أنا لا أحب أمى‎..

الحاجة رابحة علي عواضة.. تذوق الجنة من نكهة عيناها
الحاجة رابحة علي عواضة.. تذوق الجنة من نكهة عيناها


أنا لا احب أمى

بل أنا أعشقها

أنا متعلقة دوما

بشرانق صرتها

أنا من خرجت

من مشيمة جرأتها

وقبعت لتسعة أشهر

فى محراب رحمها

أنا من ولدت من

مخاض أنوثتها

وانتشلت من عمليات طبيعية

وقيصرية لألمها

أنا من رأت حلم الحياة

من صرخة طلقتها

أنا من تلونت

من زلال أوردتها

أنا من عرفت ذاتى

وتنشقت العمر

من تقلصات نافذتها

أنا من تشوقت لأرضع

الهواء من ثقوب رئتها

أنا من نزلت من فجوة تحملها

ورسمت على جدران

البطن صورة ملامحها

أنا من زرعنى والدى

فى تربة آنيتها

وكنت بذرة صماء

ارتوت من مفاتنها

أنا الميتة التى أحيتنى

من ميلاد صرختها

أنا من كنت احتمى

بين قصبات عظامها

وأمتص الروح

من ذبذبات غشائها

حتى بدت لى الجنة وانا أنزل

انها تسجد لأقدامها

أنا لم أكن أخاف شيئا

عندما كنت فى أحشائها

ولم أكن أعرف من

أمطار الغيث

سوى أثدائها

أنا من كتبتنى أمى

فوق لعاب الأرض

من أقلامها

وأهدتنى كل ما تملك

من نكهة أعضائها

أنا من رسمتنى أمى

فوق وجودى بريشة الحب

من بلاغة أبياتها

حتى غدت أمى اجمل قصيدة

تعلمتها وانا بين خطواتها

وأصبحت اتمتم بإسمها

وهى تشتعل من لوعة إنجابها

أنا لا أحب أمى

بل أنا أعشقها عشقا

يفوق الفردوس فى عليائها

واتمنى لو أننى لا زلت

أتدلى من أغصان حبالها

وأسبح فى أنهار جنانها

أنا لا أحب أمى

بل أنا مجرمة فى عشقى لها

وودت لو كنت التراب

الذى يحمل خطواتها

أمى التى أهدتنى وطنا

قبل أوطانها

وتذكرة خروج من أردافها

أمى التى كانت تقص لى

الحكايات وانا فى غيبوبة شريانها

وكانت تدندن بالألحان كى

لا ألتفت لصدى أوجاعها

أنا لا احب أمى

بل أذوب فى خلاياها

وأحمد الله الذى وهبنى

تذوق الجنة من نكهة عيناها


الى أمى الحاجة رابحة علي عواضة


هدى عبد الامبر صادق

كاتبة فى جريدة الصباح الكويتية

تعليقات: