العيد بعيون لاجئة

هلا نجاد – ناشطة في مجال المجتمع المدني
هلا نجاد – ناشطة في مجال المجتمع المدني


جالسة من بعيد ، تراقب الناس و هم يحتفلون ، وملامح الغرابة بادية على وجهها . منظرها سرق كل انظاري ، حتى اني ما استطعت ان ارى بين الوجود الموجود غيرها.

ذهبت اليها ووقفت امامها صامتة ، وكأنها علمت مقصدي ، فسألت وحدها :"بماذا تحتفلون ؟ وأي طقوس تمارسون؟؟ ولما انتم لهذه الدرجة مسرورون؟"

جمدت، وقفت أتأمل الغرابة البادية على وجهها والشغف الظاهر في عينيها لمعرفة ماذا يحصل و سألتها عن معنى العيد عندهم ، وماذا يفعلون أيام الأعياد؟

" لا عيد في أرض الدماء يا ابنتي ، ولا عيد لنا ونحن بعيدون عن مكاننا الاول ، عيدنا الوحيد يكون وقت العودة . بنيتي الواحد منا أسمى ما يريده من هذه الدنيا هو الامان والامان هو بيت بناه بتعبه، ارض اخضرت بسواعده، ووجه اسمر لونته نور الشمس الساطعة.

غاب العيد منذ فترة عن بلادنا ، غاب العيد يوم غابت الطفولة البريئة والضحكات البريئة، يوم اصبحت الارض الخضراء مزروعة بدم مضرجة بالاحمر ، يوم اصبحت الحرية كابوسا ً لا يستطاع الاستيقاظ منه ، غاب العيد يوم استبدلت صباحاتنا الفيروزية برشقات نارية وعبوات عمياء ناسفة لا تميز بين ظالم ومظلوم.

غاب العيد يوم ودعنا احباءنا وأقاربنا وأولادنا وأهلنا واحدا تلو الآخر ، إما نازحا أو مهاجرا أو عريسا قٌدم قربانا على مذبح الوطن.

قديما كنا ننتظر العيد في كل لحظة، نصلّي أن يحط رحاله عندنا بخير، أما اليوم فجل ما نتمناه و ما نصلي لأجله أن يحل العيد من جديد ولكن بحال أفضل و سلام أكتر وأمان أوفر ، يومها سنصلي لتلك الام الفاضلة التي ربتنا وحضنتنا وعلمتنا وكبرتنا، سنصلي لكي يبقى الوطن، أو لما تبقى من وطن، سنصلي لجرحى متألمين ولأرواح راقدة بسلام ولأناس طيبين، سنصلي للجميع بأن يبقى الجميع بخير........"

أسكتت الغصة تلك المرأة المتألمة، وأسكتتني معها فما عدت أستطيع أن أشرح لها عن معنى العيد عندنا فاكتفيت بالقول : " عيدكم عيدنا وألمكم ألمنا !! أنتم الأحرار الأبرار واللهم انصر الحق أينما آل مآله لنعيد مجد سوالف الازمان، منكسين أعلام الطغاة والحاقدين لترتقي الحرية شعارا ً، قولا ً، وفعلا ً فوق كل مكان....."

* بقلم هلا نجاد – ناشطة في مجال المجتمع المدني

تعليقات: