الصقيع أو الحرب.. حكاية نزوح

لماذا يتحمّل لبنان وحده أعداداً غير محدودة من النازحين؟
لماذا يتحمّل لبنان وحده أعداداً غير محدودة من النازحين؟


الصقيع أو الحرب.. حكاية نزوح

مرجعيون ـ

عمر يحيى

ابراهيم، ابن العشر سنوات من ريف حلب، الوحيد بين اخوته الخمسة الذي يلازم الفراش، ليس لأنه لا يريد اللهو بما تساقط من ثلج في منطقة مرجعيون، إنما لأنه أصيب بالكريب منذ ثلاثة أيام بسبب الشح في التدفئة التي تقتصر على أغصان وعيدان الحطب كان جمعها مع اخوته ووالديه من الحقول المجاورة.

وفي ظل العاصفة الثلجية التي أقفلت الطرق وغياب العناية الطبية والمساعدات الغذائية اللازمة للنازحين السوريين، اقتصر علاج ابراهيم على تقديم الحساء الساخن والمكان الأكثر دفئا في الخيمة التي يقطنها وعائلته، في سهل إبل السقي، الى جانب ثلاثة خيم أخرى يعيش فيها 17 ولدا مع ذويهم في ظروف معيشية وحياتية صعبة فرضت عليهم نصب تلك الخيم والعمل في الحقول الزراعية المحيطة لأن ليس لديهم القدرة على دفع إيجار منزل ليقطنوا فيه. صغيرهم لم يتجاوز الأربعة اشهر، وكلهم من ريف حلب نزحوا الى لبنان منذ خمسة أشهر تقريبا هربا من القتل والدمار في سوريا.

" برد وثلج لبنان ولا نار ودمار النظام" يقول ابو خالد. وتحكي زوجته من حرقتها عن أزمة تأمين وسائل التدفئة والسكن وتقول: "الاولاد يبكون من البرد، والماء تدخل علينا من تحت الخيم، وحتى اليوم لا أحد يسأل عنا، وكل ما سمعنا عنه كلام بكلام".

يؤكد كلامها جارها ابو محمود: "ما في مازوت وما في كهرباء، يعني التدفئة شبه معدومة ولا نشعل وجاق الحطب الا في الليل". ويحمد الله على ان الأمراض حتى اليوم قليلة وهي مجرد رشح وكريب، "ونكتفي بشراء الدواء من الصيدلية او نذهب الى اقرب مستوصف في المنطقة".

وبسبب العاصفة الثلجية توقف الشغل بشكل تام، ويؤكد ابو محمود انهم كنازحين "يسلفون بعضهم البعض المال لحين تتيسر الأمور".

...

..

.

لماذا يتحمّل لبنان وحده أعداداً غير محدودة من النازحين؟

خليل فليحان

..

خصصت الحكومة جلسة خاصة لموضوع اللاجئين من سوريين وفلسطينيين عنوانها واحد هو "خطة لمواجهة ازمة النازحين"، ولا يعود حصر هذا الملف في جلسة واحدة تعقدها الحكومة اليوم الاربعاء الى عدد النازحين الكثير والمنتشر في انحاء مختلفة من البلاد فحسب، بل الى ان التدفق من سوريا لن يتوقف عند عدد معين، وفقا لما تبلغه كبار المسؤولين من قادة دول عربية وغربية، وكذلك من الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون والمبعوث الاممي والعربي الاخضر الابرهيمي خلال لقاءات عقدت معهم سواء في بيروت او في بلدانهم.

ونصح احد الوزراء البارزين من الاكثرية النيابية بالابتعاد عن المزايدات حفاظا على مصلحة الوطن العليا والتنبه في ظل استمرار الازمة السورية الى العدد المتغير للاجئين والذي لا يتوقع احد توقفه عند عدد نهائي كما هي الحال في كل من الاردن وتركيا: 180 الفا في كل بلد، ورفض استقبال المزيد من اللاجئين مهما كانت صعوبة ظروفهم وضرورة لجوئهم الى مكان آمن.

وأبدى الوزير توجسه من عملية النزوح لاسباب اولها انها مستمرة وغير محدودة بسقف زمني وثانيا ان رجوع النازحين الى منازلهم غير مضمون ايضا بتوقف القتال كما كان عليه وضع الـ600 الف جنوبي لبناني اضطروا الى ترك منازلهم 33 يوما وفي اليوم الـ34 عاد قسم كبير منهم كانوا اما في سوريا او في مناطق كسروان والمتن والشوف.

ولفت الى ان العدد الرسمي حتى الان وفقا لاحصاءات الاجهزة الامنية بلغ 160 الفا من بينهم 65 الفا من النساء والاطفال. وعقب قائلا "ان لبنان لا يستطيع أن يتحمل تكاليف جميع هؤلاء اللاجئين لانهم يحتاجون الى قوت يومي ومسكن ومستوصف ودواء ومدارس للاطفال وما الى هنالك من حاجات يومية. والحالة الاقتصادية التي تجتازها البلاد تمنع القيام بتلك المتطلبات، فالعام المنصرم كان عاما اقتصاديا ضاغطا بحيث خفت الصادرات وتدنت الحركة السياحية وقاطع ابناء دول الخليج العربي لبنان لسبب أمني بعد تهديدات علنية ضد دول اتهمت بانها تمول الثورة السورية وتمدها بالسلاح وكلفت وسائل اعلام مهمة بالترويج لها.

وطرح اسئلة وعلامات الانزعاج بدت على وجهه وفي نبرة صوته، ومن بين تلك الاسئلة لماذا يتدفق اللاجئون السوريون الى لبنان والاشتباكات في معظمها اذا لم تكن جميعها تدور على بعد 70 او 80 كيلومترا وليس على الحدود، وتاليا لماذا لا يكون اللجوء الى الداخل السوري الآمن والذي يخلو من الاشتباكات؟ وهل من مساعدات الدول المانحة او دول الاتحاد الاوروبي ستكون مواكبة طيلة وجود اللاجئين السوريين في لبنان أم انها ستقتصر على مناسبات؟ هل تستطيع منظمات المجتمع المدني صرف الاموال اللازمة لآلاف اللاجئين السوريين المتدفقين في شكل محدود؟ وشرح ماذا كان يعني عندما طالب بضبط الحدود مع سوريا خلال احدى جلسات مجلس الوزراء التي تطرقت الى ازمة اللاجئين، فاوضح انه لا يعني ضرورة اقفال الحدود في وجه هؤلاء بل التأكد من انتماءاتهم وما اذا كانوا ارهابيين او ممن يقاتل النظام ويأتي هربا الى لبنان في حال مطاردته من القوات النظامية فيكون السبب في توجيه قذائف وصواريخ تقع على منازل قرى حدودية متاخمة للحدود كما حصل مرات عدة". وأكد انه مع تنظيم عملية اللجوء من جميع نواحيها. ولم يقلل من اهمية لجوء 13000 فلسطيني معظمهم من مخيم اليرموك الذي هدأت الاحوال فيه بعد تحييده، غير ان هؤلاء بقوا حيث هم في مخيم عين الحلوة واماكن اخرى على رغم وعد سفير فلسطين اشرف دبور بانهم ينتظرون الهدوء وانجاز اوراقهم وتنظيم قوافل للعودة من دون ان يحدد الساعة الصفر للسفر الى دمشق.

وابدى اخيراً امله في ان تكون مناقشات الوزراء اليوم في الجلسة على قدر دقة هذه المسألة وانعكاساتها الديموغرافية والامنية، ويختم بالسؤال هل سيتقرر انشاء مخيمات لاستيعاب الاعداد المتوقع مجيئها؟

khalil.fleyhane@annahar.com.lb

 الصقيع أو الحرب.. حكاية نزوح
الصقيع أو الحرب.. حكاية نزوح


 الصقيع أو الحرب.. حكاية نزوح
الصقيع أو الحرب.. حكاية نزوح


تعليقات: