النبطية: متخرجو المدرسة الزراعية بلا أمل

المدرسة الزراعية تحتل جزءاً من مبنى دار المعلمين (عدنان طباجة)
المدرسة الزراعية تحتل جزءاً من مبنى دار المعلمين (عدنان طباجة)


لم تبصر "المدرسة الفنية الزراعية" في النبطية النور فعلاً إلا في أيلول 1998، عندما أصدرت وزارة الزراعة آنذاك قراراً بفتحها، بناءً على المرسوم الذي كانت قد أقرته في 23 نيسان 1992، وقد نصّ على إنشاء مدارس فنية زراعية في مختلف المناطق اللبنانية، ومن ضمنها النبطية.

وفي ظلّ عدم توافر البناء الخاص لهذه المدرسة عند افتتاحها، فقد باشرت مسيرتها التعليمية في مبنى "جمعية كشافة الرسالة الإسلامية" في النبطية، حيث استمر وجودها في هذا المكان لمدة سنتين، قبل انتقالها مؤقتا منذ ثلاثة عشر عاما إلى مبنى "دار المعلمين والمعلمات" الواقع على المدخل الجنوبي لمدينة النبطية، بعد موافقة "المركز التربوي للبحوث والإنماء"، وبناء على طلب تقدم به محافظ النبطية القاضي محمود المولى.

تخرج من المدرسة نحو مئتي طالب من حمَلة الشهادة التكميلية المتوسطة (البريفيه)، بعدما أمضوا ثلاث سنوات دراسية حصلوا بنتيجتها على "الشهادة الفنية الزراعية BT" في اختصاص الزراعة وتربية الحيوان وتنسيق الحدائق، وهذه الشهادة تخولهم استكمال الدراسة في اختصاص الهندسة الزراعية في "الجامعة اللبنانية"، إذا كان المعدل العام لكل طالب 13/20 بعد خضوعه لامتحان الدخول، كما تخوله لأن يكون موظفاً في وزارة الزراعة بصفة مساعد فني زراعي، إضافة لإمكانية عمله في القطاع الزراعي الخاص، والقيام بمشاريع زراعية صغيرة، وهذا ما لم يُطبق فعلياً.

أمّا المشكلات التي تعاني منها المدرسة الفنية الزراعية في النبطية، كما عرضها مدير المدرسة المهندس محمد يعقوب، فتتلخص بعدم وجود بناء مدرسي خاص يتمتع بالمواصفات الفنية وحقول التدريب، بالرغم من تعهد "مجلس الجنوب" في وقتٍ سابق بإنشاء هذا المبنى، بعدما توافرت الأرض اللازمة لذلك بالقرب من مشتل وزارة الزراعة في بلدة الشرقية (النبطية)، وتبلغ مساحة هذه الأرض نحو عشرة دونمات، وهي ملك لوزارة الزراعة. وقد أُعدّت الدراسة اللازمة لهذا المشروع بانتظار تمويله وتلزيمه. كما تعاني المدرسة من عدم وجود ملاك خاص بها، إذ إن إدارتها تعمل بالتكليف، ومعلميها متعاقدون بالساعة، وموظفيها الأربعة تمت الاستعانة بهم من "مصلحة الزراعة" في النبطية، علماً ان مرسوم افتتاح المدرسة، ينص على وجود تسعة وثلاثين موظفاً فيها بين مدير ومعلم وطبيب بيطري ومساعد فني وموظف.

إضافة إلى ذلك، تفتقر المدرسة بحسب يعقوب للكثير من التجهيزات والمختبرات الفنية والزراعية وحقول التدريب وقاعة الكومبيوتر اللازمة. وبالرغم من هذه المشاكل والنواقص في المستلزمات، فهي تعتبر من أهم المدارس المماثلة في لبنان وأنجحها، بعد مدرسة "ناصرية رزق" في البترون من حيث عدد الطلاب والنتائج التي حققتها، حيث يتصدر طلابها المراتب الثلاث الأولى بين هذه المدارس بشكل شبه دائم. فضلاً عن كونها مدرسة إرشادية، وتقام فيها الندوات والمحاضرات والتدريبات العملية التي يحضرها كثير من المزارعين والمهتمين من أبناء المنطقة، كما تتبادل المدرسة النشاطات مع كل المدارس الزراعية في بقية المناطق.

لكن ما يمنع متخرجي المدارس الفنية الزراعية في لبنان، من حمَلة الشهادة الفنية الزراعية BT، من التقدم إلى امتحانات الدخول إلى "الجامعة اللبنانية"، هو عدم ملاءمة هذه الامتحانات مع الدروس والبرامج المعطاة لهم في المدرسة، في ظل عدم استطاعة معظمهم من الدخول إلى المعاهد الخاصة بسبب أوضاعهم المادية الصعبة.

لذلك يطالب هؤلاء الطلاب المسؤولين ووزارة الزراعة، بتسهيل امتحانات الدخول إلى "اللبنانية" لمن يرغب منهم، وذلك من خلال العمل على إيجاد برنامج خاص يلائم مستواهم العلمي، ويكون مختلفاً عن بقية الطلاب الآخرين، لكونهم يجدون صعوبة قصوى في هذا المجال، وفق عبد الحسن شعبان. و"إذا لم يتوافر ذلك يجب على وزارة الزراعة توظيفهم كمساعدين فنيين، كما وُعدوا قبل دخولهم إلى المدرسة، أو مساعدتهم على إيجاد الوظائف في الشركات والمؤسسات الزراعية الخاصة، أو دعمهم بالقروض الميسرة لفتح مصالح على حسابهم".

وأمضى محمود فقيه ثلاث سنوات في المدرسة الفنية الزراعية في النبطية، وفي ختامها حصل على إفادة شبه رسمية لم تخوله الدخول إلى الجامعة، بسبب صعوبة امتحانات الدخول، لذلك مضى على تخرجه حتى الآن سنوات عدة من دون أي عمل في مجاله.

ويلفت شعبان النظر إلى أن فترة الدراسة في المدرسة الفنية الزراعية كانت تتم بطريقة نظرية، في غياب كل الوسائل التطبيقية التي كانت تحتاجها هذه المدرسة.

وتشير حسنية دغمان إلى أن معظم متخرجي المدرسة الفنية الزراعية في النبطية، لم يتسن لهم حتى الآن الدخول إلى "اللبنانية"، ولم يعثروا على أي وظيفة حكومية أو خاصة، باستثناء القليل منهم، فيما تمكن بعضهم من العمل في بعض الورش والمصالح الزراعية المحلية.

تعليقات: