قصـة مجـزرة .. فـي النميريـة

شهداء مجزرة النميرية
شهداء مجزرة النميرية


النميرية :

عند الثالثة والنصف من عصر يوم 29 تموز العام ,2006 غادر عدنان الحركة منزله الكائن عند المدخل الجنوبي لبلدته النميرية، متوجهاً إلى ساحة البلدة لشراء ما تيسر من الخبز والمواد التموينية لعائلته المكونة من زوجته وأبنائهما الأربعة.

وهو في طريقه للخروج من المبنى، التقى الحركة بجاره نايف بدير الذي بقي وحيداً في منزله بعدما أمن خروج زوجته وأولاده من المنطقة. تصافح الرجلان، وتحدثا قليلا، ثم غادر الحركة إلى الساحة.

عند الرابعة عصرا، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة مفـــاجئة على المبنى الذي يقطنه.

حولت المقــــاتلات الإسرائيلية المبنى إلى ركـــام، اختلط بأجساد زوجة عدنان وأبنائه وبدير، وتطايرت الاشلاء والردم على مســافات بعيدة.

يقول الحركة إنه التقى في الساحة عددا من جيرانه وأصدقائه وأقاربه من أبناء البلدة، وتبادل معهم الكلام حول التطورات الأمنية الراهنة وآخر المستجدات، فأخذ ذلك بعضاً من الوقت .. نجاه من موت محتم.

يقول «لما وقعت الغارة، ظننتها للوهلة الأولى قد استهدفت حاجز الجيش اللبناني عند المدخل الجنوبي للبلدة في الحي الذي أسكن فيه، فاستأذنت ممن كنت معهم في الدكان لأعود إلى منزلي للاطمئنان على عائلتي».

في طريق العودة، اقتــــربت منه سيــــارة كان في داخلها أحــــد جيرانه الذي أبلغه بصراحة: «لقــد استهدفت الغارة الإسرائيلية المـــبنى الذي يقع فيه منـــزلك ولم نعلم ماذا حــدث حتـى الآن».

عندها قاد سيارته مسرعاً نحو المبنى، لكنه لم يجده، بل وجد ساحة خراب ودمار وركام وأشلاء.

أخذ ينادي على زوجته وأولاده بأسمائهم مرات عديدة، وهو يدور حول ركام المبنى «كالمجنون»، يبحث عن أي همسة، أو أنين...

شعر الحركة بعد استشهاد زوجته وأولاده بعقدة ذنب لا مثيل لها، لأنه لم يهربهم بعيداً مثلما فعل الكثيرون من أبناء بلدته. يذكر بحسرة كيف كانت زوجته ترفض المغادرة من دونه، مفضلة الموت في المنزل على «التشرد». وكان هو لا يقدر على الرحيل بسبب عمله في الدفاع المدني.

كان يقول في نفسه يا ليتني فعلت ذلك، ولكنه يضيف: «لا يصـــــيب المرء إلا ما كتب له. ولــــو كنا قد هربنا لكان من الممكن أن نموت جميــــعاً على الطريق، أو في مكان لجــــوئنا، مثل أبناء حاروف الذين هربوا إلى الشياح واستشــهدوا هناك».

ويعتبر الحركة أن مصيبته تهون «أمام مجزرة قانا الأولى والثانية وغيرها من المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت بحق أهلنا من الشيوخ والأطفال والنساء، ولي فيهم أسوة حسنة».

يضيف ان «إســرائيل كانت تهدف من خلال المجازر في صفـــوف المدنيين لحملهم على الانتفاض ضد المقاومة، وأتذكر أن أحــــد المعزين بأسرتي سألني: عندما استشهدت زوجـــتك وعائلتـــك ألم تحمل السيد حسن نصر الله المسؤولية؟ فأجبـــته فوراً: إن زوجتي وأولادي هم فــــداء للسيد وللمقاومة، وليسوا أفضل من ابنه الشهيد السيد هادي، وقد استشهدوا جميعاً في سبيل الله».

وقد أرسل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، غداة المجزرة، برسالة تعزية للحركة جاء فيها: «سلامي وسلام كل أحبتي وأعزائي وإخوتي في المقاومة الإسلامية إلى عوائل الشهداء الأخيار الذين هم العين والسراج والقلب وعنوان التضحية والعطاء والفداء وأسمى وأغلى ما يمكن أن يجود به الإنسان».

يعتبر الحركة هذه الرسالة من أغلى وأثمن الأشياء التي حصل عليها في حياته، وهي مبعث فخر واعتزاز له، فحفظها في إطار زجاجي وثبتها على جدار المنزل.

تزوج الحــــركة قبل ستة أشــــهر، وزوجته اليوم حامل بمولود ذكر. «لن تمحو إسرائيل ذكــرنا»، يقول الحركة، «وسننتصر بالحياة على الموت».

ورسالة السيد نصر الله الى أهالي الشهداء
ورسالة السيد نصر الله الى أهالي الشهداء


تعليقات: