كرم رمضان لم يحرك جمود سوق الخان

بسطة خضار في سوق الخان
بسطة خضار في سوق الخان


سوق الخان:

الجمود الاقتصادي لم يحركه كرم رمضان الفضيل، فسوق الخان المعروف بسوق الفقراء كما يلقبه أبناء هذه المنطقة وجوارها، يرقد في ركون تضاعف مع ارتفاع الأسعار الكبير الذي شمل كل معروضاته الموزعة بين أوان منزلية، وملابس وأحذية، والفاكهة والخضار والحلويات والسكاكر، كما الحبوب واللحوم والحيوانات والطيور.

فسوق الخان العريق والمحدد يوم الثلاثاء من كل اسبوع، والذي أعيد ترميمه بالتعاون بين بلدية حاصبيا ومؤسسة ميرسي كور، يجمع على مدار السنة، يمر في هذه الأيام بحالة من الفتور، تعكس الوضع الاقتصادي المتردي والأزمة المعيشية الخانقة التي تطوق الشريحة الواسعة من أبناء هذه المنطقة وجوارها، مما أدى الى تراجع القدرة الشرائية، وحصرها بالضرورات الملحة كما تقول ام وجدي شحرور، التي أتت في مطلع شهر البركة لتشتري فقط الحاجيات الضرورية وبكميات قليلة لأن الجيبة فارغة.

تاجر الألبسة محمد قاسم يتأسف على أيام زمان، حيث كان للقرش قيمة ويقول: الحركة معدومة والزبون مفلس كذلك التاجر، فالفقر مسيطر على الجميع والحبل عالجرار، كنا نعتقد أن حركة هذا الشهر الفضيل ستكون أفضل من سابقاتها، لكن الواقع فاجأنا فبالكاد نستطيع أن نبيع بخمسين ألف ليرة، وهذا يعني خسارة، فتكلفة المشوار من البقاع يلزمها صفيحة بنزين أي ما يعادل الـ25 الف ليرة لبنانية، ناهيك عن بعض المصاريف حتى يمكن وصف الوضع (راوح مكانك).

عبد الله سمعان بائع سكاكر يقصد أسبوعيا سوق الخان، فهو يتحسر على السنوات البعيدة الماضية، يوم كان لمثل هذه الأسواق الشعبية عزها، فهي حقا كانت أم الفقير واليوم باتت هماً على التاجر والزبون معا، فبالرغم من تدني أسعار كل الأصناف المعروضة هنا خلافاً للأسواق الاخرى، محلك يا واقف، كنا نأمل أن يتحسن الوضع قليلا مع بداية رمضان، لكن في الحقيقة كل شيء الى الوراء، فأيام العيد لا تختلف عن الأيام العادية، وكأن الناس فعلا في ضيقة صعبة وغير ميسورة، وما يزعج أكثر ضرائب الدولة التي ترتفع هي بدورها، لتشمل معظم البضائع وبنسبة تراوحت بين الـ20 والـ.30 وكن على ثقة بأننا لا نستطيع زيادتها على بضائعنا تخوفاً من هرب الزبون ورأفة به في هذا الشهر الفضيل.

التاجر الجوال جميل ابو علي الذي يتنقل في معظم الأسواق الشعبية اللبنانية، من البقاع الشمالي وحتى أقصى الجنوب يقول: كل حمل بسطة تكلفة نقله حوالى 45 الف ليرة وتضاف اليه ضريبة البلدية وهي بحدود الـ10 آلاف ليرة، والقطعة عندنا بألف ليرة فكيف بدها توفي معنا، ما من حيلة أخرى فالتزام البيوت ما بطعمي عيش والكحل أهون من العمى.

الشيخ رامز داغر يخاف العودة الى المنزل بمنتوجاته الزراعية التي يعرضها منذ الصباح الباكر، من عنب وتفاح وتين وصبار بسعر الكلفة لأنها لا تحتمل حرارة الشمس ومصيرها التلف إذا لم تسوق.

هذا السوق وحسب المواطنة حسنية غياض تحول عن هدفه في مساعدة الفقير، فيا حسرة بات مزارا لتقطيع الوقت، ومحطة اسبوعية لتبادل الشكاوى بين المواطنين والتجار ولكل عذره، لا التاجر بدو يخسر ولا الزبون قادر على التسوق، فالقاسم المشترك يبقى الغلاء المستشري، هذا المرض الذي لا يميز بين شهر فضيل أو آخر ويطال الجميع دون رحمة.

تعليقات: