أميرة الأحرار، أحلام التميمي، تروي قصّـتها من «كتائب القسّام» إلى السجن فالحرّية

\
\"رئيس المكتب السياسي لحركة \"حماس\" خالد مشعل مستقبلاً الأسيرة المحررة أحلام\"


أميرة الأحرار وصاحبة أعلى حكم بـ 16 مؤبداً تروي لـ "اللـواء" قصتها من "كتائب القسام" إلى السجن فالحرية

أحلام التميمي: سأعود إلى فلسطين والتقي زوجي رغم منع الصهاينة

الأسيرة المحررة أحلام عارف التميمي، فتاة فلسطينية مُجاهدة، درست الإعلام والعلوم السياسية في جامعة "بيرزيت" في فلسطين، بدأت طريقها الجهادي بالانتساب إلى "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" إبان "انتفاضة الأقصى" في أيلول من العام 2000، لتكون أول امرأة في هذه الكتائب، حيث نفذت العديد من العمليات العسكرية..

قادت العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي عز الدين المصري بتاريخ 9 آب 2001، وأسفرت عن مقتل 15 إسرائيلياً وجرح 122 آخرين، حيث اعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 14 أيلول من العام ذاته، في الأسبوع الثاني لوفاة والدتها، وحكم عليها بالسجن 16 مؤبداً..

قامت بالإضراب عن الطعام احتجاجاً على الممارسات القمعية لإدارة "هشارون"..

عُقد قران الفتاة "الحمساوية" أحلام مع ابن عمها "الفتحاوي" نزار التميمي، خلال فترة اعتقالهما، بتوكيل أبرماه لوالديهما..

أخفقت عمليات عدة لتبادل الأسرى، لأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كانت في كل مرة تضع "فيتو" على اسم أحلام التميمي، إلى أن أطلق سراحها بتاريخ 18 تشرين الثاني 2011، في الدفعة الأولى من صفقة "وفاء الأحرار"، التي جرت بين "حماس" و"إسرائيل" بوساطة مصرية..

اليوم تعيش أحلام في الأردن، بعدما أبعدت إليها لدى خروجها من السجن، ولا تزال بانتظار اليوم الذي يجمعها بخطيبها نزار، الذي أطلق سراحه أيضاً في ذات الصفقة، ومنع من مغادرة الضفة الغربية..

"اللـواء" سجلت حواراً مطولاً مع الأسيرة المحررة أحلام في العاصمة الأردنية - عمان، روت فيها بدايتها ودراستها الإعلام، وأسباب تحولها من العمل الإعلامي إلى "كتائب عز الدين القسام" لتكون أول امرأة تنتسب إليها، والمهام التي أوكلت إليها، وظروف اعتقالها ومراحل التحقيق والحكم، وخطوبتها من ابن عمها المعتقل أيضاً، وإطلاق سراحها..

بين الصحافة والجهاد

تروي الأسيرة المحررة أحلام التميمي، تجربتها قبل الاعتقال والتي بدأت مع "انتفاضة الأقصى" في أيلول من العام 2000، وتقول: "كنت أدرس الصحافة والإعلام في جامعة "بيرزيت"، وفي الوقت ذاته كنت أعمل في الصحافة المكتوبة في مجلة "ميلاد" التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، كما عملت في "تلفزيون الاستقلال" - وهو تلفزيون محلي، في تقديم برنامج يُسمى "حصاد الأسبوع"، وأُغطي أبرز الأحداث الموجودة على الساحة الفلسطينية والدولية خلال الأسبوع، وأستضيف بعض الشخصيات لمناقشة وتحليل هذا الحدث".

وتتابع: "كل ذلك دعاني أن لا اكتفي بالقلم وعدسة الصحافة، حيث شعرت أن في داخلي ثورة عظيمة، بحاجة إلى فعل أقوى يجب أن أقوم به حتى أوجع المحتلين الإسرائيليين، ليتذوقوا طعم المرارة التي أذاقوها للشعب الفلسطيني، ولأنني منتسبة إلى "نقابة الصحافيين"، أتاح لي ذلك أن أدخل إلى القدس، ووفر لي عملي السبل حتى أكون في ساحة الميدان، وأوثّق عبر عدسة الكاميرا وبأم عيني الأحداث الساخنة التي كانت تدور بين الجانب الإسرائيلي كمحتل والفلسطينيين".

انخرطت أحلام في عمل المقاومة مع "كتائب عز الدين القسام"، مشيرةً إلى "أن هذه الفصائل هي وسائل توصلنا إلى الغاية الأسمى، الجهاد في سبيل الله. ومن خلال عملي الصحفي، كان بإمكاني الدخول إلى القدس، وتحدثي باللغة الإنكليزية، أتاح لي الدخول إلى أماكن تواجد الإسرائيليين المحتلين للقدس، والمحال التجارية، والمقاهي بأريحية كبيرة دون أن يكتشفوا أمري بحجة قيامي بمقابلات في القدس، وهذا العمل كان غطاءً استطعتُ من خلاله التستر حتى أقوم بالعمل المقاوم والجهادي، الذي وكّلتُ به من قبل الخلية العسكرية التابعة لـ "كتائب عز الدين القسام".

وتؤكد أول فتاة في "كتائب القسام" "لو عادت بي الأيام سأقوم بذات العمل، الذي كنت أقوم به بأريحية وقناعة مُطلقة، لأنه عمل أوجع الاحتلال الإسرائيلي، وما زال حتى اللحظة يوجعهم، ولولا ذلك لما صمموا على اغتيالي بعد التحرر".

عن مهامها في "كتائب القسام" تقول: "لم أكن استشهادية في الخلية العسكرية، فللإستشهادي صفات لم تكن موجودة في شخصيتي أنا، كنت واعية تماماً لاختياري "كتائب عز الدين القسام" ودخولي طريق المقاومة، لأن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض".

قادت أحلام عملية استشهادية نفذها عز الدين المصري بتاريخ 9 آب 2001، في رام الله - شارع يافا - "مطعم سبارو" للبيتزا ، أسفرت عن مقتل 15 جندياً وجرح 122 إسرائيلياً.

تروي أحلام لحظة اعتقالها، فتقول: "بتاريخ 14 أيلول 2001 تم اعتقالي، بعدما اقتحمت قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي على رأسهم المايجر كوهن، وهو مايجر منطقة المسكوبية في القدس، منزل والدي في قرية النبي صالح - شمال رام الله، حيث علموا بوجودي في المنزل، لأنه كانت فترة الأسبوع الثاني من عزاء والدتي، التي توفيت بتاريخ 1 أيلول 2001، واقتادوني إلى مركز تحقيق المسكوبية في القدس".

من الحرية إلى زنازين شبيهة بالقبر

وعن أصعب اللحظات خلال عملية انتزاع اعترفاتها تقول التميمي: "يتبع المحققون الإسرائيليون أية طريقة يُرونها مناسبة من أجل انتزاع الاعتراف، وقد اختلفت الأساليب المعتمدة بين "الانتفاضة الأولى" و"الانتفاضة الثانية". ففي الأولى كان يُستخدم التعذيب الجسدي، الذي أودى بحياة العديد من الأسرى، فأدرك بعدها الاحتلال أنه بهذه الطريقة يخسر المعلومات التي يمتلكها الأسير، والتي تفيده في الكشف عن الخلية التي يعمل فيها، فبدل في "انتفاضة الأقصى" من هذا الأسلوب إلى أسلوب التعذيب النفسي، حيث يبقى الأسير أياماً طويلة في زنازين قذرة، لا يعلم الليل من النهار، فمن الحرية إلى زنازين شبيهة بالقبر تماماً، فيصل بذلك إلى مرحلة من الضغط النفسي التي تجبره على الاعتراف. ولم يأخد الوقت الطويل، حيث أدرك المجاهدون أن الإسرائيليين تحولوا من أسلوب التعذيب الجسدي إلى أسلوب التعذيب النفسي، الذي كان بنظرهم ناجعاً أكثر، فبدأت حملة توعية وتدريب للأساليب التي قد يتعرض إليها من يقع في الأسر، وقد استخدموا معي الأسلوبين، لكن بنسب متفاوتة، 70% كان تعذيباً نفسياً و30% كان تعذيباً جسدياً، وبتاريخ 28 حزيران 2011 تم عزلي في القسم 2 المخصص للجنائيات، لرفضي سياسة التفتيش العاري".

وعن فترة التحقيق والمحاكم، تقول: "استمر التحقيق معي 43 يوماً، وضعت خلالها في زنازين انفرادية  تحت الأرض في مركز تحقيق المسكوبية، لا يزورني أحد سوى المحامي الموكل بقضيتي إيليا ثيودري، ولم أره إلا بعد عملية الاعتراف – وفقاً للقانون الإسرائيلي. بعدها حُولّت إلى "سجن الرملة"، وهو سجن مُخصص للجنائيات الإسرائيليات والأمنيات الفلسطينيات، وتعمدوا جمعنا مع هذه الشلة القذرة من أجل محاربة فكرنا الجهادي، بحيث أن الفتاة في مرحلة عمرية قد تنجر إلى هذه الحياة القذرة التي يعيشونها، وأمضيت في هذا السجن برفقة 17 أختاً أسيرة قبلي حتى بداية العام 2004، ثم انتقلنا بعد ارتفاع عدد الأسيرات المعتقلات إلى 40 أسيرة، بعدها نقلونا إلى "سجن هشارون"، وهو إلى جانب "سجن هادرين"، حتى موعد تحررنا في العام 2011".

تتابع: "أما رحلة المحاكم، فكانت في شهر تشرين الثاني 2001، واستمرت سنتين، في المحكمة العسكرية في مستوطنة "بيت إيل"، وهي خاصة بالأسرى التابعين لمنطقة رام الله. لم تكن جلسات المحاكمة دورية أو منتظمة، فأحياناً كنت أذهب مرتين في الأسبوع، وأخرى مرة كل شهرين، ويتم نقلنا إلى المحكمة بـ "البوسطة" (حافلة ضخمة مقاعدها من الحديد)، بمرافقة مجندات إسرائيليات ومجندين".

تضيف: "كانت الجلسة تستغرق وقتاً طويلاً، لأنها تتضمن محاكمة لجميع الأسرى الذين أحضروا في البوسطة ذاتها، وبالتالي ينتظر الجميع حتى انتهاء آخر محاكمة، الأمر الذي قد يستمر حتى اليوم التالي. وفي إحدى الجلسات انتهت محاكمتي عند العاشرة مساءً، عدنا بعدها إلى السجن في الثانية فجراً. لكن الأسرى كانوا يُعانون أكثر مني، إذ يتم نقلهم إلى "المعبار" - وهي صالة كبيرة يوضع فيها حوالي 100 أسير من مناطق مختلفة، يبيتون فيها ثلاث ليالٍ بانتظار انتهاء محاكمة آخر أسير".

صورية المحاكم والمؤبدات الجاهزة

تشير أحلام إلى "إن السلطات الإسرائيلية تعتمد قانوناً جائراً هو "قانون تامير"، ينص على أن اعتراف واحد يُدين، وكان اسمي قد رصد عبر الأجهزة اللاسلكية بعد تنفيذ العملية الاستشهادية، وهو ما شكل اعترافاً عليّ بحسب قانونهم".

وتتابع: "المؤبدات كانت مجهزة لي، وأعلموني بها من الجلسة الأولى، لكني تعمدت بالاتفاق مع المحامي إلى المماطلة في الجلسات وتطويلها، بهدف رؤية والدي المسن وأخي والاطمئنان عليهما، بعد أن منعتهما سلطات الاحتلال من زيارتي. وعلى الرغم من أنني كنت أجلس خلال المحاكمة في مكان بعيد عنهم، لكن كنا نتبادل النظرات فقط، كما أنه لم يكن باستطاعتهم منعهم من حضور الجلسات التي كان يُسمح فيها بحضور شخصين من عائلة الأسير، لأنها لم تكن تحت مسمى "محكمة مغلقة" – التي تقتصر على المحامي والقاضي العسكري والنائب العام العسكري".

وعن قصة المؤبدات تقول أحلام: بعد انتهاء سلسلة الجلسات صدر الحكم علي في ثلاثة بنود:

- الأول: سجني 16 مؤبداً.

- الثاني: منعي من الخروج في أي صفقة تبادل قد تحصل مستقبلاً.

- الثالث: عزلي عن المجتمع الإنساني.

وتوضح "لقد أسفرت العملية التي نفذها الاستشهادي عز الدين المصري عن سقوط 15 قتيلاً و122 جريحاً إسرائيلياً، وبالتالي حكم عليّ بـ 15 مؤبداً بعدد القتلى الإسرائيليين، أما المؤبد السادس عشر، فقد اعتبروني أنا من قتل عز الدين المصري، لأنني اصطحبته إلى المكان مع سبق الإصرار والترصد، وأنه كان بإمكاني ثنيه عما سيفعله لكنني لم أفعل ذلك، أما محمد وائل دغلس، الذي اعتقل معي فقد حكم عليه بـ 15 مؤبد – أي عدد القتلى الإسرائيليين، ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بذلك، فكلما كان يحدث خلاف بيني وبين سجانة، مباشرة ودونما عن أخواتي الأسيرات اللواتي كانت تفرض عليهن غرامة مالية أو يُعزلن، كانوا يتعمدون إرجاعي إلى المحكمة العسكرية وزيادة الحكم عليّ بأشهر إضافية، وكان المحامي في كل مرة يُطالب أن يتم ضم الحكم مع المؤبدات الـ 16، ولكنهم كانوا يرفضون ذلك، دون إعطائنا أي تفسير".

وتضيف: "في إحدى المرات سأل المحامي إيليا القاضية لماذا الأشهر الإضافية فهي محكومة مدى الحياة؟ – فأجابته بما معناه عليهم إرضاء أهالي القتلى الإسرائيليين، بتكريمهم عن طريق المؤبدات المهولة التي يسقطونها على الأسير، بمعدل مؤبد واحد عن كل قتيل، بالرغم من إيمانهم أن المؤبد كالستة عشر مؤبداً".

معضلة الإفراج

وحول توقعها الإفراج عنها، تجيب أحلام: "دائماً كنت أتوقع ذلك، فعلاقتي بالله خاصة جداً، وهذه المناجاة والإسراءات الروحانية العالية، وحبل الوصال الدائم بيني وبين الله خلال وجودي في الأسر، كان يعطيني دائماً دفعات غريبة لا أستطيع أن أترجمها لك بالكلمات، فهي كانت مصدر قوتي وثباتي".

تتابع: "كنا نتابع الأخبار عبر قناة "الجزيرة" التي كانت تصلنا داخل السجن، وخلال البث المباشر لنبأ نجاح المقاومة في خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بتاريخ 25 حزيران 2006، اعتبرت ذلك إستجابة ربانية لدعائي، ودعاء الأسرى، فسجدت مباشرة شاكرة، باكية".

وعن "الفيتو" الذي كان يُطرح في كل الصفقات على اسمها تقول: "لقد قالت سلطات الاحتلال بوضوح أنني ممنوعة من الخروج في أي صفقة تبادل تحصل، وهذا ما ترجموه في البند الثاني من حكمي، وأبلغت بعد تحرري بأن هناك أربع جلسات تفاوض لاطلاق سراح الأسرى توقفت على اسمي فقط، كان الإسرائيليون يرفضون فيها رفضاً قطعياً خروجي، فيغلق الملف ويتفرق كلا الطرفين، تخيل على اسم واحد، فكيف إن كنت تتحدث عن أكثر من 450 أسيراً".

وتشرح أحلام، الذي تغير في الصفقة "إننا خرجنا على عذابات عدد من الأسرى الذين استثنوا لكي نخرج نحن، أنا أتحدث عن القادة البارزين في العمليات، على سبيل المثال عبد الله البرغوثي، وهو قائدي، تحمل الأسر مقابل أن يخرج باقي أفراد الخلية - أي أن القادة قدموا الجنود على أنفسهم".

خطوات نحو الحرية

وعن إبرام صفقة التبادل تقول أحلام: "لأول مرة تنجح المقاومة بإمكانياتها البسيطة في إخفاء شاليط لمدة 5 سنوات على الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي ميّز الصفقة، وأعطاني مؤشراً بأن العملية التفاوضية ستنجح في النهاية، وأن سلطات الاحتلال سترضخ لطلبات المقاومة، التي كانت في تلك المرحلة في مركز القوة أكثر من الإسرائيليين، لذا لم أشعر أبداً بأن العملية التفاوضية ستفشل".

وعن المراحل والمحطات التي مروا بها قبل الخروج من السجن، تقول أحلام: كأسيرات كنا في "سجن هشارون"، وسبق التحرر عدة مراحل:

- الأولى: تسليم كل أسيرة الأمانات التي تخصها.

- الثانية: أخذ بصمات جميع أصابع اليدين.

- الثالثة: وهي إجراء جديد، هو التعقب، وذلك بأخذ عينة من ريق الفم بواسطة آلة معينة.

- الرابعة: خلال مقابلة المحققين للإمضاء على تعهد، بأن لا يقوم الأسير بعد تحرره بأي عمل يضر بالأمن الإسرائيلي مهما كان شكله، وأن ممارسة أي عمل فعلي أو قولي أو  تضامني أو تحريضي... يخوّلهم القيام بأسرنا مرة أخرى.

لقد سألونا بعض الأسئلة الاستفزازية، التي رفضت الإجابة عن أي سؤال منها، وقلت للمسؤول الإسرائيلي: "لمصلحتك ومصلحتي إنهاء هذه الإجراءات، لأنكَ تعلم أنه مهما حدثتني سأتحرر، فيفضل أن لا نُدخل في مناكفة كلامية لن تستفيد منها. وفي المقابل أبلغوني أنه لن نسمح لك بمشاهدة نزار، رغم التحرر، ولن يدعونا نهنأ بشمس الحرية معاً".

وتضيف: "أبلغونا بأن نكون جاهزين في تمام الساعة الثانية ليلاً للتحرر، ومنعونا من أخذ أية أوراق كنا قد كتبناها خلال أسرنا، باستثناء بعض الملابس، ولم يتم تسليمنا مباشرة إلى "الصليب الأحمر الدولي"، بل نقلنا بـ "البوسطة" إلى معبر رفح المصري، لأننا كنا ضمن اللائحة التي ضمت 40 مبعداً إلى خارج الأراضي الفلسطينية، وكان هناك مبعدون آخرون إلى غزة وعوفر في رام الله.. خلال الطريق لم أرمش هنيهة واحدة، إذ كنت أودع فلسطين الحبيبة على أمل اللقاء ثانية، لدى وصولنا إلى المعبر، وفي لحظة تزامن سُلم شاليط وفتحت المعابر، دخلنا الأراضي المصرية، حيث كان استقبالنا الشعب المصري بحفاوة، ثم توجهنا إلى أحد الفنادق، فكان بانتظارنا رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل وقيادات من الحركة من غزة ولبنان وسوريا، عقدوا مؤتمراً صحفياً، وبعد انتهاء المؤتمر توجهنا إلى الأردن".

ارتباط روحي

تروي أحلام قصة ارتباطها بابن عمها نزار: "أنا ونزار أولاد عمومة، كان أهلي مقيمين في الأردن، في العام 1993 حكم على نزار و وأحمد وسعيد، أولاد عمومتي بالسجن مؤبد واحداً بسبب إقدامهم على قتل مستوطن إسرائيلي، وكانت ابنة عمتي وهي والدته قد استشهدت بعد يومين من محاكمته، على إثر مشادة كلامية حصلت بينها وبين مجندة إسرائيلية، فقامت بضربها على رأسها بعقب المسدس ما أحدث لها نزيفاً داخلياً أدى إلى استشهادها، هذه الأحداث كان لها الأثر البالغ عليّ، فكانت محور تغيري الفكري من فتاة تهتم بهذه الدنيا وما فيها، إلى فتاة أصبحت تعي واجبها تجاه القضية الفلسطينية. وبالتالي أصبح طريقي واضحاً رسمته منذ كان عمري 14 عاماً..".

تتابع: "في العام 1998 عندما أنهيت المرحلة الثانوية، انتقلت وعائلتي بزيارة عادية إلى فلسطين، قدمت خلالها طلب انتساب إلى "جامعة بيرزيت"، وحصلت على قبول لاستكمال مرحلة الدراسة الجامعية، ما أتاح لي فرصة البقاء في فلسطين، وأول عمل قمت به هو زيارة نزار وأحمد وسعيد أبناء عمومتي في "سجن عسقلان"، واستغرقت 45 دقيقة".

تشرح "أبلغت نزار أن قصتك كانت هي محور تحولي الفكري، وكانت هذه آخر جملة أُلقيها على مسمعه، ومُنعت بعدها من زيارته نهائياً، الأمر الذي دفعه إلى كتابة رسائل شكر لزيارتي لهم، إذ أن الأسرى كانوا يظنون أنهم منسيون، وأن لا أحد يفكّر بهم، فكان أن قال لي: "هل تعلمين يا ابنة عمي أنك الأولى من العائلة التي فكرّت أن يكون أول عمل لها هو زيارتنا، وأنك تميزتِ بهذا العمل، وكان لزيارتك الأثر البالغ في النفس، ولكن أريد أن أسألك لماذا أنا كنت بقصتي محور تغيرك الفكري، وهل ساهمت وأنا أسير لا أملك شيئاً أن أغيّر فكرك؟". وبدأ نقاش بيني وبينه حول هذه الجزئية، ثم ارتقينا أكثر فأكثر.. فكان نزار هو المتابع والملجأ الأول لي، كشخص له خبرة في الحياة بفلسطين وواقع القرية، وعادات وتقاليد العائلة، أضف إلى أنه كان قد درس السنة الجامعية الأولى في جامعة "بيرزيت"، قربه من هذا المحيط جعله دائماً الملجأ لي عبر الرسائل التي كنا نتبادلها عبر الصليب الأحمر الدولي".

تتابع: "بتاريخ 19 آب 2005، جرت مراسم الخطوبة في قرية النبي صالح، حيث توجه والدانا بالتوكيلين اللذين وقعناهما إلى محكمة رام الله الشرعية للقيام بالمعاملات الرسمية لعقد قراننا، وهو ما أثار استغراب القاضي الشرعي"، الذي قال: "هذه أول مرة يمر عليّ مثل هذا النوع من المعاملات".

وتعود أحلام لتتذكر صديقاتها الأسيرات، اللواتي بقين بعد الإفراج عنها، فتقول: "بقي خلفي 9 أسيرات، بالإضافة إلى اللواتي اعتقلن نتيجة الأحداث اليومية.. 9 أسيرات بقينَ خلفي، دعني أقول لك لا أعلم أن أُسميه خللاً أم أُسميه تواطؤاً، لأن وزارة الأسرى الموجودة في رام الله تعلم بأسماء الأسيرات والأسرى، فهي التي تقف على لحظات اعتقالهم، وبالتالي عملية الاعتقال لا تصل إلى غزة لكي يعلموا من تم اعتقاله مؤخراً، لأن أهالي الأسرى يقومون بإبلاغ وزارة الأسرى كجهة رسمية، لا يبلّغون غزة، وبالتالي كيف لغزة أن تعرف من تم اعتقاله!! كان على وزارة الأسرى من ناحية وطنية ومن ناحية إنسانية أن تزود غزة بهذه الأسماء، لأنها كانت تعلم بالمفاوضات الدائرة في تلك المرحلة، ولكن الحمد لله لقد أفرج عنهن في صفقة التبادل الثانية".

مكرمة العاهل السعودي

بعد التحرر، قدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مكرمة إلى الأسرى المحررين، لأداء فريضة الحج، اعتبرت أحلام هذه المكرمة التي تشرفت بها، استجابة من الله سبحانه وتعالى لدعائها، فتقول: "كنت دائماً أدعوه بالقول: "اللهم لا تخرجني من أرض فلسطين إلا للحج والعمرة"... وأنا على يقين بأنني سأعود إلى فلسطين، وسألتقى بزوجي، على الرغم من أن الاحتلال يعمل جاهداً حتى لا نجتمع سوياً".

أحلام التميمي في سطور

_ أحلام عارف التميمي:

- مواليد: مدينة الزرقاء الأردنية بتاريخ 20 تشرين الأول 1980.

- مخطوبة إلى ابن عمها نزار التميمي.

- اعتقلت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية النبي صالح، بتاريخ 14 أيلول 2001.

- أُطلق سراحها بتاريخ 18 تشرين الثاني 2011، في الدفعة الأولى لصفقة "وفاء الأحرار"، وأبعدت إلى الأردن.

- أول عضو نسائي في صفوف "كتائب عز الدين القسام".

الأسيرة المحررة أحلام التميمي خلال الحوار مع الإعلامي هيثم زعيتر
الأسيرة المحررة أحلام التميمي خلال الحوار مع الإعلامي هيثم زعيتر


\
\"الأسيرة المحررة أحلام تُعانق والدها بعد إطلاق سراحها\"


\
\"أحلام حاملة القرآن الكريم بين يديها المكبلتين\"


\
\"الخطيبان نزار وأحلام التميمي جمعتهما صورة مُركبة بعدما حال الاحتلال دون إتمام زواجهما\"


تعليقات: