الزيتون يواجه الكساد وعواصف أيار «وحيداً»

أشجار زيتون تساقط زهرها في حاصبيا (طارق أبو حمدان)
أشجار زيتون تساقط زهرها في حاصبيا (طارق أبو حمدان)


قضت عواصف شهر أيار غير المتوقعة، وما رافقها من رياح وأمطار غزيرة وبرد، على جانب من موسم زيتون هذا العام وبنسبة مرتفعة.

وفي جولة لـ"السفير" في قرى مناطق حاصبيا ومرجعيون والعرقوب، بدت الأضرار واضحة في البساتين، التي تساقطت أزهارها وبراعمها الطرية، أما ما تبقى منها على الشجر، فمهدد بالتلف وعدم "العقد" أيضا، بسبب رطوبة الجو السائدة منذ أيام، والمتواصلة حتى نهاية الأسبوع الجاري.

مزارعو الزيتون في هذه المناطق، الذين نعوا القسم الأكبر من موسمهم لهذا العام، يقولون لـ"السفير": "إن ما حصل أشبه بكارثة طبيعية، لم تشهد بساتينهم مثيلا لها منذ أكثر من خمسين عاما"، مشيرين إلى أن "تواصل الأمطار بغزارة لأيام عدة، وما رافقها من برد ورياح شديدة، كانت كافية لضرب أزهار الزيتون وهي في طور العقاد، ما أدى إلى تلفها وتساقطها".

ولا يقتصر مشهد تداعيات العاصفة على هذه الحالة، إنما شمل، وفق مزارعين، "تكسير الأغصان الرقيقة اليانعة، وما تبقى من زهر مهدد أيضا بعدم العقد، بسبب البرد القارس، خصوصا خلال ساعات الليل".

عشرات المزارعين الذين تفقدوا بساتينهم بعد هدوء العاصفة، هالهم منظر الزهر المتساقط أرضا، حيث بدت الأشجار خالية سوى من الورق، علما ان الموسم الحالي حسب مفهوم المزارعين، هو موسم حمل يعولون عليه.

ويوضح نائب رئيس "التعاونية الزراعية للزراعة البعلية وتربية الشتول والنحل في حاصبيا" نهاد أبو حمدان لـ"السفير"، أن "الخسائر في موسم الزيتون بسبب عاصفة ايار كبيرة فعلا، ويمكن أن تتجاوز 50 في المئة من الموسم الحالي".

ويلحظ أن "المشكلة تفاقمت مع تزامن العاصفة برياحها وأمطارها مع فترة عقاد الزهر، الذي يلزمه طقس مشمس معتدل يميل إلى الحرارة، وما حصل في هذه الفترة كان عكس ذلك تماما، إذ ضرب البرد والصقيع الزهر وسقط عن الشجرة بسبب الرياح". ويضيف أبو حمدان "كأن المزارع كتب عليه أن يدفع كل عام ضريبة جديدة مرتفعة ينوء من ثقلها؛ مرة في كساد الموسم وأخرى جراء غضب الطبيعة، ودائما بسبب إهمال الجهات الرسمية المعنية، التي تخلت عن هذه الزراعة وجعلتها علة على أصحابها بدل أن تكون نعمة".

ويشير رئيس "التعاونية الزراعية في حاصبيا" رشيد زويهد إلى أن "معاناة مزارعي الزيتون في هذه المناطق الحدودية تتفاقم سنوياً"، مضيفا "الكساد أبقى الزيت في الخوابي وغرف المونة، وهو مهدد بالتلف". ويوضح أنه "للعام الثالث على التوالي، الزيت المستوعب من المزارعين لمصلحة الجيش وبكميات قليلة، لم يدفع ثمنه بعد، بسبب تعقيدات إدارية".

وبنبرة يائسة، يقول: "الموسم الحالي ذهب مع الريح قبل موعده بأشهر عدة، وهكذا تحول موسم الزيتون الذي تعتاش منه نسبة لأكثر من 90 في المئة من أبناء هذه المناطق، إلى مشكلة عويصة ضربت هذه الزراعة، ورتبت على المزارعين ديونا متراكمة للمصارف والتجّار، حتى وصل الوضع الى تفكير البعض بالتخلي عن هذه البساتين، وتركها للحطّابين يستغلون أشجارها كوقود لنار الشتاء".

ويلفت المهندس الزراعي غيث معلوف الانتباه إلى "تفاوت أضرار العاصفة المطرية بين منطقة وأخرى، وذلك حسب ارتفاعها عن سطح البحر، فالمناطق التي لا يزيد ارتفاعها عن 500 متر يكون الزيتون فيها قد تجاوز فترة العقاد، وهنا لا تأثير يذكر، في حين تتفاقم المشكلة في المناطق المرتفعة، حيث تتأثر حتما شجرة الزيتون التي لم تكن قد عقدت ثمارها بعد، ويتضح الضرر جلياً خلال الأسبوعين المقبلين".

ويرى معلوف أن "هذه الأمطار والرطوبة ستزيد حتما من ضرر مرض عين الطاووس المستشري في بساتين زيتون هذه المناطق. علما أن وزارة الزراعة كانت قد زودت البلديات بالأدوية اللازمة لمكافحته".

تعليقات: