MEA تبيض ذهباً.. تنفق 105 مليارات على التسويق

عبود: أسعار التذاكر أعلى بمعدل 30% من غيرها
عبود: أسعار التذاكر أعلى بمعدل 30% من غيرها


في عام 2010 أنفقت شركة «ميدل إيست» نحو 105 مليارات ليرة تحت عنوان «مصاريف التسويق والمبيعات». يمثّل هذا الرقم 25% من أرباح الشركة في السنة المذكورة. الرقم كبير. الأكيد أن مصدره هي الأرباح الناتجة من أسعار تذاكر السفر، لكن كيف ينفق؟

في نهاية عام 2008 كشفت «ميدل إيست» عن أرباح بقيمة 101 مليون دولار، وزادت أرباحها نهاية عام 2009 إلى 118 مليوناً. وفي المقابل، كان عام 2008 كارثياً على شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط، إذ تكبّدت خسائر ضخمة قدّرتها «أياتا» بنحو 200 مليون دولار. وكانت حصّة شركات الطيران الخليجية من هذه الخسائر نحو 100 مليون دولار، وهو رقم يساوي أرباحها للعام 2007. أما اليوم، فقد تراجعت أرباح «ميدل إيست» إلى أكثر من النصف في مقابل ارتفاع أرباح شركات الطيران الأخرى في المنطقة.

كيف يمكن لـ «ميدل إيست» أن تحقق هذه الأرباح في أجواء خسائر تعمّ الشركات في المنطقة؟

المطلعون يؤكدون أن المصدر الأساس لهذه الأرباح هو أسعار تذاكر السفر. وبحسب وزير السياحة فادي عبود، فإن «سياسة النقل الجوّي الرسمية في لبنان لا تعتمد على التنافس الحرّ المعروف بالأجواء المفتوحة، بل تعتمد على حصر الطيران إلى لبنان ومنه، ما يجعل سعر تذاكر السفر أعلى بنسبة 30% عن باقي شركات الطيران، خصوصاً على خطوط معيّنة».

وتشير المعطيات المتداولة إلى أن «الاحتكار الثنائي» هو أهم عناصر ربحية الشركة من رحلاتها على بعض الخطوط. فعلى سبيل المثال، لدى «ميدل إيست» اتفاقات ثنائية مع عدد من شركات الطيران في أوروبا والخليج تتضمن الحفاظ على مستوى معيّن من الأسعار مثلairfarnce, aircanada, aeroflot, etihad airways, qatar airways, cyprus airwaystunis airways ...

النتائج المالية تظهر نتائج الاتفاقات بصورة واضحة، ففي عام 2010 حققت الشركة إيرادات من حركة الركاب بنسبة 38% من الخطوط الأوروبية، و53% من دول الشرق الأوسط (الخليج بصورة أساسية) واليها، و9% من دول أفريقيا واليها.

ورغم ذلك، كان لافتاً أن «ميدل ايست» حقّقت أرباحاً كبيرة فيما كانت الكلفة المتحرّكة للشركة المؤلفة من الخدمات الأرضية وأسعار وقود الطائرات وسواها مرتفعة. أما انخفاض الأرباح في السنوات التالية، أي ابتداء من عام 2010 إلى اليوم (آخر ميزانية تشير إلى أرباح بقيمة 40.4 مليون دولار عام 2011)، فقد جاء بعدما انخفضت الكلفة المتحرّكة وارتفعت الكلفة الثابتة (الرواتب والأجور وسواها)».

ووفق دراسة أجراها خبراء في مجال النقل الجوي للركاب، تبيّن أن كلفة «ميدل إيست» هي الأعلى بين عدد من الشركات. والمعيار الذي تقاس على أساسه الكلفة هو معدل كلفة نقل الراكب في الكيلومتر الواحد. ففي عام 2009، مثلاً، كان المعدل 17.86 دولاراً على خطوط طيران الشرق الأوسط مقابل 11.37 دولاراً على الخطوط البريطانية، و11.61 دولاراً على الخطوط التركية، و9.96 دولارات على الخطوط الإماراتية. اما في عام 2010، فتراجع معدّل كلفة «ميدل إيست» إلى 16.65 دولاراً مقابل 11.52 دولاراً للتركية، و11.34 دولاراً للبريطانية و8.24 دولارات للإماراتية.

إذاً، هذه هي كلفة ميدل إيست مع الأجواء المغلقة، ما يخلق التباساً كبيراً. إذ كيف تتراجع الأرباح في ظل كل هذه الحماية؟

هناك رواية ثانية لما يحصل تدور حول أسعار التذاكر والتحوّلات التي طرأت عليها. في السابق «كانت منظمة أياتا هي التي تحدّد أسعار التذاكر وهوامش الارباح ثلاث مرّات سنوياً. لكن التسعيرة تغيّرت لتصبح قائمة بحسب العرض والطلب على أساس Yield management (دراسة الهوامش التجارية للطائرة)، وهي تراعي التسعيرة في المواسم، فجرى تقسيم مقاعد الطائرة إلى 7 أقسام تطرح بصورة متتالية في السوق، فإذا بيع القسم الأول بأقل سعر، تكون مقاعد القسم التالي أعلى قليلاً إلى أن يأتي أعلى سعر في القسم الأخير من المقاعد المطروحة (كل هذه الأقسام تندرج ضمن الدرجة الاقتصادية). وبالتالي، يمكن أن نجد راكبين على الطائرة نفسها ويجلسان على مقاعد متجاورة لكن أسعار التذاكر فيها فرق كبير، وهذا الأمر تتبعه ميدل إيست كما غيرها من شركات الطيران وهو يفسّر ارتفاع الأسعار أو انخفاضها».

لا يوافق خبراء الطيران على هذا التفسير لأن ميزانيات شركة طيران الشرق الاوسط ونتائجها المالية وما هو متداول في السوق عن السفرات المجانية والإنفاق الكبير في هذه الشركة تشي بوجود أمر آخر مخفي تحت رماد الأسعار. وفي هذا المجال، يشير أحد الخبراء المطلعين، الى أن أحد أهم أسباب ارتفاع أسعار تذاكر الطيران في الشركة أن هناك عرفاً يقتضي اقتطاع 3% من الميزانية لحساب صندوق خاص يتحرّك بأوامر رئيس مجلس الإدارة المدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط.

غير أن الخبراء يؤكدون أن نسبة الاقتطاع ارتفعت كثيراً اليوم وفق ما هو وارد في ميزانيات الشركة، حيث تجاوز الإنفاق ما نسبته 25% من أرباح الشركة بصورة عامة. ويشير هؤلاء إلى «إخفاء» هذا الصندوق تحت اسم «مصاريف تسويق ومبيعات»، ففي عام 2010 خصّصت «ميدل إيست» 105 مليارات ليرة لتغذية هذا البند، فيما كانت أرباحها في تلك السنة تبلغ 125 مليار ليرة. وهذا الرقم يمثّل نحو 11.5% من مجمل الميزانية البالغة 910 مليارات ليرة.

واللافت أن هذا الرقم كان ثابتاً لفترة سنتين متتاليتين مقارنة مع فوارق الأرباح وأكلاف التشغيل المتحركة والثابتة. كما يمثّل إنفاق «التسويق» 240% من كلفة المصارف العمومية والإدارية التي كانت تبلغ 43.8 مليار ليرة. وللعلم فقط، فإن كلفة الرواتب والأجور وملحقاتها لموظفي الارض تبلغ 44.2 مليار ليرة، فيما بلغ إجمالي رواتب الطيارين 41.9 مليار ليرة، أي أن كلفة التسويق تساوي 122% من كلفة الرواتب والأجور الإجمالية.

إلى أين تذهب أموال «التسويق»؟ ومن يستفيد منها؟ ما هو معروف ومتداول في كواليس الشركة أن هناك مجموعة واسعة من السياسيين وكبار الضباط وكبار القضاة والإعلاميين وكبار رجال الدولة كلهم يستفيدون من تذاكر سفر مجانية وإقامات في الفنادق والمنتجعات التي تستأجرها ميدل إيست أو لديها اتفاقات لاستعمالها مع شركات طيران أخرى...

في هذا السياق، يردّ رئيس مجلس الإدارة المدير العام محمد الحوت في اتصال مع «الأخبار» على ما يقال عن بند «التسويق» بالإشارة إلى أن «الجمعية العمومية هي التي تحاسب ولن أرد في الإعلام على ما يقال، فهذه البنود لها مبرراتها المتعلقة بتشغيل الشركة والإيجارات والمصاريف والعمولات في لبنان والخارج».

رغم ذلك، يقول الخبراء إن هناك الكثير من الصفقات غير الواضحة في «ميدل إيست»، ويتساءلون: لماذا اشترت ميدل إيست طائرات A330-100 بدلاً من A330 -300 رغم أن فرق السعر بينهما بسيط جداً، لكن استهلاك الأولى لفيول الطيران أعلى من الثانية بنسبة 24%، كما أنها مصنّعة للخطوط البعيدة فيما الثانية مخصصة للخطوط الأقصر وهي أكثر تناسباً مع رحلات ميدل إيست ووجهاتها وتحمل 50 كرسياً اضافية!

كلفة النقل لدى الميدل إيست مرتفعة في ظل أجواء مغلقة
كلفة النقل لدى الميدل إيست مرتفعة في ظل أجواء مغلقة


تعليقات: