حكومات الوحدة في إسرائيل.. الوظائف والمهمات


اتفاق موفاز- نتانياهو على تشكيل حكومة وحدة وطنية في اسرائيل، طرح أكثر من سؤال عن إبعاد هذا الاتفاق في هذه الظروف بالذات؟.

فقد اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الجديد لحزب «كاديما» شاؤول موفاز» على إقامة حكومة وحدة وطنية بين الطرفين، وقد نص الاتفاق بين الطرفين على أمور مهمة، منها: أن يشغل «موفاز» منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة، ووزيرًا بدون حقيبة وزارية داخل الحكومة، وعضوًا في المجلس السياسي الأمني المصغر، وتغيير قانون « طال» الذي يعفي المتدينين من الخدمة العسكرية، وطرح اقتراح قانون لتغيير نظام الانتخابات حتى موعدها في خريف 2013م، وبذلك يكون هذا الاتفاق قد ألغى الانتخابات المبكرة في الرابع من سبتمبر القادم، التي كانت كافية لهزيمة حزب «كاديما»، الأكثر حضورًا في «الكنيست» الحالية، وذلك لمصلحة حزب «الليكود» اليميني برئاسة نتنياهو».. وتشير استطلاعات الرأي العام الى خسارة حزب كاديما أكثر من ثلثي قوته البرلمانية وتراجعه إلى 11 مقعدًا من أصل 28 مقعدًا يملكها في الكنيست الحالية، وهو السبب نفسه الذي جعل «أيهود باراك» يرحب بالاتفاق، حيث بينت استطلاعات الرأي العام الأخيرة أيضًا بأن حزبه «الاستقلال» سيحصل على «صفر» كبير في حالة إجراء الانتخابات في سبتمبر القادم.

فقد جاء الاتفاق المذكور مفاجئًا للاسرائيليين اولاً الذين كانوا ينتظرون انتخابات نيابية مبكرة فاذا بهم امام تشكيل حكومة وطنية موسعة هي الأكبر في تاريخ اسرائيل من حيث التمثيل البرلماني المؤيد لها والداعم لها. واتفاق نتنياهو- موفاز قلب الطاولة امام خصوم الرجلين وخلط الاوراق في اسرائيل». وحكومات الوحدة الوطنية في اسرائيل هي حكومات طوارئ على كافة الصعد لان اللجوء اليها يكون عادة مخرجا اضطراريا أو الاستعداد لمرحلة حساسة وخطيرة ولذلك تستند الى ممثلين عن أحزاب مختلفة ومتنافسة سياسيا.

فنشوب الحرب أو دخول البلاد في أزمة اقتصادية خطيرة، او شل حركة القوى السياسية الكبيرة داخل الكنيست أسباب جوهرية لهرولة الاسرائيليين نحو حكومة الوحدة الوطنية ولعل ما قاله وزير حماية البيئة «جلعاد أردان»: إن الوحدة الوطنية تزيد من الاستقرار السياسي وتساهم في تكوين جبهة عريضة تمهيدًا لاتخاذ قرارات محتملة بشأن الملف النووي الإيراني» وهو على جانب أساسي من أسباب الدعوة الى تشكيل حكومة الوحدة في اسرائيل.

ويدل تاريخ حكومات الاتحاد الوطني في إسرائيل على انه تزامن مع اعلان قيام دولة إسرائيل وعرفت في حينه بالحكومة المؤقته كحكومة وحدة وطنية رغم أنها لم تحمل رسميا هذه الصفة كونها تشكلت في حينه من غالبية الكتل الممثلة في «مجلس الدولة المؤقت» الذي كان بمثابة الكنيست اليوم «باستثناء الحزب الشيوعي».

الا ان التسمية حكومة وحدة وطنية ظهرت لاول مرة في عام 1967 برئاسة ليفي أشكول وشكلت قبيل أيام من حرب يونيو التي خسرها العرب واحتلت فيها اسرائيل اراضي 4 دول عربية اي الضفة الغربية وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء ومزارع شبعا اللبنانية. اما الحكومة الثانية فقد شكلتها غولدا مائير اثناء حرب الاستنزاف المصرية الاسرائيلية عام 1969. اما في أعقاب الاجتياح الاسرائيلي للبنان شكلت في عام 1984 حكومة وحدة وطنية بعدما عصفت باسرائيل ازمة سياسية واقتصادية ووصلت مستويات التضخم في حينه كما وصفت الى المدمرة. وفي عام 1988 شكل إسحاق شامير الحكومة الثالثة والعشرين بعد أن فشلت محاولاته إقامة حكومة ضيقة مع الاحزاب المتدينة.

وفي عام 1999 جرت الانتخابات الاسرائيلية العامة وفقا لطريقة التصويت ببطاقتين انتخابيتين الأولى لاختيار أعضاء الكنيست والثانية لاختيار رئيس الوزراء وفاز أيهود باراك في انتخابات رئيس الوزراء مقابل ارائيل شارون الذي فاز حزبه في انتخابات الكنيست، وكانت هذه المرة الأخيرة التي جرت بها الانتخابات وفقا لهذه الطريقة. وشكل باراك حكومة مصغرة لكن الأخير أجبر فيما بعد على تقديم موعد انتخابات رئاسة الحكومة دون أن يحل الكنيست ففاز عليه ارائيل شارون عام 2001 فقدم باراك استقالته فاسحًا المجال امام شمعون بيريس لتولي قيادة الحزب ودخول حكومة وحدة وطنية برئاسة شارون.

ومن الواضح ان وجود حكومة وحدة وطنية في إسرائيل في سيمكن إسرائيل من التحرك بحرية فيما بالخارج سواء تجاه لبنان الذي تنظر اليه كمصدر خطر كبير على حدودها الشمالية التي يتمركز عليها حزب الله بترسانته الصاروخية التي تهدد عمق إسرائيل. ومع أن أي عمل عسكري اسرائيلي ضد لبنان سيكون مغامرة مجهولة النتائج بالنسبة للدولة العبرية الا ان الاسرائيليين يستعدون باستمرار للحظة المناسبة لضرب حزب الله وان وجود ائتلاف حكومي يشكل الدعامة الاساسية لأي عمل عسكري أو سياسي.

كما أن حكومة الوحدة ستساعد إسرائيل على مواجهة عواقب أي عمل سواء تجاه لبنان أو إيران والتاريخ لديه أدلة وشواهد على ان ولادة حكومات الوحدة في اسرائيل لديها دائما وظائف ومهمات صعبة.

>>

* حسين أحمد عبدالله - الخيام (كاتب ومحلل في الشؤون العربية والفلسطينية)

تعليقات: