17 نيسان «يوم الأسير الفلسطيني»

النائب مروان البرغوثي
النائب مروان البرغوثي


17 نيسان «يوم الأسير الفلسطيني»: سيكون حاسماً لمصير العيساوي والاستجابة للمطالب

4900 معتقل وأسير في سجون الاحتلال بينهم 1200 يُعانون من مرض السرطان وأمراض مُزمنة

«مجلس حقوق الإنسان»: لعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناتج عن المخالفات الإسرائيلية

الأسرى الفلسطينيون دخلوا موسوعة «غينيس» بـ «معركة الأمعاء الخاوية»


تتعدد الملفات الرئيسية في القضية الفلسطينية، ويتفاوت مدى الاهتمام بقضية العرب المركزية الأولى بين فترة وأخرى، وفق الأولويات والمستجدات، لكن تبقى دائماً حاضرة على الطاولة، حيث تمت مُعالجة العديد من القضايا، ومنها ما استجد بعد نكبة فلسطين في العام 1948...

وفي ضوء رسم خارطة «الشرق الأوسط الجديد»، تسعى الإدارة الأميركية إلى التعامل مع الملف الفلسطيني في ضوء ما ستسفر عنه بعض الأحداث في المنطقة، خصوصاً في ما يجري في سوريا بين النظام والمعارضة المسلحة، حيث يُمكن حينها إيقاع الشروط على الملف الفلسطيني...

وتكشف مصادر فلسطينية، أن وزير الخارجية الأميركية جون كيري يسعى من أجل إعادة إحياء العملية التفاوضية بين «السلطة الوطنية الفلسطينية» والكيان الإسرائيلي، ولكن تبيّن غير جدية الحكومة الإسرائيلية اليمينية المُتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، مع استمرارها في سياسة بناء المستوطنات، وتهويد القدس، والإستيلاء على الأملاك المُقدسة، ومُصادرة الأراضي، وعدم تحديد خريطة فلسطين، والزج بآلاف الفلسطينيين في السجون، والضرب بعرض الحائط، كل الأعراف والمواثيق الدولية...

وتبرز في طليعة هذه الملفات، قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذين يزداد اهتمام الدول فيها يوماً بعد آخر، خاصة أن هؤلاء الأسرى، بالرغم من تعرّضهم للتعذيب والاهانة، إلا أن عزيمتهم وصمودهم يزداد حيث بدأوا سلوك طريقهم بأنفسهم باتجاه الحرية، من خلال «معركة الأمعاء الخاوية»، التي مثلت بحد ذاتها هزيمة نكراء لإرادة المحتل...

لقد دفع هؤلاء الأبطال، بقضيتهم إلى الواجهة، حيث باتت حدثاً يومياً في نشرات الأخبار والصحف والإذاعات وصفحات التواصل الاجتماعي، ما شكّل ضغطاً إضافياً على بعض الدول التي كانت قد قررت النأي بنفسها عن موضوعهم...

وتتفاوت اهتمامات الدول بشأن الأسرى، فمنهم من يُجلّ ويقدر صمودهم، وما قدّموه من سنوات عمرهم في السجون، حيث يأخذ الأسرى المحررون في لبنان بعتبهم، أن دولتهم لم تعمل ولا لمرة واحدة على تأمين حقوقٍ خاصة بهم، مثل تأمين عدد معين من الوظائف الرسمية، أو تأمين ضمان صحي خاص لهم ولعائلتهم، أو حتى تخصيص مُساعدات تُمكنهم من مزاولة حياتهم بشكل عادي، وليس العودة للانطلاق من نقطة الصفر!!

ما زالت قضية الأسرى الذين لا يزالون يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تطفو على سطح الأحداث والاهتمامات، في ظل الحديث عن إمكانية طرح قضية الأسرى الفلسطينيين في المحافل الدولية، بما في ذلك «محكمة الجرائم الدولية» و«مجلس الأمن الدولي»، وفتح الملف على مصراعيه، ومساءلة الكيان الصهيوني عن جرائمه اللإنسانية والقمعية بحقهم...

ويصادف اليوم 17 نيسان، الذكرى السنوية الـ 48ـ لـ «يوم الأسير الفلسطيني»، الذي اعتمد في مثل هذا اليوم من العام 1965 – أي بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية، حيث أكدت مصادر فلسطينية أن الأسرى في سجون الاحتلال هددوا بأن يكون تاريخ 17 نيسان 2013، يوماً حاسماً ونهائياً للإفراج عن الأسير العيساوي، والاستجابة لمطالبهم بتحسين شروط الحياة الإنسانية والمعيشية...

وتطرقت النقطة الرابعة من التوصيات التي تضمنها تقرير «مجلس حقوق الإنسان 2013» إلى قضية الأسرى، حيث جاء فيها: «تطلب البعثة من كافة الدول الأعضاء الالتزام وفقاً لتعهداتها تحت القانون الدولي وتحمّل مسؤولياتهم تجاه دولة تقوم بخرق القانون الدولي، وتحديداً عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناتج عن المخالفات الإسرائيلية»..

ويعتمد الكيان الإسرائيلي سياسة الانتقام ممن يقف خلف عمليات استهدفت قواته، أو كان له دور في إطلاق سراح الأسرى، بالأسر أو إعادة الاعتقال أو الابعاد أو الاغتيال أو حتى أسر جثث الشهداء...

«أبو جهاد» الوزير

يُعتبر خليل الوزير «أبو جهاد» الرجل الثاني في حركة «فتح» والثورة الفلسطينية، بعد ياسر عرفات، فهو من فجر «الانتفاضة الأولى» أو ما عُرف بـ «انتفاضة الحجارة» بتاريخ 7 كانون الأول 1987، التي أصـبـح بعدها حـجـر عثـرة أمـام الاحتـلال الإسرائيلي، فكان اغتيـاله بتـاريخ 16 نيسان 1988 في عملية كومندوس إسرائيلية، قادها أيهود باراك، في تونس، فسقط ويده على الزناد، ووُري جثمانه الثرى في سوريا..

وبعد نحو 35 عاماً، اعترفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باغتيال «أبو جهاد»، بعد أن سمحت الرقابة العسكرية، بنشر معلومات تفيد بأن وحدة «قيساريا» التابعة لجهاز المخابرات الخارجية «الموساد»، هي التي نفذت الاغتيال، إلى جانب سرية هيئة الأركان العامة المعروفة باسم «سييرت مطكال»، وأن الضابط الذي ترأس فرقة الاغتيال وأطلق الرصاص القاتل على المغدور هو ناحوم ليف، الذي قتل في حادث سير سنة 2000، وهو في طريقه إلى إيلات، ووصفه الصحافي المختص بقضايا التجسس والأجهزة السرية، بيرغمان، بأنه «أحد أكثر أعضاء السرية شجاعة ولكن أيضاً موضع خلاف كبير بسبب تصرفاته الشخصية».

من يطلع على تفاصيل «عملية الشهيد كمال عدوان» التي كانت من تخطيط وإشراف «أبو جهاد»، يلمس الحنكة والحكمة التي كان يحرص عليهما دائماً، فهو اختار اسم «عملية كمال عدوان» (نسبةً إلى اسم عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» كمال عدوان، الذي استشهد مع رفيقيه كمال ناصر ومحمد النجار «أبو يوسف» في فردان بتاريخ 10 نيسان 1973 في عملية كومندوس إسرائيلية، يوم تنكر باراك بزي امرأة)، فكانت «عملية الساحل» التي خطط لها «أبو جهاد» ونفذت بتاريخ 11 آذار 1978 بقيادة دلال سعيد محمد المغربي (مواليد لبنان 1958)، رداً على اغتيال القادة، ليثبت أن الفدائيـين لا يتنكرون بزي امرأة، بل إن امرأة تقود مجموعة فدائية، وتحطّ رحاها على أرض الوطن، منفّذة عملية نوعية بمشاركة 13 فدائياً، ما زال العالم يتحدث عنها حتى الآن، حيث استطاعت أن تُقاوم الاحتلال الإسرائيلي لساعات طويلة، وترفع علم فلسطين، وتُعلن بسط سيطرتها على منطقة طولها 95 كلم الواقعة بين يافا (تل أبيب) وحيفا، وإقامة الجمهورية الفلسطينية الأولى في عمق الأرض المحتلة، وبعد معركة بطولية عنيفة استشهدت دلال مع عدد من أفراد المجموعة.

وأمسك باراك بشعر دلال، ونكل بجثتها، حيث ما زال جثمانها مجهولاً، وسط تعدد الروايات، التي منها ما يُشير إلى أنه اختفى مع بعض الجثامين من مقبرة الأرقام في الغور، بفعل انجراف في التربة!..

«معركة الأمعاء الخاوية»

سُجل ارتفاعٌ ملحوظ للاعتقال التعسفي ما بين عامي 2001-2006، حيث تمّ اعتقال آلاف الفلسطينيين، وبلغ ذروته في العام 2007، الذي رُصِد فيه اعتقال ما يُقارب 6 آلاف فلسطيني.

ويُعد الاعتقال الإداري نموذجاً صارخاً للاعتقال التعسفي، إذ يتم احتجاز الشخص لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد دون توجيه تهمة، الأمر الذي قد يستمر إلى ما لا نهاية، ودون المثول أمام المحكمة، وهو ما يُخلّ بقانونية هذا الاعتقال، ويجعله تعسفياً، بحسب المبادئ التي نصّت عليها المواثيق الدولية.

ويستند هذا الأسلوب إلى المادة 11 من أنظمة «الدفاع والطوارئ» التي فرضتها السلطات البريطانية في أيلول 1945، واستمرت سلطات الاحتلال بتطبيقها منذ قيامها، بل عززتها بـ 12 قراراً عسكرياً تتعلق بالاعتقال الإداري.

واعتمدت المقاومة الجديدة (الإضراب عن الطعام) لكسر قانون الطوارئ المعمول به في السجون الإسرائيلية، وبالتالي تراجع سلطات الاحتلال عن إجراءاتها المتشددة ضد الأسرى، والالتزام ولو بالحد الأدنى من المعايير والقوانين الدولية.

وسجّل الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، انتصاراً جديداً على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من خلال إجبار مصلحة السجون على تنفيذ مطالبهم التي رفعوها عند إعلان إضرابهم المفتوح.

ومن الملاحظ أن قوات الاحتلال تلجأ إلى الاعتقال الإداري عندما لا تجد تُهماً تُسقطها على الأسرى، وعلى الرغم من سماح القانون الإسرائيلي للمعتقل بالطعن بقرار اعتقاله الإداري أمام قاضٍ عسكري، إلا أن الإجراءات المتبعة أثناء المحاكمة، تحول دون تحقيق العدل، بل تُشرّع الاعتقال بدلاً من منعه! وتتنافى كلياً مع المعايير الدولية للمحاكمات، خصوصاً مبدأ البنود السرية في المحاكمات العسكرية، الذي يحرم المتهم ومحاميه من الإطلاع على بنود اتهام المعتقل، فكيف يتمّ لمحامٍ أن يطعن في اعتقال مُوكله، وأن يُطالب ببراءته إذا كان لا يملك الحق بمعرفة لائحة الاتهام لموكله؟!

وتمكنّ الأسيران الفلسطينيان بلال نبيل سعيد ذياب وثائر محمد عزيز حلاحلة (مواليد 1979) من دخول موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، لتجاوزهما الإضراب المفتوح عن الطعام لمدة 77 يوماً، بتاريخ 14 أيار 2012، والذي كانا قد بدأنه بتاريخ 29 شباط 2012، مُتخطين الرقم الذي كان مسجلاً باسم الأسير الأيرلندي بوبي ساندر، الذي توفي في السجون البريطانية بعد إضرابٍ مفتوح عن الطعام لمدة 64 يوماً.

وقد اعادت سلطات الاحتلال اعتقال حلاحلة (المولود في قرية خاراس – شمال غرب مدينة الخليل) بتاريخ 26 حزيران 2010 قبل عدة أيام، بعد اقتحام منزله في مدينة رام الله، والاعتداء عليه بالضرب أمام زوجته وطفليه، وتحطيم محتويات المنزل.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد أفرجت عن حلاحلة في شهر حزيران/ يونيو الماضي، بعدما خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام لمدة 77 يوماً إثر اتفاق أبرمته قيادة الأسرى مع مصلحة السجون والاستخبارات الإسرائيلية، قضى بالإفراج عنه وعن زميله في الإضراب بلال ذياب فور انتهاء فترة التمديد الإداري التي يمضيانها.

وكان اللاعب الرياضي الفلسطيني الأسير محمود كامل محمد السرسك، (مواليد 20 كانون الثاني 1978 في مخيم رفح) قد نجح أيضاً في «معركة الأمعاء الخاوية»، التي خاضها بتاريخ 23 آذار 2012، بعدما كانت قوات الاحتلال الإسرائيلية قد أوقفته في تموز 2009 على معبر «إيريز» العسكري، وتم إخلاء سبيله بتاريخ 10 تموز 2012، بعدما توصل محاميه وإدارة السجون الإسرائيلية بتاريخ 18 حزيران من العام نفسه إلى قرار يقضي بإطلاق سراحه في التاريخ المحدد، بشرط وقفه الإضراب عن الطعام.

العيساوي

يمضي الأسير الفلسطيني سامر طارق العيساوي، الكادر في «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين»، (مواليد 16 كانون الأول 1979) اليوم في «معركة الأمعاء الخاوية» التي بدأها منذ تاريخ 1 آب 2012، بعدما قامت قوات الاحتلال باعتقاله مرة أخرى في شهر تموز من العام نفسه بتهمة الدخول إلى الضفة الغربية خلافاً لشروط الإفراج عنه وفقاً لصفقة «وفاء الأحرار» لتبادل الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في تشرين الأول 2011، حيث أصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية حكماً بحقه بالسجن ثمانية أشهر، بعدما أصدرت سلطات الاحتلال قراراً بأن يستكمل العيساوي ما تبقى له من سنوات في حكمه السابق - أي ما يُقارب 20 عاماً، وذلك بناءً على ادعاء اللجنة بوجود شبهات ضده استناداً لمعلومات استخباراتية سرية، وما زال العيساوي اليوم ماضٍ في معركته التي قفزت حتى تاريخ 16 نيسان 2013 يومه 270، رافضاً كل محاولات المقايضة بإطلاق سراحه مقابل إبعاده إلى قطاع غزة أو إلى خارج فلسطين.

الشراونة

أيمن إسماعيل الشراونة (37 عاماً من بلدة دورا - محافظة الخليل في الضفة الغربية، متزوج ولديه 9 أبناء)، اعتقل مرات عديدة، خرج في إحداها ضمن صفقة «وفاء الأحرار»، إلا أنه أعيد اعتقاله إدارياً بتاريخ 1 أيلول 2012، ومضى مباشرة في «معركة الأمعاء الخاوية»، وسجل أطول إضراب عن الطعام، حيث استمر 260 يوماً، أنهاه بعدما توصل إلى اتفاق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإبعاده إلى قطاع غزة لمدة 10 سنوات، مقابل الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية، بدلاً من تنفيذ حكم 28 عاماً داخل السجون الإسرائيلية.

وصل الأسير الشراونة إلى غزة عبر معبر بيت حانون «إيرز» بتاريخ 17 آذار 2013، وسط استقبال حافل من القيادات والجماهير الفلسطينية، حيث حمل الأسير المحرر، ونقل عبر سيارة إسعاف إلى مقر الإقامة الذي أُعد له في غزة.

إلى جانب ذلك، يُعاني الأسير أسوأ أنواع العذاب، حيث تُمارس عليه شتى أنواع وأساليب التنكيل والتعذيب والاضطهاد، بالإضافة إلى حرمانه من حقوقه الجوهرية، وأهمها: الرعاية الصحية والتواصل مع العالم الخارجي.

فقد قرر أطباء «مصلحة السجون الإسرائيلية» بتر القدم اليسرى للأسير ناهض الأقرع (41 عاماً) من سكان غزة، والمعتقل منذ تاريخ 2 تموز 2007 والمحكوم بالمؤبد ثلاث مرات.

وذكر «أن الأطباء في «مستشفى الرملة» لم يعودوا يتابعون سائر الحالات المرضية وعددها 18 حالة لأنهم منهمكين في موضوع المضربين، ولم يعد الأطباء يحضرون إلى قسم المرضى».

الشهيدان جرادات وأبو حمدية

وكان الأسير الفلسطيني عرفات شاهين شعوان جرادات (30 عاماً) من بلدة سعير في محافظة الخليل - جنوب الضفة الغربية، قد استشهد في «سجن مجدو»، بعد 6 أيام على اعتقاله بتاريخ 18 شباط 2013، على إثر التعذيب الذي تعرّض له خلال فترة التحقيق، علماً بأن التحقيق كان مستمراً معه على مدار الأيام الستة.

حاولت سلطات الاحتلال في البداية، تمرير الأمر على أن وفاة الأسير جرادات ناتج عن إصابته بـ «سكتة قلبية»، لكن نتائج التشريح أظهرت عكس ذلك، ولم تظهر النتائج أي تجلّطات في قلب الشهيد، كما ادّعى الاحتلال.

وقالت دلال، زوجة الشهيد جرادات: «قام رجل مخابرات الاحتلال بإعادة عرفات إلى البيت بعد دقائق من اعتقاله، وطُلب منه أن يودّع أبناءه ويودّعني، الأمر الذي أجج مشاعر الخوف والذعر داخلي طوال أيام اعتقاله، وخصوصاً أن زوجي تم اعتقاله وتوقيفه أكثر من مرة، وكانت لهجة رجل المخابرات غريبة».

على إثر نبأ استشهاد جرادات، اشتعل الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال غضباً، فيما قام عشرات الشباب داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها بتنظيم اعتصامات أمام مراكز «الصليب الدولي الأحمر الدولي» في خطوة احتجاجية قوية.

وبتاريخ 25 شباط 2013، شيّع جثمان الشهيد جرادات، بمشاركة عشرات الآلاف من الفلسطينيين من بلدته سعير، حيث اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال على مدخل البلدة بالتزامن مع وصول جثمان الشهيد إليها، علماً بأن قوات الاحتلال كانت قد أغلقت مدخل البلدة، ورفعت حالة التأهب، وأقامت عدداً من الحواجز العسكرية، تخوّفاً من تصاعد الاحتجاجات في الضفة الغربية.

ميسرة أبو حمدية (65 عاماً - مواليد الخليل 1948)، أب لأربعة أبناء، زخرت حياته بتاريخ حافل من العطاء والنضال، باعتباره من أبرز رواد الوحدة الوطنية الفلسطينية، ولم يثنه العمل المقاوم والانخراط في صفوف الثورة الفلسطينية عن إكمال تعليمه، فانضم إلى «جامعة الأقصى» في غزة لدراسة التاريخ عن طريق نظام المراسلة.

التحق أبو حمدية إلى صفوف حركة «فتح» مع «أبو عمار» المعروف في ذلك الوقت بالدكتور محمد، الذي دخل الضفة متخفياً بعد هزيمة حزيران 1967 لبناء قواعد ارتكازية تشعل انتفاضة، وعرف أبو حمدية باسم «جورج» ثم «أبو طارق».

واستمر في صفوف حركة «فتح» خلال فترة دراسته بالقاهرة في العام 1970، وكان مقاتلاً في لبنان ضمن «كتيبة الجرمق» الكتيبة الطلابية، وكانت بقيادة معين الطاهر، وفي الفترة الواقعة ما بين عامي 1969 – 1975، تعرّض لسلسلة من الاعتقالات المتكررة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي بتهمة الانتماء إلى «اتحاد طلاب فلسطين»، وأعيد اعتقاله سنة 1976 إدارياً، إلى أن تم إبعاده في العام 1978 من المعتقل إلى الأردن، حيث عمل في مكتب الشهيد خليل الوزير «أبو جهاد»، بصفته ضابط ارتباط (نقطة ارتكاز)، التي كانت تنضوي تحت اسم لجنة الـ 77، وفي العام 1988 عمل برتبة مقدم في مكتب الانتفاضة لمدة 10 سنوات.

كما عمل الشهيد في التوجيه السياسي برتبة عقيد لفترة قصيرة، ومن ثم انتقل للعمل في جهاز الأمن الوقائي برتبة عميد، إلى أن حصل على رتبة لواء وحصل معها على التقاعد.

لعب أبو حمدية دوراً سرّياً بارزاً في التدريب وتصنيع المتفجرات وتهيئة كوادر المقاومة من أبناء «فتح» و«كتائب شهداء الأقصى» و«كتائب عز الدين القسام» «الجناح العسكري حيث انتدبته «فتح» لتدريب العناصر الأولى لـ «سرايا المقاومة» الجناح العسكري لـ «الجهاد الإسلامي»، وبذلك فقد كان جامعاً الألوان الفلسطينية في وحدة وطنية فريدة من نوعها (كتائب الأقصى، سرايا والقسام)، فهو كان يتواجد أينما تواجد العمل الجهادي.

فقد اعتقل بتاريخ 28 أيار 2002، وعُذِّب، وصدر ضده حكم من قبل «المحكمة العسكرية الإسرائيلية» بالسجن 25 عاماً، ثم حُوِّل إلى مؤبد، كان من بين التهم الموجهة إليه تدريبه مقاومين من حركة «حماس».

لم يكتفِ الإدعاء بالحكم الصادر بحقه، فاستأنف على الحكم، لتعاود المحكمة النظر في الحكم السابق، والحكم عليه بالسجن المؤبد 99 عاماً.

لم تمنعه هذه الأحكام من المضي بالطريق الذي بدأه، فعمل من داخل معتقلي «إيشيل» و«نفحة» على تقريب وجهات النظر بين أسرى «فتح» و«حماس»، حيث كان من الذين عملوا على مبادرة المصالحة بين الحركتين، والتي كانت منبثقة من الأسرى.

كان الشهيد أبو حمدية يُعاني من عدة أمراض مزمنة خلال فترة اعتقاله، أخطرها مرض السرطان، بالإضافة إلى قرحة في المعدة، وارتفاع في ضغط الدم، وورم في منطقة الرقبة، و تضخم في الغدة الدرقية.

تدهورت حالته الصحية بشكل مُتصاعد خلال فترة اعتقاله الأخيرة في سجون الاحتلال، نقل على إثرها عدة مرات لـ «مستشفى سجن الرملة»، وتعرّض لإهمال طبي متعمد من قبل إدارة السجون تسبب باستشهاده بتاريخ 2 نيسان 2013.

حجازي والبرناوي

أول الأسرى الفلسطينيين لدى العدو الإسرائيلي كان محمود بكر حجازي (مواليد 1936 القدس)، وذلك بتاريخ 17 كانون الثاني 1965، بعد قيامه مع مجموعة فدائية بتنفيذ عملية تفجير جسر تستخدمه قوات الاحتلال في الخليل، ما أدى إلى مقتل 24 إسرائيلياً وجرح العشرات.

وكانت «المحكمة العسكرية الإسرائيلية» قد أصدرت في العام 1965 حكم الإعدام بحق حجازي الذي ارتدى اللباس الأحمر مدة 45 يوماً، مُنتظراً تنفيذ الحكم، إلا أن خلافاً بين أركان الحكومة الإسرائيلية أسهم في بقائه حياً، بعدما فشلت محاولة اغتياله من خلال دس السُّم له خلال الأسر، لتتم مبادلته بأسير إسرائيلي – اختطفته حركة «فتح» بعد حرب حزيران 1967، خلال عملية أُطلق عليها اسم «الحزام الأخضر»، وهو حارس مستعمرة إسرائيلياً يُدعى شومئيل روزن فايزر، وتمت الصفقة بتاريخ 28 شباط 1971.

فيما فاطمة محمد علي البرناوي، هي أول أسيرة في الثورة الفلسطينية، اعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 10 تشرين الأول 1967، إثر قيامها بمحاولة تفجير سينما صهيون بتاريخ 8 تشـريـن الأول 1967 والتي شاركتها بتنفيذها أختها الصغرى إحسان، وخطط لها «الدكتور محمد».

بتـاريــخ 8 تشـريـن الأول 1967، انطـلقـت فاطمـة وأختـها إحسـان لتنفيذ العملية، إلا أن صحفياً أميركياً أفشل عليهما المهمة دون قصد، فاعتقلت فاطمة بتاريخ 10 تشرين الأول 1967، وأفرج عنها بتاريخ 11 تشرين الثاني 1977.

سياسة الإبعاد

{ اعتمد الاحتلال الإسرائيلي سياسة «ترانسفير» وطرد الفلسطينيين في «الانتفاضة الأولى» - «انتفاضة الحجارة» 1987، بعدما فشلت سياسة الاعتقال والزج في السجون، في محاولة لإجهاض الانتفاضة وإضعافها، عبر تفريغها من كوادرها الرئيسيين الناشطين، مع التهديد بمواصلة سياسة الإبعاد لقمعها، لأن من تقرر إبعادهم لهم دور فاعل ومؤثر في العمل على تنظيم إدارة الانتفاضة، وتشكيل حافز لتحريض الجماهير، فهم قادة جماهيريون وتنظيميون، أئمة مساجد، إعلاميون، نقابيون، محاضرون في الجامعات ونُشطاء من الطلاب..

وبتاريخ 13 كانون الثاني 1988، أُبعدت سلطات الاحتلال أربعة مناضلين فلسطينيين إلى لبنان، وهم: جبريل محمد الرجوب، بشير أحمد الخيري، حسام عثمان خضر وجمال محمد شاكر جبارة. ثم في إحدى الدفعات كان الدكتور فتحي الشقاقي، قبل أن تكرّ السبحة على عدة دفعات، لتتوّج بإبعاد 415 فلسطينياً بتاريخ 17 كانون الأول 1992، بينهم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.

هذا فضلاً عن عمليات أخرى لخطف جنود إسرائيليين من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان، أو المقاومة في فلسطين، علماً منهم أن الأسرى لن يتحرروا إلا بهذه الطريقة، حيث أن الحكومات عجزت عن تحريرهم، وخير شاهد أن هناك أسرى لا يزالون منذ ما يزيد على الـ 30 عاماً في المعتقلات، ومنهم الأسير محمد أحمد عبد الحميد طوس (معتقلاً منذ 28 عاماً)، محمود جياش (ربع قرن من الاعتقال)، أحمد شحادة (17 عاماً) ومحمد تشبيت (22 عاماً من الاعتقال).

البرغوثي وسعدات

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بهذا الحد، بل تطاولت يداه لتصل إلى قيام قواته باختطاف النائب في «المجلس التشريعي الفلسطيني» مروان حسيب البرغوثي (مواليد 6 حزيران 1959 – في السيد كوبر – شمال غرب رام الله) بتاريخ 15 نيسان 2002، بعدما أذاقها الويلات، وهو محكوم اليوم بخمسة مؤبدات وأربعين عاماً بتهمة القتل والشروع به.. ويعتبر أول عضو في «المجلس التشريعي الفلسطيني» يعتقله الاحتلال الإسرائيلي، بين 15 عضواً، ما زالوا في السجن حتى الآن، بينهم 12 نائباً معتقلين إدارياً.

وكان الكيان الإسرائيلي قد جهد لتصفية البرغوثي بأكثر من محاولة اغتيال، لكنه كان في كل مرة يفشل، لذا عمد إلى المضي في عملية أطلق عليها «السور الواقي» التي شملت كل مناطق الضفة الغربية باستثناء أريحا، بهدف إلقاء القبض عليه، والتي انطلقت بتاريخ 29 آذار 2002 واستمرت حتى 21 نيسان 2002، تمّ بموجبها اعتقاله بتاريخ 15 نيسان من العام ذاته في منزل القيادي الفتحاوي زياد أبو عين في حي الطيري - غرب مدينة رام الله، بعدما كانت قوات الاحتلال قد ضربت طوقاً أمنياً في المكان وحاصرت المنزل بدباباتها العسكرية.

كان لاعتقال البرغوثي وقعٌ في صفوف الاحتلال، فقد علّق وزير الدفاع الإسرائيلي – آنذاك - آرييل شارون بالقول: «يؤسفني إلقاء القبض عليه حياً وكنا نُفضّل أن يكون رماداً في جرّة»، أما شاؤول موفاز رئيس الأركان فقد علّق على اختطاف البرغوثي بالقول: «إن اعتقال مروان هو هدية عيد الاستقلال التي يُقدمها الجيش للشعب الإسرائيلي، وأن اعتقاله ضربة قاتلة للانتفاضة». فيما اعتبر المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية ألياكيم روبنشتاين «إن مروان «مهندس إرهابي» من الدرجة الأولى، وقد راجعتُ ملفاته طوال ثلاثين عاماً، ووجدت أنّه من النوع الذي لا يتراجع، ولذلك يتوجب أن يُحاكم بلا رحمة، وأن يبقى في السجن حتى موته».

كما أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل أمين عام «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أحمد عبد الرسول سعدات، منذ اقتحام الاحتلال الإسرائيلي «سجن أريحا» بتاريخ 14 آذار 2006، وخطف 6 سجناء بينهم سعدات ونقلهم إلى «المسكوبية»، حيث أصدرت «المحكمة العسكرية الإسرائيلية بتاريخ 25 كانون الأول 2008 حُكماً بالسجن عليه لمدة 30 عاماً بتهمة قتل الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي بتاريخ 17 تشرين الأول 2001، وذلك بعد 14 اعتقالاً سابقاً في سجون الاحتلال.

انتقام من الخاطفين

من جانب آخر، بدأ الكيان الإسرائيلي ينتقم ممن يُساهم في إطلاق سراح الأسرى، وذلك من خلال إما استهداف الشخصيات التي تقوم بالإشراف على تأمين سرية اعتقال الجنود الإسرائيليين، ومنهم اغتيال القائد العسكريّ لـ «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» أحمد الجعبري بتاريخ 14 تشرين الثاني 2012 (الجعبري 51 عاماً، وهو القائد الفعلي لـ «كتائب عز الدين القسام» في فلسطين، ضم إلى المكتب السياسي لحركة «حماس» في العام 2012، يعتبر من أبرز القادة الذين أذاقوا الاحتلال الإسرائيلي المرارة. نجا من عدة محاولات اغتيال، وهو الذي تولى إخفاء الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعد أن خطفته فصائل المقاومة بتاريخ 25 حزيران 2006، وتمكن من إخفاءه حتى عملية تبادل الأسرى «وفاء الأحرار» التي تمت بين حركة «حماس» و«إسرائيل» بوساطة مصرية في العام 2011 والتي أفرج فيها عن 1027 أسيراً وأسيرة).

كذلك قيام العدو باغتيال القائد العسكري في «حزب الله» عماد مغنية بتاريخ 12 شباط 2008 في العاصمة السورية دمشق في منطقة كفرسوسة، بعدما اعترفت «إسرائيل» بأنها قامت باغتياله على يد عملاء «الموساد»، وكان مغنية قد خطط وأشرف على عملية خطف 3 جنود إسرائيليين من مزارع شبعا، وهم: آدي أفيتام، وبيني أفراهام وعمر سويد، واستدراج الضابط الإسرائيلي الحنان تننباوم في تشرين الأول 2000، وتنفيذ عملية أسر الجنديين الإسرائيليين إيهود غولد فاسر وإلداد ريغف بتاريخ 12 تموز، كذلك يقوم العدو بعدوان على الدولة التي يكون منفذي عملية الاختطاف منها وهو ما تذرع به إثر اختطاف الجنديين في العام 2006 واندلاع عدوان تموز الذي استمر 33 يوماُ.

التميمي

أما المحاكمة، التي يجب أن تكون مرحلة تبيان الحق والفصل في صحة التهمة الموجهة للمعتقل، فتغدو مجرد جزء آخر من رحلة العذاب الطويلة، نتيجتها محسومة مسبقاً، حيث يُتعمّد خلالها إصدار أحكام عالية بحق الأسرى، لتفادي خروجهم في حال صدر عفو ما، الأمر الذي بدا جلياً مع الأسيرة المحررة أحلام عارف التميمي (مواليد 20 كانون الثاني 1980) التي اعتقلت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 14 أيلول 2001، وحكم عليها بالسجن 16 مؤبداً - أي ما يُعادل 1584 سنة، وهذه المؤبدات كانت بمعدل مؤبد عن كل قتيل إسرائيلي وقع في العملية الاستشهادية التي نفذها عز الدين المصري من «كتائب عز الدين القسام» في القدس بتاريخ 9 آب 2001، وأسفرت عن وقوع 15 قتيلاً و122 جريحاً في صفوف الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد الإفراج عنهما قامت سلطات الاحتلال بإبعاد أحلام إلى الأردن، ومنع نزار من مغادرة الضفة الغربية، تحسباً من اجتماعهما، إلا أن المناضلين، الحمساوية والفتحاوي، كسرا إرادة المحتل وتم زفافهما بتاريخ 16 حزيران 2012، بعد أن تمكن نزار من الوصول إلى الأردن.

الاعتقالات طالت 20% من الشعب الفلسطيني

هذا فضلاً عن أنّ هناك أسرى يُعانون من حالات نفسية وجسدية، ولا تراعى أو تأخذ بعين الاعتبار حالاتهم الصحية، كذلك وأن 40% من الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال هم من الأسرى المتزوجين، الأمر الذي يُؤثر بدوره على وضع أبنائهم النفسي ومستقبلهم، إضافة إلى تأثير ذلك على وضع العائلة الاقتصادية، كما أن حوالى 91% من الأُسر الفلسطينية التي مرت بتجربة الاعتقال والأَسْر تُعاني ظروفاً اقتصادية صعبة، وتكون المعاناة أكثر وضوحاً إذا كان المعتقل أو الأسير هو المعيل الوحيد للعائلة..

وأشار الباحث والمتخصص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة إلى أنه منذ العام 1967 سُجل أكثر من 800 ألف حالة اعتقال، يشكلون قرابة 20% من الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أنه لم تعد هناك عائلة فلسطينية إلا وأن تعرّض أحد أفرادها أو جميعهم للاعتقال لمرة أو لمرات عدة.

وبيّن أن من بين مجموع تلك الحالات هناك 78000 حالة اعتقال سُجلت منذ بدء «انتفاضة الأقصى» في أيلول 2000، بينهم قرابة 950 مواطنة، وأكثر من 9 آلاف طفل، وأكثر من 50 نائباً ووزيراً سابقاً، بالإضافة إلى مئات القيادات السياسية والأكاديمية والمهنية والصحفيين، الخ..

وأكد فروانة إلى أن الاعتقالات لم تكن يوماً ممارسة عفوية أو استثنائية، وإنما مُورست كسياسة ثابتة بهدف الإذلال والاهانة والانتقام وأضحت ظاهرة يومية مؤلمة ومقلقة، حيث (لا) يمضي يوم واحد إلا ويُسجل فيه اعتقالات، والتي لم تقتصر على فئة محددة أو شريحة معينة، وإنما شملت كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني بمن فيهم المرضى والمعاقين، مما دفع الذاكرة الفلسطينية لأن تفرد مساحات لمفردات الاعتقال والسجن في القاموس الفلسطيني والثقافة العامة.

وأشار إلى أن تصاعد ملحوظ قد طرأ في عدد حالات الاعتقال، حيث أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت خلال العام الماضي 3848 مواطناً فلسطينياً - بمعدل 11 حالة يومياً، وبزيادة قدرها 16.2% عن العام الذي سبقه 2011.

فيما كان من بين المعتقلين خلال العام الماضي 881 طفلاً دون 18 سنة بزيادة قدرها 26% عن العام الذي سبقه 2011.

ومنذ بدء العام الجاري 2013 اعتقلت قوات الاحتلال 1070 مواطناً بزيادة قدرها 8,4% عن نفس الفترة المُستعرضة من العام الماضي.

ورأى فروانة «أن الخطورة تكمن في أن مجمل تلك الاعتقالات وما رافقها وتبعها تتم بشكل مُخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني من حيث أشكال وظروف الاعتقال، ومكان الاحتجاز وما مُورس ويُمارس بحق المعتقلين من تعذيب، حيث أن كل من تعرّض للاحتجاز أو الاعتقال تعرّض لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والاهانة أمام الجمهور وأفراد العائلة، فيما الغالبية تعرّضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب».

وأوضح بأنه «ليس كل من اعتقل بقيَّ في الأسر، فالكل تحرر فيما بلغ عدد من لا يزالون في سجون ومعتقلات الإحتلال حتى مطلع نيسان الجاري نحو 4900 معتقل وأسير في أكثر من 17 سجناً ومركز توقيف، بينهم 235 أسيراً من الأطفال، و14 أسيرة، و14 نائباً في المجلس التشريعي، بالإضافة إلى وزيرين سابقين».

وأشار فروانة إلى «أن سلطات الاحتلال أصدرت منذ العام 1967 أكثر من 50 ألف قرار بالاعتقال الإداري (ما بين قرار جديد أو تجديد الاعتقال الإداري)، منهم 23 ألف قرار منذ بدء «انتفاضة الأقصى» بتاريخ 28 أيلول 2000، بقي منهم 168 معتقلاً رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو مُحاكمة حتى الآن، وأن من بين الأسرى يوجد 533 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد (مدى الحياة) لمرة واحدة أو لمرات عدة».

«الأسرى القدامى»

وفي السياق ذاته أشار الى «وجود 105 أسيراً يُطلق عليهم مصطلح «الأسرى القدامى» وهو مُصطلح يطلق على الأسرى الذين اعتقلوا قبل «أوسلو» وقيام «السلطة الوطنية الفلسطينية» بتاريخ 4 أيار 1994، ولا يزالون في السجون الإسرائيلية، وأن «عمداء الأسرى» منهم، وهو مصطلح يُطلق على من مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماُ قد بلغ عددهم 77 أسيراً، فيما «جنرالات الصبر»، وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على من مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد قد وصل عددهم إلى 25 أسيراً حتى مطلع نيسان الجاري، حيث يُعتبر الأسير كريم يونس من المناطق المحتلة عام 1948 والمعتقل منذ كانون الثاني 1983 هو عميد الأسرى وأقدمهم جميعاً».

وكشف فروانة بأن «عدد الأسرى الفلسطينيين المرضى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ نحو 1200 أسير يًعانون من أمراض مختلفة، بينهم 170 أسيراً بحاجة إلى عمليات عاجلة وضرورية، و85 أسيراً يُعانون من إعاقات مختلفة (جسدية وذهنية ونفسية وحسية)، و16 أسيراً مقيمين بشكل دائم في ما يسمى «مستشفى سجن الرملة»، و24 أسيراً مصابين بمرض السرطان».

وأشار إلى «أن عدد الشهداء من الأسرى بلغ 204 أسيراً منذ عام 1967 بسبب التعذيب والإهمال الطبي أو القتل العمد بعد الاعتقال، أو نتيجة استخدام الضرب المبرح والرصاص الحي ضد الأسرى آخرهم كان الشهيد ميسرة أبو حمدية، بالإضافة إلى مئات الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم من السجن متأثرين بأمراض ورثوها عن السجن والتعذيب والإهمال الطبي، أمثال أشرف أبو ذريع، زهير لبادة، مراد أبو ساكوت، هايل أبو زيد والقافلة تطول».

وأوضح بأن «كافة الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال يتعرضون لمنظومة من الإجراءات والقوانين التعسفية والانتهاكات الفاضحة لكافة المواثيق والأعراف الدولية، في إطار سياسة مُمنهجة، وأن تلك الانتهاكات تصاعدت بعدما أقرت سلطات الاحتلال عدد من القوانين للتضييق على الأسرى وشرعنة الانتهاكات بدافع الانتقام من الأسرى وذويهم، مما حوّل السجون بمختلف أسمائها وأماكن وجودها إلى بدائل لأعواد المشانق، فبداخلها يجرى أبشع عمليات القتل الـروحي والنفسي والتعذيب الجسدي، وبداخلها يتم إعدام الأسرى بشكل بطيء».

وأكد فروانة بأن «الأسرى كانوا ولا يزالون جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وأن قضيتهم ستبقى مركزية بالنسبة لشعبهم لأنهم ناضلوا وضحوا وأفنوا زهرات شبابهم خلف قضبان السجون من أجل فلسطين ومقدساتها، ومن أجل قضايا الأمة العربية والإسلامية جمعاء».

ومن الواجب الوطني والشرعي والديني، الأخلاقي والإنساني نصرتهم ومساندتهم والعمل لوقف الانتهاكات الخطيرة بحقهم، والسعي بكل الوسائل المشروعة لضمان تحقيق حريتهم وعودتهم إلى بيوتهم وأحبتهم سيراً على الأقدام، لا مُحملين على الأكتاف.

الأسرى في سجون الاحتلال.. مُخالفة لكافة المواثيق وحقوق الإنسان
الأسرى في سجون الاحتلال.. مُخالفة لكافة المواثيق وحقوق الإنسان


تعليقات: