أربعون عاماً .. على رحيل اُمّي

مستشفى الجامعة الأمريكيّة حيث أمضت المرحومة أم كامل غصن آخر أيامها
مستشفى الجامعة الأمريكيّة حيث أمضت المرحومة أم كامل غصن آخر أيامها


نعم لقد رحلت... ورغم ما يعتقده الجميع زمن بعيد مضى يتجدد في حياتي كل لحظة.

الأم، هي الحياة.. هي راحة البال.

وحدها من يلمّ شمل العائلة..ومن بعدها يحلّ الخراب والدمار..

اليتيم يا أحبّائي من فقد أمّه.. وليس من فقد أباه...

تعيش في رحم أمّك تسعة أشهر حتّى تتكوّن... وخمس دقائق مع أباك لتبدأ عمليّة التكوين .

نعم حتّى هذه اللحظة أمّي لم ترحل... عشت داخلها قبل ولادتي.. وهي لا زالت داخلي

تنبض بالحياة...

من كانت أمّه على قيد الحياة فليقبّل قدميها كلما سنحت الفرصة بذلك.

هي وحدها جواز مروره إلى جنّة النعيم.

رغم مرض أمّي الشديد...كنت أرفض فكرة رحيلها... هذه حال الأبناء المحبّين لأمّهاتهم

يوم 22 أيّار...جاءت عمّتي.. لمحلي التجاري.. إلى ما يسمّى اليوم: الداون تاون .

كانت حزينة، أنخلع قلبي...

قالت: روح طل عإمّك...

كانت تمضي آخر ساعاتها في مستشفى الجامعة الأمريكيّة.



النوم الأخير

قلتلي عمتي..طلّ عا إمّك

قلت بخير يا ولد شو همّك؟

ولمّا شفت البكا ودموع

بشرايين قلبك نشف دمّك

وصار الحيط مثل مارد

وما عدت تعرف البي من عمّك

حسّيت حالك بساحة معركة

مجروح وما لقيت حدا لمّك

وتجر إجرين تا بكّير توصل

يمكن ترتاح لمّا إمّك تضمّك

وصلت حسّيت النوم غالبها

وبسمي صغيري إرتسمت عا تمّك

ما عرفت إنّو الموت نيّمها

نيّال يا سريرها مين شمّك

كانت ريحتها باقية بالقلب

لكن ذكراها مخاويّ دمّك

:

الملاك

دخلت لعندها الباب ضيّعني

ملاك نايم فوق التخت شجّعني

ظهرت كيف حالها؟ قلتلهم بخير

قالوا: راحلي قلت: وجها ما ودّعني

ساعتا بكل الدني ما عدت حسّيت

وبأعلى الصوت صرخت:يا ربّي إسمعني

يمكن بقلبي الصرخة مش بتمّي

كيف ما ركضت لعندها؟شو بيمنعني؟

ثقلت إجريِّ والخبر ما صدّقت

رح تموت؟ وتفكيري بالموت فزّعني

وسلاسل حسّيتها مربّطة فيِّ

تكذيب الخبر عنها ما كان يردعني

وبقول بكرةباخذها وعالبيت برجع

ويا بكرة مثل ثعبان يلدغني

لا إنت جيت وحدي أنا الخسران

وحتّى موت عن حنانها ما بستغني.

:

على فراش الموت

كنتِ وحيدي ما حدا جنبك

لا لمست إيدك ولا بست خدّك

واليوم بتطلّع بقول يا مجنون

يا ليتني واعي وغفيت حدّك

دموع الندم ما بترحم يا امّي

طلبي روحي بعطيكي شو بدّك

مقهور والقهر رح يموّتني

ودمعي من الموت ما كان ردّك

خايف دمعاتي تزيد أحزانك

والحزن وحدو هوِّ إللي هدّك

يوم واحد يا مغيّب الأحباب

تمنّيت ترجعي وبروحي أنا بمدّك

لو كان عمري بعمر الكون

بدفعو ثمن بوسي فوق خدّك.

:

لن تعودي

ما رح ترجعي ..لعندك أنا رايح

وعن أحوالنا العايشينها شارح

يا موجودي بقلبي ومع الوجدان

يا صورة الحنوني بكل المطارح

لا تتركوا إمكم عنكم تغيب

بيصير على بعدها السكّين جارح

بين إيديها مثل قلم يكتب

مثل فنّان راقص عالمسارح

الصعب كان يتحوّل لهيّن

إذا نظرة عيونها كان لامح

ويا إبن آدم إحفظ الدمعات

كرّمها اليوم ولى تبكي على مبارح

كل يوم رح يموت ثاني يوم

والأم روحها معك لو كنت صالح.

:

من عرف امّي ...وعرف أخلاقها

هديّة لها صورة الفاتحة..أطال الله

بأعمار كل الأمهات .

..

رحلت أمّي، مريم عبد الحسن عواضة(إم كامل) في 23_5_1973

تعليقات: