عقاب صقر يردّ من اسطنبول: أشتغل بالحليب والبطّانيات

عقاب صقر يردّ من  اسطنبول: أشتغل بالحليب والبطّانيات
عقاب صقر يردّ من اسطنبول: أشتغل بالحليب والبطّانيات




عقد النائب صقر مؤتمراً صحافياً في اسطنبول ردّ فيه على التسجيلات الصوتية التي نشرتها «الأخبار» بشأن تورّطه في تسليح مجموعات المعارضة السورية، قائلاً أن «الفضيحة التي ألمت بي نتيجة الحملة الأمنية والسياسية والإعلامية حققت نتيجتها في الاعلام وحاولت التشكيك في صدقية تيار المستقبل»، معتبراً أن «هذه الحملة هي الأقوى والأكبر، ووصلت إلى حد حوّلني فيه التلفزيون السوري إلى جثة هامدة».

وأكد صقر أن «هذه الحملة هي الأولى من حيث الضراوة الإعلامية والعسكرية، ووصلت إلى حدّ التلميح والإشارة والتصريح بضرورة أن أقتل، وبعض الصبية الصغار الذي قالوا انني على خلاف مع النصرة، وأن النصرة سيقتلونني». وقال ان «الحالة الأمنية السياسية الإعلانية، استطاعت أن تخلق لدى الرأي العام مجموعة أفكار جرحت تيار المستقبل، وأظهرته بمظهر الخارج عن القانون». وقال صقر «لقد تمّت سرقة أشرطة تسجيل وفيديو وصور لي من جهاز الكمبيوتر الخاص بي، ومدة التسجيلات المسروقة هي 500 دقيقة. والتسجيلات التي نشرت هي فضيحة الفضائح، وهناك تسجيل أول هو التسجيل الحقيقي غير المزور». وأضاف «التفاوض في التسجيلات كان حول المخطوفين في أعزاز وانا استمعت الى المطالب ولم أتاجر بالسلاح، والتسجيلات التي عرضت مركّبة، وهذه التهمة مفبركة من إعلام محور المخادعة». وأردف قائلاً: «سأسلم التسجيلات الحقيقية كاملة للإعلام لكي نفضح التزوير الذي قاموا به أثناء سرقة التسجيلات، وهم لم يدروا أن لديّ نسخاً أخرى عن هذه التسجيلات كاملة، وسأعرضها للإعلام، ويمكن أخذ كل هذه التسجيلات الى كل مختبرات العالم والكشف عليها والتأكد أن هناك تزويراً بها، وستكون دليلاً على تزويرهم». وسأل: «هل تساءل الأذكياء العباقرة لماذا تطرح هذه التسجيلات من دون نهاية أو بداية وبهذا الشكل المبهم، ولماذا أطلب من ناطق إعلامي الأسلحة؟» مشيراً إلى أن «التسجيلات فيها الكثير من الثغر، وهي أم الفضائح».

وعرض صقر تسجيلاً قال إنه «التسجيل الأول الحقيقي غير المزور والمجتزأ والآن سنعرف من قتل وزوّر، وما هي المساعي الحقيقية التي قمنا بها بشأن المخطوفين».

وبعد التسجيل فسّر صقر أن «أبو النعمان كان يفاوضني على اللبنانيين، فطلب مني أسلحة»، مؤكداً أن «من عرض هذا الشريط المفبرك تناسى أن لدينا نسخاً احتياطية أصلية». وقال «من الغباء أنهم عندما سرقوا النسخة الأصلية لم يأخذوا في الاعتبار وجود نسخات إضافية عن الشريط لإثبات أنهم اقتطعوا أجزاء من الشريط وتم التلاعب فيه».

وأضاف أن «عبقرية المزوّرين أنهم وضعوا التسجيل نفسه للؤي المقداد ونسبوه للرئيس سعد الحريري، وعندما انكشف أمرهم قالوا أن البصمة الصوتية تعود بنسبة 80% للمقداد و 20% لسعد الحريري، وعلميا البصمة الصوتية واحدة ولا يمكن أن تكون مجزأة، وكل الذين علموا بهذا الأمر قالوا ان هذا صوت لؤي المقداد، والخبير الأمني العبقري جميل السيد قال ذلك وهو يكذب كما فعلت جريدة الأخبار».

وأشار الى أن «اللواء جميل السيد قال ان البصمة الصوتية لا تكذب مثل بصمة الأصبع، فكيف أصبحت معه البصمة الصوتية وجهة نظر؟» وتوجه الى السيد بالقول «أتحداك أن تظهر للعلن شريطا قلت فيه انني سأرسل صواريخ للمقاتلين». واعتبر أن «الإعلام متواطئ ومشارك في عملية الاغتيال السياسي، وهؤلاء مرتزقة ولا شأن لهم بالاعلام».

واتهم السيد بأنه «مشارك في فبركة الشريط الذي استهدفه، كما أنه كان برفقة ميشال سماحة، هو وشخص ثالث عندما أدخل سماحة التفجيرات الى لبنان». لافتاً إلى أن «مسؤول الأمن والارتباط في حزب الله وفيق صفا اتصل برئيس فرع المعلومات العقيد عماد عثمان وقال له: نملك تسجيلات بحق عقاب صقر والحريري، وأنا اقول ليس لدينا شيء نخجل به». كما اتهم رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، دون تسميته، بأنه «شيخ الكذابين». وسخر من تلفزيون الـ otv قائلاً انه أصبح «تلفزيون الليمونة المعصورة». وسأل عن «شرائط الفيديو التي عرضها السيد حسن حول جريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، حول طائرات الاستطلاع فوق السان جورج والتي أصبح هناك شكوك بها». وطلب صقر «عدم ايقاع السيد نصرالله في الموضوع».

وقال: «نحن نزوّد أطفال سوريا بالحليب والبطانيات والخيم لنستر عورات نساء سوريا، وشاركنا في إعمار بعض المباني بتمويل من سعد الحريري، وكل ذلك كان بتمويل من بندر بن سلطان وعبد العزيز واشنقوني لأنني ساهمت في هذه الغرفة الإرهابية». كما أشار إلى أن «ثلاث مجموعات أُرسلت إلى تركيا لتنفيذ عملية ضدي».

وأعلن صقر أنه «نعى اليوم وسام الحسن، لأن جبروتهم تحت قدميه». واعتبر أن ما يقوم به هو عملية «وسام المضادة». وأكد أنه «يفتخر بارتباطه بالثورة السورية»، داعيا الرئيس بشار الأسد الى «الذهاب الى فنزويلا كي لا يموت، وكي يستطيع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذهاب الى عيد الاستقلال بسيارة مصفحة بدل الذهاب بسيارة مرسيدس مكسرة». كما دعا المدعي العام التمييزي حاتم ماضي الى إكمال الدعوى، معلناً أنه «سيتم ملاحقة كل وسائل الإعلام التي تناولته»، معتبرا أن «من يقتنع بكلام الفريق الآخر إما مجرم مثله، وأما حمار».

الجميّل: لا تلم أحداً على اعترافاتك

تعليقاً على المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب عقاب صقر للردّ على التسجيلات التي نشرتها «الأخبار» و«أو. تي. في»، توجه النائب سامي الجميل إلى صقر بالقول: «لا تلم أحداً لأنك اعترفت بأن التسجيلات صحيحة، لتقول إن الأشرطة التي بثت مزورة». وأشار الجميّل إلى أنه كان على صقر عقد المؤتمر الصحافي منذ البداية، وأن لا يؤكد أي خبر قبل المؤتمر، فــ«حتى نحن أسأنا تفسير أقوالك».

على المقلب الآخر، وزّع المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري بياناً قال فيه إن الحريري أجرى بعد ظهر أمس اتصالاً هاتفياً بصقر هنأه فيه على مؤتمره الصحافي، مؤكدا أن «دعم الشعب السوري سوف يستمر لانتصار الثورة».

من جهة أخرى، شدد مجلس الشعب السوري في جلسة له على أن «ما ارتكبه صقر يشكل جرماً وخرقاً للاتفاقيات الموقعة بين البلدين كما يتناقض مع سياسة النأي بالنفس التي أعلنتها الحكومة اللبنانية». وأوضح أن «المجلس يتوقع من القضاء ومجلس النواب التعاطي مع الموضوع بجدية». وأشار المجلس في بيان إلى أن «السلطات القضائية السورية المختصة ستعمل على إعداد ملف قانوني لملاحقة صقر ومن شارك معه عبر القضاء اللبناني بتهمة دعم الإرهاب».

عقاب show أو عارض «الجندي شفايك» درس في الهستيريا والفجور السياسي



بيار أبي صعب

«بدنا نضحك لعشر سنين لقدّام... أو عشرين سنة». الرقم تقريبي إذاً. الجمل العفويّة التي لم يتمّ التدرّب عليها في البروفات، تقول إجمالاً كلّ شيء. في زمن البكاء والعويل، في زمن الدموع والحداد، التشرّد والخوف والموت الجماعي، ها هو الصحافي السابق، وممثّل الشعب في البرلمان اللبناني، يعدنا بالضحك المديد. في الحقيقة لم يكن يضحك ظهر أمس، لم ينجح في ذلك تماماً، رغم الجهد الذي بذله للتحكّم بعضلات الوجه المتشنّجة. لكنّه نجح في كل ما تبقّى. الرقص والشتم والزعبرة ولوي ذراع الحقيقة، وأبدع في استعمال تقنيّة الفجور السياسي. بوسع الشيخ أحمد الأسير أن يعود إلى جامعه الآن مطمئنّاً. لقد خرج النائب صقر عن صمته، نكاية بكلّ «الخصيان»، بعد تردّد وتلعثم داما أيّاماً قال خلالها الشيء ونقيضه. لحظة، ذلك تكتيك يا أغبياء: فعل ذلك كي يوقع بخصومه الأغبياء مثلكم (يا ملعون، يا عقاب، منّك هيّن!). ذلك تقليد جديد في الحياة الديموقراطيّة لما بعد «الثورة». من الآن فصاعداً أعزّائي المواطنين، عليكم بوعيكم النقدي أن تميّزوا بين التصاريح الخُلّبية والتصاريح المصيريّة. أخيراً، قرّر عقاب الذي «يقف مع الثورة السوريّة من أجل لبنان»، أن يثبت للرأي العام براءته ونزاهته ووطنيّته وشهامته، كاشفاً الستر عن هؤلاء الأشرار: كبير السحرة، وحامل الصليب المزيّف، وسائر المتآمرين على سمعة الجندي الطيّب، المخططين لمؤامرات دمويّة باتت معروفة لدى القاصي والداني. هذه مسرحيّة غوطيّة، إذا جاز التعبير، بطلها نائب الأمّة «الضاحك» من منفاه التركي. «يضحك» من خصومه «المخادعين الأغبياء الجهلة القتلة» الذين انفضحت خططهم السخيفة بسهولة. لقد انتصر عليهم، «انتهينا منهم» قال. هذا أمر واقع، ألم تسمعوا «التسجيلات الكاملة»؟ الشيخ سعد لا يريد أن يعرف شيئاً عن السلاح والذخيرة، مساعدات «انسانيّة» فقط. لقد أُغرقت سوريا، على فكرة، بالمساعدات الانسانيّة. وبطلنا القومي لن يغمض له جفن قبل أن يعود زوّار أبو ابراهيم إلى ذويهم: البطانيّات مقابل المخطوفين إذاً. سلّم على أبو النعمان. قوى الشر حاولت أن تزيّف نضاله الانساني، لكن الحقيقة بانت، ألم تسمعوا «التسجيلات الكاملة»؟ الآن فقط صار بوسعه أن ينعي وسام الحسن. انتصر الحق على الباطل، الباقي لا يهمّ. الأحزان يمكن أن تنتظر، والانتصارات المقبلة، والاستحقاقات الصعبة أيضاً. لنضحك إذاً، عشر سنوات… عشرين سنة.

لكن، ما دام الشاب الوسيم منتصراً، فلماذا كل هذه الهستيريا؟ في صالة الفندق المتوسّطة بضعة صحافيين وصحافيّات، ومهندس الصوت الذي أرسلته «الجديد» ممتاز، فما باله يجعّر هكذا؟ مثل شخصيّة هتلر كما أدّاها شارلي شابلن في فيلم «الديكتاتور». لماذا يترقوص ويرفع سبابته اليمين باستمرار إلى الأعلى، قبل أن يلوي ذراعه هبوطاً في حركة شبه صوفيّة. هل تكون تأثيرات «المولويّة» في المنفى التركي؟ لماذا التفريغ بالصراخ والشتم والقذف، في ايقاع متكرّر، تصاعدي، حتّى النيرفانا؟ ما الذي يجعل عقاب غاضباً إلى هذا الحدّ؟ كيف يمكنه أن يكون غاضباً وسعيداً في آن معاً؟ «سعادة» النائب، قلبه على لبنان ولعلّه ـــ «أنا وسعد» ـــ السد الأخير في وجه الفتنة: أي مراقب دقيق للمشهد يعرف ذلك! قلبه على المخطوفين اللبنانيين: أي متابع فطن للحياة السياسيّة اللبنانيّة لاحظ ذلك. يتمنّى «السعد» للشعب السوري. حاملاً له البطانيات والبقول والحليب. منذ ظهر الأمس، بعد متابعة وقائع مؤتمره الصحافي على التلفزيون، بتنا جميعاً نعرف ذلك. وهو يردّ لهذا الشعب بعض جميله لأنّه احتضن اللبنانيين خلال عدوان تمّوز. موقف وطني لا يفاجئ أحداً بطبيعة الحال. ما بيخلّي عليه شي الجندي شفايك. شفايك الطيّب والوفي والشجاع الذي يختزن الحكمة الشعبية، ويفضح المكائد رغم بساطته وطيبته. وعقاب لمن لا يعرفه يحب «المقاومة» ويكره إسرائيل: من قال عكس ذلك؟ فاعل الخير لا يروّج لنفسه عادةً، لكنّ أخينا «الأم تيريزا» اضطرّ إلى الخروج من الظلّ هذه المرّة، دفاعاً عن كرامته وشرفه: سمسار سلاح الأستاذ عقاب؟ فشرتم! معاذ الله يا رجل، هل تصدّق «الدمى السوريّة»؟ عقاب يتذوّق مسرح الدمى، في تركيا أعاد اكتشاف خيال الظل: تذكرون كركوز وعيواظ؟ مهلاً، الآن فهمنا لماذا كان يترقوص هكذا. وعقاب يتقن التمثيل الاذاعي، لكن المشكلة في السيناريو والاخراج، و«الراكورات» الخاطئة. عقاب يجيد اللغة العربيّة أيضاً، لكن الحق على التوتّر العالي: «أيها المجرمون» ثم يصحّح: «أيها المجرمين». مراراً يقول الكلمة الصحيحة ثم يستدرك بالكلمة «الخطأ». ثمّة تأنيب ضمير ـــ لغوي على الأرجح ـــ عند هذا الجندي الشجاع والشهم. يعرف سلفاً أنّه مذنب، يخشى دائماً من ارتكاب الخطأ، فيرتكبه. يا أخي طيب، راحت البطانيّات، فأين المخطوفون؟ عفواً «المخطوفين».

أخيراً الأستاذ عقاب يحترم استقلاليّة القضاء، ولم يتصل بصديقه مدّعي عام التمييز عندما قرّر فتح دعوى ضدّه. لكنّه الآن سيقاضي الجميع و«كل الانترنت». وعقاب يحترم زملاءه السابقين في الاعلام، إلا «المرتزقة» منهم والـ «بلا شرف» وفراس حاطوم. لحظة، ممكن تعيدها هيدي أستاذ عقاب. «مرتزقة وبلا شرف»؟ آه، أوكي! ويحترم الذين لديهم وجهة نظر أخرى لروايته: «اللي ما بيقتنع، إما مجرم وإما حمار». بس مش إنت أستاذ فراس! عقاب لديه فكرة راقية جدّاً عن المواطنين والرأي العام (بدليل كل ما يقوله ويفعله منذ سنوات): المشكلة أن هؤلاء «الأغبياء» يصدّقون! لكن من أين جاء بالأسخريوطي، وبكل الأدبيّات الشيعيّة دفعة واحدة؟ من أين جاء بابن الرومي، وما وظيفة «أنف بن حرب» في السياق؟ أسرار كثيرة ستكشف عنها الأيّام المقبلة. الآن يمكنكم العودة إلى «الجديد» للاستماع إلى «التسجيلات الكاملة»… ألم يحذّركم مارتن لوثر صقر: حذار من الوقوف على الحياد في زمن «المعارك الأخلاقيّة الكبرى».

«ساتر العورات» يفضح نفسه



لماذا أخّر «مؤتمر الفجور» أسبوعاً كاملاً بعد بدء نشر «الأخبار» لتسجيلاته؟ (أرشيف)

كشف عقاب صقر ما في جعبته بشأن التسجيلات التي نشرتها «الأخبار»، والتي تثبت تورطه في لعبة السلاح والدم السوريين. أضاف في الوقت الفاصل بين النشر ومؤتمر الشتم والصراخ الذي عقده أمس، ما يحوّل طلبيات السلاح إلى طلبيات حليب، والقذائف إلى بطانيات وما «يستر عورات نساء سوريا»

كما «الندّابات» اللواتي يُستأجَرن لندب قتيل او ميت، خرج النائب عقاب صقر امس ليرد على التسجيلات التي نشرتها «الأخبار» الأسبوع الماضي، والتي تثبت تورطه في تسليح المعارضة السورية. ظهر صقر في «مؤتمر صراخي»، متوتراً، شاتماً، موزعاً شهادات الارتزاق والتزوير. لم يبحث في مضمون التسجيلات. اندفع إلى الامام، محاولاً التخفيف من أضرار أي تسجيلات إضافية يُمكن ان تُنشر لاحقاً. لحس ما كان قاله قبل أيام لجريدة «الشرق الأوسط» السعودية من إقرار بصحة التسجيلات، مندفعاً صوب الادعاء بأن ما نشرته «الأخبار» «مزوّر بالاجتزاء» بهدف اغتياله سياسياً، تمهيداً لاغتياله جسدياً. أوحى بأن ما جرى ليس سوى فخ نصبه بنفسه، حتى كدنا نصدّق أنه هو بنفسه من سلّمنا التسجيلات للايقاع بنا. نفى ممارسة «تجارة الدم» مستعيضاً عنها بـ«تجارة الحليب». فالرجل لا يعمل إلا في توزيع حليب الأطفال والبقول والبطّانيات في سوريا. مندوب سعد الحريري لدى «الثورة السورية» بدا كمن تنحصر مهمته في توزيع «البيبرونات»، وبلغ به الإسفاف حد القول إنه مشغول بـ«ستر عورات نساء سوريا». إسفاف دفع حتى بعض وسائل إعلام فريق صقر السياسي لحذف العبارة.

ادعى صقر أن تسجيلات سُرِقت من كومبيوتر عائد له في تركيا، وان مدتها، صوتاً وصورةً، تبلغ نحو 500 دقيقة. لكنه لم ينشر هذه الدقائق. قال إن التسجيل الذي ينقل فيه طلبية سلاح من قائد مجموعة مقاتلة في المعارضة السورية، إلى الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الأعلى لـ«الجيش السوري الحرّ» لؤي المقداد، لم يكن سوى لـ«المسخرة» على الطلبات التي ترده لقاء الإفراج عن المخطوفين السوريين. «مسخرة» تضيّع وقتاً طويلاً في الاستعلام عن أنواع السلاح الذي لا يتاجر به وأماكن تسليمه، وهو وقت كان يمكن النائب «الانساني» أن يستغله لايصال مزيد الحليب الى الأطفال السوريين. لم يبرر الفارق في الصوت واللهجة ولا اختلاف السياق المنطقي بين مضمون التسجيلات التي نشرتها «الأخبار»، والإضافات التي ظهرت في مؤتمر الشتم أمس. كان عقاب ولؤي يتمازحان في التسجيل. كرر الثاني كلمة «ألو خيي» ذاتها التي قالها في بداية التسجيل، ليُصبح حديثهما مغرقاً في الجدية حول طلبات السلاح. وبعد انتهاء ما نشرته «الأخبار»، يعود الرجلان إلى التنكيت والتهريج. تنكيت يفهم المرء معه كيف أصبح صقر نديماً لسعد الحريري الذي يحب «المهضومين». في تسجيل آخر، يدّعي عقاب ان ما يطلب الحريري حسمه ليس إلا ملف المخطوفين اللبنانيين. لكن فاته أن يبرر ما قاله لؤي عن كون «انو اللي عم بيعانو منو انو يا اخي المنطقة بتسقط واذا سقطت المنطقة بالنسبة الهن يعني متل دومينو بتسقط كل المناطق المحيطة». ما صلة سقوط المنطقة و«الدومينو» بتحرير المخطوفين؟ ولماذا يطلب «الخاطفون» المفترضون «ذخيرة متوسطة»؟ أليس الخاطفون هم أنفسهم من قال صقر إن مطالبهم هي سياسية لا غير، وانهم رفضوا الفدية لقاء إطلاق المخطوفين؟

بدت الإضافات التي وضعها عقاب فوق تسجيلات «الأخبار» أشبه ببيانات سياسية ومحاضرات كان يلقيها على مسمع المتصلين به، سواء كانوا قادة مجموعات مسلحة، او كان المستمع هو صديقه لؤي المقداد: منع الفتنة، الحرص على الشعب السوري، رفض التسليح. طبعاً، كل ذلك خارج تسجيلات «الأخبار» التي تتضمن إدانته. يستمع عقاب لأبو النعمان. والأخير ليس شبيحاً، على حد قول النائب البقاعي، بل قائد مجموعة مقاتلة. يتفقان على كيفية تسليم السلاح ومكانه، ومن سيكون في موقع التسليم. بعد ذلك، يتنبه صقر، في إضافته إلى التسجيل، الى أنه لا يتدخل بالتسليح. وفي تسجيل آخر، يعد قائد المجموعة المسلحة (في تسجيل نشرته «الأخبار») بوضعه على «الجدول»، قبل أن يضيف ـــ في ما استجد من تسجيلات ــ أنه حصل على كميات كبيرة من حليب الأطفال، وثلاثة أنواع من البقول، وغيرها من «المساعدات الإنسانية».

وضع صقر ما نشرته «الأخبار» في سياق استخباري نسجه في مخيلته الواسعة. ادخل حزب الله طرفاً، والنظام السوري، واجهزة أمنية سرقت دقائقه الـ500، ومطبخاً أمنياً وإعلامياً. لكنه، لم يذكر في مؤتمر الصراخ الذي عقده في اسطنبول أنه استمر في إرسال العروض لـ«الأخبار» حتى ليل أول من أمس، مقترحاً وقف نشر ما لدى «الأخبار» من تسجيلات، لقاء مبالغ مالية كبيرة.

إذاً، انتظر صقر أسبوعاً ليخرج بتسجيلات جديدة، يدعي انها استكمال لما نشرته «الأخبار». لماذا أخّر «مؤتمر الفجور» أسبوعاً كاملاً بعد بدء نشر «الأخبار» لتسجيلاته؟ لماذا تأخر بالرد مباشرة، علماً أنه كان في مقدوره إبطال مفعول التسجيلات مباشرة؟ لا سبب لذلك إلا محاولته ـــ عبر بعض أصدقائه ـــ التثبت مما في حوزة «الأخبار» من تسجيلات إضافية، مشدداً على معرفة ما إذا كان بينها ما يكشف طبيعة الدور الذي يلعبه بندر بن سلطان وسعد الحريري. فضلاً عن ذلك، كان عقاب «يأخذ وقته» لإضافة مقاطع صوتية يمكن أي مهندس صوت مبتدئ إظهار الفارق بينها وبين التسجيلات الأصلية. سؤال أخير: لماذا امتنع عن نقاش مضمون التسجيلات أمس، مكتفياً بالصراخ والشتم ووصف غيره بما هو فيه؟ الجواب سيأتي ربما في الأيام المقبلة، لكن بالتأكيد ليس على سنّة «الحمار والمجرم» التي استنّها صقر.

(الأخبار)

الطب النفسي: مسرحة المؤتمر = الاضطــراب العصبي



أحمد محسن

قلة هم الذين يعرفون «جون ناش». إنه عبقري فيلم «عقل جميل». كان «سكيزو». يتخيّل آخرين حوله. يتخيّل عالماً بديلاً لا أحد يلتقطه غيره من أوراق الصحف. عالماً غير موجود إلا في خيال ناش، غير القادر على اثبات شيء من عالمه. وفقاً للطب النفسي، «السكيزوفرينيا» هو مرض عقلي يتميز صاحبه باضطراب في التفكير والوجدان والسلوك. والاضطراب يؤدي إلى الزعيق أحياناً. وأحياناً يختفي الإدراك.

حسناً، هذا يمكن أن يكون سجالاً تافهاً يتراشق به السياسيّون، على الطريقة اللبنانيّة. ولكن، وفقاً للمختصين، فإن عدم معالجة عوارض «السكيزو» في بدايته، سيؤدي إلى «تدهور في المستوي السلوكي والاجتماعي». وهذا ما يعرّف عنه الناس العاديّون، بالانفعالات، التي تتجلى في «لغة الجسد»، التي كلما ازدادت حدتها، كان صاحبها أكثر اضطراباً. وبصورة أوضح، وفقاً لأحد الأخصائيين «الكلام النابي». وإذا لم يكن هذا الكلام شتائم وألفاظاً نابية في حالة «الشخصيّات العامة» فماذا سيكون؟ الطب النفسي واضح حسب أحد المختصين: «الواثق يتحدث بهدوء». الواثق «لا يناقض نفسه». وأكثر من ذلك، الهجوم بالصراخ، يعكس أسوأ حالات الدفاع اللاواعيّة.

في مؤتمره «العصبي» قال النائب صقر أمس، إن «الفريق الاخر يفهم بشيء واحد، وهم حمقى وأغبياء». لم يرغب المعلّقون النفسيّون في الحديث عن آراء صقر السياسيّة. وفي الجملة المذكورة أخيراً، يلفت النظر استخدام شخصيّة عامة، تتصرف كأنها مطاردة، مفردات من نوع «حمقى وأغبياء». في العرف العام، إعلاميّاً وسياسيّاً، لا يختلف اثنان على الأوصاف الممكنة في حالة كهذه: خروج عن الأدبيّات العامة، قلة تهذيب، وأشياء من هذا النوع. غير أن كون النائب صقر مطارداً، ويتصرف على هذا الأساس، وهنا يقول طبيب نفسي «متابع» لصقر إعلاميّاً، فإن ظهور هذه اللغة «يعكس الاضطراب العصبي الذي يعيشه النائب استناداً إلى ايمانه بأنه مطارد». في الطب النفسي، الـ«سكيزو» هو الفرد الذي يخسر شخصيته التي تنتمي إلى الواقع وتربطه فيه. وتالياً، يصبح هذا الشخص «منفصلاً عن العالم الحقيقي وقد يتحدث عن عوالم أخرى من دون أي انتباه». وربما، يصح ذلك على اعتراف صقر: «الصوت صوتي، والحديث حديثي، لكن التسجيلات ليست صحيحة». لا يقول الأخصائي هنا أن صقر منفصل عن الواقع تماماً، أو أن لديه «عوارض المرض». النقطة الأساسيّة تتعلق «بالشعور الدائم بالهرب كمطارد من أجهزة خفيّة»، وربط هذا الشعور بـ«انفعالات النائب واستخدامه ألفاظاً لا تنتمي إلى الواقع». والواقع في هذه الحالة، هو المنبر السياسيّ، واللغة الواقعيّة في هذه الحالة، هي اللغة التي يتداولها أهل المنابر. وهذا، في رأي طبيب آخر، «غير دقيق» وإن «لم يترك النائب صقر مجالاً للشك. خرج عن الواقع خروجاً تاماً»، لأن «مسرحة المؤتمر ترمي إلى اخفاء الواقع».

في السياسة يمكن أن يكون صقر مستهدفاً. هذه بلاد فيها من الانفجارات ما يخيف الأجنّة. ولكن ما الذي يفسر شعوره الدائم بالتهديد وتكراره الأمر في كل مرة؟ هل صقر «سكيزو»؟ لا يستطيع الطبيب النفسي أن يجزم، كي لا يتجاوز «المعايير الأكاديميّة». في النهاية، العوامل البصريّة لا تكفي لتشخيص حالة الـ«سكيزو». غير أن «المرض شائع بتعريفات خاطئة بين الناس». وبعد البحث، لا أحد يعلم. يمكن أن يكون صقر «خارج الواقع». يشعر بأنه مطارد دائماً، بينما لا يشعر زملاؤه بالأمر نفسه. والفائض في هذا الشعور بالتهديد، يعود إلى «عوامل نفسيّة». في السياسة يتشارك صقر وزملاؤه «المهددون» المخاوف نفسها، لكن تكراره للأمر في كل مناسبة «يدل على شيء ما». ليس أمنيّاً طبعاً. إنه شيء في شخصيّة النائب. في انفعالاته التي تحاكي واقعاً مدهشاً لا يمت إلى «حجم» الواقع الحالي، بل يتجاوزه بكثير. أحد الأخصائيين الذين سألتهم «الأخبار» عن حالة صقر العصبيّة، كما بدت، رفض التعليق على «مؤتمر صحافي»، إلا أن استخدام «أبو سعد» لكلمة «حمار» أثناء وصفه ناساً من «الفريق الآخر»، وبالطريقة التي قالها بها، استوقفته: «تدل حتماً على عدم وعي حقيقي بالعالم». لم يرغب الأخصائي بالاستفاضة، لكنه على الأرجح، يلاقي زميله الأول: «صقر خرج عن العالم الحقيقي». كلام مثل هذا يقوله جميع الناس، ولكن لا يقال أمام الكاميرات. إن قوله أمام الكاميرات بعصبيّة لا يضاهيها نضارةً إلا تسريحة شعر النائب صقر، المتقنة تماماً، تدل على أن الرجل لم ينتبه فعلاً إلى حديثه. لم ينتبه أنه على الشاشات وأنه في عالم غير ذلك العالم الذي سربت منه التسجيلات الصوتيّة التي اعترف بها ونفاها في الجملة ذاتها.

مجدداً كرر طويلاً أنه مطارد وأن المطلوب هو «تصفيته». إن هذا الشعور وتكراره وبناء عالم صقر على أساسه تحديداً، برأي الأطباء النفسيين، يعني جديّاً إمكان إصابته بالسكيزوفرينيا. والأمر ليس عيباً ولا تهمة. إنه مرض يصيب جميع الناس ويتعلق بطفولاتهم ولا ذنب لهم فيه. اللوم الوحيد على صقر ومريديه أنهم سيقولون إن هذا المقال للتشهير به. ولكن يمكنهم مراجعة الأطباء النفسيين. إن ثقافة اللبنانيين عموماً، للأسف، تجعلهم «يتعيّبون» بأمراضهم النفسيّة. في أية حال، إن تم ذلك، وقرر صقر تفسير انفعالاته، يفضل أن يتم ذلك سرّاً، لأن «الطب النفسي يتطلب سريّة قصوى لإتمام المعالجات الدقيقة». سريّة فعلاً لا تسرب كصوت النائب المبحوح لأجل «أبو النعمان»، لأجل البطانيّات والحليب، التي «نبشها» الـ«سكيزو» المحتمل زاعقاً من عالمه لا من الواقع.

تعليقات: