مياومون..


.. مصطلح جديد تصدّر قائمة المصطلحات التي تعجّ بها وسائل الإعلام اللبنانيّة على تنوّعها, وهو مضافاً لثقله على اللسان, وصعوبة التلفّظ به, فإنّه غير مألوف و معروف لدى الشريحة الكبرى من اللبنانيين, وربما ساعد اقتران الكهرباء "بالمياومين" في إزالة بعض الغموض وتقريب المعنى إلى الأذهان ..

المياوم هو العامل الذي يعمل ليومه ويتقاضى أجر هذا اليوم, وكثيرون هم المياومون المتوزّعون على العديد من الأعمال حين لا يكون بوسعهم الانتظام في مهنة دائمة أو وظيفة ثابتة, خصوصاً عندما تكون الوظائف خاضعة لسياسات الوساطة والمحسوبيّة, أو مرهونة لمنطق المحاصصة والتوزيع الطائفيّ, في بلد يعتمد الطائفيّة معياراً في التوظيف ويلغي من حساباته الكفاءة والمقدرة.

وقبل الحديث عن المياومة بمفهومها السياسيّ لا بدّ لي أن أنوّه بمياومي شركة الكهرباء الذين لفتوا انتباهنا بفعل حركتهم الاحتجاجيّة وحرّضوا أقلامنا للكتابة عن مياومة يمتهنها أكثرنا دون أن نملك لها تعريفا, أو نجد لها توصيفا .

لقد قادنا الشارع المفتوح على الاحتجاج والكفر بالواقع إلى إدراك أنّ الكثيرين منّا مياومون!..

نعم مياومون نحن في فراغات الوطن المفترض نتسوّل خبزنا وحقّنا بالعيش بكرامة ..

مياومون أمام أبواب الدوائر والوزارات نتوسّل مقامات من هتفنا لهم وما حصدنا إلا الخيبات ..

مياومون أمام المدارس, والمستشفيات, وأبواب السّادة النّواب نكشف عوراتنا, ونريق ما تبقى من ماء الحياء..

مياومون أمام هيبة الأمن المسلّط على رقاب الفقراء, وقد تعرّى الأمن الهشّ أمام الأقوياء ..

مياومون غارقون بالعتمة, مستغرقون بالصمت, مرتهنون بلقمة العيش حتى السليبة منها ..

وعلى الضّفة الأخرى مياومون أيضا, بكامل أناقتهم يطلّون علينا, يسحرون المنابر والشاشات بخطاباتهم وأمانيّهم, بوعودهم ووعيدهم, باستكانتهم وشراستهم..

مياومو السّياسة, شاء الله أن يبتلي أهل هذا البلد العجيب بهم, فهم رغم فشلهم الفاضح يكابرون, ولله درّ النعامة وفطنتها ..

حكومة التناقضات دخلت المواجهة المفتوحة مع الشّعب المياوم على أرصفة الغضب والتمرّد, وإعادة النظر وترتيب الحسابات, وقد ملّ هذا الشّعب نشرات الأخبار, ملّ النّظر في وجوه الكسبة, ملّ تجرّع الأماني والأحلام, فهلّا يتنبّه المعنيون إلى أنّ كرة النّار تكبر وقريبا ستحرقهم بما كسبت أيديهم ..

مياومو التّمويه واللعب بنار المذهبيّات والعصبيّات ـ خدمة لمصالحهم الانتخابيّة ـ ألا يخجلون أمام تراكم القضايا والملفات التي تضيق بها السّاحة حدّ الاختناق والانفلات ؟!.

مياومو الداخل وكلاء الخارج, أما آن لهم أن يلتفتوا إلى هموم اللبنانييّن؟ وينأوا بنا ولو مؤقتاً عن قضايا الكون ويستأذنوا سادتهم ومواليهم التفرّغ لخدمة بشر من حقّهم أن يعيشوا بسلام ..

بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو

Cheikh_kanso@hotmail.com

تعليقات: