي ثم دخلت الى السياسة كمخبر سياسي ثم في مجلة «الحوادث» عملت في التصحيح الى بريد القراء الى التحقيقات وبعد فترة طويلة بدأت اكتب في السياسة. استفدت الكثير من المناخات التي توفرت لي ان كان في مجلة «الحوادث» او «الاحد» او «الصياد» وتجربتي في الكويت كان غنية، حيث كان عمري اربعا وعشرين سنة، اصدرت مجلة سياسية ملونة في بلد لم يكن فيه صحافة، الا جريدة «الرأي العام» وتأسيس هذه المجلة كانت تجربة مهمة كثيراً شكلت نقطة تحول في حياتي المهنية وايضا عملي في بلد لا اعرف شيئا عنه فجعلني اجتهد اكثر فيه.
• هل لدى طلال سلمان أعداء؟
ــ من جهتي، لا توجد خصومات مع احد ولا شعور بالعداء تجاه احد بل لدي احيانا شعور بالاعتراض او بالخصومات السياسية وليس الخصومات الشخصية، وهناك سياسيون كثر لا يعجبوني وسياسيون اعترض على مواقفهم واكتب علنا اعتراضاتي عليهم.
• وماذا عن الصحف اللبنانية أيوجد مع إحداها خصومات سياسية بسبب المواقف المتعارضة؟
ــ الصحف لا تحاسب هكذا، نعرف ان لدى بعض الصحف توجهات غير توجهاتي ومناقضة لها وافهم انه امر طبيعي، مثلما لي الحق في التعبير عن رأي بأسلوبي ايضا الصحف الاخرى تمتلك هذا الحق، صحيح قد نختلف او نتعارض سياسيا في مواقفنا وصدامنا يكون بالمعنى السياسي وليس الشخصي، ولدي علاقات طبيعية مع زملائي ومنهم اصدقاء لي.
• هل مزاجتيك هادئة كهدوئك في الحديث؟
ــ الى حد كبير..
• اذا غضبت كيف تتصرف؟
ــ أدخن.. أحاول عدم تفجير غضبي بالآخر فأدخن وأضر نفسي.
• ما هواياتك؟
ــ اتمنى ان تكون لدي هوايات ولكن للاسف هذه المهنة اخذت مني الكثير.
• الىاي حد اخذتك مهنة الصحافة من زوجتك واولادك؟
ــ الله يعينها، لقد تحملت زوجتي كثيرا.
• متى تزوجت؟
ــ عام 1967، وكنت سبب النكسة، تزوجت بعفاف محمود الأسعد.
• هل تزوجتها عن حب؟
ــ تزوجنا بعد مودة واستلطاف فتعرفنا على بعضنا ولم نكن كقيس وليلى. لقد تحملت كثيرا كنت طوال الوقت في عملي وهي لوحدها في البيت، وبعد محاولات الاعتداء على البيت بالصواريخ سافرت مع اولادي الى فرنسا في اواخر 1981، وفي صيف 1982 ارادت العودة الى لبنان فحصل الاجتياح الاسرائيلي.
فامتدت اقامتهم في فرنسا الى ست سنوات، كنت أسافر إليهم كل شهر الا في فترة الاجتياح، حيث كنت خارج لبنان وبقيت معهم شهرين.
• عند محاولة اغتيالك ماذا حصل لزوجتك؟
ـــ كانت صدمة عنيفة لها، واطمأنت عليّ وأني مازلت حيا رغم اصابتي بوجهي ورأسي، حيث انهم استخدموا «البمبكشن» التي بالعادة يصطادون بها الوحوش والحيوانات.
• ألم تطلب منك ترك هذه المهنة؟
ـــ لا، ابدا بالعكس، صمدت معي صموداً عظيماً كان له الاثر الكبير في استمراري، وطبعا دفعت الثمن من اعصابها وهناءة عيشها، لكنها كانت السند والحافز للنجاح واعتقد ان لها الحق في ان تكون الشريكة الكاملة معي بكل شيء.
• كم ولدا وبنتا لديك؟
ـــ لدي بنتان وولدان، هنادي كانت مديرة تحرير في «السفير» وربيعة تعمل في المركز العربي للمعلومات وأحمد حاليا مدير عام مساعد يحضّر نفسه ليصبح مدير عام المؤسسة وعلي لديه هوايات فنية من رسم ونحت وتصوير وموسيقى، الثلاثة تزوجوا وعلي في الصيف سيتزوج، ولدي خمسة أحفاد، حفيد وأربع حفيدات.
• متى تدمع عينا طلال؟
ـــ كثيرا، لدي ضعف انساني كبير، يمكن اذا رأيت ام فلسطينية مات ولدها ابكي.
• في حرب تموز 2006 ألم تبك.؟
ـــ أبدا، لانني شعرت بان الحرب حربنا، وبكيت بعد انتهاء الحرب، حيث اصبح لدي الوقت للبكاء وكان بكاء الفرح، والحقيقة ان البكاء كان لابنتي هنادي، كانت تغطي التحقيقات على محاور القصف في الجنوب، وكانت في آخر الليل بعد ان تنهي عملها ترسل ايميلات الى كل انحاء العالم فيها صور الضحايا في المجازر، لتريهم بشاعة الجريمة.
• ما أمنياتك؟
ـــ أن يعود السلام الى لبنان، وان يعود العرب الى وعيهم وحقيقتهم وان يعرفوا اعداءهم جيدا وينتبهوا إلى مستقبلهم حتى لا يضيع منهم وإذا ضاع فلن يرجعه احدا إليهم.
• هل تتابع برامج Talk Show سياسية؟
ـــ لا أتابع لان المستوى فيها هبط، وبصراحة هم يخربون علينا مهنتنا عندما تكون مستوى الحوارات السياسية بهذا الاسلوب والانحطاط، فعندما تكون القصة قصة شتائم وفضائح فلا يعود هناك عمل سياسي حقيقي وصراع في المبادئ وفي العقائد والافكار بل يصبح الصراع شخصيا، مسبات وتفاهات وتحقيراً.
• ماذا تسمع من أغان؟
ـــ أسمع كل صوت جميل، أسمع الكلاسيكيات الخالدات مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وأسمهان وعبدالحليم، وعاصي الحلاني أحب له أغنيات معينة، وسمية البعلبكي وعبدالكريم الشعار يطربانني، وأحب الدبكة كثيرا.
القبس
خبر اللقاء الحواري مـع طـلال سـلمـان في المجلس الثقـافي للبنان الجنوبي في 30 ك1
تعليقات: