بيتي وعقيدتي

علي عبد الحسن مهدي
علي عبد الحسن مهدي


عقيدتي هي عبادة تراث بلدي، وصخور بلدي وماء بلدي وهواء بلدي، وشمسه وقمره، نجومه وسمائه، بحره ونهره.

أعشق سنابل قمحه وأوراق شتلة تبغه وأشجار تينه وزيتونه، أرزه وسنديانته، وغابات الصنوبر والشربين، وأعشابه التي تغطي أرضه وصخوره، أحبُ جباله.

أعيش نشوة السكارى وأنا أشاهد الراعي وقطعانه من ماعزٍ وأغنامٍ، وهم يطوفون السهول ويصعدون التلال والهضاب، غارقون بحشائش وأزهار نيسان، وماء نيسان متنقلين هنا وهناك، يتنفسون انقى الهواء ويشربون أصفا المياه.

مياه ثلوج ينابيع جبالنا وأوديتنا، هذا الجمال الربّاني وهذه الطبيعة الساحرة في هذا البلد الذي اسمه لبنان.

- أفلا يستحق الحب؟

- أفلا يستحق العبادة دون سواه؟

وأن نصوم له ومن أجله نصلي، وأن نصبح فيه كلّنا مجانين، وليس للمجانين دين ولا طائفة أو مذهب، ويجمعنا الحب المجنون والشعر المجنون والأدب المجنون!!!!!

عوضاً عن الفلاسفة والعقلاء أرباب الطوائف وأمراء المذاهب والحروب، هؤلاء الفلاسفة وهؤلاء العقلاء هم الذين سوف يحرقون بفلسفتهم الخبيثة وعقلانيتهم التي سوف تدمر هذا البلد، ويقتلون فيه العيش المشترك بالفتن الطائفية.

أفلا يستحق هذا الوطن هدم كل رموز العبادة التي زرعت على ترابه؟

ويبقى هو شامخاً عامراً بكل ساكنيه، أكان طائراً أم إنساناً أم حيواناً، في وحدة حياتية تجمع الجميع، بعيدة عن التعصُب الديني الأعمى والخلافات السياسية التي لم تجلب معها سوى الخراب والدمار.

والآن يطل علينا الثالث عشر(13) من نيسان

نيسان الحرب الأهلية، هذه الحرب التي غذّتها المذهبية الطائفية اللعينة، وبكل ما حملت معها من كوارث ومصائب، وكم حصدت على الهوية أرواحٍ بريئة لم تزل ماثلة أمامنا برعبها المخيف، حتى يومنا هذا.

وسوف تبقى ذاكرة هذه الذكرى في ذاكرة التاريخ اللبناني وكل من عايشها الى الأبد.

أجل إنّه نيسان الأسود المشؤوم لثقافة شعب أكثر سواداً.

>>

* علي عبد الحسن مهدي

تعليقات: