أحمد قعبور «يبعث» عمر الزعني وبيروت

أحمد قعبور «يبعث عمر الزعني وبيروت
أحمد قعبور «يبعث عمر الزعني وبيروت


يؤمن أحمد قعبور بأنه مطالب بل منتدب ومحكوم بأن يحمي الوجدان الشعبي وبأن يعيد الاعتبار إلى الكلمة واللحن وأسلوب الغناء..

كذلك هو يؤمن بأن الذاكرة الشعبية خزان هائل، وأنها «مهجورة» بالقصد، ومتهمة بأنها «من الماضي» الذي آن له أن «يتقاعد» مخليا الطريق أمام المستقبل، أي أمام «العصر الجديد» حيث لا وقت «للطرب» وعدته العتيقة ولا فرصة للكلمات المجنحة وللصور المرهفة كما الشعر، ولا مجال للتذوق واستلال المعنى عبر النغم المنشى... وكذلك لا مجال للنقد السياسي بغير ما ابتذال وبغير ان يسخر لان يخدم توجها ضد توجه آخر.

ولأن أحمد قعبور مؤمن فهو لا ييأس، ويحاول فيصطدم بمعوقات كثيرة، أولها الحديث عن «اختلاف الذوق عبر اختلاف الأزمنة» وآخرها انصراف «المنتجين» إلى السائد والرائج من الفن، لا سيما في مجال التلحين والغناء، باعتباره «يلبي الذوق» بقدر ما يستجيب لرغبة السوق.

آخر ما أنتج فأبدع أحمد قعبور انه اجتهد في اعادة الاعتبار إلى «فنان الشعب» عمر الزعني الذي سبق عصره، وأعطى الكثير لجمهور الأربعينيات والخمسينيات وأوائل الستينيات ثم غادر بغير وداع.

نفض أحمد قعبور الغبار عن تلك الأغاني والزجليات واللوحات الكاريكاتورية المعبرة عن وجدان الناس التي نظمها ولحنها وغناها عمر الزعني فألهبت الجمهور لأنها عبرت عن ضميره، وبالتالي عن موقفه السياسي من الاستعمار ومن أغنياء الحرب ومن السلطة المستبدة والغريبة عن هموم الشعب.

ولعل هذا الجمهور قد استبدل بعض الأسماء في تلك الأغاني والمونولوجات مقدما الحاضر على الماضي فإذا الصورة صالحة للغد!

قدم أحمد قعبور الأغاني بألحانها الأصلية وبصوت مبدعها، ثم أضاف إليها لمسات معاصرة في اللحن وغناها بصوته ليضفي عليها شيئاً من الحداثة من دون ان يمس جوهرها النقدي اللاذع.

وهكذا أعاد «أحمد قعبور عمر الزعني إلينا مطرزاً بألحان مستمدة من روح من أبدعها مع اضافات تطريبية... وذلك عمل كان لا بد منه لأن الاهمال الذي عومل به تراث عمر الزعني كان يأخذه إلى النسيان».

ها هو عمر الزعني يجول بيننا الآن في بيروته التي لن يعرفها ولم تعد تعرفه، في تظاهرة نقدية لا تجامل ولا تراعي... فمن الصعب على من تمنى ان يكون «حصانا» في السباق ان يرقى ناطحات السحاب الطاردة لأهل بيروت وسائر متوسطي الحال والفقراء الذين طالما انتظروا حفلات عمر الزعني أو الإذاعة التي تبث أغانيه كي يسمعوا «لسان حالهم» يغني همومهم فيسعدهم.

تعليقات: