طرابلس مصدومة: جريمة البارحة لا تشبهنا! +VIDEO

الرجل الذي في الصورة هو نازح سوري، يُدعى ي. ب. اختطفته أمس مجموعةٌ مسلّحة يقودها فيصل البيروتي في منطقة التلّ، متهمة إياه بـ«التعامل مع ال
الرجل الذي في الصورة هو نازح سوري، يُدعى ي. ب. اختطفته أمس مجموعةٌ مسلّحة يقودها فيصل البيروتي في منطقة التلّ، متهمة إياه بـ«التعامل مع ال


لم تمرّ سوى ساعات على خروج المجتمع المدني في طرابلس رفضاً لأجواء الحرب التي تسيء إلى مدينتهم، حتى خيّم على عاصمة الشمال مشهد من العنف والإيذاء الجسدي غير مسبوق في تاريخها

«الصدمة». وحدها هذه الكلمة كافية لتصف حال أهالي طرابلس بعد رؤيتهم مشهد المواطن السوري ي. ب. مربوطاً بحبل من عنقه، بينما يقوم بعض المسلحين بجرّه في شوارع المدينة، بعد تعذيبه وكتابة عبارات مذهبية فوق جسده العاري.

وما جعل الصدمة مضاعفة، أن هذه «الحفلة» جرت على مرأى العديد من أهالي المدينة ومسمعهم، لأن الذين اعتقلوا الرجل ساروا به في شوارع طرابلس لأكثر من 3 كيلومترات، من دون أن يقول لهم أيّ من المواطنين إن ما يفعلونه مستنكر ومعيب، ويسيء إلى المدينة قبل غيرها، كما لم تتدخل أي دورية من الجيش اللبناني أو قوى الأمن الداخلي أو شرطة بلدية طرابلس مرّ بها «الموكب»، لوضع حدّ لهذا الاستعراض الشاذ.

وفي معرض التبرير الذي يحاوله البعض للتخفيف من هول ما جرى، وقد يجري، يشيرون إلى أجواء الاحتقان المذهبي الحادة السائدة في لبنان، وتداعيات الأزمة السّورية، وخصوصاً بعدما تبين أن المواطن السوري المذكور علوي المذهب، ما أسهم في نشر الكثير من الروايات حول أسباب التعرّض له بهذا الشكل، إلى حدّ تبريرها أحياناً، من غير أن تصدر أي جهة أمنية توضيحاً لما حصل، وإزالة الالتباسات الكثيرة التي رُسمت.

الصدمة لم تقتصر على المواطنين العاديين فقط. فبعض المقاتلين القدامى الذين شاركوا في الحرب الأهلية ومعاركها المتعدّدة في طرابلس أكدوا أن «مثل هذا المشهد لم يحصل حتى في أشد لحظات الخلاف مع السوريين وجماعاتهم في طرابلس». ويرى بعض هؤلاء المقاتلين، ممن تجاوز عمر بعضهم الستين أن «ما يحصل في طرابلس هذه الأيام يدلّ على دونية مستوى من يحمل السلاح، مقارنة بأيامنا»، قبل أن يضيف آخرون مثلهم إنه «في تلك الفترة كان لدى المقاتلين أخلاق عكس هذه الأيام»!

لكن «المفارقة المؤلمة»، حسب توصيف أكثر من جهة مستاءة مما حصل، أنه برغم بشاعة المشهد الذي لم تعرفه طرابلس في تاريخها، فإن أي جهاز أمني لم يصدر بياناً توضيحياً حول ما حصل، ويضع حدّاً للشائعات التي تنتشر في المدينة كالنار في الهشيم، كما أن أي طرف سياسي أو مدني في طرابلس لم يكلف نفسه عناء إصدار بيان استنكار وشجب، وكأن ما جرى لم يحصل في مدينته.

أمس، كانت طرابلس تعيش تحت هول الصدمة بكل تفاصيلها، إذ تكفي جولة قصيرة في أسواق المدينة وشوارعها، وهي على بعد بضعة أيّام من عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية الشرقية، حتى يتضح حجم الشلل الذي تعانيه، وتبدو كأنها تعاني موتاً سريرياً. يروي مواطنون مسيحيون من مناطق خارج طرابلس أنهم لم يعودوا يزورونها، لا للتسوّق ولا لسواه منذ فترة طويلة، كما أن أحدهم أوضح أن زوجته التي عاشت في طرابلس أغلب سنوات عمرها، لم تزرها منذ نحو سنة تقريباً، برغم أنها مشتاقة لتفقد حيّ الزاهرية وأهله الذي قضت فيه أجمل سنوات عمرها.

وما يزيد وضع طرابلس ألماً وتردياً، وغرقاً في المأساة يوماً بعد آخر، أن أهالي المناطق الإسلامية أيضاً في عكّار والضنّية والمنية، والقرى الإسلامية في زغرتا والكورة والبترون، باتوا بدورهم يُعدّون للألف قبل نزولهم إلى طرابلس، بعدما أصبحت «النزلة» محفوفة بالمخاطر، سواء لجهة الخشية من تعرض لأذى جسدي، أو البهدلة بكلمة من هنا أو هناك، فضلاً عن موضة قطع الطرقات في كل مناسبة، التي تجعل من يدخل إلى طرابلس مفقوداً، ومن يخرج منها مولوداً.

أكثر من ذلك بعد. الخوف من التنقل في طرابلس لا يقتصر على المقيمين خارجها، بعدما انكفأ أهالي أحياء المدينة كلّ ضمن حيّه، مفضلين عدم التنقل في طرابلس نفسها. يشرح بعض المواطنين كيف أن أهالي الميناء لا يصعدون إلى «البلد»، أي وسط طرابلس التجاري وأسواقها الجديدة منها والقديمة، وأنهم يكتفون بما يوجد عندهم، وكذلك يفعل أهالي أبي سمراء الذين لا ينزلون من منطقتهم إلا للضرورة. «نحن هنا نختنق كل يوم، ولا نستطيع أن نفعل شيئاً للأسف لأنه لا يوجد دولة عندنا»، يقول العديد من أصحاب المحال التجارية في منطقة التلّ وجوارها. ويحمّلون مسؤولية ما يجري في مدينتهم لسياسييها قبل غيرهم، لأنه «لو كان في طرابلس زعيم لما حصل فيها ما يحصل»، يقول أحدهم.

موضوع ذات صلة "طرابلس.. قندهار لبنان"


شاهد الفيديو:


الرجل الذي في الصورة هو نازح سوري، يُدعى ي. ب. اختطفته  مجموعةٌ مسلّحة يقودها فيصل البيروتي في منطقة التلّ، متهمة إياه بـ«التعامل مع النظا
الرجل الذي في الصورة هو نازح سوري، يُدعى ي. ب. اختطفته مجموعةٌ مسلّحة يقودها فيصل البيروتي في منطقة التلّ، متهمة إياه بـ«التعامل مع النظا


تعليقات: