الدولة شيء والوطن شيء آخر

الدولة تعني الفساد، تعني الفشل، الدولة هي النائب والوزير والرئيس ومدير عام، تعني كل أصحاب الرُّتب العالية، والتاجر الذي لا يشبع مهما إمتلأت خزائنه بالمال.

الدولة تعني الطوائف، تعني المذاهب، تعني التعصُّب الذي لا نهاية له، تعني الهجرة، تعني الإنتحار والمخدّر، تعني عدم المساواة، تعني الحروب الأهلية والخلافات الحزبية، تعني النار التي لم يزل جمرها تحت الرَماد أي نار الفتنة القابلة للإشتعال في أي لحظة، لنعود بها للهوية من جديد، كم وكم حصدت من أرواح، فالوطن يختلف عن الدولة.

الوطن هو الأرض، هو الشجر، هو الشمس والنجوم، هو البحر والنهر، هو طائر الحمام والبلبل والحسُّون وعصفور الدوري، وسنبلة القمح وشتلة التبغ، هو أشجار التين والزيتون والصنوبر والسنديان، والأرز والشربين، هو الزعتر الأخضر.

الوطن لكل من يقيم على أرضه، فالطائر مواطن، والحيوان أيضاً مواطن حتى الافاعي، وإن وُجدَ شيء من الضباع والذئاب كلها لها حقُّ المواطنة والعيش على تراب هذا الوطن بكلّ أمنٍ وسلام.

الوطن هو الحنين والشوق لكلّ من إبتعد عن بلده وتراب بلده من أجل حياة أفضل، بعد أن تعذَّز عليه أن ينعم بالعيش الكريم مع أهله وأفراد أُسرته.

ما من أحد هاجر بلدته إلى بلاد الله الواسعة وحمل معه حبه لوزير أو نائب أو مسؤول، فقط يحمل معه حباً واحداً لا شريك له هو حبه لبلدته وترابها وأزقَّتها وطرقها، أكانت واسعة أم ضيقة، معبدة أم لم تزل ترابية.

إنّما هذا الحب يحمل من القداسة ما تحمله كل المعتقدات الدينية أيً كان لونها وشكلها.

الحب للأرض والوطن يبقى من أقدس المقدسات وما عدا ذلك ليس سوى معتتقدات يحملها الإنسان معه إلى حيث ما ذهب في قلبه وثقافته، لكنّ الوطن هو العقيدة الراسخة، هو الله والحب الذي لا يُنسى.

علي عبد الحسن مهدي

تعليقات: