تساقط الأسنان.. تداعيات صحية متعددة

تساقط الأسنان.. تقود إلى اضطرابات الذاكرة وأمراض شرايين القلب
تساقط الأسنان.. تقود إلى اضطرابات الذاكرة وأمراض شرايين القلب


يوما بعد يوم تتضح الصورة أكثر في أن هناك مشهدا للترابط والتلاحم بين سلامة الأجزاء المتفرقة للجسم. وقد يكون واضحا جدا أن هناك أمراضا مزمنة لها تداعيات ومضاعفات صحية تطال أجزاء متفرقة من الجسم، مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري وفشل كل من القلب أو الكبد أو الكلى. وبالمقابل هناك أمراض لم يكن واضحا تفاصيل صورة تداعياتها الصحية، ولكن شيئا فشيئا تتبدى للباحثين علاقتها باضطرابات مرضية في أجزاء أخرى وبعيدة في الجسم، ما يستدعي النظر إليها بعدسة ذات «زوايا واسعة».

والأمثلة متعددة، كعلاقة مرض الصدفية الذي يصيب الجلد بارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب. وكعلاقة الحساسية في الأنف لدى النساء بضعف الرغبة الجنسية. وكعلاقة نقص فيتامين «دي» بأمراض شرايين القلب وأنواع من الأمراض السرطانية.

وفي العدد الأول لهذا العام من مجلة «بيهيفيرال أند برين فنكشنز» (Behavioral and Brain Functions) المعنية بأبحاث وظائف الدماغ والسلوكيات، نشر الباحثون من اليابان نتائج دراستهم حول العلاقة الملاحظة بين تساقط الأسنان وارتفاع خطورة الإصابة بالخرف «dementia» وتدهور القدرات الذهنية للدماغ.

وشمل الباحثون من كلية نارا للطب في اليابان بالمتابعة أكثر من 4 آلاف شخص ممن تجاوزت أعمارهم 65 سنة، وبالمقارنة في ما بين الأشخاص الذين لديهم مشكلات في اللثة وتساقط في بعض أو جميع الأسنان تبعا لذلك، بالأشخاص الذين ما زالوا محتفظين بالأسنان الطبيعية بحالة سليمة، تبين للباحثين أن ثمة علاقة واضحة ومهمة بين تساقط الأسنان وبين تدني قدرات الذاكرة، وأيضا الإصابة بالمراحل المبكرة من مرض الزهايمر.

وعلقت الدكتورة نوزومي أوكاموتو، الباحثة الرئيسية في الدراسة، بقولها إن «التهابات اللثة تؤدي إلى تساقط الأسنان، ونتيجة لعمليات الالتهابات هذه تفرز مواد كيميائية تعمل على ارتفاع عمليات الالتهابات في الدماغ، ما يتسبب في موت خلايا الدماغ وظهور مشكلة اضطرابات الذاكرة». وأضافت: «وهناك مؤشرات تدل على أن فقد مستقبلات الإحساس (sensory receptors) في المناطق المحيطة بالأسنان له علاقة بموت خلايا الدماغ العصبية. وبالتالي تزداد المشكلة تعقيدا، لأن فقد الاتصال بين تلك المناطق والدماغ يتسبب في مزيد من تساقط الأسنان، ومن ثم في مزيد من تدني القدرات الذهنية».

وتأتي هذه الدراسة بعد دراسة سابقة تم نشرها في عام 2007 بمجلة الرابطة الأميركية لطب الأسنان «J Am Dent Assoc»، بعنوان «تساقط الأسنان والخرف في دراسة الراهبات». وفي هذه الدراسة تابع الباحثون، من جامعة كنتاكي بالولايات المتحدة، العلاقة بين الأمرين لمدة عشر سنوات لدى مجموعة بلغت نحو 150 راهبة ممن تجاوز عمرهن 75 سنة. وتبين لهم أن الراهبات اللواتي بقي لديهن عدد قليل من الأسنان هن أكثر عرضة للإصابة بالخرف، وتحديدا من بقي لديهن ما بين سن إلى 9 أسنان.

وتشير نشرات كلية طب الأسنان بجامعة كولومبيا في نيويورك إلى أن نحو 50% من البالغين في الولايات المتحدة مصابون بالتهاب اللثة «gingivitis»، وأن نحو 35% مصابون بحالة متقدمة من تلك الالتهابات تُدعى «التهاب ما حول السن» (periodontitis). وأضافوا أن الباحثين الطبيين يلاحظون أن أمراض التهابات اللثة وتداعياتها ترفع من خطورة الإصابة بأنواع أخرى من الأمراض في الجسم، مثل أمراض شرايين القلب والسكتة الدماغية وأمراض الكلى والولادة المبكرة للحوامل.

وكانت مجلة «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» قد نشرت في 13 سبتمبر (أيلول) 2007 مراجعة لنتائج دراسة الباحثين من جامعة ليدز البريطانية للعلاقة بين تساقط الأسنان والإصابة بأمراض شرايين القلب. وتابع الباحثون فيها نحو 13 ألف شخص من الجنسين لمدة نحو 60 سنة. وتبين للباحثين أن الأشخاص الذين سقط عنهم 9 أسنان أو أكثر هم عرضة لارتفاع خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب بنسبة 35%. وذلك بالمقارنة مع من سقط عنهم 4 أسنان أو أقل. وعلق الباحثون على الملاحظة بأن حصول عمليات التهابات مزمنة في أي أجزاء الجسم، واللثة أحدها، يرفع من معدل وجود المركبات الكيميائية التي تنتج عن تلك الالتهابات، ما يرفع من احتمالات حصول أمراض الشرايين القلبية.

وفي عدد ديسمبر (كانون الأول) عام 2005 نشرت المجلة الأميركية للطب الوقائي دراسة الباحثين من «المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية» (CDC) حول علاقة تساقط الأسنان بأمراض القلب. وشملت الدراسة أكثر من 40 ألف شخص من البالغين الذين تراوحت أعمارهم ما بين 40 و50 سنة. وتبين للباحثين أن سقوط أقل من 5 أسنان يرفع من خطورة الإصابة بأمراض القلب بنسبة 7%، وسقوط ما بين 6 إلى 31 سنا يرفع النسبة إلى 10%، وسقوط جميع الأسنان يرفعها إلى 12%. ومن هاتين الدراستين يتبين وجود علاقة لا يمكن إهمالها بين تساقط الأسنان وخطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب.

تعليقات: