القرى الحدودية جنوباً: النازحون 30 % من السكان

أمام مدخل عيادة طبيب للأطفال في شبعا (طارق أبو حمدان)
أمام مدخل عيادة طبيب للأطفال في شبعا (طارق أبو حمدان)


تشير آخر إحصاءات أجرتها جهات لبنانية ودولية معنية بإيواء النازحين السوريين وإغاثتهم، بالتعاون والتنسيق مع بلديات في قرى حدودية مع سوريا، إلى أن نسبة النازحين باتت تراوح بين الـ10 إلى 30 في المئة من عدد سكان القرى المضيفة. وإن هذه النسبة إلى ارتفاع شبه يومي، في ظل عجز تلك القرى بإمكاناتها المتواضعة عن الإحاطة بحاجات النازحين، وعن معالجة تداعيات النزوح الاقتصادية والاجتماعية.

في بلدة شبعا الحدودية بلغ عدد النازحين السوريين نحو 3000 نازح، في حين أن عدد سكان البلدة شتاء لا يتجاوز الـ4500، وفق رئيس البلدية محمد صعب، الذي يشير إلى أن البلدة كما غيرها من القرى الحدودية باتت عاجزة عن تأمين المأوى للنازحين الجدد، إذ ان المساجد والمدارس والشقق باتت تغص بالنازحين. وقد حشر أكثر من 200 نازح في مرائب السيارات أو تحت أدراج الأبنية.

وخصصت البلدية، وفق صعب، قاعات بعض المساجد للمنامة الجماعية، «ولم يبق سوى التوجه إلى أسطح المنازل لإيواء النازحين، لا سيما أننا في فصل الصيف والطقس يسمح بذلك».

وكان صعب قد أثار مشكلة إيواء النازحين مع رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة أنجيلينا إيخهورست خلال جولة تفقدية قامت بها على نازحي حاصبيا ومرجعيون. وأشار إلى أن وضع النازحين وتزايد أعدادهم بات يخنق القرى، علماً أن عدد الوافدين إلى تلك القرى تجاوز عتبة الـ7 آلاف، وباتت البلديات عاجزة عن تقديم المساعدات إليهم، في ظل تجاهل الدولة، وعدم قيامها بواجباتها تجاههم.

وطالب صعب الجهات الدولية المانحة بتكثيف تقديماتها في مختلف المجالات الحياتية، حتى تتمكن البلديات من القيام بواجباتها بشكل لائق، لا سيما أن فصل الشتاء المقبل سيشكل عائقاً قوياً أمام النازحين والبلديات المضيفة. فـ«البلدية تدفع بدل الكهرباء عن النازحين بكلفة شهرية تصل إلى حدود العشرة آلاف دولار، وهذا المبلغ إلى ارتفاع بنسبة تراوح بين الـ10 والـ15 في المئة شهرياً. ولدينا أزمة في مياه الشفة وفي الصرف الصحي، وهاتان المشكلتان ستتفاقمان خلال أشهر الصيف مع عودة أهالي البلد، إذ من المتوقع أن يصل عدد المقيمين إلى نحو 20 ألفاً، ما يجعل الوضع كارثياً».

موت بطيء

أمام هذا الواقع، تزداد أوضاع النازحين المعيشية صعوبة، وفق النازحة سلوى العلوي من ريف دمشق، وهي تقيم مع أبنائها السبعة في غرفة لا تزيد مساحتها عن عشرة أمتار مربعة. الغرفة معتمة وليس فيها سوى طاقة صغيرة تدخل عبرها الشمس. وتشكو العلوي من سوء التغذية، فما يقدم من مساعدة بات محصوراً بالمعلبات بشكل أساسي، فالخضار والفاكهة غير متوافرة، وإذا أردنا الحصول عليها، فعلينا بيع بعض المعلبات لنشتري بثمنها كيلوغراماً من الدراق مثلاً.

بالأمس قصدت العلوي دكاناً صغيراَ، فأبدلت ثلاث علب حمص بكيلوغرام كرز ونصف كيلوغرام تفاح، «علماً أننا تركنا وراءنا في سوريا بساتين واسعة، ونحن هنا في حال يمكن وصفها بالموت البطيء».

وتشير النازحة أم حسن عبيد حمدان إلى مرأب سيارات لتقول: «هنا أسكن مع أبنائي وأحفادي البالغ عددهم 12 فرداً. ليس في المرأب حمام ولا مطبخ ولا حنفية مياه. ولقد نزح شقيقي منذ ثلاثة أيام مع أولاده الأربعة من بلدة بيت جن ولم يجدوا لهم مسكناً، فكان لا بد أن نتقاسم المكان الضيق معهم».

عائلة عبد الحميد الكموني جمعت بعض أمتعتها وقررت العودة إلى منزلها في ريف دمشق، فـ«الحياة صعبة هنا، والأمراض تفتك بنا، وكذلك الجوع. مأكولنا اليومي هو نفسه: حمص، فول، فاصوليا عدس وأرز. البرغش يطاردنا ليلاً. ولذلك قررت العودة مع أطفالي الخمسة إلى بلدتنا مهما كانت الصعاب».

وتقول زوجة عبد الحميد: «نسير عكس التيار، فالعوز وعدم توافر الكهرباء والطبابة وحتى الملابس، كلها عوامل تدفعنا إلى العودة للعيش في الخطر، فلقد بات الرصاص أهون علينا من حياة الذل هنا».

إلى ذلك، قررت البلديات في المنطقة إجراء إحصاء لأعداد النازحين وهوياتهم وأماكن عملهم وإقامتهم.

ومن ضمن المساعي للوقوف على أوضاع النازحين عامة، يعقد أسبوعياً اجتماع في مكتب قائمقام حاصبيا يحضره رؤساء بلديات القرى وقادة الأجهزة الأمنية في المنطقة، حيث يتم عرض كل ما يتعلق بوضع النازحين حياتياً وأمنياً.

تعليقات: