الأخذ بأسباب القوة


الأمة الواعية هي التي تأخذ بأسباب العلم وتنطلق به، ليكون لها موقعها وحضارتها وثقافتها وسياستها وإستقلالها بين الأمم، فالعلم هو أساس التفاضل الإنساني فيما بين الناس، به يزويل ظلام العقول ويمحي الجهل، وبه يحيا الأنسان ويرفع ويعز، وبه تعرف الأوطان، وبه يحمي الأنسان نفسه وأهله ووطنه، وهو الذي يعين الأنسان على كشف أسرار الكون والحياة.

كما أن أفكارنا وقوتنا وضعفنا لا يخلق معنا ولكن هو قيمة نتوارثها وننتجها كلما أخذنا بأسباب العلم كلما كان لنا قيمة بين الشعوب ويحسب لنا الحساب وكلما انشغلنا بالجهل والتخلف كلما تهنا وسقطنا أمام أنفسنا وأمام الأخر، وتكون النتيجة السمو أو الذل، لذا علينا أن نسعى جاهدين لنرتقي بالفكر وبكل وسائل العلم والمعرفة لنحقق لنا ولأجيالنا الحرية والعزة والكرامة، وأن نحمل الأمانة بكل مسؤولية ونسلمها فيما بعد لأجيالنا لأكمال الطريق لأنهم هم المستقبل الواعد وعليهم تعلق الآمال.

لكي يكون لدينا القدرة على التنافس الحضاري بين الدول، وسط كل هذا التطور العلمي للشعوب، علينا أن ندرس كل مكامن القوة التي نمتلكها من ثروات وامكانات وطاقات، وهذا يتطلب الكثير الكثير من التخطيط والجهد والعمل الدؤوب الذي يمكننا من الوصول الى مستوى المنافسة بين الدول.

لذا علينا أن ننطلق مع الآخرين من مبدأ أن نكون نحن والآخرون لا أن يكون الآخرون ونحن، أن نكون أحراراً ولنا مواقفنا وثقافتنا وأقتصادنا، وكل ما لدينا من امكانات وطاقات تأهلنا لنحمي كرامة شعبنا ووطننا، حتى لا يتمكن الآخرون من مصادرة حريتنا وما نمتلكه من طاقات بشرية وفكرية ومن ثروات، وأن نعزز نقاط القوة ونعمل على ازالة نقاط الضعف لدينا، وأن نكون قدوة يحتذى بها لأجيالنا ولغيرنا من الأمم.

للأسف لقد تحولنا من منتجين إلى مستهلكين ومن مبدعين إلى مقلدين، نستهلك كل ما نحتاجه من أدوات الحياة، مشكلتنا أننا أصبحنا نهوى وندمن الخضوع والأستسلام، ونتذوق ما يمليه علينا الغير، بل أصبحنا نخاف من أن ترفع الوصاية عنّا، لقد تخلينا عن كل أسباب العلم والمعرفة والقوة، وسقطنا أمام أنفسنا وأمام الآخر وتهنا وراء المجهول والمادة والشهوات وكل ما هو يلمع دون التحقيق، لأننا نريد أن نخمد إلى الراحة ونهرب من مسؤولياتنا.

فالأمة التي يعبث بها الجهل وتتخلى عن كل أسباب العلم والقوة لديها، تفقد أحترامها أمام العالم الأخر بحيث تصبح لقمة سائغة للآخرين، بفعل تخلّفها وأنشغالها بالجهل وتمسكها بكل ما هو تافه من الأمور البالية، وتهمل كل الوسائل التي تعينها على أن تكون قوية وقادرة في كل مجالات الحياة.

تعليقات: