المولّدات تملأ النبطية وقراها.. والكهرباء «عملة نــادرة»

آلاف المولّدات الكهربائية في لينان تساهم  ـنشر مواد سامّة تؤثّر على الإنسان والمناخ وطبقة الأوزون
آلاف المولّدات الكهربائية في لينان تساهم ـنشر مواد سامّة تؤثّر على الإنسان والمناخ وطبقة الأوزون


تكاد الكهرباء في منطقة النبطية تصبح عملة نادرة، في ظل الانقطاع شبه المتواصل في التيار الذي بلغ حدود اللامعقول، متخطياً كافة برامج التقنين السابقة، حيث يمضي الأهالي لياليهم على ضوء الشموع وما تبقى من قناديل ومصابيح الكاز والغاز، التي اضطروا لإعادة استخراجها واستعمالها بعد انطفاء مصابيح «النيون» جراء عدم تمكنهم من تشريجها بسبب انقطاع الكهرباء، حتى باتت معظم قرى وبلدات المنطقة تعيش في ظلام دامس، ونهارها على هدير المولدات الكهربائية في غياب الساعات الطويلة للتيار، التي ناهزت العشرين ساعة، ما ولد استياءً عارماً في صفوف المواطنين لانعكاسه سلباً على شؤونهم ومصالحهم وأعمالهم، وجعلهم يرزحون تحت رحمة أصحاب المولدات التجارية الخاصة ومزاجيتهم في تغذية المشتركين بالتيار الكهربائي ساعة يريدون أو يشاؤون، بحجة الانقطاع المكثف في التغذية الكهربائية ومضاعفة استهلاك مولداتهم للمحروقات، وضرورة إراحتها فترات من الوقت، فضلاً عن مضاعفة أسعار اشتراكاتهم لتصل إلى أربعة أضعاف الاستهلاك الرسمي شهرياً.

وإذا كان جزء من التقنين العشوائي تتحمل مسؤوليته «شركة كهرباء لبنان» لعدم إعلانها عن الأسباب الكامنة وراءه، أو عن برنامج يحدد أوقاته، ولتضاؤل نسبة التغذية الكهربائية على مستوى لبنان لتصل إلى 1200 ميغاوات، يذهب نصفها إلى بيروت الإدارية، بينما يتوزع النصف الآخر على كافة المناطق اللبنانية الأخرى، فإن الجزء الآخر يتعلق بحجم الضغوط على الشبكات التي لم تعد تستطيع التحمل، كما تقول مصادر مطلعة، وتعزو ذلك «للتعديات والسرقات والتعليقات غير الشرعية والقانونية على الشبكة مما يعرضها للإتلاف، وبالتالي احتراق المحولات الكهربائية وانقطاع التيار عن المشتركين، إضافة لاتساع رقعة المناطق الجغرافية وزيادة الكثافة السكانية، مطالبة المواطنين والبلديات بمنع التعديات كي يعود التيار إلى حالته الطبيعية من التقنين السابق، بانتظار إيجاد الحلول الجذرية لهذه المشكلة التي وضعت قيد التنفيذ من قبل المسؤولين المعنيين». وتماشياً مع تزايد فترات التقنين المتواصلة في النبطية اضطر الكثير من أصحاب المصالح والمؤسسات التجارية والصناعية والزراعية والصحية وغيرها، ومعهم نسبة كبيرة من المواطنين إلى شراء مولدات كهربائية خاصة بهم أو الاشتراك في المولدات التجارية التي باتت تملأ أحياء مدينة النبطية والقرى والبلدات المجاورة، مما رتب عليهم أعباءً مادية إضافية في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يعانون منها، بحيث تتراوح كلفة التيار الكهربائي الموازية بين 300 و1000 دولار شهرياً لأصحاب المصالح والمعامل والمؤسسات في حال وصلت ساعات التقنين بالتيار الكهربائي إلى 12 ساعة، وتقل وتزيد هذه الكلفة تبعاً لانخفاض أو زيادة ساعات التقنين، في حين تصل كلفة الاشتراك الخاصة للمنازل السكنية إلى 60 دولاراً شهرياً لكل 5 أمبير.

ويقول محمد اسماعيل: «اعتدنا على الحرمان وعلى ساعات التقنين، لكن ما يجري حالياً هو أمر غير طبيعي ويصل إلى حدود المأساة، حيث إن ساعات التقنين مفتوحة وهي عشوائية وغير منظمة ولا أحد يعرف الأسباب الكامنة ورائها، وما يزيد الطين بلة عند الأهالي أنه لم يعد بإمكانهم تحمل الأعباء المادية التي يتكبدونها جراء الاشتراك في المولدات الخاصة، التي تجتاح كل الشوارع والأحياء، داعياً المواطنين لعدم التعدي على الشبكات والامتناع عن السرقات والتعليقات، لأن ذلك ينعكس سلباً علينا جميعاً، ويساهم في تعطيل الشبكات والمحولات ويتسبب بانقطاع التيار الكهربائي فترات طويلة». ويؤكد حسين غندور أن التقنين في منطقة النبطية «عشوائي وقاسٍ جداً، ومن دون أي برنامج أو توضيح الأسباب أو المبررات»، مطالباً «المسؤولين المعنيين بالتغذية الكهربائية العادلة إسوة ببقية المناطق، لأن انعكاسات الأزمة تطال الجميع، وبدأت تشحن نفوس الأهالي الذين بادروا إلى الاحتجاجات وقطع الطرق تعبيراً عن سخطهم عن الكارثة المتفاقمة». ويطالب حسن حمادي «المسؤولين بوضع حدٍ للاستهتار الذي يطال المواطنين جراء حرمانهم من التيار الكهربائي بسبب التقنين العشوائي غير المبرر، ويدعو مؤسسة الكهرباء لضرورة الإعلان مسبقاً عن فترات التقنين والأعطال التي تطرأ على خطوط الشبكة الكهربائية لكي لا يُفاجأ المواطنون بها وتتعطل مصالحهم بسببها». ويتساءل علي ياسين عن «أي أمانة جعلت مؤسسة كهرباء لبنان كي لا تخطط مسبقاً لمنع كارثة التقنين الكهربائي التي تطال الجميع؟»، مشيراً إلى «الاستنكار العارم في صفوف المواطنين للوضع»، مطالباً «المسؤولين المعنيين بإيجاد حلٍ للكارثة المتفاقمة»، تلافياً لـ«الأزمة الخانقة التي تسببها على كل الأصعدة الحياتية والاجتماعية والاقتصادية».

ويجمع الكثير من المواطنين وأصحاب المصالح والمؤسسات التجارية والصناعية والزراعية والصحية والسياحية على مطالبة «شركة كهرباء لبنان» بتزويدهم بالتيار الكهربائي بشكل طبيعي، في مقابل تسديدهم بدل ما يستهلكونه من الكيلوات مهما بلغت التكاليف، لكي يتخلصوا نــهائياً من أعباء المولدات الخاصة أو التجارية التي اشتركوا فيها.

وفي مسلسل الاحتجاجات الشعبية، كرر عشرات من المواطنين قطع الطريق العام بين النبطية والنبطية الفوقا وكفرتبنيت، ومثلث الزوطرين الغربية والشرقية، ومفترق بلدة الدوير الشرقية، بالإطارات المشتعلة أمام حركة السير فترة من الوقت قبل إعادة فتحها من قبل القوى الأمنية، فيما عملت سيارات الإطفاء التابعة للدفاع المدني على إخماد النيران في كل مرة، لكن تلك الاحتجاجات المتكررة كما يبدو لم تجد المواطنين نفعاً.

تعليقات: