المواطنون لا يتمكنون من إتمام أي اتصال خلوي.. أجواؤنا محتلة إسرائيلياً

 أجهزة تشويش إسرائيلية على الحدود مع فلسطين المحتلة
أجهزة تشويش إسرائيلية على الحدود مع فلسطين المحتلة


المواطنون لا يتمكنون من إتمام أي اتصال خلوي.. ولا حلول في الأفق

أجواء حاصبيا والعرقوب محتلة إسرائيلياً عبر التلويث اللاسلكي

تتداخل في أجواء المنطقة الحدودية المحاذية لفلسطين المحتلة، ترددات كمّ هائل لأجهزة الإرسال والتنصت والاستكشاف والتشويش الإلكترونية المتطورة، العائدة لمختلف الجهات الأمنية، والعسكرية، العاملة في ذلك القطاع، إضافة لتلك الموجهة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما يلوث الهواء بموجات لاسلكية لا حدود لها، تنعكس سلباً على اتصالات الخليوي والاتصالات اللاسلكية المدنية، إضافة إلى تأثيرها السيئ على أجهزة التلفزة، ما يلزم المواطن العادي بدفع ثمن فاتورة هاتفه مضاعفة، ناهيك عن حرق أعصابه وتضييع الوقت في إنجاز مكالماته، من دون أن تبدو في الأفق أي محاولات تصد لتلك «القرصنة الجوية»، ووقفها أو الحد من ضررها، أو العمل بكل جدية على تحميل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجانب الأكبر من المسؤولية في تلويث الأجواء اللبنانية بمثل تلك السموم، خاصة بعد اكتشاف القوى العسكرية والأمنية اللبنانية والمقاومة، العديد من معدات التجسس الإسرائيلية المزروعة في أكثر من منطقة لبنانية. odhl ],j ;,l

أعمال التشويش على الأجهزة الخلوية، بحسب الجهات المتابعة، كانت قد تفاقمت مطلع صيف 2007، في أعقاب مقتل ستة جنود من الكتيبة الإسبانية العاملة في إطار «اليونيفل»، خلال عملية تفجير استهدفت آليتهم المدرعة عند الطرف الغربي لبلدة الخيام، ما دفع بهذه الكتيبة إلى استقدام معدات تشويش متطورة، تم تركيبها على مختلف آلياتها العسكرية، وفي محيط مواقعها خاصة مركز قيادتها في بلاط، والمسماة بـ «قاعدة ميغيل دي سرفانتس»، بهدف المساعدة في تعطيل العبوات الناسفة التي تفجر لاسلكياً. ومن الصعب، كما تشير تقارير الجهات الفنية المختصة في هذا المجال، تحديد الجهة التي تقوم بأعمال التشويش بدقة، فـ «اليونفيل» العاملة في المنطقة الحدودية تعترف بأنها تستعمل أجهزة تشويش مركزة على سياراتها، لكن حسب تلك القوات معدات وأجهزة التشويش التي تستعملها، محدودة الإمكانية وذبذبات تشويشها لا يتجاوز قطرها حدود الـ 200 إلى 300 متر فقط. وذلك يعني أن التشويش ينحصر في دائرة محدودة، فكافة الأجهزة الخلوية يتوقف إرسالها عند مرور آلية دولية مجهزة بمعدات التشويش بمحاذاة حامليها، ليعود الأرسال وبشكل خفيف ومتقطع بعد ابتعاد الآلية.

وأمام ذلك الواقع، تتجه أصابع الاتهام إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي أثبتت الوقائع أنه يملك قدرة هائلة في الدخول إلى الهاتف اللبناني الأرضي والهوائي، ولديه إمكانيات فنية قوية ومتطورة في التشويش والتعطيل والتنصت عبر تقنيات عالية، وذلك ثابت وملموس على أرض الواقع. وهناك أمثلة حسيّة يومية يعاني منها أهالي المنطقة الحدودية، ومنها، توجيه العدو رسائل دورية لآلاف الأرقام في الشبكة اللبنانية الأرضية والخلوية، ومنها مثلا تلك التي تدعو المشترك إبلاغ الجهات الإسرائيلية أي معلومات حول الجنود الإسرائيليين المفقودين في «معركة السلطان يعقوب» في العام 1982، مقابل مبلغ مالي. وتشير المعلومات إلى أن جيش العدو الإسرائيلي، زاد خلال الأشهر القليلة الماضية من أعمال التنصت والتشويش، الموجهة إلى المناطق الجنوبية بشكل عام ومنطقة الشريط الحدودي بشكل خاص، عبر تركيزه أجهزة تشويش متطورة في موقع المرصد عند الهضاب الغربية لجبل الشيخ وعلى ارتفاع حوالي 1600متر عن سطح البحر، كذلك هناك أجهزة مشابهة ركزت في مواقع رويسة العلم والسماقة ورمثا، وعند أكثر من نقطة محاذية للسياج التقني الحدودي، المشرفة على المناطق والقرى المحررة. كما وترى تلك المصادر أن «جانبا من أعمال التشويش الإسرائيلي أنيطت بقمر اصطناعي اسرائيلي مخصص في مجال الاتصالات اللاسلكية يحلق في اجواء المنطقة». وتتحمل شركتا الخليوي العاملتان على الأراضي اللبنانية جانباً كبيراً من التشويش كذلك، حسب خبراء في ذلك المجال، أشاروا إلى أن «العديد من غرف تقوية الخلوي، وخاصة تلك الواقعة في المنطقة الحدودية، باتت عاجزة عن استيعاب كافة الخطوط العاملة التي تجاوزت طاقتها، وذلك يفرض تقويتها بشكل تصاعدي بالتوازي مع ارتفاع عدد الخطوط». ولا مجال لإكمال مخابرة هاتفية عبر جهاز الخلوي، كما يقول المواطن خليل من كوكبا، وهو الذي يحتار أين يقف وفي أي زاوية من زوايا منزله، ويقصد السطح أحيانا لإنهاء اتصال يجريه مع ولده في كندا. يضيف «كان الهاتف الخلوي خير وسيط مع أهلنا في المهجر، ولا نعرف ماذا حصل، حتى ساء التخابر إلى هذا الحدّ». ويبدي أبو عمر، من كفرحمام، أسفه لما هو حاصل من رداءة لا تطاق في الهاتف الخلوي، الذي «تحول عن هدفه إلى مهمة أخرى على علاقة بتشنج الأعصاب وحرق الجيبة»، يضيف «لم أتمكن فعلا وعلى مدى الأسبوع الماضي من الاتصال بأولادي في البرازيل، نتكلم لبضعة ثوان يقطع الخط نعيد الاتصال مرة ثانية وثالثة ورابعة، وتكبر الفاتورة من دون أن نتمكن من طمأنة فلذات قلوبنا في بلاد المهجر، أو اطلاعهم على الأوضاع المستجدة في بلدنا». ويقول حازم، وهو صاحب محل لبيع أجهزة الخليوي، «منذ فترة طويلة بدأت المشكلة في المنطقة، وحتى اليوم لا نعرف سببها، فهناك من يقول إن التشويش مصدره الاحتلال الإسرائيلي، وآخر يرد ذلك إلى الخلل في شبكتي الهاتف الخلوي، أو إن أجهزة اليونفيل هي السبب، إننا نتوجه إلى وزير الإتصالات بطلب معالجة المشكلة بأسرع وقت، للتخفيف من معاناة المواطنين الذين يدفعون فواتيرهم ثلاثة أضعاف، لقاء خدمات لا يحصلون عليها من شركتي الخلوي، ومراجعة قيادة القوة الدولية للوقوف على مدى تأثير أجهزتها على اتصالاتنا، أو تحميل جيش العدو لدى المحافل الدولية المسؤولية في هذه القرصنة الجوية ومواجهتها بمختلف السبل».

وأكثر المناطق في حاصبيا والعرقوب تأثرا بالتشويش كما ذكر عشرات المواطنين تتمحور عند المدخل الغربي لحاصبيا، ووادي الحاصباني، حيث عشرات المواقع السياحية والمنتزهات والمطاعم، ومرتفعات بركة النقار غربي شبعا المحاذية للسياج الشائك الفاصل، ومرتفعات كفرشوبا، ومدخل بلدة الهبارية ووادي راشيا، ومناطق أخرى تصل إلى ربع مساحة حاصبيا والعرقوب.

تعليقات: