«الجامعة اللبنانية» بلا رأس: تصريف أعمال بالجملة

يسأل الأساتذة عن تطبيق القانون في الرئاسة دون العمادة والإدارة
يسأل الأساتذة عن تطبيق القانون في الرئاسة دون العمادة والإدارة


بداية الأسبوع المقبل، تنتهي ولاية رئيس الجامعة اللبنانية زهير شكر وسط جدال قانوني بشأن شرعية بقائه في المنصب أو عدمها. الأنظار تتّجه إلى وزير التربية، وزير الوصاية على الجامعة، بطلب رأي هيئة القضايا والاستشارات

مدير وليس مديراً، عميد وليس عميداً... رئيس وليس رئيساً. هكذا، يصل الاهتراء في الجامعة اللبنانية إلى ذروة لحظاته الدرامية، مع انتهاء ولاية رئيسها د. زهير شكر. مَن الرئيس الآتي؟ لا جواب قانونياً ولا من يتحرك لإخراج المؤسسة الوطنية من النفق المظلم الذي وضِعت فيه. لا موقف حتى الساعة من ابن الجامعة وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال حسن منيمنة، وهو الذي يؤلف حالياً مع الرئيس مجلس الجامعة، الهيئة التي تدير الجامعة أكاديمياً ومالياً.

لا بل إنّ الوزير الذي يتحجج، كلما سُئل عن إمكان وضع قانون جديد وعصري للجامعة، بتعقيدات المؤسسة، لا يزال يقف متفرجاً على السجالات الإعلامية بشأن الرئاسة وتحديداً بين أنصار الرئيس الحالي للجامعة الذين يصدرون بيانات تارةً باسم «عمداء وحدات الجامعة» وطوراً باسم «التجمع الديموقراطي لأساتذة الجامعة اللبنانية» من جهة وبين الأساتذة المستقلّين الديموقراطيين من جهة ثانية. ويترافق الجدل القانوني مع الحالة الملتبسة في إدارة شؤون البلد واستمرار المشاورات لتأليف الحكومة، ومع سياسة ممنهجة دأبت طوال السنوات الماضية على تدمير الجامعة بتعطيل عصبها الأساسي، أي القانون.

الرئاسة إذاً جزء من المشكلة وليست كل مشكلة جامعة الـ70 ألف طالب التي تنتظر أن يكون ملفها على رأس أولويات الحكومة العتيدة. وفي الانتظار، هل يطلب وزير الوصاية رأياً من هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل لحسم الجدل ومنع شغور مركز الرئيس؟

إلى ذلك، يستند أنصار الرئيس في بياناتهم إلى المادة 14 من القانون 66 لتنظيم المجالس الأكاديمية التي تنصّ بصراحة لا تقبل التفسير والتأويل، كما يقولون، وبهدف تأمين استقرار سير المرافق الأكاديمية المختلفة من مسؤولين ومجالس أكاديمية، على ما يأتي: «عند انتهاء ولاية أيّ من أعضاء المجالس الأكاديمية المنصوص عليها في هذا القانون يستمرون في ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين أو انتخاب بدلاء عنهم». وأشاروا إلى أنّ ما نصّت عليه الفقرة 5 من المادة 2 في «حال غياب الرئيس ينوب أكبر العمداء سنّاً» لا تطبّق في حالة الشغور التي لها وضع قانوني آخر غير الغياب بداعي السفر أو المرض. من جهتهم، يرفض الأساتذة المستقلّون الديموقراطيون تسويغ استمرار شكر في منصبه، فالفقرة 3 من المادة 2 من القانون 66 تنص على أن «تحدد ولاية الرئيس بـ5 سنوات، غير قابلة للتجديد إلّا بعد انقضاء ولاية كاملة»، وجاء في الفقرة 5 من المادة نفسها: «في حال غياب الرئيس ينوب عنه أكبر العمداء سناً». وإنّ قراءة قانونية متعمّقة للقانون تؤكد، بحسب الأساتذة، أنّه تناول 3 مجالس: «مجلس القسم ومجلس الفرع ومجلس الوحدة»، ولم يتناول بأي حال مجلس الجامعة. والنص الذي يتحدث عنه الأنصار في المادة 14 لم يتطرق، كما يقول الأساتذة، إلى مجلس الجامعة بل اقتصر فقط على مجالس الأقسام والفروع والوحدات، علماً أنّ المادة 9 من القانون67/75 تنص، بحسب الأساتذة، على أن «يتولّى إدارة الجامعة رئيس ومجلس». وكذلك المادة 11 من القانون عينه: «رئيس الجامعة من موظفي الفئة الأولى». ومن المعروف، كما يقولون، «أن أي موظف من الفئة الأولى لا يحق له أن يبقى يوماً واحداً بعد انتهاء مدة مسؤوليته، إلا إذا اتخذ مجلس الوزراء قراراً بهذا التمديد»، وهذه ليست حالة شكر.

وبصرف النظر عن الجدل الحاصل، يبدو رئيس مجلس المندوبين في رابطة الأساتذة المتفرغين وسيم حجازي مقتنعاً بأنّ الجامعة تسيَّر بالمزاجية لا بالقانون. فالقضية لم تعد، برأيه، «ما إذا كان يحق لرئيس الجامعة الحالي البقاء أم لا، بل إذا كان القانون 66 يطبق أم لا؟». يسأل الرجل: «لماذا يستسهل رئيس الجامعة ووزير الوصاية، التعاطي بعيداً عن تكوين مجلس جامعة يدير شؤونها، لماذا لم يعيّن العمداء والمديرون طوال هذه المدة؟».

الصمت المطبق على تعطيل القانون يستوقف أيضاً النقابي المستقل شفيق شعيب. يقول: «لماذا لا يتدخّل الوزير لبتّ الموضوع قانونياً؟ ماذا عن رابطة الأساتذة التي تتصرف بمنطق المجلس الملي الحريص على أولياء النعمة؟». ويردف: «إذا كان تفسير القانون يعطي الحق للرئيس الحالي بالبقاء فليكن، وإلّا فنحن لا نأمن لقراءات رئيس أبلى بلاءً مأسوياً في علاقته مع الجامعة».

هذا ليس رأي رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة د. شربل كفوري، فليس آخر الدنيا، برأيه، أن يستمر الرئيس شكر في تسيير الأعمال، على خلفية أن الحلول الجزئية أفضل من الفراغ. كفوري يضع الحكومة الجديدة أمام مسؤولياتها لإيجاد حل جذري يقضي بتعيين عمداء أصيلين.

أما القانون فلا يفسّره، برأي المنسّق العام للتربية والتعليم في تيار المستقبل د. نزيه خياط، إلاّ مرجع قانوني يقطع الطريق على اجتهادات هذا أو ذاك. يدعو خياط وزير التربية إلى «الطلب من هيئة القضايا والاستشارات الإدلاء بدلوها، ويمكننا الانتظار قليلاً للحصول على حل قانوني لا وجهات نظر».

مع ذلك، يبدو أن بعض أهل الجامعة حسموا التفسير القانوني، إذ يرى مسؤول هيئة التعليم العالي في حزب الله د. عبد الله زيعور أنّ «القانون 66 واضح ولا سيما بمادتيه 10 و14 اللتين ألغتا بعض أحكام القانون 67/ 75 ولا عودة إلى الوراء، أي إنّ الرئيس سيستمر في ممارسة كل صلاحياته بانتظار تعيين رئيس آخر». وبينما يلفت زيعور إلى أنّ التمديد لولاية الرئيس يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء، يترقّب أن يفتح المجلس العتيد ملف الجامعة برمّته.

«ممنوع الفراغ، وتحصيل حاصل أن يمارس شكر صلاحياته كاملة ضماناً لاستمرارية المرفق العام»، يقول مسؤول المكتب التربوي المركزي في حركة أمل حسن زين الدين.

ما يهم أنطونيو خوري (حزب الكتائب) هو ألّا يأتي 21 الجاري ويشغر المرفق العام فتتوقف مصالح الأساتذة والطلاب، مؤكداً «أهمية تطبيق القانون 66 رغم ملاحظاتنا عليه»، إذ يفضّل خوري أن يبقى الشخص نفسه في تسيير أمور الجامعة.

وفيما يبدو بسام الهاشم (التيار الوطني الحر) مسلِّماً بأنّ القانون في ظل الظروف الحالية يسمح للرئيس الحالي بالاستمرار في مهماته، يشدّد على أننا «كنا نتمنى أن تصادف نهاية ولاية شكر تعيين بديل عنه، وهذا موضوع نضالي بالنسبة إلينا». يقول: «لو كانت هناك نية بتسمية الرئيس لكان سمّي قبل شهرين من انتهاء ولايته كما ينص القانون، أي قبل استقالة الحكومة». ويتطلّع الهاشم إلى حكومة تحتكم إلى قواعد الدستور والمعايير الأكاديمية في التعيينات في الجامعة «وإلّا فسنكون أول المعارضين لها».

أما وليد ملاعب (الحزب التقدمي الاشتراكي) فيأبى الدخول في جدل عقيم فيما تعشش الطائفية والمذهبية في المرافق العامة، والكلام برأيه يجب أن يكون عن إصلاح الجامعة، وخصوصاً أنّ الهيئة التنفيذية ألّفت لجنة مهمّتها إعداد رؤية ومشروع قانون عصري لها.

رابطة الأساتذة: قلق من الفراغ

عبّرت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية عن قلقها الشديد لحصول فراغ في سدّة رئاسة الجامعة، وانعكاس ذلك سلباً على مجمل أوضاع الجامعة ولا سيما أن جميع العمادات في الجامعة تدار بالتكليف، فضلاً عن تحوّل وزير الوصاية (التربية) إلى وزير تصريف أعمال. ودعت الهيئة في اجتماعها الأسبوعي إلى استمرارية المرفق العام عبر اعتماد روحية المادة 14 من القانون 66، التي تنصّ على استمرار أعضاء المجالس في ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين أو انتخاب بدلاء عنهم. من جهة ثانية، أعلنت الهيئة أنّها أعدّت سلسلة رواتب جديدة ووضعت أسبابها الموجبة وستحيلها إلى وزير الوصاية ليرفعها بدوره إلى مجلس الوزراء، آملة، بإقرارها، تأكيد خصوصية الأستاذ الجامعي وتحصينه بوجه الإغراءات التي يتعرض لها من الجامعات الخاصة. وقررت إرسال كتاب إلى وزارة المال يتعلق بتعديل احتساب ساعات التعاقد للأساتذة عند ضمّ الخدمات للتنفيذ وفقاً للقرار 404/98 الصادر عن رئاسة الجامعة.

تعليقات: