«ترهيب» و«ترغيب» في النبطية.. منع بيع المشروبات الروحية ينتظر قرار المحافظ


«ترهيب» و«ترغيب» ومخاوف من أن يكون القرار مقدمة لإجراءات أخرى

النبطية ـ

يبدو أن معركة منع بيع الكحول في النبطية بدأت تأخذ منحى «الأمر الواقع» في ظل استجابة بعض أصحاب المحلات التي تبيع المشروبات الروحية للضغوطات التي مورست عليهم تحت عنوان «التمنيات» حيناً، والترغيب حيناً آخر، واللجوء إلى لافتات «أهلية» تستنكر ما سمته «إفساد الفتية القاصرين في المنطقة»، تارة، واعتراض أهالي هذا الحي أو ذاك على وجود احد المحلات في نطاقها، مع معلومات سرت عن «تهديدات» مبطنة لصاحب هذا المحل او ذاك.

ويأتي القرار الذي اتخذه رئيس بلدية النبطية احمد كحيل وقضى بمنع بيع المشروبات الروحية والكحول في النطاق البلدي للمدينة، في ظل انقسام الأهالي ما بين مؤيد ومعترض على الخطوة، فيما أكد محافظ النبطية القاضي محمود المولى لـ «السفير» انه سيعلن موقفه من القرار اليوم بعد اجتماع يعقده مع كحيل.

ويرد القاضي المولى كل ما يحدث إلى ورود أكثر من عريضة من بعض الأهالي إلى المحافظة يحتجون فيها على بيع الخمور إلى قصار، ممن هم تحت السن القانونية التي تسمح التراخيص ببيعهم الكحول. ويؤكد المولى انه طلب من القوى الأمنية التحقق من قيام بعض المحلات ببيع الكحول للقصار ولكن النتيجة جاءت سلبية «أي انه لم يثبت بيع الكحول للقصار في العلن»، وفق المراسلات التي أودعتها القوى الأمنية في المحافظة رداً على التكليف بالمراقبة.

ويشير القاضي المولى إلى انه حصل، ووجد في بعض الليالي أشخاصا يعانون من حالات سكر ظاهر ويجوبون شوارع المدينة متسببين بالإزعاج للأهالي وبحال من الفوضى غير المقبولة، ثم وردت عرائض إضافية من الأهالي تشكو هذا الأمر. ويضيف المولى أنه، وبعد التأكد من شروط ترخيص المحلات الثلاثة الموجودة في النبطية وتبيع الكحول، تبين أنها تعارض التراخيص لجهة الموقع الجغرافي ووجودها بالقرب من معاهد تربوية ومدارس (ثانوية كامل الصباح ومعهد الآفاق). وعليه استعمل رئيس البلدية صلاحياته التي تمنحها له المادة 74 من قانون البلديات وأصدر قراراً بمنع بيع المشروبات الروحية في نطاق النبطية. وينتظر القرار تصديق محافظ النبطية ليصبح نافذاً.

وتعليقاً على القرار يؤكد المحامي والناشط المدني سمير فياض لـ«السفير» ان شباب النبطية المعارض للقرار، يساند قرار منع بيع الكحول للقصار من ابناء المنطقة، مؤكداً ان مراقبة تنفيذ هذا المنع هو شأن القوى ألأمنية التي يجب ان تسهر على راحة المواطنين وأمنهم.

ويقول فياض «نحن كشباب نبطاني لا نقبل بالحد من حرية المواطن الإنسان، ونخشى ان يكون القرار مقدمة لأمور اخرى ترمي إلى التدخل في حياة وحرية المواطنين سعياً إلى طبع المنطقة بلون واحد. ويؤكد فياض ان القرار البلدي يتعارض مع القوانين المرعية الإجراء والنافذة في لبنان ويتناقض مع احكام الدستور اللبناني الذي يضمن حرية المواطن، مشيراً إلى أن اللافتات التي تم تعليقها لم تكن مرخصة، و«أنها علقت من قبل اشخاص لا يمثلون المجتمع النبطاني ولا الرأي العام كله في المنطقة، وأن معظمهم هم من خارج النبطية. ويؤكد فياض وجود عشرات الأطباء والمحامين والمهندسين والناشطين والفعاليات والشباب العاديين في النبطية الذين يعارضون قرار المنع ويرفضون التدخل في حياة الناس، مؤكداً ان هذه الخطوة تثير مخاوف كثيرة وتحرك هواجس فعلية لدى مجتمع المنطقة ككل. ولمّح فياض إلى إمكانية تنظيم نشاطات رافضة ومحتجة على القرار.

وكان عدد من أهالي بلدة النبطية الفوقا قد وزعوا بياناً أواخر الأسبوع الفائت طالبوا فيه بإغلاق أحد محلات بيع الخمور والمشروبات الروحية بالقرب من ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية التي تعد أكبر صرح تربوي في المنطقة حفاظاً على «قيمهم الدينية والأخلاقية». وحذر البيان من «عدم الاكتفاء بالاستنكار فقط واللجوء إلى أسلوب آخر في حال أصر صاحب المحل على افتتاحه في المنطقة».

بينما لفت صاحب المحل وسام يعقوب إلى أنه حصل من وزارة المال على ترخيص يسمح له ببيع المشروبات الروحية والتزامه بالمعايير القانونية، وحمل ترخيصه الرقم 924 للفترة الممتدة بين 1/1/2011 و31/12/2012 على أن يجدده في كل عام، مؤكداً أن دكانه موجود في الحي منذ أكثر من ست سنوات، واستغرب إثارة هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات.

ويؤكد سمير صباغ بإسم مؤسسة صباغ لبيع المشروبات الروحية أن عائلته اجتمعت وقررت إقفال المؤسسة التي عمرها عشرون سنة بقرار ذاتي منها، مؤثرة التضحية برزقها ومتمسكة بقناعاتها العلمانية ودفاعها عن الحريات وحقوق الأقليات السياسية والطائفية والاجتماعية في الجنوب ولبنان تحت سقف القانون اللبناني.

وأوضح صباغ أنه شرح للمعنيين وجهة نظره مما قد يحصل من سوء فهم أو استغلال حيال ما يجري بهذا الشأن، مشيراً إلى إمكانية القيام باحتجاجات أمام المحال المعنية في ظل انقسام حيال هذه الخطوة مما قد يحفز «المصطادين في الماء العكر» لاستغلال هذا الحدث.

وسبق لبلدية النبطية أن أصدرت منذ أشهر عدة قراراً رئاسياً منعت بموجبه بيع المشروبات الروحية ضمن النطاق الجغرافي للمدينة، غير أن قراراً أصدره محافظ النبطية القاضي محمود المولى دعا فيه إلى الالتزام بالقوانين التي تفرض على مواطني مدينة النبطية ما تفرضه على مواطني سائر المدن اللبنانية، ولم ينفذ قرار المنع يومها. وحاولت «السفير» الوقوف على رأي رئيس بلدية النبطية ولكنه لم يجب على هاتفه.

ويذكر احد شباب النبطية الرافضين للقرار ان ريع احد محلات بيع الكحول في النبطية يصل إلى حوالى خمسين مليون ليرة لبنانية شهرياً، ليتساءل إن كان من يشتري هذه الكحول مواطنبن من خارج النبطية ام ان جميعهم من القصار؟، ويقول الشاب ان منع بيع الكحول للقصار ومنع أي «زمر» من التجول سكارى في الشوارع هو من مسؤولية القوى الأمنية، وأن الحل ليس في منع بيع المشروبات الروحية في المنطقة برمتها، وفرض رغبة وآراء جزء من المواطنين من فئة سياسية واحدة على كل السكان والمقيمين.

تعليقات: