انخفاض حاد في منسوبي الليطاني والحاصباني وأمطار غزيرة نهاية الأسبوع

 تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة في منطقة مرجعيون مما يرفع منسوب الأمطار المتساقطة بنسبة تتجاوز خمسة عشر ملمترا حسب التوقعات
تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة في منطقة مرجعيون مما يرفع منسوب الأمطار المتساقطة بنسبة تتجاوز خمسة عشر ملمترا حسب التوقعات


تتوقع الأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة، يومي الجمعة والسبت المقبلين، في منطقة مرجعيون مما يرفع منسوب الأمطار المتساقطة بنسبة تتجاوز خمسة عشر ملمترا حسب التوقعات (كما في الصورة).

-------- --------- ---------

انخفاض حاد في منسوبي الليطاني والحاصباني: مخاوف على مياه الشفة والخزانات الجوفية

خمسون يوماً من انحباس الأمطار عن لبنان، لم ينعشها يوم ماطر خجول. ومع انحسار المنخفض الجوي، الذي كان قد وصل عبر البحر تعود درجات الحرارة إلى الارتفاع نهاراً والانخفاض ليلاً، ليسيطر الصقيع على المرتفعات. الأمطار التي هلل لها المزارعون لم ترو مزروعاتهم، فيما يتخوف جيران الليطاني والحاصباني جنوباً من نتائج وخيمة لانحباس المطر على المحاصيل الزراعية ومياه الشفة والخزانات الجوفية والينابيع.

شتاء مجرى الليطاني في قضاء النبطية (عدنان طباجة) كان مزيجاً من خريف متأخر وربيع مبكر.لم ترتو الأرض بالمطر، ولم تمتلئ الخزانات الجوفية بالمياه، حتى أن أزمة الشح في المياه ما زالت تلازم الكثير من المناطق، وما زالت سياسة التقنين على ما كانت عليه خلال فصل الصيف. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فالمنطقة مقبلة على صيف جاف وقاسٍ، وحجم الخسارة سيكون كبيراً جداً، وسيتجلى ذلك بحسب الخبراء والمزارعين والمواطنين في الأمور الآتية:

ـ نقص حاد في كميات مياه الشفة يزيد من تفاقمه الهدر والتسرب من الشبكات التالفة.

ـ تراجع كبير في المساحات المزروعة وارتفاع كلفة الري بواسطة الآبار الارتوازية التي بدأت مياه بعضها تنضب، وبالتالي ضرب الموسم الزراعي والمزارعين. ذلك علماً أن أي كميات من الأمطار قد تهطل مستقبلاً لن تكون ذات فائدة كبيرة للآبار الجوفية، باعتبار أن التربة تحتاج لكميات كبيرة لتروى قبل أن تخترقها المياه إلى الأجواف.

بدأت الأزمة تنعكس على النبطية عبر شح في مياه الشفة التي تغذي المنطقة من مياه مصلحة نبع الطاسة وآبار فخر الدين، فضلاً عن الآثار السلبية على المزروعات المروية والبعلية والأشجار المثمرة، الأمر الذي دق معه المسؤولون المعنيون في المنطقة ناقوس الخطر، وقد تجلى ذلك باستمرار سياسة التقنين التي تعتمدها مؤسسة مياه لبنان الجنوبي كما في فصل الصيف.

مصدر في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي عزا استمرار سياسة التقنين إلى انحباس كمية الأمطار، وعدم تساقط كمية الثلوج الكافية التي من شأنها تغذية المياه الجوفية، ما انعكس شحاً في مياه الشفة التي تغذي المواطنين. ولفت المصدر إلى أن معدل كمية المياه التي كانت تستهلكها المنطقة من مصلحة مياه نبع الطاسة وآبار فخر الدين وعدد من الآبار الإرتوازية في بعض القرى والبلدات في فضل الشتاء كانت بحدود 60 ألف متر مكعب، بينما لم تتجاوز في فصل الشتاء الحالي الـ 40 ألف متر مكعب، كما لفت إلى نقص في الجهاز البشري للمصلحة، مما ينعكس سلباً على أعمال الصيانة وحملات تعيير العدادات المنزلية وضبط الهدر من شبكات المياه.

بدوره رئيس مصلحة الزراعة في منطقة النبطية المهندس هادي مكي أشار إلى تأثر المزروعات والأشجار المثمرة كالحمضيات والموز, التي تحتاج للري، وما قد يترتب على كاهل المزارعين من مصاريف إضافية جراء شراء المياه لهذه الغاية، لافتاً إلى طول فصل الربيع وقصر فصل الشتاء بفارق عشرة أيام كل عام نتيجة تأثير طبقات الأوزون والكوارث الطبيعية والزلازل والفيضانات وقطع الأشجار.

وفي محاولة لتجاوز الآثار السلبية على المزروعات والأشجار أشار مكي على المزارعين بضرورة استعمال أجهزة الري بواسطة التنقيط التي من شأنها توفير كميات كبيرة من المياه، كما طالب المزارعين والمواطنين بالحد من استعمال المياه لغير حاجتها الضرورية لتوفير أكبر قدر منها.

تأثيرات سلبية

ويرى المزارع ذيب قمر الدين أن ظاهرة انحباس مياه الأمطار الحالية سيكون لها تأثير سلبي كبير على مختلف أنواع الأشجار والمزروعات، وبخاصة بساتين الموز والحمضيات والأشجار المثمرة الأخرى، لأنها جميعاً تحتاج للري في ظل إطالة فترة الانحباس. ولن يكون هناك سبيل لمواجهة هذه الظاهرة على الصعيد الزراعي سوى من خلال مشروع نهر الليطاني، الذي من شأنه ري أراضي الجنوب الزراعية، بالرغم من تأثر الينابيع التي ترفد هذا النهر بالمياه جراء عدم تساقط الأمطار والثلوج.

ويعتبرالمزارع حسين ظاهر أن انحباس الأمطار الذي يعيشه لبنان حالياً يبعث الخوف على المصير في المستقبل، لا سيما أن الأعوام الأخيرة شهدت بدايات لهذا الشح في الأمطار وتناقصاً في المياه الجوفية. الأمر الذي سيترك انعكاساً سلبياً على المدى القصير والبعيد. إذ أن التراجع الكبير في نسبة تساقط الأمطار والثلوج، وهي المصدر الأساسي في تغذية الخزانات الجوفية سوف ينعكس مباشرة على العديد من القطاعات الإنتاجية الزراعية.

ويلخص المزارع منير معلم تأثير شح الأمطار على الزراعات كالتالي:

ـ الحبوب والقمح: إن ما حصل العام الحالي كان مغايراً لما اعتدناه في حال الطقس حيث أن تأخر هطول الأمطار الخريفية أخر زراعة ونمو المحاصيل السنوية، ما ينعكس سلباً على إنتاجيتها.

ـ الأشجار المثمرة: إن ارتفاع الحرارة خلال فصل الشتاء فاق المعدل السنوي, ما أدى إلى حدوث إزهار مبكر لمعظم أنواع اللوزيات، ما قد يعرضها للصقيع الربيعي فيما لو حصل.

ويعتبرمعلم أن قلة الأمطار ستؤدي حتماً ليباس عدد كبير من الأشجار، إضافة لما قد يتحتم من نتائج سلبية على أوضاع هذه البساتين في السنوات المقبلة.

أما فيما يخص الزراعات الصيفية، فإن عدم توفر كميات كافية للري سينعكس على مساحة الأراضي المزروعة وإنتاجية المحاصيل ونوعيتها.

وإذا ما استمرت ظاهرة انحباس الأمطار سيضطر المزارعون إلى زيادة كميات الري، ما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف، كما يقول المزارع عبد الله مدلج، لافتاً إلى أن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، وإلى إصابة المزروعات بأمراض فطرية وجرثومية ووبائية، إضافة إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية. وستتضرر الزراعات البعلية. ودعا إلى تنظيم عملية استخدام مياه الأنهر والينابيع في المنطقة. ويلفت مدلج إلى أن مياه الأنهر إن لم تهطل الأمطار في الأسابيع القليلة المقبلة ستشح إلى مستويات متدنية جداً، فضلاً عن أن النباتات ظهرت في غير موعدها وأزهرت أنواع كثيرة من الأشجار المثمرة، الأمر الذي تترتب عليه نتائج سلبية على صعيد المواسم في ظل التبدلات في المناخ، وسط ظواهر طبيعية تشهد تبدلات جذرية، بدأت تثير اهتمام علماء الطبيعة والبيئة في لبنان ومناطق عدة في العالم.

الحاصباني

سجل نهر الحاصباني (طارق أبو حمدان) انخفاضا كبيراً في منسوبه، وصل إلى أدنى مستوى منذ أكثر من 30 عاماً. معدل مياه نبع الحاصباني، وحسب المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، تصل إلى حدود 4100 متر مكعب في الساعة، لتهبط في الفترة الحالية إلى ما دون 225 متراً مكعباً. فهذه الكمية تعتبر الأدنى لهذا النبع، فالجهات المعنية تعزو ذلك، إلى التقلبات المناخية، والشح في كمية الأمطار والثلوج المتساقطة في حوضه، وعند الجبال والتلال المحيطة، خاصة عند مرتفعات جبل الشيخ وجبل الوسطاني.

وانعكس الشح سلباً على مختلف القطاعات الإنتاجية في حوض الحاصباني، خاصة القطاع الزراعي، حيث سجل نقص في مياه ري البساتين المثمرة والمزروعات، علماً أن إجمالي الاستهلاك الحالي للري ومياه الشرب من النبع، نحو 10 ملايين متر مكعب في السنة، والمساحة الإجمالية للحيازات الزراعية 8500 هكتار، في حين أن المساحات المزروعة 3630 هكتاراً، والمروي منها بحدود 890 هكتاراً.

نهر الحاصباني في أدنى مستوياته (طارق أبو حمدان)
نهر الحاصباني في أدنى مستوياته (طارق أبو حمدان)


الليطاني تحول إلى جدول بفعل انحباس الأمطار (عدنان طباجة)
الليطاني تحول إلى جدول بفعل انحباس الأمطار (عدنان طباجة)


تعليقات: