بلدية حاصبيا تسعى لتحويل المنطقة إلى منتجع سياحي محلي ودولي

متنزهات على الحاصباني تنتظر روادها
متنزهات على الحاصباني تنتظر روادها


الموسم السياحي في حوض الحاصباني لا يغرد خارج سرب الأزمات.

لا تغرد الحركة السياحية في منطقة حوض الحاصباني خارج السرب السياحي والخدماتي اللبناني الذي طالما شكل الخاصرة الأضعف في الأزمات إذ سرعان ما ينعكس الوضع الأمني والسياسي المتوتر على هذه المرافق.

وللسياحة في الجنوب وحوض الحاصباني من ضمنها خصوصية أخرى تضاف على الخصوصية اللبنانية، هناك الوضع الأمني في المنطقة الحدودية واستهداف قوات الطوارئ الدولية بعمليات عسكرية، إضافة الى الأضرار والآثار السلبية التي خلفها عدوان تموز العام الماضي، ناهيك عن الخروقات الجوية والبرية الإسرائيلية، وزد عليها التجاهل والإهمال الرسميين. تجتمع العوامل المذكورة لإنهاك وضرب الموسم السياحي هذا الصيف في حوض الحاصباني، عكس ما كان يتوقع القيمون عليه الذين أملوا خيراً بتحسن الأحوال، مع انتشار وحدات من الجيش اللبناني وآلاف جنود القبعات الزرقاء. جاءت خيبة ألأمل مضنية حيث دفع ثمنها هذا القطاع في منطقة تعول بشكل أساسي على أشهر الصيف، وتعتمد بشكل أساسي على حركة المغتربين من أبنائها إضافة الى أعداد محدودة من السياح العرب والأجانب.

تسمم الوضع الأمني الحدودي مع مطلع الموسم السياحي واستمرار الجو السياسي المأزوم، أدى حسب فؤاد حمرا صاحب مجمع دانا السياحي، الى إلغاء معظم الحجوزات في المنتجعات والمواقع السياحية، وتوقف شركات النقل السياحية عن إرسال حافلاتها الى المنطقة، فانخفض عدد الزوار من سياح محليين وأجانب الى دون الـ80 في المئة، مما تسبب بإقفال 60 في المئة من المنتزهات والمطاعم. عدم إقفال بقية المرافق لا يعني الإزدهار، «تقع المؤسسات العاملة تحت عجز مادي لا يمكنها معه من دفع أجور مستخدميها، وتسديد جملة الفواتير والضرائب المتوجبة عليها والتي لا تقبل التأجيل».

يضيف حمرا: قرار الجهات الأمنية المختصة المعتمد منذ العام 2000 بمنع السياح العرب والأجانب من اجتياز معبري زمرية وكفرتبنيت عند طرفي المنطقة الحدودية الغربي والشرقي، إلا بعد حصولهم على تصاريح خاصة من الجهات الأمنية المعنية، إلى المعوقات، «يؤدي القرار إلى خفض عدد السياح الراغبين بالتوجه إلى المنطقة إلى حد كبير». يتأسف حمرا على وضع «المغامرين الذين تشجعوا وقاموا بفتح مطاعم على عجل بعد وصول اليونفيل، فحساب الحقل عندهم لم يطابق حساب البيدر فجاءت خسائرهم كبيرة».

يشير صاحب منتزه نبع الفوارة سليم ابو غيدا، الى أنه عمل مع مطلع الصيف على تجديد منتزهه القديم وبكلفة عالية. لاقى المنتزه إعجاب جنود اليونفيل الذين قصدوه بكثافة مع بداية انتشارهم، وكانت البداية جيدة جداً «لكن ما حصل من توتر في الوضع الأمني الجنوبي لاحقاً، جمد حركة القبعات الزرق بنسبة عالية، في حين أن هناك حركة لا بأس بها للرواد المحليين في ظل عشرات حفلات الزفاف مما حسن الوضع». يعتب أبو غيدا على الجهات المعنية «عليها واجبات يجب ان تقوم بها ومنها مثلا إجراء دورات تدريبية سياحية للعاملين ولأصحاب المنتزهات، ومنحنا قروضاً ميسرة ووضع هذه المنطقة على الروزنامة السياحية، بالإضافة إلى حملة إعلامية واسعة وتنظيف دوري لمجرى الحاصباني».

يعتبر صاحب منتزه البحصاصة أمين الحمرا الحركة السياحية في الحاصباني مقبولة، خاصة خلال شهر آب «هناك زوار من مختلف المناطق اللبنانية، وينصب همنا الأول على عودة حركة رجال القبعات الزرق الى الشارع فهم أفضل الزبائن». يرى الحمرا «أن أسوأ ما يواجه المنتزهات هو تقنين التيار الكهربائي الذي يرفع المصاريف الى حدود مئة دولار اميركي لكل ليلة تقنين»، ويقول «بالأمس احترق مولد كهرباء المنتزه وكانت الخسارة في لحظة 12الف دولار اميركي».

«الرأس النبع للعالم» تسمية أطلقتها بلدية حاصبيا على مشروعها السياحي الكبير، الهادف الى تحويل نبع الحاصباني والمنطقة المحيطة به الى منتجع سياحي بمواصفات عصرية عالية، من شأنه إدخال المنطقة ضمن الخارطة السياحية الدولية، ويجعلها محط أنظار العاملين والمهتمين في هذا المجال محليين ودوليين.

يدخل المشروع السياحي الحاصباني حسب رئيس البلدية كامل ابو غيدا، تجتمع ضمنه عدة مشاريع متقاربة تمتد على مساحة حوالي 15 كيلومترا مربعا، وتبدأ من محيط نبع الحاصباني شمالاً وحتى سوق الخان جنوباً، وصولاً الى مرتفعات جبل الضهر غرباً والسراي الشهابية شرقا. يساهم في هذا المشروع الى جانب البلدية مؤسسات محلية ودولية، أهمها مؤسسة ميرسي كور. استعانت البلدية، كما يقول أبو غيدا، بعدد كبير من الفنيين والمهندسين والخبراء السياحيين، الذين أجروا الدراسات وأنجزوا وضع الخرائط والتصاميم التي باتت جاهزة للتنفيذ، ويشمل المشروع السياحي الهام محمية طبيعية في قاطع حاصبيا وصولاً الى جبل الضهر، الذي يعتبر الممر الرئيسي للطيور المهاجرة «سنسعى لتكون المحمية غنية بالطيور وبمختلف أنواع الحيوانات إضافة الى الحدائق الطبيعية والجنائن. تدخل ضمن إطار المحمية المعالم السياحية والأثرية القيمة في وادي الحاصباني. ومنها سوق الخان الذي أعيد تخطيطه بشكل حضاري على نفقة مؤسسة ميرسي كور، ليحوي عشرات المحال التجارية إضافة الى موقف سيارات وحدائق، والى جانبه يقبع الخان القديم الذي سيغدو بعد إنجاز ترميمه وفي فترة قريبة محطة هامة لمختلف النشاطات الثقافية والحفلات والتجمعات، وعلى مرمى حجر هناك السراي الشهابية المعلم الأثري المميز والذي تأمل البلدية إعادة بناء وإحياء بعض أجزائه المنهارة في فترة قريبة، من قبل الجهات المعنية محلياً ودولياً، خاصة بعد سلسلة الزيارات التفقدية التي قام بها سفراء دول أميركية وأوروبية، في أعقاب تشكيل هيئة محلية برعاية دولية تعنى بأعادة ترميمها وتترأسها كارلا شهاب .

يركز رئيس البلدية على المشروع الأساس (الرأس النبع للعالم) في الخطة السياحية الحاصبانية، ليقول هذا المشروع سيقام عند نقطة نبع الحاصباني، على أن يضم عدة أجنحة تبدأ بممر مائي بطول حوالي 250 متراً سيخصص للرياضة المائية، على أن يحيط به كورنيش دائري للمشاة بطول 500 متر مع جسور معلقة عدة فوق مجرى النهر، إضافة الى جسر رئيسي مميز فوق الشلالات بطول 32 متراً وبارتفاع 4,2م، وينتشر على جانبيه 35 محلاً تجارياً تعرض فيها الأشغال اليدوية الحاصبانية والحرف والإنتاج الزراعي والصناعي، ويضاف الى ذلك فندق خمس نجوم يتألف من 4 طوابق مساحته 800 م2 يحوي 32 غرفة مع مطعم وقاعة للمحاضرات، مسرح وصالة أفراح إضافة لحدائق ومساحات خضراء، تتوسطها بحيرة للمراكب الصغيرة إضافة الى جزيرتين صغيرتين وعشرات النوافير المائية الموزعة على مختلف أقسام المشروع.

عن الجدوى الأقتصادية لهذا المشروع يقول رئيس البلدية أنه «سيؤمن فرص عمل لحوالي 250 شابا وشابة من أبناء المنطقة، كما نتوقع أن يرتفع الدخل الحاصباني بشكل عام من خلال الحركة السياحية التي يمكن أن تصل الى نسبة مرتفعة للسياح المحليين والأجانب كما سيزيد دخل البلدية من حوالي 30 مليون ليرة سنوياً الى أكثر من 150 مليوناً، وسيحدث المشروع حركة إقتصادية وسياحية واستقطابا لمشاريع أخرى مجاورة، ربما وصلت الى قصر شبيب في أعلى مرتفعات جبل الشيخ حيث تجلى السيد المسيح، مما سيرتب انتعاشاً في مختلف المجالات وينعكس إيجاباً على الإنتاج المحلي، ويقوي الحركة التجارية والإقتصادية والثقافية. وأنهى رئيس البلدية آملاً «مد يد المساعدة من جهات محلية ودولية لنتمكن من إنجاز هذا المشروع الحلم، الذي سيكون مفخرة حاصبانية ولبنانية تدخل منطقتنا في المنافسة السياحية المحلية والدولية».

تعليقات: