رميش وعيتا الشعب شريكتان في المقاومة

درع الشكر الذي قدّمته بلدية عيتا إلى بلدية رميش
درع الشكر الذي قدّمته بلدية عيتا إلى بلدية رميش


الجوار حق وصدق وصفا

أهلاً يوم الشوائب كنتم

(...) من حاول شكركم بالحرف ما اكتفى

فتحتم القلب والصدر ونفوسنا صنتم

هذا ما كتب على درع الشكر والامتنان التي قدمتها بلدية عيتا الشعب إلى بلدية رميش بعد حرب تموز الأخيرة.

فحكايات أهالي عيتا عن بطولات أبنائهم، توازيها حكاياتهم عمّا لقوه من كرم أبناء رميش، وما حدث خلال الحرب كان مثالاً على التعايش المشترك الأصيل بين اللبنانيين. حتى إن الأستاذ الشيوعي طوني الحاج ابن بلدة رميش، يذهب إلى القول إن «ما لم تستطع الشيوعية تطبيقه في العالم طبّق هنا في بلدة رميش. فكلّ ما كان يمتلكه الأهالي من مؤونة قسّم بالتساوي بين أبناء البلدتين».

في اليوم الثالث للحرب، وبعد الإنذار الإسرائيلي لأهالي عيتا بلزوم مغادرة بلدتهم على الفور، توجه الأطفال والنساء والعجّز بالآلاف إلى بلدة رميش المجاورة. يروي الحاج: «كان مشهداً محزناً، لكنه استوعب مباشرة. تعامل أصحاب المنازل في رميش مع ضيوفهم بمودة وأخوة وأسكنوهم مع أسرهم في منزل واحد. أنا استقبلت 30 فرداً من خمس عائلات، أقمنا معاً في المنزل ذاته وتقاسمنا لقمة العيش طوال فترة الحرب. وهم كانوا يجلبون ما لديهم من متاع ويتقاسمونه معنا أيضاً».

يقول رئيس بلدية رميش إسكندر الحاج: «استقبلنا خلال الحرب أكثر من 5 آلاف لاجئ من القرى والبلدات المجاورة، ولا سيما من عيتا الشعب. فامتلأت المنازل والكنيسة والمدرسة بالنازحين ضمن حصار منع أي مساعدة تصل إلى البلدة».

وابتكر الأهالي وسائل جديدة لتدارك النقص في المؤونة، وخاصة الخبز، فاستخدمت مطاحن البنّ الصغيرة الموجودة في المحال التجارية، لطحن القمح، ومن ثم العمل على تحويله إلى خبز بخبرة نساء عيتا، أما أوراق التبغ المنتشرة في الحقول فكانت البديل من السجائر المستوردة والمصنّعة، بعد أن عمد الأهالي إلى تقطيع هذه الأوراق بواسطة السكاكين إلى قطع صغيرة، ومن ثم لفّها بأوراق ناعمة لتصبح البديل من السجائر النافدة.

ولما كان الدمار قد طال مراكز المياه في المحيط، قام دير سيدة البشارة في رميش بتأمين مياه الشرب لكل النازحين، لأن رئيس الدير الأب شكر الله شوفاني كان قد ملأ خزانات المازوت العائدة للبئر الإرتوازية التابعة للدير في 11 تموز، أي قبل الحرب بيوم واحد. ويقول شوفاني: «عجيبة العناية الإلهية! فهي لا تتخلى عن المؤمنين بها مهما تراكمت الصعوبات، لولا تعبئة البئر بالمازوت في الوقت المناسب بشبه إلهام إلهي، لكان عدد كبير من الموجودين في رميش وفي الدير من كل القرى المجاورة قد قضوا نحبهم حتماً جراء العطش».

ويقول ابن عيتا أحمد سرور: «لم نشعر بأننا غرباء، عاملنا أهالي رميش كأننا أنفسهم، أموالهم أموالنا، حتى إن بعضهم كان يتنافس على استضافتنا عنده». ومن الأمثلة التي يسوقها: «كان كرم العلم قد استضاف والديّ عنده، وفي أحد أيام الحرب قُصف منزله، وأثناء عملية القصف حضن العلم والديّ وانبطح بهما أرضاً حماية لهما بجسده. أما الراعي يوسف العلم فقد تبرّع بأكثر من 200 رأس غنم وقدمها للأهالي رغم أن غنمه تعرّض للقصف وفقد الكثير منه، ولم يعوَّض عليه حتى الآن».

ويشيد رئيس بلدية عيتا الشعب تيسير سرور بما قام به أهل رميش ويقول: «احتضنوا أهالي عيتا رغم الصعوبات الكثيرة التي واجهتهم وقدّمنا لبلديتهم درع تقدير ومحبة، ونعمل على القيام بمبادرات عرفان للجميل وتأكيد التعايش والشراكة بيننا».

تعليقات: