إبل السقي.. التنمية تتعثر لغياب البلدية والمشاريع

بلدة ابل السقي النموذجية
بلدة ابل السقي النموذجية


أنعشتها القوات الدولية ووجود المطاعم والمحال التجارية

"بلدة ابل السقي النموذجية".. هذه البلدة لم تستطع انتخاب مجلس بلدي لها في الإنتخابات البلدية الأخيرة، وهي التي نالت صفة "النموذجية" لما تمتعت به على مدى سنوات طويلة من حركة اقتصادية وتجارية انطلقت منذ دخول قوات الطوارئ الدولية الى لبنان في العام 1978 وكان مقرها الرئيسي في ابل السقي ما ادى الى انتعاشها وتحولها من قرية تعيش على الزراعة والوظائف وهجرة ابنائها الذين يصل عددهم الى 3000 نسمة تقريبا، الى قرية نموذجية فيها المقاهي والمطاعم والمحال التجارية وتولي وظائف لدى قوات الطوارئ في الترجمة والأعمال التقنية.

اما اليوم، فهي تعيش ازمات انمائية وتنموية اقلها عدم وجود مجلس بلدي، ومطالب فعالياتها وابنائها بتحسين ظروفها وفي مقدمها اقامة شبكة للصرف الصحي ومحطة لتكريرها حيث ان البلدة ما زالت تتخلص منها بواسطة التجميع في جور صحية مع وجود اكثر من اربعين منزلا يتخلص من الصرف الصحي برميها في الحقول والأودية المحيطة بالمنازل ما يشكل تلوثا بيئيا وروائح كريهة، وأيضا اقامة معمل لفرز النفايات التي ما زالت ترمى عند اطراف البلدة وعلى مرمى حجر من نهر الحاصباني الذي يحد البلدة من الجهة الشرقية في منظر متناقض بين جمال الطبيعة وتلويث لها وللبيئة، كذلك ايلاء الإهتمام اللازم بـ"حمى ابل السقي" الذي يعتبر الممر الخامس للطيور عالميا.

ويعرب قائمقام مرجعيون وسام الحايك، بصفته القائم بأعمال البلدة، عن تمنيه في ان "يصار الى إنتخاب مجلس بلدي بأقرب فرصة ممكنة يرعى شؤونها وشجونها وحاجاتها ومتطلباتها الإنمائية والتنموية"، مشيرا الى أنه "لا يعمل في البلدية سوى شرطي بلدي واحد وأمين صندوق". ورغم ما يقوم به حايك من نشاطات إنمائية في البلدة ضمن الإمكانات المتوافرة ماديا وبشريا، إلا أنه يعتبر أن اختيار تلك المشاريع عملية شاقة، وأبناء البلدة وفعالياتها الذي هو على تواصل دائم معهم، هم أدرى بالأولويات.

وذكر الحايك ان "التخلص من الصرف الصحي يتم بطرق بدائية وهي"الجور الصحية"، والبلدية تساهم في تنظيف تلك الجور بين الحين والآخر. والحل الجذري يكمن في إقامة شبكة للصرف الصحي. وهناك أولوية ثانية تتمثل في شق طرق داخلية في محمية البلدة الحرجية، وإمدادها بشبكة من أنابيب المياه لمكافحة الحرائق التي قد تصيب المحمية، إلا أنه بالرغم من وجود مخططات لتلك المشاريع فالمشكلة تبقى في التمويل".

كما يأمل الحايك "بتوسيع معمل الخيام لفرز النفايات ليشمل إبل السقي، التي ما زالت تتخلص من نفاياتها بطريقة بدائية عبر تجميعها في قطعة أرض إستأجرتها البلدية من أحد أبناء البلدة، أو استعجال مشروع الإتحاد الأوروبي لإقامة معمل فرز النفايات ومعالجتها في بلدة كفركلا لعدد من قرى قضاء مرجعيون".

ويتحدث مختار البلدة سليمان الجدع ان "البلدة سميت بإبل السقي لأن الرحالة وقوافل التجار كانوا منذ مئات السنين يمرون عبر هذه المنطقة ويقفون في هذه البلدة لسقي الإبل والبهائم ليكملوا بعدها المسير من الشمال الى الجنوب او العكس، كما وفيها الكثير من الآثار التي ما زالت تبين ذلك من خلال المعاصر والأجران الصخرية الأثرية القديمة".

ويشير الجدع الى ان "البلدة اتخذت طابعا يميزها عن غيرها من قرى المنطقة منذ قدوم قوات اليونيفيل في العام 1978 واتخذوا من البلدة مقرا رئيسيا لهم ما ادى الى انتعاشها وازدهارها بشكل لافت، رغم الإحتلال الإسرائيلي للمنطقة. واليوم، هناك اكثر من ستين موظفا من ابناء البلدة يعملون لدى قوات اليونيفيل بين مترجم وتقني ناهيك عن المحال التجارية والمطاعم في البلدة ما يوفر العديد من فرص العمل للمقيمين من ابناء البلدة في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة يعيشها اللبنانيين".

ويلفت الى ان "من غير المعقول ونحن في القرن 21 ان تبقى بلدة من غير مجلس بلدي مهما كانت المبررات، لذلك نأمل من الحكومة العتيدة مهما كان نوعها ان تسارع الى اجراء انتخابات بلدية لكل البلدات المشابهة لبلدتنا والتي تعذر حصول انتخابات فيها".

واعتبر الجدع ان "من الأولويات المهمة للبلدة اقامة مركز صحي حكومي، اذ ليس هناك اي مرفق صحي يقدم العلاج لأبناء البلدة وتحديدا في فصل الشتاء القارس في البلدة، مع العلم ان هناك مرسوما وزاريا صدر منذ سنوات وقضى بانشاء مستوصف حكومي للبلدة". كما طالب الجدع بتفعيل القطاع الزراعي ودعمه في البلدة خاصة الزيتون الذي يشكل 50 بالمئة من الأراضي الزراعية.

اما مختار البلدة الثاني سليمان غبار، فقد اعتبر "ان اكبر مشكلة تواجهها البلدة هي الصرف الصحي الذي يتم التخلص منه من خلال اقامة جور صحية امام المنازل، وباتت تتسرب كميات كبيرة من مياهه الآسنة الى جوف الأرض وبدأنا معها نشعر بتلوث المياه الجوفية التي تغذي البلدة واهلها بمياه الشفة عبر بئر ارتوازية"، لافتا الى ان "هناك وعودا منذ اكثر من عامين ومن جهات رسمية بإقامة شبكة للصرف الصحي بين قرى وبلدات ابل السقي ومرجعيون ودبين والخيام وبلاط والقليعة وسردة التي من المفترض ان تكون فيها محطة تكرير. وحتى اليوم بقيت تلك الوعود حبرا على ورق، مع الإشارة الى ان هناك أكثر من جهة محلية ودولية ترفض الدخول في مشروع شبكة صرف صحي خاص بالبلدة لأن وضع البلدة بات مرتبطا بالبلدات الأخرى".

رئيس البلدية السابق فؤاد سعادة اسف "لعدم قيام مجلس بلدي وعدم توافر موارد مالية في البلدية تمكن من القيام بمشاريع حيوية خاصة اقامة شبكة الصرف الصحي والتخلص من الجور الصحية وما تسببه من تلوث بيئي وصحي للناس والمياه الجوفية، مؤكدا ان هناك دراسة قام بها مجلس الإنماء والإعمار بهذا الخصوص منذ اكثر من سنتين بلغت كلفته حوالي مليونين ونصف مليون دولار لبلدة ابل السقي فيما الكلفة الإجمالية للمشروع الذي يضم البلدات السبع السالفة الذكر هو 16 مليون دولار اميركي، الا ان المشكلة كانت آنذاك هي ايجاد الجهة المانحة التي ستمول هذا المشروع البيئي والحيوي للبلدة والمنطقة".

وحتى تحل تلك المشاكل تبقى ابل السقي البلدة النموذجية بانتظار الحلول اللازمة والتي عانت منها على مدى العقود الماضية وما زاد الطين بلة انها باتت من غير مجلس بلدي.

منزل الأديب الشعبي سلام الراسي
منزل الأديب الشعبي سلام الراسي


بلدية  ابل السقي
بلدية ابل السقي


تعليقات: