الصرف الصحي في النبطية: مشروع جرّ تأخر 25 سنة

مجرى الصرف الصحي بعد تغطيته بشبكة أنابيب (عدنان طباجة)
مجرى الصرف الصحي بعد تغطيته بشبكة أنابيب (عدنان طباجة)


أخيراً وبعد انتظار طال أكثر من ربع قرن، أتيح لمجرى الصرف الصحي لمنطقة النبطية، الذي يجري بطريقة مكشوفة في محيط قرى وبلدات الكفور والشرقية والنميرية، وصولاً إلى زفتا والمروانية وتفاحتا، في منطقة الزهراني، بطول نحو عشرة كيلومترات، مشروعٌ لجره بواسطة أنابيب إسمنية مقفلة. يقوم بتنفيذ المشروع «اتحاد بلديات الشقيف» على ثلاث مراحل، أنجزت منها المرحلة الأولى الأكثر ضرراً على سكان بلدة النميرية. وقد شملت المجرى المحيط بها البالغ طوله ألف وثلاثمئة متر. ويليها تنفيذ المرحلة الثانية امتداداً من أسفل النميرية حتى أول بلدة تفاحتا. وبعدها يأتي دور المرحلة الثالثة اعتباراً من بلدة تول وحتى أول بلدة النميرية.

بانتهاء المرحلة الأولى، يكون «اتحاد بلديات الشقيف» قد أنجز الجزء الممتد في نطاقه من المشروع، على أن يعمل «اتحاد بلديات الزهراني» على إنجاز الجزء الثاني، منه الممتد من بلدة تفاحتا حتى البحر. وتبلغ كلفة المشروع بمراحله الثلاث الأولى، نحو مليار وأربعمئة ألف ليرة، كما يقول رئيس «اتحاد بلديات الشقيف» محمد جميل جابر، الذي يأمل «أن تحلّ محطة تكرير مياه الصرف الصحي، التي أنشأها مجلس الإنماء والإعمار في وادي الكفور، الجانب الآخر من المشكلة، أي تحويل المياه إليها وتكريرها. وهذا ما ينتظر تحقيقه خلال المرحلة المقبلة».

رئيس بلدية النميرية المهندس علي زبيب، رأى أن إنجاز المرحلة الأولى من المشروع «جاء إنقاذاً لأراضي وسكان البلدة، الذين عانوا من آثاره المدمرة أكثر من ربع قرن من الزمن، بعدما تسبب في القضاء على جميع المزروعات والأشجار المثمرة التي تعيش بالقرب من مجراه، لاحتواء مياهه على المواد الكيميائية ونفايات المحروقات السائلة والصلبة والمواد العضوية، ومن بينها أشجار اللوز والتين والزيتون والكرمة». إضافة للقضاء كلياً على مئات الدونمات الصالحة للزراعة، بعدما غمرتها المياه الآسنة وحولتها إلى مستنقعات راكدة تنطلق منها الحشرات والبعوض التي تغزو بأسرابها منازل المواطنين ليل نهار، ناقلة إليهم الأمراض والأوبئة، لا سيما الأطفال وكبار السن منهم، إضافة إلى تصاعد الروائح الكريهة منه وانتشارها في مختلف أجواء البلدة، وتهديده للمياه الجوفية.

وتوجه زبيب بالشكر إلى «اتحاد بلديات الشقيف» لإيلائهم المشروع اهتمامهم المطلق، بما يحقق المصلحة العامة للجميع ورفع الضرر عن الأهالي المتضررين في النميرية وجاراتها من البلدات المتضررة الأخرى، فضلاً عن تنشيطه الدورة الاقتصادية والزراعية، لا سيما للمزارعين لأنه سيمكنهم من إعادة استغلال أراضيهم التي بارت على مدى عشرات السنين، إضافة لرفع الأضرار الصحية والبيئية عن البلدة والمنطقة المحيطة به بشكل نهائي.

بدأت مشكلة مجرى الصرف الصحي لمدينة النبطية بالتفاقم، عندما عمدت «شركة تول العقارية» قبل أكثر من خمس وعشرين سنة إلى مدّ شبكة أنابيب لجزء من المجرى الذي يخترق الأراضي التابعة لها، حيث أخذ يصب في أراضي الدوير أولاً، بعدها وصل إلى أراضي الشرقية ثم النميرية وزفتا وتفاحتا، وصولاً إلى البحر بطريقة مكشوفة كلياً، ليشكل نهراً صغيراً لا ينضب بحسب رئيس لجنة الأشغال في بلدية النميرية حسن زبيب، مقدراً مساحة الأراضي الزراعية التي تضررت بسبب المجرى في النميرية وحدها بمئات الدونمات انعدمت فيها الزراعة كلياً، إضافة إلى موت ويباس مئات أشجار اللوز والتين والزيتون والكرمة.

سبق لأهالي النميرية أن عرضوا مشكلتهم على جميع المراجع الرسمية والسياسية والحزبية والنيابية الجنوبية المعنية، عشرات المرات، في محاولة لإيجاد حلٍ لها. وقد تعهد هؤلاء بتحقيق مطلبهم، لكن تعهداتهم تبخرت أدراج الرياح، إلى أن تحققت بعد طول انتظار، يقول محمود الجرمقي الذي رأى في مرور المجرى في الأراضي المذكورة وضعاً مخالفاً للقوانين المرعية الإجراء، خاصة القوانين البلدية والبيئية وانتهاكاً لحقوق الإنسان في تأمين بيئة نظيفة، وهذه القوانين تنص على معاقبة المتسببين بالضرر للطبيعة.

وكان أهالي قرى وبلدات الدوير والشرقية والنميرية قد أقاموا في وقتٍ سابق دعوى قضائية على بلدية النبطية، وحصلوا على حكم برفع الضرر الذي يسببه مرور مجرى الصرف الصحي في أراضيهم. لكن ذلك الحكم لم يرَ النور وفق حسين حمدان الذي طالب الدولة والمسؤولين في وزارة الزراعة بالتعويض على أصحاب الأراضي والمزروعات، الذين تضرروا جراء اختراق المجرى لأملاكهم عشرات السنين، إسوة بالمزارعين الذين يتم التعويض عليهم جراء الأمطار والفيضانات والكوارث الطبيعية والزراعية.

تعليقات: