مأساة في ذاكرة الخيام‎

بيت الكاتب سهيل علي غصن الذي دمره العدوان خلال فترة التهجير
بيت الكاتب سهيل علي غصن الذي دمره العدوان خلال فترة التهجير


لسنوات خمس ابعدنا قسرا وظلما عن بلدة احلامنا الخيام.

سنوات خمس وكابوسا يلازمنا أرقاً في الليل والنهار، كجرثومة تفتك بآمالنا وامانينا وتحرق احلامنا.

سنوات خمس والخيام تعيش الحزن على فراق ابنائها.. أما كبار الخيام، المتأصلة جذرهم في ترابها، رفضوا الرحيل وإرتضوا الشهادة فيها بديلا...

فكانت مجزرة الخبام التي ادمت القلوب حزنا والما، وإرتفعوا بشهادتهم شموخا وفخرا.. ووسام شرف لهم في سجل الخالدين.. ووصمة عار تلاحق المرتكبين الفاسدين...

فأهل الخيام الذين عاشوا المأساة بالتهجير والابتعاد عن ارضهم ليعانوا مأساة اخرى، للحرب الاهلية الذي امتد رحاها كافة ارجاء الوطن.

ومنهم من فرض عليهم الإغتراب مرغما وأنا من هؤلاء لكن حنيني للوطن وبلدتي الخيام ادميا مضجعي والشوق الذي يزداد لهيبا في داخلي والحزن الذي أبى ان يغادرني. والجرح الذي رفض ان يلتئم.

حملوني وحقيبتي الى أرص الوطن بعد عذاب سنين غربة.

وصلت الوطن وقبلت ترابه وأبت عيوني ان تغمض لكي لايفوتها شيئ من جمال بلادي.

التقيت بأصدقائي الاحبة وطالبتهم بالذهاب معا الى اقرب منطقة لبلدتي الحبيبة الخيام .

في اليوم التالي لوصولي قصدنا معا مدينة جرين وصعدنا لأعلى رابية مشرفة فيها وأمسكت بالمنظار وجال نظري بإتجاة بلدتي الخيام ليتراءى لي بعضا منها كالثكنة العسكرية وبعض البيوت الذي اصطادها منظاري فشعرت حينها بسعادة تمتلك اوصالي وبدمعة تسبل على خدي فهي دمعة فرح لا شك..

وامتلكني امل جديد بأن بلدتي مازالت بلدتي

وشعرت بأن بيتنا مازال بيتنا وأن حاراتنا وشوارعنا واشجارنا مازالت ملكنا.

وبدأ الشوق يضمحل لهيبه وان الحزن اصبح فرح آت...

فرغم الحزن الكامن في الأعماق

ورغم الدمع الساكن في الأحداق

ورغم الجرح النازف بلذعة الفراق

تبقين ياحبيبتي الخيام

..

ملكة متوجة بكل جدارة الاستحقاق.......

كتبت في ببروت في 15/7/1980

..

* سهيل علي غصن

........

المزيد من صور بلدتنا الخيام بعد العودة إليها عام 19982 - أرشيف سهيل علي غصن

الكاتب سهيل علي غصن أمام أنقاض بيتهم المدمّر
الكاتب سهيل علي غصن أمام أنقاض بيتهم المدمّر


حاكورة علي الشطوط وجانب من ثكنة الخيام
حاكورة علي الشطوط وجانب من ثكنة الخيام


أحد أحياء الخيام المدمّرة - ك1 1982
أحد أحياء الخيام المدمّرة - ك1 1982


تعليقات: