مصري في حاصبيا يتربّع على \"كرسي\" العمالة من لبنان


أقرّ ابراهيم محمد سرور من دون جهد أو عناء بالتعامل مع المخابرات الإسرائيلية منذ العام 1999 "بمساعدة" رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن الطيار خليل ابراهيم، الذي نجح أكثر من مرة في "استدراجه" للإدلاء باعترافاته السابقة.

سرور الآتي من بلاده مصر منذ السبعينات، سكن في منطقة حاصبيا و"تربّع" على كرسي العمالة، التي درّت عليها أموالاً من العملة الصعبة، من خلال كرسي تلقاها "هدية" من مشغليه ومجهزة بجهاز، وذلك قبل التحرير بيوم واحد، حيث كان يتواصل من خلاله مع أحد ضباط العدو المدعو "نمر" بعد أن تلقى دروساً على يد "بروفسور" علّمه كيفية تشغيل هذا الجهاز.

تحدث سرور أثناء استجوابه أمس أمام المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم وعضوية المستشارة المدنية القاضية ليلى رعيدي وبحضور ممثل النيابة العامة القاضي أحمد عويدات، على سجيته حول رحلة العمالة التي استمرت، على حد قوله، ستة أعوام، الى العام 2005، لكنه قلّل من أهمية المعلومات التي زوّدها لمشغليه، معلومات قال عنها حيناً إنها غير صحيحة، وحيناً إنها عامة ومعروفة من جميع الناس، وهي تتصل بتحركات "مسلحين" وفق تعبيره في مناطق جنوبية.

و"تباهى" سرور، وهو رجل دخل عتبة الستين من العمر، بإلمامه باستعمال الكومبيوتر من دون تلقيه أي دروس بشأنه، فقال بعدما أوضح أنه وصل في علومه الى صف "البروفيه": "ما الحاجة الى دروس في الكومبيوتر فأنا أجيد استعماله، إنه أمر سهل".

وإلى جانب سرور، تحاكم زوجته سمر لعلمها بتعامل زوجها مع الموساد حيث كانت ترافقه لتحصيل مبالغ مالية بواسطة البريد الميت، لكن سرور، نفى ذلك وأكد في بداية استجوابه عدم علاقة زوجته أو معرفتها المسبقة بما كان يفعله، ولكن في احد أجوبته، زلّ لسانه، ليقول بأنه عندما أحضر "الكرسي الهدية" الى المنزل وسألته عن مصدره أعلمها بتعامله وحصلت حينها مشادة بينهما. وعاد سرور ليقول بأنه كان يترك زوجته وابنته في مكان بعيد عن مكان وجود البريد الميت، عندما كان يذهب لإحضاره.

وباستجوابه بحضور وكيله المحامي صليبا الحاج بتكليف من نقابة المحامين، بادر رئاسة المحكمة في مستهل استجوابه بالقول: "إن زوجتي لا علاقة لها بأي شيء ولا تعرف عني شيئاً". ثم أضاف رداً على سؤال بأنه جاء الى لبنان في العام 1973 حيث تنقّل في العمل الى أن استقر في بلدة حاصبيا وعملت في مصبغة هناك. وأوضح أنه في العام 2002 حوكم بجرم دخول بلاد العدو بالسجن مدة 21 يوماً مع غرامة 400 ألف ليرة.

وكان لافتاً تعدّد الأرقام الهاتفية التي استعملها سرور والتي بلغت ستة، حيث أقرّ باستخدامها منذ العام 2001 2002 حتى العام 2005، إذ انقطع عن استعمال أي هاتف خلوي ليعود في العام 2008 ويستعمل خط هاتف جديد.

وسئل عن المدعو نمر فأفاد بأنه تعرّف عليه على معبر كفرتبنيت في العام 1999، حيث عرض عليه لاحقاً تأمين عمل له في معمل نسيج في إسرائيل.

وبدا سرور ملمّاً "بشروط" العمل في إسرائيل من خلال ردّه على سؤال للرئاسة لجهة أن العمل هناك يتطلّب وساطة، وقال سرور: غير صحيح، إن 90 في المئة من سكان الجنوب يعملون هناك. ثم أردف: الأمر يتطلب الحصول على رقم عسكري.

وسئل عن طبيعة العمل الذي عرضه عليه المدعو نمر فأجاب: تزويده بأخبار. وأضاف رداً على سؤال: بعد نحو شهر اتصل بي وطلب مقابلتي، وواعدني على بوابة فاطمة، حيث قصدت المنطقة وكان بانتظاري مع كل من المدعوين "ليو" و"أمير" وربما آخر يدعى جعفر. فنقلوني بسيارة مرسيدس بيضاء اللون وذات زجاج قاتم الى "كريات شمونة"، وعرض عليّ "نمر" هناك التعامل معهم، موضحاً بأن المذكورين كانوا يتحدثون اللغة العربية. وبعدما أعطى سرور أوصاف "الرجال" الثلاثة قال: إن نمر كان يتولى الحديث وعرض عليّ جمع معلومات.

وبسؤاله عما إذا طرحت عليه أسئلة شخصية قال: كلا، وأضاف هناك أمور كثيرة كتبت في التحقيق معي ولم أذكرها.

وبسؤاله قال: سلمني نمر حينها مبلغ 200 دولار ثم أعادوني إلى بوابة فاطمة، حيث رجعت إلى المنزل، انما لم أخبر زوجتي بما جرى معي.

وأضاف سرور انه كان الأول عام 1999 وقبل التحرير اتصل نمر مجدداً وطلب منه ملاقاته عند بوابة فاطمة، حيث كان بانتظاره الأشخاص أنفسهم في الأول، ونقلوه إلى المحل عينه.

وسئل عن طبيعة المعلومات التي طلبت منه في ذلك اللقاء فقال: تحركات المقاومة. وأضاف: مكثت حوالى 3 ساعات، ولا أذكر ماذا سلمني.

وبعد ان ذكّره رئيس المحكمة باعترافه السابق حول تسلّمه مبلغ ألف دولار حينها قال: لا أذكر.

وماذا عن خط هاتف خلوي تسلّمه أيضاً فأجاب: ممكن، نعم.

وسئل: ماذا طلب ان تفعل بخط الهاتف فأجاب: ان أبقيه مفتوحاً.

وهنا نجح رئيس المحكمة في "استدراج" المتهم ليقرّ بقبضه ألف دولار في ذلك اللقاء، فسأله مجدداً: هل أعطاك حينها ألف دولار فأجاب سرور: نعم.

وعن كيفية حصول التواصل بينه وبين مشغليه أجاب: كان يتصل بي مرّة في الشهر، ويسألني عن وضع المنطقة وإذا كان يوجد فيها مسلحون، كان يسألني عن منطقة حاصبيا.

وسئل قبل التحرير بيوم واحد في 24/5/2000 ماذا حصل، فأجاب: اتصل بي نمر وأبلغني انه يريد مقابلتي بشكل ضروري، فالتقينا عند معبر الوزاني حيث كان يوجد إلى نمر، أمير وجعفر والبروفسور جيم. وقد أخذوني إلى مستوعب حيث أطلعوني على جهاز تم وضعه داخل كرسي شبيه بالكراسي في منزلي.

وأوضح سرور هنا أن نمر سأله في احد لقاءاته به في كريات شمونة عن أثاث منزله وأضاف: كان الجهاز داخل الكرسي وهو جهاز إرسال واستقبال، وبداخله أيضاً طابعة مشفرة، ولائحة عليها موجات مشفرة.

وعن كيفية عمل الطابعة قال سرور انها تعمل بشكل عادي فتكتب الرسالة وترسلها.

وفي رده على سؤال أوضح سرور ان "البروفسور جيم" علّمه كيفية استعمال الجهاز وتشفير الرسائل واستقبالها عبر الجهاز، كما زوده بكتاب لحل الرموز، لينتهي اللقاء بمبلغ 2000 دولار تسلّمه من نمر، وخط هاتف إسرائيلي (أورانج) فضلاً عن الكرسي.

وأوضح سرور انه بعد اعادته إلى الوزاني، قصد منزله فسألته زوجته عن الكرسي حيث أخبرها انها أعجبته فاشتراها.

سئل: ألم تخبرها عن التعامل فأجاب: نعم أخبرتها وحصل إشكال بيننا.

وأفاد سرور رداً على سؤال انه كان يتلقى من نمر اتصالاً هاتفياً على خط هاتفه الخلوي فيطلب منه تشغيل الجهاز، وكان يفعل ذلك بغياب زوجته عن المنزل.

وقال بسؤاله: ان نمر كان يسألني في الرسائل عن الأوضاع وكنت أجيبه بأنها عادية، وأزوّده بمعلومات يعرفها عامة الناس.

سئل: ألم تزوده بتحركات عسكرية وعن المقاومة فأجاب: نعم.

وسئل عن مهمات خاصة كلّف بها، فقال ان نمر طلب منه مرة الذهاب إلى الخيام وأنا لم أعد أتعامل معه منذ العام 2005. أضاف: طلب مني أيضاً الذهاب إلى منطقة الهبارية وسألني عن تحركات عسكرية هناك، وكنت أجيبه بأنه لا يوجد شيء لافت، كما قصدت كفرشوبا وأخبرته أني لم أر شيئاً. ونفى سرور ان يكون قصد محيط معتقل الخيام.

وعما إذا طلب من نمر مالاً فأجاب: نعم، وطلب مني التريث، ثم أعلمني انه أرسل لي مالاً بواسطة بريد ميت في بلدة الماري وكان ذلك عام 2002.

وقد أبلغني عن كيفية الوصول إليه عبر الجهاز.

وقال: رافقتني زوجتي وابنتي انما تركتهما في البرية وذهبت لأحضر المال. وكان يوجد في علبة بلاستيكية، مبلغ 3000 آلاف دولار. ولم ابلغ زوجتي بشيء حينها.

وأضاف سرور انه خلال العام 2003 حصل أيضاً على مبلغ ألفي دولار بواسطة بريد ميتاً كان مزروعاً في بلدة دير الحرف وكان يحوي أيضاً قرصاً مدمجاً يتضمن خرائط جوية لمنطقة حاصبيا وليس للجنوب، وقد ذهبت بمفردي حينها.

وبسؤاله قال: طلب مني نمر ان أطلع على القرص المدمج عبر الكومبيوتر، وما إذا كنت أعلم شيئاً في الخريطة.

سئل: تقول سابقاً انك اشتريت جهاز كومبيوتر بمبلغ 550 دولارا من منطقة البقاع بناء على طلب نمر، فأجاب: كلا، كان لدي جهاز قبل ذلك.

وعما إذا تلقى دروساً في استعماله أجاب: انه أمر سهل ولم يعلمني أحد على كيفية استعماله.

وقبل ان يرفع رئيس المحكمة الجلسة لمتابعة استجوابه واستجواب زوجته إلى السابع من كانون الأول المقبل، سئل عما طلبه منه نمر حينها، فأجاب: طلب مني شراء خط هاتف جديد، على ان أقفله بشكل دائم، ولا أستعمله إلا في حال أردت ان أعلّم له بواسطته.

تعليقات: