حكومة إنقاذ أو على البلد السّلام..

 حكومة إنقاذ أو على البلد السّلام..
حكومة إنقاذ أو على البلد السّلام..


.. وهكذا بعد صراع مرير مع التجاذبات، وتضارب المصالح، واختلاف المواقف، سقطت حكومة لبنان!.

وكما نعبّر بالعاميّة فالحكومة "عاشت و شبعت من عمرها"، وإن كان منطقياً جداً أن يُطرح السؤال عن الأسباب الذي أطالت عمر هذه الحكومة حتى الأمس القريب، مع الذي اشتملت عليه من التناقضات، وما سجلته من الأخطاء، وما علق بذمتها من سيئات العجز والفشل، والقصور والتقصير، والتجاهل التّام لمطالب الناس الحياتية المحقّة .

الحكومة "الأزمة" سقطت، فماذا بعد سقوطها؟ وأي حكومة بديلة يتطلّب الموقف ؟

لا شك أنّ النفاق السياسيّ في لبنان بلغ حدّه الأقصى، وباتت سياسات التمرير مكشوفة، وسقطت ورقة التين لتكشف عورات الجميع، وتعلن للرأي العام اللبنانيّ خيبة الأمل في حكومة " كلنا للعمل".

وعليه فإنّ الحكومة المرجّوة هي التي تنسجم مع الواقع وتعترف به، بمعنى أن تكون حكومة تحمّل المسؤولية، لا حكومة النأي بالنّفس، حكومة الإنقاذ الوطني التي تلامس خطورة الأوضاع الراهنة في لبنان تزامناً مع الأحداث القائمة في سوريا، وفي ظلّ الاصطفاف والتجييش، ومحاولات خلق الفتنة وإشعال فتيل الحرب على أسس مذهبية ومناطقية.

الحكومة المرجوّة اليوم هي حكومة إنقاذ للوضع المعيشيّ والاقتصاديّ الضاغط، وعدم إهمال مطالب الموظفين والعمال من ذوي الدخل المحدود، حتى لا يتحوّل الشارع إلى مفترش دائم لأصحاب الحقوق، وحتى لا تُعطّل المصالح الخاصة والعامة، وتُشل الحركة في المرافق الحياتيّة المؤثرة، ما يفاقم الأزمة ويؤدي إلى الإنهيار الكبير الذي لا تُرجى من بعده للبنان قيامة ..

الحكومة المرجوّة هي حكومة الترّفع عن المصالح الآنيّة، والخروج من شرنقة التحالفات والاصطفافات الضيقة، التي يتطلّب الإبقاء عليها غالباً مسايرة الحليف ومناصرته ولو على حساب المصلحة الوطنيّة الجامعة .

حكومة الإنقاذ هي التي يُناط بها دور تاريخي ومهمة جليلة تحفظ تاريخ لبنان وتركيبته التعدديّة الفريدة، وعيشه الطائفيّ والمذهبيّ المشترك، وانصهار أبنائه وتوحدّهم في وطنهم النهائيّ. وهذا الدور إنّما يتأتّى من خلال إقرار قانون انتخاب يحفظ الديمقراطية ويراعي حقّ التمثيل، و يحول دون تحويل البلد إلى كانتونات مذهبيّة وكيانات مستقلّة يقف بعضها في مواجهة الآخر ..

ما يريده اللبنانيون اليوم حكومة إنقاذ حقيقي تجنّبهم شرّ الفتنة المستطيرة، والتي أصبحت قاب قوسين أو أدنى، والتي لا قدّر الله إن وقعت فلن تبقي من بعدها إلا الحسرة والندامة.

المرحلة الآن هي اختبار حقيقي لكلّ الذين يدّعون الغيرة والحرص على البلد، فليحكّموا دينهم وضمائرهم، وليتقوا الله في الشّعب والوطن ..

بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو

تعليقات: