إسألوا عن.. علي حسن خليل

وجوه وعتاب

علي حسن خليل، إسم رغم طوله لا يكفي أن يكون لحامله، فهذا الشاب والسياسي القادم من العمل الطالبي يستحقّ إسماً أطول لكثرة الأدوار التي يؤديها. فهو بداية ترأس رابطة خريجي كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية في الثمانينيات، ثم "اتحاد شباب لبنان" في التسعينيات، وتمكّن من أن يشغل غير تلك المناصب بعدما قرّبه منه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وجعله معاوناً سياسياً له ونائباً في كتلته، ومن ثم وزيراً، رغم أن بري كان قد قرّر فصل النيابة عن الوزارة لأعضاء كتلته. لكن علي حسن خليل الذي يقوم بمهامه الموكولة إليه وبمهام الرئيس بري، وبمهام حركة أمل كلها وعلى أفضل وجه، هو استثناء عن القاعدة، وهو غالبا كما جميع القيادات في الميليشيات الحاكمة يصل الى مناصبه المتراكمة والمتدافعة الواحد تلو الآخر، إما مصادفة أو بالسياسة الميكيافيللية، أي "لا رحمة" حين تكون "الغاية تبرّر الوسيلة".

فمن المعروف عن علي حسن خليل (ولا يمكن إختصار الإسم بعلي او خليل، بل يجب ايراده كاملا متكاملا، لأنه يستحق ذلك ولتفريقه عن حسين الخليل معاون الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله)، أنه حين كان رئيساً لطلاب الحقوق في الفرع الأول، كان يفرض قبضة حركة "أمل" الحديدية على الكلية. وفي عهده منعت جميع الأحزاب التي كانت تشكّل ما سمّي بالحركة الوطنية (شيوعيون- قوميون- اشتراكيون- بعثيون...) من "التنفس السياسي" في الكلية. وكان من يجرؤ على محاربة تسلّط الحركة على الكلية يعرّض نفسه لأخطار كثيرة ليس أولها الضرب وليس آخرها الترسيب في الإمتحانات، وبقيت هذه الحالة من السيطرة مستشرية حتى يومنا هذا، ولو أن فرع الكلية قد تمّ نقله الى المبنى الجامعي الموّحد في الحدث. فهناك ما زال ورثة علي حسن خليل من الطلاب والأساتذة والمدراء والإداريين الذين كانوا طلابا سابقا، يتعاملون مع الكلية وكأنها ملكية خاصة من ملكيات حركة "أمل".

أما أثناء رئاسته "إتحاد شباب لبنان"، فقد نجح في تحويله الى مؤسسة من مؤسسات الحركة، بعدما كانت الحركة الطالبية التي انتعشت فجأة في أواسط التسعينيات تطالب بإنشاء هذا "الإتحاد" من أجل تفعيل دور الشباب اللبناني وتقريب وجهات النظر في ما بينه، وإرساء كتلة يمكنها التأثير في الحياة السياسية اللبنانية. لكن علي حسن خليل تمكّن من إفراغ الإتحاد من مضمونه وتحويله الى مجموعة مكاتب يعمل فيها موظفون بالمحاصصة، وما زال مكتب الإتحاد قائما حتى الآن، هادئاً لا يفتعل أي ضجة.

هذه ميزة في علي حسن خليل أي إثباط عزيمة التغييريين، ويقال إن يدا طولى له كانت في إقناع بري بتبنّي تظاهرات إسقاط النظام الطائفي التي جرت خلال الأشهر الماضية. هذا التبنّي الذي أدى الى إندثارها وتلاشيها بسبب الخلافات التي وقعت بين منظميها، حين وافق قسم منهم على هذا التبني من قبل الرئيس بري ورفضه قسم آخر، فإنقسم الجميع على بعضهم، وربحت الطائفية التي لم تلغ لا "في النصوص" ولا في النفوس" كما كان يرغب رئيس المجلس منذ تولّيه منصبه قبل عشرين عاماً تقريباً.

لكن "ميكيافيللية" علي حسن خليل لا تضيره، فقد بات مسؤولاً تنظيمياً لحركة أمل في بيروت، وقد يقول قائل:"وما أهمية المسؤولية التنظيمية في بيروت بالنسبة لحركة أمل". لكن هذا "القائل" لا بد سيحصل على إجابة حين يعرف عن أموال وتعويضات "وادي أبو جميل" التي سمّيت "وادي الذهب"، وبالطبع إن التعويض على المهجرين في الوادي وهم من أنصار "حركة أمل" لن يمرّ الا عبر المسؤولين التنظيميين. وبالتالي تخيّل الأمر على هذا النحو:"مسؤول تنظيمي في وادي الذهب".

وهكذا دواليك، حتى النيابة عن دائرة مرجعيون حاصبيا منذ العام 1996 حتى اليوم. لكن أبرز منصب لعلي حسن خليل كان "المعاون السياسي" للرئيس نبيه بري الذي يمنحه سلطة إدارة المفاوضات السياسية مع جميع حلفائه وخصومه. بعد الانسحاب السوري العام 2005، تولّى التواصل مع القيادة السورية. وهكذا ولّى عمر الشباب السياسي، وبدأ الغوص في عالم التركيبات السياسية التي يسمّيها الناس "المافياوية"، اذ أنها كذلك فعلاً. وهذا لا يعني أن علي حسن خليل هو "عرّابها"، ولكنه أداة فعالة من أدواتها.

الآن. ما الذي يجعل من مفاوض بارع ومعاون سياسي وخرّيج كلية الحقوق ووزير الزراعة في حكومة قديمة، وزيراً للصحة، التي غالباً ما تحتاج الى وزير متخصّص يعرف في خفايا الأطباء والمستشفيات. الإجابة بسيطة، إنها خليط من "الميكيافيللية" والحظ. فالوزير محمد جواد خليفة كان قد أدلى ما أدلى به من مواقف من "حزب الله" نشرتها "ويكيليكس"، لذا تم استبعاده. والرئيس بري أراد أن يقدّم كل الدعم لحكومة الرئيس ميقاتي، فتنازل عن مقعد وزاري شيعي، ودفع بنائب من نوابه ومعاونه السياسي الى الحكومة زيادة في الدعم للحكومة، وهكذا يكون علي حسن خليل قد أدى دوره المطلوب منه في كل منصب تبوّأه، وهي تقريباً جميع المناصب التي يحلم بها "حركي" في حركة "المحرومين"، اللهم الا منصب رئيس مجلس النواب... ومن يعلم؟

تعليقات: