شبعا والعرقوب: هواجس من معارك جبل الشيخ


صارت شبعا ومسالكها البرية، التي تربطها بالمقلب السوري عبر جبل الشيخ، محط اهتمام مختلف الجهات السياسية والحزبية المحلية، التي ينتابها القلق وتضربها الهواجس من تسلل نار الحرب السورية المستعرة بقوة في الجانب الشرقي لهذا الجبل إلى طرفه الغربي.

تحولت هذه الخاصرة الرخوة عند المثلث اللبناني السوري الفلسطيني الى مادة خصبة للتجاذب والتداول في كل اتجاه، ما دفع القيادات المحلية للإسراع في معالجة هذه الثغرة الحدودية الخطرة، أو لجم تداعياتها السلبية.

تكثر التأويلات والتحليلات وتتقاطع الكثير من المعلومات حول الوضع في شبعا ومحيطها، لجهة احتضانها لقوى المعارضة السورية، خاصة بعدما باتت تحوي سكان عدة قرى سورية سنية في مقدمتها بيت جن وحارتها، حيث سجلت كثافة للنازحين خلال الأشهر القليلة الماضية، بعدما حاولت المعارضة السيطرة على مواقع للجيش السوري في جبل الشيخ، والقريبة من القرى الدرزية، خاصة عرنة وحرفا وحضر.

وما فاقم الوضع العسكري ايضا هجوم فاشل شنته مجموعات كبيرة من «جبهة النصرة» وحركة «احرار الشام» و«لواء جبل الشيخ» التابع لالوية «احفاد الرسول»، لاحتلال موقع تابع للواء 90 في الجيش السوري وموقع تلة حربون الاستراتيجية، ما جعل الجيش السوري يصعّد من حربه ضد معارضيه، مستخدما المدفعية الثقيلة والطيران الحربي لقصف أهداف في جبل الشيخ. كما ذكرت معلومات في هذا الإطار، أن الجيش السوري يحضّر لعملية عسكرية عنوانها «تطهير جبل الشيخ»، بعد الانتهاء من معركة القلمون وريف دمشق الغربي.

من البديهي القول ان كل الأطراف في حاصبيا والعرقوب، باتت متخوفة من تداعيات معارك جبل الشيخ على الوضع في المنطقة، لكن الجميع مصر على ضرورة التصدي لها، إذ «لا مصلحة لأحد من امتداد كهذا، سوى العدو الصهيوني، الذي يرقب من مرصده في جبل الشيخ كل شاردة وواردة في الجانبين السوري واللبناني وما يربط بينهما من طرقات الجبل الوعرة»، كما يردد أحد رؤساء بلديات المنطقة.

من هنا، كان لقاء مرج الزهور منذ فترة والذي رعاه النائب وليد جنبلاط، وضم الى الوزير وائل ابو فاعور والنائبة بهية الحريري و«الجماعة الإسلامية»، فعاليات سياسية ودينية وشعبية. فكانت الدعوة والإصرار على إبقاء ما في سوريا داخل سوريا، مع ضرورة دعم النازحين والجرحى القادمين الى هذه المنطقة إلى أية جهة انتموا. وكان لافتا للانتباه أن هذا اللقاء قوطع من معظم قوى 8 آذار الدرزية.

يجمع العاملون على خط تهدئة النفوس على أن المنطقة تملك توجهاً واحداً: إبعاد شبح الحرب والتقاتل، خاصة أن شبعا لم تكن يوماً في حالة عداء مع محيطها الدرزي تحديداً حتى في عز الحرب الأهلية وفترة الاحتلال الإسرائيلي.

مصادر الأجهزة الأمنية اللبنانية تجزم أن لا وجود لمسلحي المعارضة السورية في شبعا والعرقوب، وأن لا تهريب للسلاح عبرها، وتدعّم وجهة نظرها بالقول إن «طرق الجبال والطبيعة الجغرافية هنا لا تشبه عرسال، فضلاً عن أن الجيش اللبناني يراقب كل شاردة وواردة، ويسجل أسماء النازحين ويحيط بالبلدة ويطوّقها بالحواجز». كذلك فإن «في شبعا مناصرين لحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث، فلو كان هناك مسلحون لكانت الأمور قد تكشفت بوضوح».

ويجمع عدد من فعاليات المنطقة أن «لا أحد يريد المساس بأمن شبعا، لا نقبل بتهريب السلاح ولا المسلحين وشبعا تحتضن النازحين فقط وهي ضد الإرهاب والتكفيريين».

لم تخف شبعا أنها المحطة الأولى للنازحين ولجرحى المعارك خلف جبل الشيخ، ومنها تنطلق بعض قوافل التموين إلى القرى السورية. موقعها الجغرافي فرض هذا الواقع منذ عشرات السنين. والمعروف أيضاً أن من شبعا يتوزع النازحون على بقية قرى حاصبيا والعرقوب، ومنها ينقل الصليب الأحمر الجرحى إلى المستشفيات.

لا شكّ في أن المعركة الأخيرة التي حصلت في قرية عرنة، وسقط فيها تسعة من أبناء البلدة في مواجهة مقاتلي المعارضة الذين انطلقوا من بيت جن ومزرعة بيت جن ودربل، حركت عواطف سكان القرى الدرزية اللبنانية.

هنا يجزم أحد مشايخ خلوات البياضة أنه يوجد في شبعا عدد من الجرحى الذين أصيبوا خلال معارك مع أهالي عرنة وحضر، ويسأل «هل يقبل اهالي شبعا ان يعود هؤلاء إلى القتال مجددا بعد العلاج والنقاهة»؟ سؤال من الصعب ان تجد جوابا له في شبعا، في ظل حركة عبور بالاتجاهين بين البلدة والقرى السورية في المقلب الآخر.

تعليقات: