النازحون السوريون يتمددون باتجاه حاصبيا والعرقوب

طفلان نازحان يجمعان علباً معدنية لبيعها في حاصبيا («السفير»)
طفلان نازحان يجمعان علباً معدنية لبيعها في حاصبيا («السفير»)


النازحون السوريون يتمددون باتجاه حاصبيا والعرقوب

مـرج الزهــور تحـتضـن عــائـلات إدلـب وحمـص

بدأت عشرات العائلات السورية النازحة إلى لبنان، بالتمدد من راشيا والبقاع الغربي، إلى قرى حاصبيا والعرقوب، بعدما ضاقت المناطق البقاعية بالوافدين الجدد، الذين فشلوا في إيجاد مأوى لهم ولعيالهم. وتتخوف تلك العائلات من برد الشتاء المقبل، مع تيقن النازحين بأن هجرتهم ستطول، في ظل الأزمة المعقدة والمتصاعدة في بلدهم سوريا، وإلزام الكثير من العائلات إخلاء المدارس الرسمية البقاعية، مع انطلاقة العام الدراسي الجديد.

العائلات النازحة باتجاه حاصبيا وقرى العرقوب، هي بغالبيتها من حمص، وحلب، وإدلب. وقد قصدت العديد من قرى حاصبيا والعرقوب، لتحط رحالها إما في مدارس رسمية قديمة، وغير مشغولة من قبل وزارة التربية، كما هو حاصل في «مدرسة مرج الزهور»، أو في ضيافة أقارب، أو داخل غرف مستأجرة، ومنهم من التحق بعمال سوريين، كانوا قد سبقوهم للعمل في تلك القرى. ويقطنون بمنازل مستأجرة مقبولة المساحة، وبإيجارات قديمة.

وتستريح عدة عائلات من إدلب وحمص في «مدرسة مرج الزهور الرسمية»، التي كان طلابها قد نقلوا منها في العام الدراسي الماضي، إلى مبنى مدرسي جديد، أشاده «مجلس الجنوب». اضطر رب إحدى تلك العائلات، وهو أبو علاء أحمد الخطيب من حمص، الذي تقاعد منذ ستة أشهر من معمل سكر كان يعمل فيه، مع عائلته إلى ترك منزله على عجل، قبل أن يتمكن من الحصول على تعويض نهاية الخدمة، أو بطاقة سحب راتب التقاعد من المصارف. يقول الخطيب: «لقد هربنا في لحظة غضب، كانت خلالها القذائف المدفعية والرشقات الرشاشة من مختلف الأعيرة، تتساقط من حولنا كزخ المطر، الحمد لله نجونا بأرواحنا، من دون أن نتمكن من حمل أي شيء من المنزل». يضيف: «وصلنا بصعوبة إلى لبنان عبر بوابة المصنع الحدودية، لا نعرف كيف نتجه وإلى أين نذهب. قالوا لنا لن تجدوا منازل في البقاع، فالمنطقة أقفلت بالكامل. حماتي وهي أصلاً من بلدة مرج الزهور، والتي اشتهرت بضيافتها للمبعدين الفلسطينيين، والذين أقاموا في خراجها مخيماً حمل اسمها. لم يكن أمامنا سوى هذه الوجهة». ويرى أن رحلتهم إلى مرج الزهور «كانت موفقة بالفعل، استقبلنا أهالي البلدة بكل ترحاب، فتحوا لنا بعض المنازل وأبواب المدرسة التي فيها كل مقومات الحياة، من مياه وكهرباء على مدار الساعة، ذلك على العكس من معظم المناطق اللبنانية. توزعنا على الغرف الرحبة، ووجد الأطفال في ملعبها فرصة جيدة للهو والخروج رويدا من هلع الحرب التي عشناها جميعا».

وتفاجأت جهينة الخطيب، إحدى النازحات، كما قالت بـ «حسن الضيافة في بلدة مرج الزهور، حيث كان استقبال أهاليها لنا حاشداً وحميماً. نسينا معهم جانبا من مأساتنا الكبرى. قدموا لنا بداية كل ما نحتاج من مأكل ومشرب وفرش وطعام، إضافة إلى مساعدات عينية، زودوا المدرسة ببراد، وتلفاز، وغسالة، وغاز». والمفاجأة الأخرى، وفق الخطيب، «كانت في جمع تبرعات من أعيان البلدة، خصصت لشراء ماكينة خياطة بنحو 650 دولارا، قدموها لي كهدية، بعدما علموا أني أجيد المهنة. وقد بدأت منذ فترة بممارسة خياطة وإصلاح بعض الملابس للنازحين، ولأهالي البلدة والجوار، الغلة اليومية لعملي مقبولة، تتراوح بين عشرة وعشرين دولاراً أميركياً». وتعتبر الخطيب أن ذلك المبلغ اليومي «يسد جانباً من المصاريف، التي ستتضاعف مع اقتراب فصل الشتاء المقبل، حيث مازوت التدفئة سيكون مشكلة المشاكل». تضيف «بدأنا منذ اليوم بوضع خطة لمواجهة الصقيع عبر أكثر من وسيلة، في حين لا نعرف كيف سنحد من الارتفاع الحاد في المصاريف المقبلة، حيث الغلاء هنا يطال كل شيء تقريبا».

النازحة الستينية فاطمة الخطيب انتقدت الجهات المانحة. تقول «على الرغم من حسن الضيافة في هذه القرى، والتقديمات المتعددة لسكانها، فإن الجمعيات المانحة لا تقوم بواجبها بشكل كامل، حيث نتلقى حصة تموينية واحدة في الشهر: سكر، وحليب، وارز، ومعلبات ومواد تنظيف، لكنها غير كافية، علما أننا نتكيف معها. ونقوم بتقنين ما تحتويه على مدار الشهر. ولكن حتى الآن لم يزرنا أي طبيب وذلك ما ننشده. همنا أولا وأخيراً يبقى العودة إلى بلدتنا ومنزلنا. ونفضل العيش هناك في خيمة عتيقة فوق ركام بيتنا، ذلك أفضل من حال التشرد والضياع التي نتعرض لها».

من جهته، لفت رئيس بلدية مرج الزهور محمد الحاج إلى أن «العائلات السورية ضيوف لدينا، قدمنا لهم كل ما يمكن من مساعدة وفي مختلف المجالات، أبواب البلدية ومنازلنا مفتوحة أمامهم، نزورهم بشكل دوري ونقف على أوضاعهم وهم بحال جيدة». أضاف: «تأتيهم بعض المساعدات التموينية من جهات مانحة، في حين دخل بعضهم سوق العمل اللبناني خاصة في مجال البناء، ما يدر عليهم بعض المدخول، وإننا نتمنى انتهاء الأوضاع الشاذة في بلدهم حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم وأرزاقهم».

تعليقات: