المؤسسات السياحية في مرحلة العدّ العكسي

تمديد آجال الديون المدعومة للمؤسسات السياحية 3 سنوات إضافية (أرشيف ــ أ ف ب)
تمديد آجال الديون المدعومة للمؤسسات السياحية 3 سنوات إضافية (أرشيف ــ أ ف ب)


مظاهر الأزمة في الاقتصاد الوطني بدأت تلوح في الأفق. القطاع السياحي أول المأزومين. زيارة وفد الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية للقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تشي بأن المؤسسات المتوسطة والصغيرة في القطاع بدأت تشعر بالأزمة مثلما سبقتها المؤسسات الكبيرة.

منذ أن قرعت طبول الحرب في سوريا في آذار 2011، حاولت المؤسسات اللبنانية التعايش مع تداعيات هذه الأزمة. لم تكن حال اقتصاد لبنان أفضل كثيراً قبل هذا التاريخ. فالمؤسسات السياحية كانت تعاني في اقتصاد مهمّش لا يرتكز على الإنتاج والخدمات بمقدار سعيه نحو الربح السهل والسريع. لم ينتج هذا الاقتصاد أي مؤسسات مقاومة، ولم يمنح أياً منها مقوّمات المقاومة والممانعة، بل ظلّ اقتصاداً هشّاً يسير بمحاذاة الأزمات المحلية ويدعو «يا رب السترة». سترته أو الغطاء الذي كان يمنحه أرباحاً كبيرة ونمواً وتوسعاً غير مسبوقين، كان مصدره خليجياً، فكان يعتمد على إنفاق الخليجيين والمغتربين اللبنانيين الذين يعملون في الخليج بأعداد وفيرة.

وبصرف النظر عن أهمية معادلة التبادل بين السياح الخليجيين والعمالة اللبنانية في الخليج، فإن مصدر التدفقات المالية إلى لبنان ومصدر الإنفاق الرئيس فيه كان خليجياً. استمرّ هذا الأمر لسنوات عديدة، إلى أن جاءت الأزمة السورية لتكشف الغطاء عن بشاعة مقومات هذه المؤسسات. فجأة انطلقت الحرب من الخليج على سوريا ومرّت بلبنان. من المعروف أن هناك قاعدة أساسية في عالم المال، وهي أن اعتماد أي مؤسسة بصورة مركّزة على مصادر دخل محدودة يربطها بأزمات هذه المصادر. بهذه البساطة، أصبحت المؤسسات السياحية في لبنان عرضة لمخاطر الأزمة السورية غير المحسوبة. وبحسب الأمين العام للاتحاد اللبناني للمؤسسات السياحية زياد شاهين «فقدنا أهم مصدرين للدخل، وهما الخليجيون والمغتربون». ويضيف شاهين أن «اعتماد حركة التشغيل في المؤسسات محصور بالسياحة الداخلية. أسباب غياب السياح الخليجيين معروفة، أما المغتربون فلم يخرجوا من منازلهم».

إذاً، إلى أي مدى يمكن المؤسسات السياحية أن تصمد في ظل أوضاع مماثلة؟ هذا السؤال لا إجابة عنه لدى شاهين، بل هناك توقعات وتقديرات لما يمكن أن يحصل خلال الفترة المقبلة. يعتقد شاهين أن عام 2014 سيكون بداية العدّ العكسي لهذه المؤسسات. «ففي هذا الوقت يكون قد مرّ على المؤسسات السياحية أكثر من سنتين في قلب الأزمة، والموسم الأخير كان كارثياً إلى درجة أن من لم يجمع قيمة أكلافه ستتحتم عليه خيارات من نوع مختلف في مطلع السنة المقبلة. الكل يفكّر في كيفية الصمود في حال حصول خسارات كبيرة. الخسارة الواقعة اليوم هي خسارة في العائد على رأس المال وخسارة في العمالة اللبنانية. أين سيذهب مئات العمال في حال لم يعد في إمكان المؤسسات أن تتحمل كلفة تشغيلهم بلا مردود؟».

حتى الآن ليست هناك إفلاسات أو إغلاقات منتشرة في القطاع، إلا أن ذلك ليس مؤشراً على حقيقة الأوضاع. فبحسب شاهين، الفنادق المتوسطة والصغيرة هي الأكثر عدداً في لبنان، «إذ لا تمثّل الفنادق الكبيرة أكثر من 3% من حجم القطاع». هذا التصنيف ينسحب أيضاً على المطاعم والمقاهي، وهو ما يعني أن الأزمة لم تعد محصورة بالكبار فقط، بل انتقلت إلى فئات أدنى.

ثمة علاج قدّمه الاتحاد اللبناني للسياحة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. هو عبارة عن حلّ مؤقت تمنح فيه المؤسسات السياحية تسهيلات ظرفية. فعلى سبيل المثال، إن الورقة التي قدّمها رئيس الاتحاد أمين خيّاط، تشير إلى أن القطاع في حاجة إلى «فترة سماح زمنية تعادل تقريباً فترة الجمود التي أصابته. الهدف هو أن يستطيع القطاع التقاط أنفاسه». ففي رأي خيّاط، إن القطاع دخل إلى «غرفة العناية الفائقة وأصبح يواجه الموت السريري في حال لم يبادر إلى إنقاذه... لأنه سيواجه في نهاية أيلول إفلاسات متتالية وإقفالات بمبادرة من المالكين».

وتطالب الورقة بأن يحصل القطاع السياحي على قروض تشبه في شروطها قروض الإسكان لكن نسبة التمويل فيها تصل إلى 25% فقط، والباقي، أي الـ75%، يبقى ضمانة لهذا الدين. أيضاً تطالب الورقة بإعادة جدولة كافة القروض المدعومة وتمديدها لتصبح آجال استحقاقها 10 سنوات بدلاً من 7 سنوات، أي إن الفترة الإضافية لثلاث سنوات توازي فترة الجمود التي ضربت هذا القطاع.

نص الورقة يتضمن مطالب ثانية مثل «دعم المازوت المستهلك لدى المؤسسات السياحية وخفض ثمن تذاكر الطيران الصادرة عن شركة الميدل إيست، وخصوصاً على الخطوط التي تشجع الحركة السياحية إلى بلدنا مثل الأردن والعراق».

تعليقات: