دولة فلسطين.. اللحظة التاريخية

دولة فلسطين.. اللحظة التاريخية
دولة فلسطين.. اللحظة التاريخية


قالها نتنياهو بالفم المليان ومن على منبر الأمم المتحدة لا للدولة الفلسطينية وان الذين لا يزالون يحلمون بحق العودة، وإزالة المستوطنات من الضفة فهم سذج ومساكين، مؤكدا أنه لن يكون هناك سلام بدون الاعتراف بالدولة اليهودية.

وكلام نتنياهو الرافض للدولة والحق الفلسطيني كان يجب ان يكون بمثابة جرس انذار جديد للفلسطينيين بان اسرائيل مهما تعددت وجوه قياداتها وسياساتها فهي ثابتة على رفض الحق الفلسطيني التاريخي.

وبدل ان يحتفل الفلسطينيون باللحظة التاريخية لإعلان دولتهم التي اريقت دماء الآلاف من اجل ان يصبح للفلسطيني كيان سياسي وهوية اختلفوا فيما بينهم وبددوا فرحة الفلسطيني العادي بهذه المناسبة.

فقد رفع الرئيس الفلسطيني اسم فلسطين الى الامم المتحدة كدولة كاملة العضوية ومع ذلك قال بعضهم انها خطوة ليست ذات شأن. ومع ذلك فان مجلس الامن الدولي يناقش هذه الايام طلب فلسطين الانضمام الى الامم المتحدة كدولة كاملة العضوية. ومع ان النتيجة تكاد تكون معروفة الا ان ما يحدث يعزز القضية في النهاية.

ولعل السؤال الآن هو ما الذي ينتظره الفلسطينيون لكي يتوحدوا في وجه عدو لم يبدل مواقفه تجاههم منذ العام 1948 فالفلسطيني سواء كان حمساويا او فتحاويا او من اي تنظيم اخر هوالعدو الذي يجب التخلص منه والقضاء عليه لكي لا تقوم له قائمة ودولة مهما كبرت او صغرت. والسؤال ما الشيء الذي هو اغلى من القضية لكي يبقوا على انقسامهم المفجع هذا؟. أوليس من حق الفلسطيني ان يعيش حرا فوق أرضه بعد عقود من العذاب؟.

فلقد بات الفلسطيني مزنرا بالاستيطان من جميع الجهات واصبح حلم دولته المستقلة يتلاشى مع تلاشي رقعة الدولة التي كما يقول العميد يوأف موردخاي، بأنه يوجد في الضفة منذ الان 89 موقعاً استيطانيا «والحبل على الجرار» على وقع المذابح والعذاب المستمرين منذ عقود. فالحرب على الفلسطينيين تشتد بوجوهها المختلفة بينما الحوار بينهم معطل واعادة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية مجرد امل.

والفلسطينيون حين يطالبون اليوم بدولة فلسطينية فانهم يهدفون الى ترسيخ حقهم بالعيش كشعب لا ان يبقوا مجرد لوائح واسماء في وكالة غوث اللاجئين. فهم يدركون تماما انهم يطالبون ببعض دولة فلسطين التاريخية لكن الظروف والمعطيات لا تسمح اكثر من ذلك ولكي لا تتكرر تجربة الرفض السابقة اما كل فلسطين او نبقى في المنافي البعيدة. فقد تم إعلان دولة فلسطين مرتين خلال ستين عامًا ولكن لم يحصد الفلسطينيون شيئا ولعلهم اليوم يحققون ما يصبون اليه.

فالاعلان الأول كان عبر حكومة عموم فلسطين وهي حكومة تشكلت في غزة في 23 سبتمبر 1948، وذلك خلال حرب تقسيم فلسطين 1948 برئاسة أحمد حلمي عبدالباقي. وقام جمال الحسيني بدورة عربية لتقديم إعلان الحكومة إلى كافة الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية. وتقرر إعلان فلسطين بأجمعها وحدودها المعروفة قبل انتهاء الانتداب البريطاني عليها دولة مستقلة وإقامة حكومة فيها تعرف بحكومة عموم فلسطين على أسس ديمقراطية. والاعلان الثاني كان في 15 نوفمبر 1988 حيث تم إعلان قيام دولة فلسطين من المنفى خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر الذي أقيم في الجزائر، حيث أعلن دولة فلسطين على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس، لكن لم يتم الاعتراف بهذه الدولة من قبل الأمم المتحدة. ومن نص مذكرة الإعلان الذي قرأه ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في حينه: بسم الله وبسم الشعب اعلن قيام دولة فلسطين فوق ارضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وفي ذلك الوقت لإعلان عام 1988، لم تمارس منظمة التحرير الفلسطينية أي سيطرة على الأرض.

وبدأت السلطة الفلسطينية التي اعلنت بعد اتفاق اوسلو عام 1993رسميا منذ 1994 على حدود الأراضي المحتلة عام 1967 وهي الضفة الغربية وقطاع غزة وبتحديد القدس الشرقية عاصمة لهذه الدولة، هي ما يشكل في حال حصل عليها الفلسطينيون فعليا 22% من أرض فلسطين التاريخية. ويسكنها 3.9 مليون فلسطيني - أي ما نسبته 36.6% من العدد الإجمالي للفلسطينيين بالعالم. ومنذ عام 1998، يتم ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية للجلوس في الجمعية العامة للأمم المتحدة مباشرة بعد الدول غير الأعضاء، وقبل جميع المراقبين الآخرين.

واذا اعلنت الدولة الفلسطينية الكاملة العضوية فان القرن الواحد والعشرين يكون قد شهد انتصارا تاريخيا للفلسطينيين الذين يترتب عليهم فهم هذه الخطوة التاريخية و البناء عليها بالوحدة الوطنية التي من شأنها ان تنتج دورا فلسطينيا مميزا في العالم وتنتشل الفلسطيني من مآسيه وعذاباته. فليكن اعلان الدولة اعلان دولة كل الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات.

** حسين عبدالله - كاتب لبناني (من الخيام)

تعليقات: