مزارعو الزيتون في حاصبيا والعرقوب استهجنوا استهتار المسؤولين

 ورشة تعمل على قطاف الزيتون
ورشة تعمل على قطاف الزيتون


زراعة الزيتون تُشكّل العمود الفقري بالنسبة لهم ولا تلقى دعماً أو تشجيعاً

النائب هاشم: لتصريف الإنتاج بأسعار تشجيعية واستيعاب كمية لصالح الجيش

بكّر مزارعو الزيتون في منطقتي حاصبيا والعرقوب هذه السنة في قطاف زيتونهم، وكأنهم في سباق مع الوقت، علهم يتمكنون هذا الموسم من تصريف انتاجهم من الزيت قبل أن تغرق الأسواق المحلية بالزيوت المستوردة من الخارج، ويتحول عندها الموسم الجديد من مصدر نعمة إلى نقمة تربك المزارعين، وتجعلهم يتخبطون في مشاكل وأزمات باتوا عاجزين عن تحملها، في وقت ما زالوا فيه يعانون من هموم وخسائر موسم العام الماضي، حيث لا يزال منتوجهم من الزيت والزيتون مكدساً في البراميل والخوابي لعدم تمكنهم من تصريفه، في ظل غياب أي اهتمام من قبل الدولة التي عليها تقع مسؤولية دعم المزارعين في هاتين المنطقتين، ومساعدتهم على تصريف انتاجهم الذي يشكل مورداً أساسياً في معيشتهم.

وتتقدم زراعة الزيتون في قضاء حاصبيا على ما عداها من زراعات تقليدية، وهي قديمة العهد وتحتل ما نسبته 85% من مساحات الأراضي الزراعية.

تشير الدراسات التي أعدّتها بعض التعاونيات الزراعية في هذا القضاء الى وجود حوالى مليون ونصف المليون شجرة زيتون منتجة، غالبيتها من النوع البلدي المؤصل أباً عن جد، ويعود بعضها الى العهد الروماني، ومعدل الانتاج السنوي لهذه الزراعة، بحسب الدراسة نفسها، يصل الى حوالى الـ150 ألف صفيحة في موسم الحمل.

وتنخفض الكمية الى حدود الـ 45 ألف صفيحة في سنة المحل، ويشتهر زيت زيتون حاصبيا بجودته العالية، ويتمتع بمواصفات مميزة قلما تجدها في الزيوت المنتجة في الدول المصنفة زراعياً، وهذا ما تؤكده التحاليل المخبرية محلياً وخارجياً، ويعود ذلك الى طبيعة المنطقة وتربتها ومناخها المعتدل، وهي عوامل أساسية تُساهم في نمو هذه الزراعة وتكيّفها مع التقلبات المناخية.

استهجان الاستهتار!

مزارعو الزيتون في حاصبيا والعرقوب يستهجنون هذا الاستهتار من قبل الدولة تجاه هذه الزراعة التي تشكل العمود الفقري بالنسبة إليهم، فبدلاً من دعمها وتشجيعها، عمدت الى توقيف عملية استيعاب هذا المنتج لصالح الجيش اللبناني، على غرار ما كان يحصل ما بين الأعوام 1998 والـ2003 وهذا ما شكل صدمة قوية بالنسبة للمزارعين الذين باتوا عندها مضطرين الى الاعتماد على أنفسهم في البحث عن تصريف ما امكن من انتاجهم، ولو بخسارة، كي لا يتكدس عاما بعد عام في الخوابي، وها هم اليوم يجددون مناشدتهم الحكومة وكافة الجهات المعنية، إيلاء هذا الموضوع اهتماماً خاصاً والعمل مع كافة المؤسسات العامة وحثها على شراء زيت وزيتون المنطقة ما يساهم في تخفيف معاناة المزارعين الذين بدأ العديد منهم التفكير جدياً في التفتيش عن زراعات بديلة.

النائب هاشم

عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب الدكتور قاسم هاشم، وفي لقاء مع العديد من المزارعين ورؤساء التعاونيات الزراعية في حاصبيا والعرقوب، طالب الحكومة بأن «تتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها في المنطقة الحدودية وبخاصة تجاه المزارعين الذين ضحّوا وصمدوا في أرضهم طيلة فترة الاحتلال الاسرائيلي البغيض، وذلك من خلال تأمين أسواق لتصريف انتاجهم بأسعار تشجيعية، واستيعاب كمية من هذا الزيت لصالح الجيش اللبناني، على غرار ما كان يحصل في السنوات السابقة، واعتبار هذا الموضوع مسؤولية وطنية ويجب التعاطي معها بكل جدية لأنه شكل من أشكال المقاومة في هذه المنطقة التي كانت، ولا تزال، بمثابة خط مواجهة متقدم مع العدو الاسرائيلي»

سعسوع

من جهته، رئيس «تعاونية مزارعي الزيتون» في حاصبيا الشيخ مهدي سعسوع اعتبر «أن كساد موسم الزيت الوطني يشكل مهزلة لا يُمكن تصورها، خاصة وان مجمل الانتاج لا يتعدى الـ30% من الاستهلاك المحلي، وذلك بسبب اغراق الأسواق اللبنانية بالزيوت الاجنبية، مع علم المسؤولين ان هذه الزيوت بأغلبيتها مغشوشة وفاسدة، وفي احسن الحالات لا توازي من حيث الجودة والنوعية الزيت اللبناني، وهذا باعتراف خبراء عالمين زاروا المنطقة واطلعوا ميدانياً على طبيعة لبنان وزراعة الزيتون فيه. ويتذكر بالخير سعسوع، ومعه كل المزارعين في هذه المنطقة، كل من ساهم في استيعاب زيت حاصبيا خلال السنوات السابقة لصالح الجيش اللبناني عبر «الهيئة العليا للاغاثة»، على أمل أن يعي المسؤولون معاناة المزارعين، ويسارعوا الى احياء هذه التجربة التي كان لها تأثيرها الايجابي على المزارعين، وهذا ليس مستحيلا اذا ما قررت الدولة تحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها الذين طالما كانوا سبّاقين في دفع الضرائب والرسوم المترتبة عليهم».

وشدّد سعسوع على «ضرورة دعم التعاونيات الزراعية وتفعيل دورها الانمائي بالشراكة مع وزارة الزراعة ما يساهم في دعم المزارع والتخفيف من معاناته»، محذراً «من كارثة اجتماعية في حال لم تبادر الدولة سريعاً الى اتخاذ خطوات عملانية وجريئة تنقذ المزارعين من هذا الواقع المؤلم الذي يتخبطون به في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة».

أبو عمر

بدوره أنور أبو عمر (صاحب احدى معاصر الزيتون الحديثة في بلدة عين قنيا) وصف الموسم لهذه السنة بأنه «جيد»، إلا انه شكا من الكساد الذي شكّل ارباكاً لأصحاب المعاصر والمزارعين على حد سواء».

ولفت الى «أن 90% من المزارعين يدفعون أجرة عصر زيتونهم زيتاً، كما ان غالبيتهم فضلوا هذا الموسم قطاف زيتونهم بالحصة، أي مناصفة بينهم وبين من يجمع الغلة، وذلك نتيجة ارتفاع كلفة اليد العاملة، ناهيك عن تكاليف الحراثة والتقليم ورش المبيدات لمكافحة الامراض التي تلحق الاذى بشجرة الزيتون وثمارها، مما يعني ان المزارع يخسر نصف موسمه ويذهب النصف الآخر الى الخوابي بانتظار الفرج من قبل المعنيين، الذين بغالبيتهم مشغولين في امورهم وشجونهم الخاصة، بدلاً من الانصراف الى معالجة مشاكل وهموم المزارعين الذين لا يعرفونهم إلا في موسم الانتخابات».

وشدد أبو عمر على «ضرورة وقف استيراد الزيوت الأجنبية لأنها علّة العلل، ومنها يبدأ الحل».

\
\"رئيس تعاونية مزارعي الزيتون مهدي سعسوع\"


\
\"انور ابوعمر صاحب اجدى معاصر الزيتون\"


تعليقات: