أبو نصر والبندورة العملاقة

البندورة في حقول زكرون (فاديا دعبول)
البندورة في حقول زكرون (فاديا دعبول)


فاجأ موسم البندورة أبو نصر في زكرون الكورة، حيث إن زنة الرأس الواحد قارب الثلاثة كيلوغرامات في جولة القطاف الأولى. وهو أمر مستغرب لم يشهده أي مزارع حالي أو سابق في الكورة. لذلك شاع الخبر في المنطقة، ما دفع الأهالي للتوجه للحقول حيث البندورة العملاقة للتثبت من الأمر.

والزراعة ليست جديدة على أبو نصر الذي فتح عينيه على رؤية والديه يزرعان الخضار في حديقة المنزل الصغيرة. وقد أحب كثيرا المشهد، وتعلق به أكثر بعد عودته من بيروت التي عمل فيها لسنوات. وحينما استقر في بلدته، وتزوج، تفرغ لزراعة الفجل والبصل وأنواع الهندباء المختلف بمساعدة زوجته. واقتصر بيعها على دكاكين البلدة. إلا أنه نتيجة نجاحه في عمله الحقلي البسيط، قرر استئجار أرض لزراعتها بالخضار المتعددة، وإقامة بيوت بلاستيكية عليها للشتاء. فكان أن حقق ما أراد بتعبه الشخصي ودعم زوجته، إذ تمكنا معاً من إقامة ثلاثة بيوت بلاستيكية صغيرة، ما لبثت أن تضاعفت سريعا واتسع حجمها، بحيث اضطر للاستعانة بعمال يجاوز عددهم في بعض المواسم الـ40. إذ إنه يهتم بموسم البندورة والخيار والباذنجان والفليفلة وزهر الليمون والزيتون وغير ذلك من المواسم الزراعية الرائجة في المنطقة. وإن كان أبو نصر لا يملك الأراضي، إلا أنه يملك النشاط والعمل الدؤوب وحب الطبيعة. فهو يعمل على جرار زراعي، يقصده أبناء المنطقة لفلاحة أرضهم عليه. وكثيرا ما يستعين به، بوضع قاطرة له، لنقل مواسمه الزراعية من الحقل الى الطريق العام.

لا يصدق أبو نصر أنه من العدم وصل إلى ما وصل إليه. ولا ينسى دموع زوجته قبيل دخول أولادهما المدارس، وحلمهما بإدخالهم إلى إحدى مدارس المنطقة الخاصة، وهمهما الكبير لتأمين الأقساط الدراسية. اذ ما لبث الحلم ان تحقق، بسنوات قليلة، وتعلم الاولاد مثل سائر أبناء المنطقة ودفق الخير على حياة العائلة.

ويؤكد ابو نصر ان ما ساهم في نجاح زراعته، وجنيه المحاصيل الوافرة والمميزة في أصنافها وأحجامها وطعمها، كرمه على الأرض وتناغمه معها. فهو لا يتردد في شراء أفضل البذور واتباع أفضل الأساليب الزراعية، وتعقيم الارض قبل الزراعة، واستعمال الاسمدة والادوية المناسبة، واستشارة مهندسيين زراعيين وغير ذلك.

نجاح أبو نصر مكنه من دخول أسواق الخضار الكبرى وبيع محاصيله فيها. وهذا ما يعتز به. بحيث إن خضاره لا تشبه الخضار الاخرى، ولا يتمكن كل مزارع من إنتاجها. وفي هذا كله لا يعنيه الربح المادي أو شراء الاراضي بقدر ما يعنيه وجوده بين الشتول المثقلة بخيراتها وبجانبه زوجته، التي ما زالت تضع يدها في يده عند الحاجة في العمل الحقلي، رغم كل يحيطه من عمال زراعيين مساعدين له.

تعليقات: