قشرة فروة الرأس.. أسباب وحلول

 مشكلة «قشرة فروة الرأس» Dandruff
مشكلة «قشرة فروة الرأس» Dandruff


تؤدي إلى معاناة نفسية وبدنية

الرياض:

بعض المشكلات الصحية ربما لا تكون ضارة بشكل مؤثر على أعضاء الجسم ولا تكون كذلك مهددة لسلامة الحياة، إلا أنها قد تكون شائعة ويعاني منها الكثيرون نفسيا وبدنيا. وفي هذه النوعية من المشكلات الصحية يكون من المفيد جدا بذل الجهد في القراءة والاطلاع عنها لفهم كيفية حصولها وكيفية التخفيف منها. وهذا ما ينطبق على مشكلة «قشرة فروة الرأس» Dandruff.

* إن «قشرة فروة الرأس» إحدى المشكلات الصحية الشائعة والمزمنة في رؤوس الكثيرين، وتتميز بالحكة وبظهور رقائق من قشور طبقة الجلد لفروة الرأس. وعلى الرغم من أنها حالة صحية غير معدية، ومن النادر أن يعني وجودها أهمية صحية مؤثرة، فإنها تتسبب بالإحراج والخجل للمصاب جراء منظر القشور المتناثرة في ثنايا شعر رأسه أو المتساقطة على ملابسه الداكنة.

وصحيح أن ثمة حالات شديدة من «القشرة»، التي يصعب معالجتها وإزالة آثارها، إلا أن غالبية حالات «القشرة» هي من النوع الخفيف أو المتوسط، التي يمكن السيطرة عليها.

وما يحتاج إلى إدراك منّا في شأن «القشرة»، أنها لا تحصل صدفة أو دونما أسباب، ولذا فمن المفيد مراجعة ما يذكر في الأوساط الطبية والمراجع العلمية حول العوامل المؤدية إلى إثارة حصولها أو تفاقمها، وآليات عمل وسائل معالجتها وعوامل نجاحها في تخفيف حدة هذه المشكلة.

* أعراض ومعاناة

* بداية، من السهل على أي واحد منا تمييز وتشخيص وجود «القشرة» لدى أحد المراهقين أو الشباب، من الجنسين. وذلك من ملاحظة وجود رقائق قشرية صغيرة بيضاء اللون ودهنية المظهر، توجد بين ثنايا الشعر. وبالأصل، فإن القشرة هي تسلخات قشرية للطبقة الخارجية الميتة من طبقة الجلد الخارجية.

ومعلوم أن الجلد غلاف من الأنسجة الحية التي تحيط بالجسم، ويفصل بين أعضائه الداخلية وبين محيط البيئة التي حول الإنسان. وبالتالي يتعرض الجلد لمختلف أنواع العوامل البيئية الخارجية التي قد يوجد الإنسان فيها، ويتفاعل معها. وغالبية أنواع العوامل البيئية تلك، ذات تأثيرات متلفة للطبقات الخارجية من الجلد. ولذا يعمل الجلد باستمرار على تكوين طبقة خارجية جديدة، ذات نضارة وحيوية، كي تحل محل الطبقة التي تلفت وأزيلت. ولأن الجلد مكون من طبقات عميقة وأخرى متوسطة وثالثة سطحية خارجية، فإن نمو خلايا الجلد يبدأ من الطبقة السفلية. ويتم دفع هذه الطبقة من الخلايا الجديدة، إلى أعلى كي تزيح وتزيل الطبقات الخارجية التالفة والميتة. وعملية التجديد هذه سريعة نسبيا في «عضو» الجلد، مقارنة بأجزاء الأعضاء الأخرى في الجسم. وتتم باستمرار في كل الوقت، مما يعني أن الجسم يزيل عنه في كل يوم جزءا من الطبقة الخارجية الرقيقة، ويضع بدلا عنها طبقة حية جديدة.

وفي مناطق الجسم المختلفة، كاليدين والرجلين والظهر والبطن والصدر، تتساقط تلك القشور خلال الاستحمام أو تعلق بالملابس أو أغطية سرير النوم. وفي منطقة شعر الرأس، تخرج قشور تلك الطبقات الخارجية لتعلق لفترة وجيزة في ما بين شعر فروة الرأس، ثم تتساقط عنها إلى الخارج.

والسؤال: إذا كان جلد فروة شعر الرأس لدى كل الناس ينتج باستمرار القشور التي تحتوي على طبقات الخلايا الجلدية الميتة، لماذا يعاني البعض من مظاهر وجود القشور تلك بشكل واضح، بينما آخرون لا يعانون منها؟

* وتيرة سريعة

* ولكي نفهم السبب علينا معرفة تركيب القشور المتساقطة لدى من يعانون من مشكلة «القشرة»، واختلافها عن القشور لدى عامة الناس. وللتوضيح، تتكون «القشرة» من تراكمات للخلايا القرنية الميتة لطبقة الجلد الخارجية، التي تتشكل بالتراكم على هيئة طبقة قشرية بفعل الدهون. ولدى غالبية الناس في الحالات الطبيعية، تكون قشور الخلايا الميتة والمواد المحيطة بها، على هيئة قطع صغيرة جدا، لا ترى بالعين المجردة. وفي حالات مشكلة «القشرة»، تكون الوتيرة «سريعة» لإنتاج طبقات تحتية جديدة من خلايا الجلد، وبالتالي تصبح وتيرة إزالة الطبقات الخارجية الميتة، أيضا وتيرة «سريعة». وبالمقارنة الزمنية، تشير المصادر الطبية إلى أن لدى الناس العاديين تتم إزالة الطبقة الجلدية الخارجية مرة كل نحو شهر، ولدى من عندهم وتيرة «سريعة»، يتم تغيير نفس الطبقة الجلدية الخارجية الميتة مرة كل ما بين يومين إلى 7 أيام.

وعليه يحصل التالي لدى هؤلاء:

* زيادة في كمية قشور طبقات الخلايا الجلدية الميتة التي تتخلل شعر فروة الرأس لديهم.

* يكون حجم القشور تلك كبيرا لدرجة يمكن للعين المجردة أن تراها واضحة بلونها الأبيض.

* لا تتوفر لديهم فرصة زمنية كافية لتجفيف القشور من كميات الدهون الطبيعية الموجودة في الطبقة الخارجية للجلد، وبالتالي تتراكم تلك القشور على بعضها بفعل وجود المواد الدهنية فيها بكميات وافرة.

أي بعبارة أخرى، تنشأ بشكل ظاهر مشكلة «القشرة» لدى هؤلاء الناس.

وبالمراجعة، هناك 3 عناصر في آلية نشوء مشكلة «القشرة»، وهي:

- وجود بشرة جلدية دهنية، تفرز الغدد الدهنية فيها كميات عالية وغير معتادة من إفرازات «مادة سيبوم الدهنية» sebaceous secretions.

- وجود مواد تنتجها بشكل جانبي عارض by - product، بعض أنواع الميكروبات التي قد تعيش على طبقة الجلد بصفة شبه طبيعية وغير ضارة، مثل فطريات «مالاسيزيا» Malassezia yeasts.

- وجود استعداد شخصي لجسم المرء بأن يكون الجلد في فروة رأسه تلك، القشور بحجم وكمية واضحة وغير طبيعية.

* فطريات «مالاسيزيا»

* «مالاسيزيا» فصيلة من الفطريات الموجودة بشكل طبيعي على سطح الجلد لدى الكثير من الحيوانات وكذلك لدى البشر. ومن الصعوبة بمكان دراسة هذا النوع من الفطريات نظرا للصعوبات التقنية في زراعتها وتنمية تكاثرها في المختبرات، ولذا تأخر التصنيف العلمي لأنواعها وفهمها.

وتم لأول مرة اكتشاف هذه الفطريات في أواخر القرن التاسع عشر، وتم الربط بينها وبين «القشرة» في أوائل القرن العشرين. وهناك الكثير من أنواع الفطريات في هذه الفصيلة، بعضها يعيش فقط على جلد الإنسان ويحتاج للدهون في تغذيته. والبعض الآخر لا يحتاج للدهون في تغذيته ويوجد على جلد معظم الحيوانات.

ويؤكد الباحثون من «مايو كلينك» أن هذه الفطريات تعيش على جلد رؤوس غالبية الناس دونما أن تتسبب لهم بأي مشكلات. إلا أن نموها وتكاثرها في بعض الأحيان قد يخرج عن السيطرة، مما يتسبب بحصول تغيرات في نمو وتكاثر خلايا الجلد. وهنا مربط الفرس في آلية حصول غالبية حالات «القشرة»، وهو ما سيأتي تفصيله لاحقا. ويضيفون أنه لا يعرف علميا بشكل دقيق السبب وراء حصول هذا الانفلات في نمو وتكاثر الفطريات المسالمة هذه والموجودة في فروة غالبية الناس، ولماذا لا يحصل هذا لدى البعض دون غيرهم. ولكنهم يذكرون أن عدة عوامل قد يكون لها دور في الأمر، مثل وجود البشرة الدهنية الغنية، والتغيرات الهرمونية التي تحصل في مرحلة المراهقة أو الحمل، والتعرض للضغوط النفسية وتوترات إيقاع الحياة اليومية وأحداثها، والإصابة بأي نوع من الوعكات الطارئة، أو الاضطرابات العصبية كمرض باركنسون Parkinson’s disease، وتدني مستوى مناعة الجسم تحت تأثير عوامل شتى، والحساسية الخاصة لدى البعض ضد تلك النوعية من الفطريات الشائعة.

وتشير الدراسات الطبية التي تناولت هذه النوعية من الفطريات بالبحث إلى أنها ذات علاقة بـ«القشرة» و«إكزيما الجلد الدهنية» Seborrhoeic dermatitis وبالكثير من الأمراض الجلدية. وآلية ذلك أنها فطريات تتطلب الدهون كي تنمو وتتكاثر، ولذا توجد بالقرب من الغدد الدهنية sebaceous glands على جلد فروة الرأس والوجه والكتفين والظهر، أي الأجزاء العلوية من الجسم. وتمتلك هذه الفطريات منظومة من الأنزيمات التي تفتت الدهون الثلاثية، كي تحصل على غذائها. ومن المواد الناتجة عن هذه التفاعلات، أحماض أوليك oleic acid.

ويتسبب وجود كميات عالية من أحماض أوليك على سطح طبقة الجلد بتهييج تفاعلات الالتهابات فيها، مما يؤدي إلى حالة شاذة من زيادة وتيرة الانقسامات لخلايا الجلد. وبالتالي تتكون بسرعة خلايا جلدية جديدة، وتعمل على إزاحة الطبقات الجلدية الخارجية بوتيرة أسرع من المعتاد، ومن ثم تنشأ حالة «القشرة».

ولذا تعمل بشكل مباشر بعض أنواع علاجات «القشرة»، على تعطيل بعض الفقرات المهمة من منظومة أنزيمات الفطريات التي تفتت الدهون الثلاثية، إضافة إلى أن البعض الآخر من العلاجات يعمل بشكل محدد على خفض وتيرة تكاثر هذه الفطريات أو القضاء عليها، كما سيأتي.

أسباب متعددة ويشير الباحثون من «مايو كلينك» إلى أن نشوء حالة «القشرة» مرتبط، بشكل أو بآخر، بـ7 أسباب. وإضافة إلى الفطريات المتقدمة الذكر، هناك 6 أسباب أخرى. وهي:

1 - جفاف الجلد. وجفاف الجلد من الممكن أن يحصل خلال الشتاء نتيجة برودة الأجواء الخارجية والعمل على التدفئة داخل المنازل بدرجة لا داعي لها. وهذا الجفاف الجلدي هو السبب الغالب للشعور بحكة جلد فروة الرأس وظهور «القشرة». وقشور جفاف الجلد تكون عادة ذات حجم أصغر وأقل تشبعا بالدهون، مقارنة بالأسباب الأخرى لـ«القشرة» كما سيأتي. ويعاني المصاب بالأعراض الأخرى لجفاف الجلد في مناطق أخرى من الجسم، غير فروة الرأس، كالساقين واليدين.

2 - تهيج الجلد الدهني، أو ما يسمى «إكزيما الجلد الدهنية». وهو أيضا أحد الأسباب الرئيسية لـ«القشرة». وتتميز باحمرار وتشحم بشرة الجلد، التي تعلوها رقائق من قشور بيضاء أو صفراء. وحالة «إكزيما الجلد الدهنية» لا تتأثر منها فروة الرأس فقط، بل حتى المناطق الجلدية الأخرى الغنية بالغدد الدهنية، مثل الحواجب وجانبي أرنبة الأنف وما خلف الأذنين ومنطقة الأعضاء التناسلية وحتى الإبطين.

3 - عدم تنظيف الشعر بالشامبو كما يجب وبشكل كاف. وحينما لا يتم تنظيف جلد فروة الرأس بما يكفي، تتراكم الدهون وخلايا الجلد الميتة، مما يتسبب في «القشرة».

4 - مرض صدفية الجلد Psoriasis. وفي هذا المرض يحصل خلل في انقسام وتكاثر الخلايا الجلدية في الطبقة العميقة من الجلد. وهو ما يتسبب بدفع كميات كبيرة من خلايا الجلد إلى أعلى، وبالتالي سرعة إزالة الطبقات الخارجية للجلد على هيئة رقائق من قشور الجلد الميت ذات لون فضي أشبه بالأصداف البحرية. وهي ما تظهر في فروة الرأس وعلى جلد الركبتين والمرفقين والظهر. وأحيانا قد يصعب التفريق في تشخيص الصدفية و«إكزيما الجلد الدهنية».

5- الإكزيما eczema. وهي حالة من التهيج الجلدي، الذي قد يثيره أحد أنواع المهيجات. وإذا كانت لدى الشخص حالة الإكزيما في جلد فروة الرأس، ربما رافقها حصول «القشرة».

6 - حساسية جلد فروة الرأس من مستحضرات العناية بالشعر لتنظيفه أو تصفيفه أو تعطيره أو صبغه أو غير ذلك. أي أنها نوع من «حساسية التهاب التلاقي الجلدي» contact dermatitis. وهناك عدة عناصر من المركبات الكيميائية، ضمن تراكيب هذه المستحضرات، التي قد تحفز إثارة تفاعلات الحساسية الموضعية نتيجة تلاقي وتلامس الجلد معها. ومن أشهر أمثلتها مادة «بارافينايل دايامين» paraphenylene diamine (PPD) في غالبية المستحضرات الصناعية وغير الطبيعية لصبغ الشعر. التي تتسبب باحمرار وحكة بفروة الرأس، مع ظهور «القشرة» في الشعر. وهناك كثير من أنواع الشامبو وغيره لدى البعض حساسية من بعض العطور أو المواد الكيميائية الموجودة فيها.

* عوامل متنوعة ترفع من احتمالات الإصابة بالقشرة

* كل إنسان عرضة للإصابة بمشكلة «القشرة»، إلا أن ثمة عناصر قد تجعل شخصا ما أكثر عرضة للإصابة بها، أو عرضة للمعاناة منها بشكل أكبر، ومن أهمها:

* العمر، فغالبا ما يبدأ ظهور مشكلة «القشرة» في مرحلة المراهقة أو بدايات فترة الشباب، وتستمر في الغالب خلال فترة أواسط العمر. ومع هذا، قد تبدأ المشكلة في مراحل متقدمة من العمر، وقد يعاني منها كبار السن، وقد تستمر طوال العمر.

* الذكورة، يلاحظ أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بـ«القشرة» من الإناث، ومن المحتمل أن يكون الأمر ذا علاقة بالهرمونات أو ذا علاقة بكبر حجم الغدد الدهنية بالجلد لدى الذكور مقارنة بالإناث.

* الفروة الجلدية والشعر الدهنيان، فالفطريات من نوع «مالاسيزيا» تحتاج لوجود وفرة من الدهون الجلدية كي تتغذى عليها لتنمو وتتكاثر. ولهذا، فإن وجود هذه النوعية من الجلد والشعر الدهنيين يرفع من احتمالات الإصابة بـ«القشرة».

* سوء التغذية، وهو جانب قلما ينال ملاحظة علاقته بـ«القشرة»، وتشير المصادر الطبية إلى أن نقص عنصر الزنك ونقص مجموعات فيتامين «بي» لدى الشخص يرفع من احتمالات إصابته بهذه المشكلة الجلدية.

* أمراض معينة، لأسباب بعضها معلوم، وكثير منها مجهول، تلاحظ الأوساط الطبية ارتفاع احتمالات الإصابة بـ«القشرة» و«إكزيما الجلد الدهنية» والبشرة الدهنية، لدى المصابين ببعض الأمراض العصبية، مثل مرض باركنسون الذي يكون الخلل فيه في أنظمة الأعصاب المتحكمة بالحركة. كما يعاني من نفس الأمور أولئك الذين فرغوا للتو من المرور بحالات مرضية طارئة كالجلطات القلبية، أو توترات الحياة اليومية وضغوطها النفسية.

* معالجة القشرة.. استراتيجيات موجهة ومستحضرات طبية متنوعة

* استراتيجيات التغلب على مشكلة القشرة لها مبررات وغايات واضحة، وتستخدم فيها، ضمن خطوات مرحلية، وسائل ذات آليات عمل محددة. وبداية يكون من المهم إدراك أن مشكلة القشرة غالبا ودائما يمكن النجاح في ضبطها وتخفيف مظاهرها، ولكن الأمر يتطلب «معرفة» و«صبرا» و«هدوءا» و«استمرارا» في العمل.

وعلى الذين يعانون من القشرة تفهم وإدراك 3 أمور مهمة، واستحضارها في الذهن يوميا عند العمل اليومي على معالجتها؛ الأول، أسباب حصولها. والثاني، العوامل التي تزيد من تفاقمها. والثالث، الآليات التي من خلالها ينجح عمل مستحضرات «الشامبوهات الطبية» لمعالجتها. والأمران الأول والثاني، مر عرضهما في متن المقال، والأمر الثالث سيتم عرضه في هذه الفقرة.

الخطوة العملية الأولى هي العمل الجاد على تنظيف الشعر وجلد فروة الرأس بشكل يومي بنوع لطيف وناعم من أنواع الشامبو، أي النوع الذي يصنف على أنه مخصص لـ«الاستخدام اليومي». والهدف هو تقليل كمية الدهون الموجودة على بشرة جلد فروة الرأس، وإزالة تراكم قشور طبقات الخلايا الميتة. وبالاستمرار في هذين الأمرين لا تعطى فرصة جيدة لتوفير المواد الدهنية للفطريات، ولا تعطى الفرصة لتراكم أجزاء تلك القشور ولا ليكبر حجمها وتصبح واضحة للعيان.

وحينما لا يفلح هذا الجهد المنتظم، يكون اللجوء إلى أحد أنواع المستحضرات الدوائية لشامبو تنظيف الشعر من القشرة، التي تباع في الصيدلية دونما الحاجة إلى وصفة طبية OTC dandruff shampoos. ولكن علينا ملاحظة أن مستحضرات الشامبو هذه ليست سواء، بل هناك اختلافات واضحة في تركيبها وآلية عملها وتأثيراتها العلاجية ونوعية تفاعل الجلد معها. ولذا ربما يضطر المُصاب بـ«القشرة» إلى تغير نوع الشامبو الدوائي للوصول إلى النوع الذي ترتاح له فروة الرأس ويضبط مشكلة «القشرة». ولو ظهر احمرار أو وخز أو حكّة أو حُرقة نتيجة لاستخدام أي من هذه الشامبوهات، وجب التوقف عن استخدامه. ولو ظهرت تفاعلات حساسية لدى استخدام أي منها، وظهرت علامات ذلك، كالطفح الجلدي أو تورم طبقة الجلد أو صعوبات في التنفس، وجبت مراجعة الطبيب دون تأخير.

وشامبوهات معالجة «القشرة» تصنف إلى أنواع، بحسب محتواها من المادة الدوائية التي تعمل على معالجة «القشرة». وأنواعها كما يلي:

* الشامبوهات المحتوية على مواد «بايريثايون الزنك» Zinc pyrithione. مثل شامبوهات «هد أند شولدرز» Head & Shoulders و«سيلصن صالون» Selsun Salon وغيرها. ومواد «بايريثايون الزنك» تعمل كمضادة للبكتيريا ومضادة للفطريات، وبالتالي تقلل من كمية الفطريات ومستوى «إكزيما الجلد الدهنية».

* الشامبوهات المحتوية على مادة «القطران» بشكل أساسي Tar - based shampoos. مثل شامبو «نيوتروجينا تي/جل» Neutrogena T/Gel. و«قطران الفحم» Coal tar هي مادة تنتج خلال عمليات إنتاج الفحم الحجري. وأثبتت هذه المادة فاعلية في تخفيف حالات «القشرة» و«إكزيما الجلد الدهنية» و«الصدفية الجلدية»، وذلك من خلال عملها على إبطاء سرعة تكاثر الخلايا الجلدية، وبالتالي إبطاء سرعة تكوين طبقات جديدة من الجلد وإزالة الطبقات الخارجية له.

* الشامبوهات المحتوية على «حمض الساليسيلك» salicylic acid. مثل شامبو «إيونيل تي» Ionil T. وهي نوعية من الشامبو التي تعمل على حكّ وفرك جلد فروة الرأس «scalp scrubs»، لإزالة طبقة قشرة الجلد الميت الملتصقة بالجلد بعد ولم تزل عنه. ولكنها قد تتسبب بجفاف جلد فروة الرأس، ما يتطلب استعمال بلسم «تحسين وتلطيف» conditioner لتخفيف الجفاف.

* الشامبوهات المحتوية على مواد «سيلينيوم الكبريت» Selenium sulfide. مثل شامبو «سيلصن بلو» Selsun Blue. وهذه المواد تعمل على إبطاء وتيرة موت خلايا الجلد الخارجية، وعلى تخفيف تكاثر الفطريات. ولأنها نوعية من الشامبو التي قد تغير لون الشعر الذي لونه الأصلي أشقر أو رمادي أو المصبوغ كيميائيا بأحد أنواع الصبغات، فإنه يجب التأكد من كيفية استعماله والالتزام بالتعليمات المذكورة على عبواته كي لا تحصل تغيرات لون الشعر.

* الشامبوهات المحتوية على مادة «كيتوكونازول» Ketoconazole. مثل شامبو «نيزورال» Nizoral. ومادة «كيتوكونازول» هي أحد العقاقير التي تعمل كمضادات حيوية واسعة التأثير ضد أنواع واسعة من الفطريات. وهي شامبوهات قد تكون فاعلة كخط أخير، أي حينما لا تلفح الأنواع الأخرى.

وينصح أطباء الجلدية في «مايو كلينك» وفي الرابطة الأميركية لطب الجلد، باستخدام نوع من تلك الشامبوهات لغسيل الشعر يوميا أو مرة كل يومين، حتى زوال القشرة. ثم بعد هذا، تخفيف استخدامها إلى مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع عند الحاجة. وإذا ما بدأ أحد أنواع الشامبوهات تلك بفقد فاعليته مع الوقت وكثرة الاستخدام، يمكن اللجوء إلى التناوب في إضافة استخدام نوع آخر من الشامبوهات الأخرى. أي النوع المعتاد في يوم، والجديد في اليوم التالي، وهكذا دواليك.

ومن المهم الحرص على تدليك وفرك جلد فروة الرأس بالشامبو وبرفق، أي برؤوس الأصابع وليس بأظافرها، لمدة خمس دقائق على أقل تقدير. وترك الشامبو على الرأس لفترة وجيزة أخرى، وفق التعليمات التي تُذكر على عبواتها. وإذا ما استمرت المشكلة على الرغم من استخدام أي من تلك الشامبوهات بالطريقة الصحيحة، فإن من المفيد مراجعة طبيب الجلدية. وهو قد يصف أحد الأنواع الأقوى من الشامبوهات، والمحتوية على تركيز أعلى للمواد الفاعلة أو ربما على أحد مشتقات مادة الكورتيزون، التي تحتاج إلى وصفة طبية للحصول عليها من الصيدليات.

* العناية اليومية والمعالجات المنزلية للتغلب على القشرة إضافة إلى الاستخدام المنتظم لأنواع الشامبو الخاصة بمعالجة «القشرة»، هناك خطوات أخرى مفيدة لتقليل احتمالات ظهورها، وذلك من خلال العناية اليومية والمعالجات المنزلية. وهي ما تشمل:

* تعلم ومارس كيفية تخفيف التوتر والانفعالات. وهذه التوترات والانفعالات مع متغيرات إيقاع الحياة اليومية وضغوطها تؤثر على جوانب شتى في صحة جسم الإنسان ونفسيته. وهي أيضا أحد أسباب تهييج وزيادة تفاقم مشكلة «القشرة».

* تكرار غسل الشعر وفروة الرأس بالشامبو يوميا. وإذا ما كان المرء لديه جلد دهني في فروة الرأس، فعليه الحرص على تكرار إزالة الدهون عن جلد فروة الرأس وعن شعره. وليس صحيحا أن هؤلاء عليهم عدم تنظيف الشعر بالشامبو يوميا، بل ربما هو ضروري لهم بالذات للحد من مشكلة «القشرة» ومنع تفاقمها.

* عدم الإسراف في استخدام مجفف الشعر (السشوار)، لأنه يزيد من الجفاف واحتمالات نشوء «القشرة».

* الحرص على تناول وجبات من الأطعمة الصحية في كل يوم، وهي التي ستوفر للجسم الكميات اللازمة من الزنك ومن مجموعات فيتامين «بي»، وبالتالي منع ظهور «القشرة».

* تخفيف أو عدم استخدام المستحضرات الكيميائية لتصفيف الشعر styling products. مثل رشاش «سبري» تثبيت الشعر، وأنواع «جل» gels أو «مووس» mousses تثبيت الشعر، التي كلها في النهاية تتراكم على الشعر أو جلد فروة الرأس، مما يجعلها أكثر دهنية.

* التعرض للقليل من الشمس يوميا، وتشير المصادر الطبية إلى أن أشعة الشمس تخفف من «القشرة». والمطلوب هو التعرض لها لفترة وجيزة يوميا، مع الحرص على وضع الكريم الواقي من أشعة الشمس «صن سكرين» على الوجه والرقبة.

* استخدام شامبو يحتوي على زيت أشجار الشاي Tea tree oil، وهي غير شجرة الشاي التي يصنع مشروب الشاي من أوراقها الجافة، بل هي أشجار أسترالية واسمها العلمي Melaleuca alternifolia. وزيتها ذو خصائص مطهرة ومضادة للبكتيريا والفطريات، وهناك عدد من أنواع الشامبو المحتوي عليها، مع ملاحظة أن البعض قد تنشأ لديه حساسية من ذلك الزيت.

تعليقات: