حزب الشيطان


ليس هذا حزب الشيطان.. بل تلك عيون شيطانية

في تقرير صادر عن مركز الامن الامريكي الجديد(center for a new American security) تحت عنوان ( التكيف الاستراتيجي نحو استراتيجية امريكية جديدة في الشرق الاوسط ) في حزيران 2012 . يستكشف هذا التقرير تفاعل وتداخل المصالح الامريكية في الشرق الاوسط والتغير في السياق الاستراتيجي في المنطقة , ويقدم اطار عمل لتوجيه صنع السياسات الامريكية في ظل المتغيرات الحالية ( من حيث التعامل مع الثورات وتحديد الاولويات ) ويصل الى توصية تركز على مقاربة عنوانها : التكيف الاستراتيجي في المدى القريب ومعالجة توجهات المدى الطويل بمرونة ودهاء دبلوماسي .

وبعد سرد وتحديد المخاطر على المديين القريب والبعيد في كل منطقة الشرق الاوسط وعندما يصل الى الحركات الاسلامية وتحت عنوان مواصلة استراتجية متمايزة تجاه الاسلام السياسي يورد ما يلي : هناك حاجة لتفصيل السياسات كي تعارض الافراد والجماعات المعادية للقيم الامريكية الذين يهددون المصالح الامريكية ؛ في الوقت التي تظل فيه منفتحة على الافراد والجماعات الذين قد يكون الانسجام والتعاون معهم ممكنا , وفي ما عدا تصدي مجموعة اسلامية بمعارضة صريحة وغير مرنة لمصالح امريكية حيوية في المنطقة كما يفعل حزب الله بما يتعلق بالامن الاسرائيلي على سبيل المثال . ينبغي ان يكون الهدف التأثير في سلوك الجماعات الاسلامية أكثر منه رفض دور الفاعلين الاسلاميين السياسيين تماما .... الخ

وبناء عليه , لا بد من الاعتراف أن قدرة الولايات المتحدة بالتكيف الاستراتيجي على المدى القصير مع المتغيرات في المنطقة العربية كان ناجحا ومميزا . وانها في مضمار معالجة التوجهات بدهاء سياسي تم باسرع مما كان يمكن تصوره , وبالتالي لقد قلبت معادلات و مفاهيم اسلامية وقومية ووطنية باسرع مما كنا نتخيل ...فأصبح الصديق عدو والعدو صديق , والملائكة شياطين والشياطين ملائكة , والمقاوم ارهابي والارهابي بطل , والدفاع تهور , والشرف والعزة والكرامة ترف .

كل ذلك تم خلال سنوات قليلة , لا بل اشهر . فما اسرع سقوطنا في افخاخ دهائهم السياسي والدبلوماسي للاسف الشديد

ونحن الان نتجه الى مياه لا يمكن سبر أغوارها ......

أذا هو حزب للشيطان الان ...

سأورد هنا بعض الانجازات وما قيل فيها وعنها وسنبني ان كان هذا حزب للشيطان أم انها تلك عيون شيطانية ...

صباح 23/10/1983

بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان واحتلال العاصمة بيروت وسيطرة الحلف الاطلسي المتمثل بالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا , تم تفجيرين استهدفا مقر مشاة البحرية الامريكية قرب المطار ومقر قوات المظليين الفرنسيين في منطقة الرملة البيضاء اسفرا عن 241 قتيلا امريكيا و59 قتيلا فرنسيا ومئات الجرحى .

وبحسب الاستخبارات الامريكية حملوا مسؤولية الانفجارين الى الشهيد عماد مغنية ( القائد الميداني لحزب الله )

صباح 24/5/2000

تم دحر الاحتلال الصهيوني عن لبنان بعد تقديم آلاف الشهداء والجرحى على مذبح الوطن وقد اجاد رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك باراك في التعبير عن خيبته حين قال : على الرغم من اننا نمتلك أفضل اجهزة الاستخبارات والتقدير في العالم , الا اننا نحتاج الى رأس كثير الدوران كي نعرف كيف نال منا حزب الله .

العميد احتياط نوعم بن تسفي آخر قادة اللواء الغربي للجيش الصهيوني في الجنوب والذي أشرف على الاندحار قال : لم يكن خروجا , ولم يكن انسحابا , لقد كان هروبا بكل بساطة ...

صباح 12/7/2006 ( عملية الوعد الصادق )

قامت مجموعة النخبة في المقاومة (حزب الله) بأسر جنديين من الصهاينة وقتل آخرين في شمال فلسطين المحتلة وكان الهدف تحرير ما تبقى من أسرى في السجون الاسرائيلية , وقد استمرت الحرب 33 يوم .

قال الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ديفد ماكوفسكي خلال حديث له عن نتائج حرب تموز 2006 : ان سياسة الردع الاسرائيلية تآكلت منذ خطاب بنت جبيل 2000 والذي كان محوريا في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الى درجة أن مصطلح شبكة العنكبوت أصبح التعبير المجازي المفضل لدى القوى المقاومة لوصف القوة الاسرائيلية .

والآن فلنذهب الى الاهداف والنتائج .

ان الهدف الوحيد الذي اعلنه حزب الله هو التفاوض الغير مباشر لتبادل الاسرى ...

اما لمن ينسى فان أهداف الحرب الاسرائيلية فكانت على الشكل التالي :

- اعادة الجنديين دون أي شرط

- الحاق الاذى بقدرة حزب الله وبقيادة الحزب العليا

- اضعاف مكانة حزب الله في لبنان والعالم العربي والاسلامي جراء المس برموزه وصورته وبقدرته العسكرية (انتبهوا لهذا الهدف)

- ابعاد حزب الله عن الحدود

- الحيلولة دون تزوده بالسلاح من سوريا وايران .

صباح 15/7/2008 ( التبادل )

لمن ينسى أو يتناسى , جرت عملية تبادل بين حزب الله والصهاينة تم خلالها الافراج عن عميد الاسرى العرب سمير القنطار( الذي نسيه لبنان والعرب والمسلمون منذ 22/4/1979 , كما غيره من الاسرى ), ومعه ثلاثة لبنانيون . وجثامين 199 من الشهداء اللبنانيين والعرب .

وفي نتائج الحرب, لن نغوص كثيرا في تقرير فينوغراد الذي أكد على الضرر البالغ بكافة المستويات وتاكيده على العمل بسرعة لتفادي الخلل وسد الثغرات ( راجعوا التقرير).

وفي نتائج التبادل ساورد ماقاله رئيس جهاز الموساد مائير داغان : ان صفقة التبادل سيكون لها تداعيات بالغة الخطورة على الواقع الاستراتيجي لاسرائيل

وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق موشيه أرينز قال : ستلحق تداعيات تبادل الاسرى مزيدا من التآكل في قوة الردع الاسرائيلية

عاموس هارئيل المعلق العسكري في صحيفة هآرتس قال : ان الصفقة مست بصدقية الخطاب الصادر عن قادة الحكومات الاسرائيلية وان اولمرت قال أبان الحرب أن اسرائيل لن تخضع للارهاب ولن توافق على اجراء مفاوضات مع الارهابيين (حزب الله) ( وحصل عكس ما قاله) اما السيد نصرالله فقد نظر في أعين اللبنانيين والعرب وقال بصوت واثق وجلي (أعدكم بتحرير سمير القنطار ) وكان له ما وعد ....

وقبل كل ذلك لم ننسى ولن ننسى ان هذا الحزب قدم امينه العام وزوجته وطفله ... وابن امينه العام ... وشيخ مقاومته ... وقائده الميداني ... وطلائع شبانه المجاهدين وشاباته المجاهدات . على طريق المقاومة والتحرير الى فلسطين كل فلسطين ...

هذا غيض من فيض ما تختزنه ذاكرتي عن هؤلاء الذي يتنفس الوطن من صدورهم وتمتلئ أفئدتهم بهوى الارض ....

والان لنقلب الصورة ولنبحر في المقلب الاخر للمشهد حيث يمكث الاعراب والعربان والاسلامويين الحديثي والولادة ولندقق بمواقفهم منذ الامس القريب والى اليوم .

فمذ البداية لم تحظى المقاومة بالتأييد المطلق في لبنان والعالم العربي والاسلامي وكانت دوما محل تشكيك لا بل تآمر في احيان كثيرة , فلا نزال نذكر مثلا موضوع ارسال الجيش الى الجنوب في أوائل التسعينات دون علم القيادة السورية وكيف عطل اميل لحود قائد الجيش آنذاك الامر وحسمه لصالح عدم التصادم مع المقاومة . واصبح التداول بعبارة " التناغم بين الجيش والمقاومة " .

ونذكر أن عصابة قرنة شهوان وقبل أن تتوسع وتتحول الى مافيا 14 آذار لم تترك مناسبة الا وتهجمت على حزب الله والمقاومة . ومقولاتها من قبيل ان العين لا تقاوم المخرز . وان ما يقوم به حزب الله هو ارهاب للبنانيين الخ... ما زالت تطن الآذان .

وعلى سبيل المثال لا الحصر وفي معرض رده على السيد نصرالله حيث كان يفند المقولة الشهيرة بأن اسرائيل جيش له دولة لا دولة فيها جيش وان لا مدنيين في اسرائيل لأنهم شعب احتلال ... أعرب لقاء قرنة شهوان عن قلقه من مواقف حزب الله التي وصفها بانها تتعارض مع المصلحة الوطنية وأحكام القانون الدولي " كالقول ان لا مدنيين في اسرائيل " )الصحف)

والى المواقف العربية والاسلامية .... أفتى احد شيوخ البترول وهو على المذهب النفطي وذلك أبان حرب تموز 2006 ويدعى ( عبد الرحمن ابن جبرين ) قال: ان نصرة حزب الله في حربه ضد اسرائيل حرام ولا يجوز الدعاء له وان هذا الحزب رافضي خارج عن ملة الاسلام ومن ثم لا يجوز نصرته أو مساندته في حربه ....

وعلى النقيض , رقص الشيخ القرضاوي ( القطري الولاء على المذهب الغازي ) التانغو على أيقاع ال FAST افتاء وهي من صنف الدليفري غب الطلب . فهو من قال بعد تحرير ال2000 وبالحرف: وكأن قياداتنا السياسية تقول للشيخ حسن نصرالله أذهب أنت وحزبك فقاتلا اننا ههنا قاعدون , والواجب أن يقولوا ماقاله المقداد بن الاسود لرسول الله " ص " يوم بدر أذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون .

ومن هذه الفتوى انتقل الى فتوى مناقضة بعد الحرب العالمية على ظهير المقاومة الوحيد في العالم العربي وهي سوريا وبعد دس مالي قطري قال : حزب الله لا ينصر أهل الظلم هذا حزب الشيطان حزب الشر حزب الطغيان وقف نصرالله يباهي بأنه سيبعث ألالاف من جنوده ليقاتلوا في سوريا . سيهزمه الله ويأخذه أخذ عزيز مقتدر لأنه يقاتل في سبيل الطاغوت

وسأورد بسرعة ما يقوله بعض مفتي التكفير والنفط ...

الداعية محمد العريفي : الدور الذي كان يؤديه حسن نصر اللات لأيران أنتهى فقد فضح وانقطع تأثيره العربي .

الداعية عائض القرني :هذا حسن نصر الشيطان وقد سقط قناعه الاسود عن وجهه البشع .

الداعية محمد البراك :في عامين فعل الرافضة بالمسلمين ما لم يفعله اليهود في ستين سنة وهذا يؤكد أن الرافضة أحقد على الاسلام من اليهود والنصارى .

كل هذا يذكرنا بالبند (3) من أهداف حرب تموز 2006 وأعيدها للفائدة : ( أضعاف مكانة حزب الله في العالم العربي والاسلامي جراء المس برموزه وصورته وقدرته العسكرية ) ولكن هذه المرة بيد اسلاموية نفطية تكفيرية ...

أن هذه الشيطنة لصورة حزب المقاومة وسيدها لم تقتصر على الدعاة البتروليين أنما انسحبت لتطلق على السنة وأفعال الكثير من السياسيين المرتزقة والعربان الاقحاح ...

فلنتذكر معا وبسرعة .

القرار 1559 ( نزع سلاح المقاومة بعد تحرير ال 2000 ) وتبنيه من عصابة قرنة شهوان ومن ثم مافيا 14 آذار.

عملية أغتيال دولة الرئيس رفيق الحريري والمسارعة الى تلبيسها الى سوريا ومن ثم الى حزب الله وصولا الى المحكمة الدولية عبر شهود الزور ... وكل ذلك لتحفيز عامل الشيطنة في النفوس العربية والاسلامية .

حرب تموز 2006 ( يمكن مراجعة ويكيليكس لمعرفة مدى تواطوء قوى مافيا 14 آذار برمتها وما قالوه للتخلص من حزب الله أو شيطنته ) وقد ساعدهم الثنائي العرباني آنذاك مصر والسعودية حيث سارعوا الى التنديد بعمل الحزب واعتبروه مغامرة غير محسوبة دون الرجوع الى السلطة الشرعية .

بعد اجتماع للحكومة اللبنانية دام أكثر من ثماني ساعات وأستمر حتى الفجر أصدرت بيانا ( في 5 أيار 2008 ) قرر فيه اعتبار شبكة الاتصالات الهاتفية التابعة للمقاومة غير شرعية ....( ترجمته العملية " المس بالقدرة العسكرية " التي تؤذي اسرائيل ).

اذن في هذا العصر, في عصرنا الذي نحياه الان, اجتمع الثلاثي في لحظة تاريخية لم نعتقد انها آتية وبهذه السرعة , الثلاثي المكوَن من تحالف (صهيوني + تكفيري + مرتزق ) . وما عليكم سوى وضع الشخص المناسب في الخانة المناسبة .

وعندما يجتمع هذا الثالوث ,( ثالوث الغطرسة والقوة الغاشمة + أكلة الاكباد والقلوب ونابشي القبور + الاسترزاق والمال القذر ) = الشيطان بذاته .

ان الصهيوني الذي احتل فلسطين وهجر أهلها واستباح مقدساتها مستندا الى قوة غاشمة وغطرسة أقوى دولة في العالم ( الولايات المتحدة الامريكية )

وان التكفيري الذي قتل وجزَر في كل أصقاع العالم الاسلامي ,من طنجة الى جاكرتا مستندا الى قوة الفتوى الوهابية التكفيرية المحمية من دولة عائلة نفطية يعلم العالم أجمع في أي ظروف أسست وهي تحتل المقدسات أيضا ومدعومة من أقوى قوة في العالم ( الولايات المتحدة الامريكية )

وان المرتزق ( وهو يمكن ان يكون فردا , جماعة , تنظيما الخ...) الذي باع وتآمر وتسبب بقتل وعدوان على أبناء وطنه وقومه وأمته ,مستندا الى حفنة من الدولارات , مصدرها مال النفط المنهوب والمسلوب والذي يضبط ايقاعه في( وول ستريت ) وهو شارع المال الذي يتحكم بالسياسات وبالعالم ( الولايات المتحدة الامريكية ) تصبح المعادلة على الشكل التالي :

الصهيوني + التكفيري + المرتزق = حزب الشيطان

هي هي ذات الوصفة القديمة . فعندما تجتمع القوة الغاشمة + رجل الدين الفاسد + المال القذر =الوصفة المثالية للشيطان .قرأناها في الكتب القديمة وها هي اليوم تتكرر على مرأى منا وعلى مسامعنا وفي قرانا ومدننا ولكن في عصر ما بعد التطور , في عصر سيبراني (عالم التحكم عن بعد ) هائل الامكانيات ,تستطيع فيه قلب الحقائق والمعطيات دون أن تترك أثرا للجريمة . في عصر تستطيع فيه التلاعب بالافكار والتأثير بالانفس والقلوب وتحطيم المعنويات وتحفيز الجهل من خلال عالم الاتصالات والتواصل الاجتماعي الممكنٌن .

في هذا الزمن الضبابي تصعب الرؤية لمن لايمتلك حصانة الوعي والادراك , لمن لا يرتقي الى الاعالي ليرى المشهد بمجمله وليحيط بكامل سعة الرؤية حتى يلامس الامتناهي ...

وفي هذا الزمن المضطرب , من ينحدر نزولا سيستمر بالهبوط حتى تدركه التفاصيل فتتمكن منه شياطينه ويغور في تراب بؤسه ...

في هذا الزمن ... لا بدٌ من قبضات تغيَر كامل الصورة ولو أدمتنا

في هذا الزمن ... لا بدٌ من أن تخرج العيون من خلف الدموع لتحوَل النظرات الى لحظات عشق لا تبرح الذاكرة ...

ولنتذكر أن سنة 1982 كانت عاصفة اجتياح لبنان وعاصمته , وفي قلب هذه العاصفة ولد حزبٌ لله والذين ولدوا في العواصف لا يهابوا هبوب الرياح

ولنتذكر أنه في لجة هذا البحر الهائج, ومنذ نعومة أظافره, سبح هذا المولود بعزة وانفة بين أمواج عام 1982 و1993 و1996 و2000 و2006 وغاص كأسماك القرش لانها تولد سابحة ...

ولنتذكر أن على رأس هذا الطود الشامخ رجل لله تنزلق من حوله الدنيا ولا ينزلق ...

أما بعد ... فلن أزيد في المديح حتى لا أفسد الود ٌ, وسأقول ما قاله المتنبي حينما عوتب لتركه مدح الامام علي بن أبي طالب عليه السلام :

وتركت مدحي للوصي تعمدا .. .. أذ كان نورا مستطيلا شاملا

وأذا استطال الشيء قام بنفسه.. .. وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا

..

* فادي محمد سويد

بيروت في 1/6/2013

تعليقات: