منازل جديدة مرجعيون تستحقّ أن تدرج في الخريطة السياحيّة


بين حجارتها الصلبة وقرميدها الأحمر، تناغم وتناسق وتواطؤ يخفي تاريخاً من القصص والحكايات عن أبناء بلدة ضاقت بهم مساحتها لا بل مساحة الوطن، فانتشروا في أصقاع الأرض رافعين راية وطنهم في كلّ إنجاز حقّقوه.

منازل جديدة مرجعيون التراثيّة، فريدة بهندستها وتصاميمها. فهي ليست مساكن فحسب، بل لوحات فنّية تشبه في بعض رسومها قصوراً أوروبيّة من العصور الوسطى، غير أن عوامل الزمن والحروب التي عاشتها المنطقة فتّتت بعضها وأذابت بعضها الآخر، وما بقي منها لا يزال يصارع الزمن والإهمال وينتظر من يعيد اليه الحياة مجدداً!

بعض أصحاب هذه المنازل، أراد إعادة إحياء ما تبقّى من اللوحات التي يعود جزء منها الى نحو مئة عام، في محاولة لاستعادة جمالها سواء في الجدران أو في السقف، فأطلقت ورشة ترميمها رغم بعض الصعوبات التقنيّة، كإيجاد الألوان المناسبة للوحة ودمجها مع تلك القديمة، أو فقدان جزء منها، أو جانب من السقف وإعادة رسمه مجدداً.

البيض سرّ صمودها

عميلة الترميم تولّى تنفيذها رمزي البحري الذي درس تاريخ ألوان الرسوم، فسعى الى المحافظة على "روحيتها" القديمة أو ما يُعرف بعملية "التعتيق". وذكر لـ "النهار" أن السرّ في مقاومة هذه الرسوم لعوامل الزمن، هو طريقة الطلاء التي اعتمدت البيض الممزوج بالألوان، فحاول هو أيضاً استخدام البيض وإضافة مواد أخرى، مثل غبار القرميد لمقاربة الألوان القديمة.

لوحات لمناظر طبيعية في سياق من الألوان تحمل أبعاداً، توحي بأنّها لوحة حقيقية تغطّي معظم جدران دارة آل ذيبة في البلدة، ويفصلها عن السقف المخطّط باللونين الزهري والأزرق كنار ملوّن. ارتفاع سقف الغرفة- ما يميّز أيضاً هذه المنازل- يسمح لهذه الرسوم إبراز أبعادها الجماليّة، مما أضفى رونقاً مميّزاً، خصوصاً أن الألوان المستخدمة هي ألوان ترابيّة بمعظمها، ويتداخل فيها الأزرق الذي ينساب متموّجاً ممتعاً للنظر، ومساعداً للإسترخاء والهدوء.

اللوحتان اللتان يرمّمهما البحري، لا تزالان معلقتين في أحد الجدران، قبالة لوحات أخرى زالت معالمها مع مرور الزمن ولم يبقَ منها سوى ما يتناقله أفراد العائلة، نقلاً عن الأجداد. ويكتمل مشهد الغرفة مع جدار من الحجر وباب من الخشب القديم الذي لا يزال على حاله مع مفتاحه النحاسي، اضافة الى البلاط المميّز ذات الأبعاد الثلاثيّة أيضاً.

عمره يتعدّى المئة

في منزل ماجد غلمية الذي يتجاوز عمره المئة سنة، استخدم البحري تقنية البيض مع غبار القرميد لإضفاء النكهة القديمة على الألوان، محاولاً عدم المسّ بروحيّة اللوحات للمحافظة على قدمها. فعمد الى "روتشة" الأجزاء الناقصة وعمد الى تصحيحها وإكمالها، حتى أنّ السقف الملوّن المشقّق بفعل الرطوبة صُحّحت الرسوم فيه من دون المسّ بالشقوق. الجولة داخل هذا المنزل أشبه بتلك التي تكون عادة داخل قصر من العصور الوسطى. فإلى جانب الرسوم التي تغطّي الجدران والسقف، علماً أنه من المنازل النادرة التي لا تزال معظم رسومه على حالها، ثمة صور قديمة لشخصيات من العائلة تكمل هذا المشهد التراثي المميّز.

منازل جديدة مرجعيون تستحقّ التفاتة رسميّة، وينبغي أن تدرج قريباً في الخريطة السياحيّة للمنطقة.

ترميم لوحات تراثيّة قارعت الزمن ولم ينَل منها الإهمال والحروب
ترميم لوحات تراثيّة قارعت الزمن ولم ينَل منها الإهمال والحروب




تعليقات: