النازحون: الدراجة النارية.. أكثر من وسيلة نقل

ركان فوق دراجته مع ثلاثة أطفال (طارق أبو حمدان)
ركان فوق دراجته مع ثلاثة أطفال (طارق أبو حمدان)


يتجه النازح السوري إلى الدراجة النارية لاستعمالها في تنقلاته اليومية نظراً إلى انخفاض ثمنها ومصروفها، وقدرتها على استيعاب معظم أفراد العائلة بعد إدخال تعديلات طفيفة على مقعدها. وتعمد العائلات السورية وبالرغم من وضعها المادي الصعب، إلى شراء هذه الدراجات لقضاء حاجات عدة، وفق النازح حسونة العليان (55 عاماً). فبين النازحين من يستعمل الدراجة في التنقل بين مكان منزله ومركز عمله، وآخرون يستخدمونها للتنزه. وهناك من يستعملها لبيع بعض المواد الغذائية مثل السكاكر والكعك.

طلب النازحين السوريين على الدراجات النارية فاجأ التجار اللبنانيين الذين استغلوها فرصة لإنعاش هذه التجارة، التي كانت قد لاقت ركوداً خلال السنوات الماضية، بسبب ملاحقة أجهزة الدولة اللبنانية لراكبيها، الذين يحجمون عن تسجيلها في مراكز الميكانيك المعتمدة، أو بسبب ارتكاب أصحابها جرائم سرقة وغيرها.

ويشير وليد، أحد مستوردي الدراجات، إلى «أنّ «تجارة الدراجات النارية الخفيفة، التي يراوح سعرها بين الـ500 والـ700 دولار أميركي عادت إلى الواجهة مجدداً. إذ كنا نبيع دراجة كل أسبوع، أما اليوم فقد ارتفعت المبيعات إلى أكثر من 10 دراجات أسبوعيا. وهذا الرقم يتصاعد، لكن الخوف يبقى من ملاحقة الدولة لمالكي الدراجات، علماً أنهم يستعملونها من دون تسجيل ومن دون وثائق تثبت ملكيتهم لها».

وقد بات منظر عائلة سورية، فوق دراجة صغيرة مألوفا في القرى والمناطق اللبنانية التي تؤوي النازحين. فعند ساعات المساء يركب النازح سماح العربيدي دراجته الصغيرة، وخلفه زوجته حليمة وأمامه أطفاله الثلاثة، ليطوف بهم في أرجاء الحي حيث يقطن في بلدة ميمس للاستجمام.

تقول الزوجة: «إنها فرصتنا الوحيدة لتغيير الجو العابق بالقهر والمرارة الذي نعيشه. لقد بعت أسوارة الذهب الوحيدة التي أملك واشترينا هذه الدراجة. فالرحلة المسائية تسعد أطفالي حقا».

ثلاث عائلات نازحة من آل الحمد يعيشون داخل مبنى واحد في بلدة شبعا، تعاونوا جميعاً لشراء دراجة بـ550 دولاراً أميركياً، وهم يتناوبون على استعمالها. فكل عائلة تستعمل الدراجة ثلاثة أيام متتالية، والصيانة ندفعها جميعاً بالتساوي.

يقول أحد النازحين: «الدراجة ضرورية في الذهاب إلى العمل أو في التنزه أو شراء بعض الحاجات. إنها وسيلة النقل الوحيدة التي يمكننا شراؤها في لبنان».

«إن مصروف الدراجة بسيط ويمكن تحمله»، يقول النازح أكرم الحسوني، فكل أسبوع نحن بحاجة إلى دولارين أو ثلاثة ثمن بنزين فحسب، وقطع الغيار رخيصة ومؤمنة. ونحن نقتصد في قوتنا لشراء دراجة صغيرة نضيف إليها مقاعد صغيرة».

النازح طارق عبد العزيز العزي، جعل الدراجة باب رزق له ولعائلته، فقد اشتراها بـ600 دولار أميركي، ويعمل على تشغيلها بالأجرة للنازحين، وكل ساعة ركوب على الدراجة بنصف دولار، والزبائن كثر.

كثرة الدراجات النارية وإن كانت نعمة بالنسبة إلى النازحين السوريين، فقد باتت لكثرتها نقمة بالنسبة إلى السكان المحليين في القرى.

إذ أن حركة عشرات الدراجات في القرى منظر لا يستسيغه السكان الذين هالهم كثرة الدراجات وأصواتها المزعجة في الشوارع والأزقة الضيقة، إضافة إلى الدخان الذي ينبعث من بعضها، ما استدعى الطلب إلى السلطات المحلية والقوى الأمنية ضبط حركتها، عبر تحديد أوقات خاصة لحركتها.

* السفير

دراجات نارية بالجملة لدى النازحين (طارق ابو حمدان)
دراجات نارية بالجملة لدى النازحين (طارق ابو حمدان)


تعليقات: