طرابلس: انهيار الآمال على عودة الحريري يثير إحباطاً في صفوف التيار

الرئيس سعد الحريري
الرئيس سعد الحريري


طرابلس: هل يعتمد «المستقبل» التصعيد بديلاً عن المساعدات؟

لم يعد خافياً على أحد في طرابلس أن استمرار «تيار المستقبل» في الانقطاع التام عن تقديم المساعدات والخدمات لقواعده الشعبية بفعل الأزمة المالية التي ترخي بثقلها على الرئيس سعد الحريري، بدأ ينعكس سلباً على التواصل بين قياداته وكوادره وبين كثير من الأنصار والمؤيدين، خصوصاً أن معظم هذه القيادات لا تخفي في مجالسها الخاصة تململها وامتعاضها من الوضع القائم الذي يضطرها في بعض الأحيان الى مدّ يدها الى جيبها الخاص لتسديد المصاريف.

ومما يزيد الطين بلة اليوم، هو عدم عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان كما كان مقرراً، وإبلاغ من يعنيهم الأمر رسمياً بإلغاء جميع الإفطارات التي كان من المفترض أن يرعاها في مجمع «البيال»، وبالتالي انهيار الكثير من الآمال التي كانت معلقة على عودته.

ويبدو واضحاً أن التيار بدأ يعاني فعلياً من جمود في حركته بسبب الأزمة المالية، والإحباط الذي يخيم على كوادره، وقد ترجم ذلك بوضوح عقب الإعلان عن مضامين القرار الاتهامي، حيث مرّ في طرابلس مرور الكرام، من دون أي حراك سياسي أو شعبي، كما كان يحصل في مناسبات سابقة أقل شأناً بكثير من صدور القرار الاتهامي.

في غضون ذلك، بدأ عدد من أركان التيار والمقربين منه يتحدثون عن نية بعض الكوادر في عدد من المناطق الشعبية تقديم استقالاتهم بسبب استمرار الأزمة المالية وانسداد الأفق بعدم عودة الحريري.

وتشير المعلومات الى أن «القيادة الزرقاء» قررت الاستعاضة عن إفطارات «البيال» بإقامة عدد من الإفطارات في مختلف المناطق اللبنانية برعاية الحريري ممثلا بالأمين العام للتيار أحمد الحريري، وبما أن هذه القيادة ما تزال متمسكة بنقل معركتها الى طرابلس للتصويب مباشرة على الرئيس نجيب ميقاتي في عقر داره، فإنها خصت المدينة بستة إفطارات يتحدث في كل منها قيادي مستقبلي محلي، على أن تتوج بسحور في 27 من شهر رمضان برعاية أحمد الحريري.

ويتردد في أروقة مكاتب «تيار المستقبل» أن اللجان المنظمة للإفطارات فوجئت باعتذارات عديدة عنها، وبرفض المشاركة فيها من قبل عدد كبير من مجموعات المناصرين، وذلك احتجاجاً على غياب عائلة الحريري عنهم بالدرجة الأولى، وتالياً على غياب أحمد الحريري عن هذه الإفطارات وترك أمر رعايتها للنواب والقيادات المحلية، التي تبدو عاجزة عن تلبية مطالب القواعد الشعبية، وأيضاً على الأسلوب الذي تتبعه «القيادة الزرقاء» معهم، والتي تأتي اليوم بعد زمن من الحرمان لتقدم لهم وجبة طعام في إفطار رمضاني ثم تعود بعد ذلك وتغيب عنهم، بينما المطلوب أكثر من ذلك بكثير وبمفعول رجعي، لذلك فقد عمدت اللجان المنظمة الى تخفيض عدد الإفطارات من ستة الى ثلاثة، يضاف إليها إفطار مخصص لنقابة الصيادلة في طرابلس، من المفترض أن يحضره أحمد الحريري.

أمام هذا الواقع، عادت «القيادة الزرقاء» لإدارة محركاتها باتجاه طرابلس، وعاد أحمد الحريري بعد فترة من الانقطاع ليظهر في شوارعها ومقاهيها، وذلك في محاولة للاستنهاض والتعويض عبر خطاب سياسي معارض ضد الحكومة وضد «حزب الله» وسلاحه، والاستفادة مؤخراً مما كشف من مضامين في القرار الاتهامي.

وتشير المعلومات الى أن أحمد الحريري، وبعد إنتهائه من رعاية إفطار أحمد الخير في المنية غروب الثلاثاء الماضي، انتقل الى طرابلس وجال على عدد من مقاهيها في منطقة الضم والفرز، والتقى عدداً من الشبان والفتيات، حيث جدد التأكيد على التزام العائلة ورئيس الحكومة السابق بمدينة طرابلس، مشدداً على أهمية «دور المدينة في المرحلة المقبلة في مواجهة قرارات الحكومة والكيدية السياسية».

وإذ أكد مقربون من أحمد الحريري أنه غادر المدينة مرتاحاً للأجواء التي لمسها، سجل آخرون بعض الأسئلة التي لم تخل من العتب عليه: لماذا تجاوز الحريري نائب المنية كاظم الخير ومنسقها بسام رملاوي ودخل إليها في شهر رمضان من باب شخصية سياسية أخرى في المنطقة ومن عائلة نائب «المستقبل» نفسها؟ ولماذا حرص الحريري على زيارة مقاهي طرابلس الراقية في منطقة الضم والفرز والاجتماع مع الشباب من الطبقات الميسورة، واستثنى الدخول الى الأسواق القديمة والمناطق الشعبية، وخصوصاً محلة الحدادين، حيث اعتاد في كل رمضان أن يتناول طعام السحور في أفران الكعك المنتشرة هناك؟ لماذا لم يجلْ أيضاً في القبة والتبانة؟ وهل تجنب الحريري الدخول الى تلك المناطق كي لا يتعرض للاحراج من بعض المؤيدين كونه لا يمتلك جوابا شافيا حول موعد انتهاء الأزمة المالية؟

يتوقع مقربون من «تيار المستقبل» أن يلجأ الأمين العام والنواب والمنسقون خلال الإفطارات المقبلة الى خطاب سياسي ـ مذهبي تحريضي عال النبرة والوتيرة، بهدف شد العصب السني تزامناً مع الكشف عن القرار الاتهامي، إلا أن بعض العقلاء ينصحون بالتهدئة، انطلاقا من أن الشارع لم يعد قادراً على تحمل المزيد من الشحن الذي بدأ يترجم إشكالات أمنية متفرقة، ولعل ما حصل في بلدة عيات العكارية قبل أيام من إطلاق نار كاد أن يؤدي الى مجزرة في منزل الشيخ عبد السلام الحراش يجب أن يؤخذ من الآن وصاعداً بعين الاعتبار.

تعليقات: